ترجمات أدبية

نعومي شهاب ناي: من أجل فلسطين

بقلم: نعومي شهاب ناي

ترجمة: د. صالح الرزوق

***

* كيس صغير واحد في سوريا

ملأه البائع الجوال أكثر من حجمه.

ليسعد المشترين.

ثم هز الفستق المحمص

مع بقايا الفحم والنار

حتى احتل كل زوايا كيس الورق البني

وابتسم وهو يطوي الحافة.

ثم قال: هنيئا لكم الفستق اللذيذ.

كان الطريق بعيدا إلى حلب.

فقال لنا: سلموا لي على حلب.

ص95.

**

* من أجل فلسطين

"مهداة إلى الأب جيري رينولدز، من بلفاست، "فلتكن صلاتنا الآن لفلسطين'"

كم أصبحت كلمة سلام موحشة.

وهي تحن لبيتها الصغير تحت أشجار الزيتون.

*

حملتها الجدة في دلو حينما

كانتا تسقيان الأرض.

انتظرتهم مع شروق الشمس،

ثم عادت لتلتقي بهم. وتفتحت حياة الجميع.

وضعها أعمامها في جيوب المعطف

واغلقوا أزرار القمصان البيضاء ليوم آخر.

الآباء والأمهات والأطفال

سمعوا همساتها تطير فوق فلسطين مع الغيوم،

وتتداخل بهدوء، وتقطع وعدا،

وترسل رسالتها إلى الأرض.

هذا ليس سرا.

قالت: ستهدأ المحنة قريبا.

ارفعي رأسك عاليا. لا تنسي ذلك.

حينما دخلت عهد السجن، لوحنا

بأيدينا المتعبة في الهواء وبكينا.

البنت الصبية تحلم بعالم أفضل!

لا تقتلوا أبناء عمها، أبناء عمي، أبناء عمومتنا.

ألن تلطمونا من أجل ذلك؟

كانت لطمة فقط.

كلمة سلام تذكرة عبور إلى مكان آخر.

الناس يحلمون ليلا ونهارا بحياة أهدأ.

وربما سلام ستكون تذكرة عودتهم أيضا.

فهم لم يقنطوا أبدا. ودولاب كارما،

أسطورة العدل النهائي تواصل الدوران...

وأنا أحلم بشعر عهد.

*

قالوا حينما ولدت

مالت الغصون مع نسمات مسالمة -

فهي أول أهزوجاتي. وانخفضت الحرارة.

وصوت دفعني قدما،

وطلب مني أن أتكلم،

فقد كبرت في بيت من الحكايات والثوم

وأصبحت شجاعة.

كل شيء بدأ، بعيدا، بعيدا جدا، منذ القدم، قبل فترة طويلة.

وكل شيء قربنا من بعضنا البعض.

هل هذه حكايتك، أم حكايتي؟.

زيت الزيتون يعيش في علبة مثقبة لها بلبولة شاهقة.

*

ماذا يجري للسلام إذا تصارع البشر؟

(دفنت وجهها وخبأته).

بماذا تحلم؟

(بناس أفضل).

هل أصابها القنوط يوما؟.

أحيانا تشعر بالوحدة على هذه الأرض.

وترغب أن ترافق الأطفال بنزهة علنية.

وتعيش الحياة التي يستطيعون أن يحيوها.

وتقيم حفلة بسكويت أبيض على أطباق بسيطة.

كثير من ذلك.

والفستق مطحون لذرات ناعمة.

وترغب أن يشاركها الجميع.

ص28.

**

* قهوة عربية

لم تكن يوما مرة المذاق بالنسبة لنا

اجعلها أكثر سوادا يا بابا،

وكثيفة من الأسفل،

لتخبرنا مجددا كيف تجتمع السنون

في فناجين بيض صغيرة،

وكيف يبقى الحظ صامدا في رقعة من الأرض.

مال بقامته على المدفأة، وانتظر

أن تغلي وتفور، ثم تستكين،

مرتين. لكنه لم يضع السكر في ركوته.

والبيت الذي يفصل بين الرجال

والنساء،

لم يكن حاضرا في تلك الغرفة.

أما خيبات أملنا المائة

فقد اشتعلت كالنار الملتهبة في المخزن،

وابتلعت مسابح مصنوعة من خشب الزيتون،

والأحلام المطوية مثل مناديل جيب صغيرة

وتتسلل في أيامنا، أخذت أمكنتها

حول الطاولة، بجوار طبق ذرة

نصف فارغ. ولم يكن أحد أهم

من الآخر. فكلهم ضيوف. وحينما

حمل الصينية واقتحم بها الغرفة

جعلها مرفوعة ومستوية بين يديه.

فهي تقدمته للجميع.

ناديناه: انتظر. اجلس. اشهد

على اتجاه حديثنا. أما القهوة

فقد كانت في منتصف الوردة.

ومثل ثياب منشورة على الحبل وتدلي بنبوءة:

ستعيشون طويلا حتى ترتدوني،

وهي إشارة تدل على الإيمان. وهذا لكم

ويوجد المزيد.

***

......................

نعومي شهاب ناي: شاعرة أمريكية من أصل فلسطيني. أول قصيدتين من كتابها: "الصحافية الناعمة". والثالثة اختارها الشاعر فيليب تيرمان.

ترجمة صالح الرزوق

 

في نصوص اليوم