أقلام ثقافية

فلسفة ديموقراطية الإرهاب

الديموقراطية الوهمية التى تخدم مصالح أمريكا التى يتلاعب بها النظام السياسى الأمريكى، تظهر بوضوح عندما يساندون الأنقلابات ويسقطون الرؤساء ويطلقون عليها ديموقراطية حقيقية، بينما لو قام أى شعب فى العالم من دون التصريح بذلك وإعطاء الضوء الأخضر من أمريكا، تكون تلك الأنقلابات أو إسقاط الأنظمة ورؤسائها الفاسدين فى نظر الأمريكان هى إنقلاب على الشرعية وعلى الديموقراطية بل إنقلابات إرهابية لأنها خضعت للإرادة الشعبية، إنها فلسفة ليست بالسهل فهمها والتعامل معها بالعقل والمنطق لأنها فلسفة دكتاتورية أنشأت ديموقراطية الإرهاب، وهى المولود الجديد المستنسخ فى معمل الإدارة السياسية الأمريكية وتقوم برعايته وتربيته بمساعدة قادة أوربا الحيارى، ولا يخجل الشيطان الأمريكى عندما يرسل أعوانه لإلقاء محاضرات عن الأخلاق وحقوق الإنسان والحرية والديموقراطية، من سيصدق الشيطان وأعوانه؟

إعتراف أوباما بأن قدرة الولايات المتحدة على التأثير فى حكومة مصر أصبحت محدودة، هو تعبير عن عجزه الأكيد فى التأثير على القرار المصرى الذى دعمته الملايين مرة أخرى عندما خرجت لتعلن وقوفها الكامل مع الفريق عبد الفتاح السيسى والجيش فى الدفاع عن أرض وشعب مصر من الإرهاب، وإعلان أوباما عن فقدانه التأثير على قيادات مصر الحالية بينما كان مؤثراً على مرسى وجماعته هو إنتصار كبير للإرادة المصرية فى وجه قوة أمريكا الإرهابية المهزومة التى وقفت حائرة ومترددة وعاجزة عت إتخاذ قرارات حاسمة ضد مصر وحكومتها منذ ثورة 30 يونيو وحتى اليوم، وكأن لسان حال أوباما يردد مع أم كلثوم" دليلى أحتار وحيرنى ".!!!

أين كاترين آشتون وزيرة خارجية الأتحاد الأوربى من المذابح الدموية اليومية فى سوريا؟ لماذا لم تقم بزيارتها وزيارة رئيسها الطاغية وزيارة شعبها الذى يقتل يومياً وتزور قيادات الجماعات الإسلامية هناك؟ مثلما فعلت وقامت فوراً بزيارة مصر لرؤية مرسى الرئيس المعزول وبعض قيادات جماعته الإسلامية المتحالفة مع أوباما وأوربا؟

 لماذا أغمضت السيدة آشتون عينيها وعيون شعوب الأتحاد الأوربى عن رؤية ثلاثة وثلاثين مليون مصرى خرجوا لإعلان إرادتهم فى عزل مرسى الفاشل ومستشاريه الغير أكفاء؟

نفس الأسئلة تنطبق على أوباما ورجاله المغلوبين على أمرهم الذين وضعوا أنفسهم فى مستنقع من الدماء صنعوه ومهدوا له بأنفسهم وبالدعم الكامل لجماعات إرهابية يعرفون مسبقاً تاريخها وتاريخهم التآمرى السابق معهم ضد شعب مصر، ونسأل: هل من المنطق أن دول أوربا وأمريكا وشعوبها يسمحون بأستمرار إدارة بلادهم السياسية المنتخبة أن تخرب وتدمر إقتصاد بلادهم وتنشر الفوضى والبلطجة فى مجتمعاتهم بحجة شرعية الصندوق؟ 

إن ديموقراطية الإرهاب والأستبداد هى فكرة فلسفية أمريكية عملها الكبير هو تحقيق مصالح الأمن القومى لأمريكا وإبعاد الضرر عنه، ليس مهماً أن تقتل الشعوب الأخرى بالمئات أو الآلاف فى سبيل التخلص من دكتاتور أو طاغية فى نفس الوقت الذى تدعمه وتسانده أمريكا لأنه يحقق المصالح القومية الأمريكية، نفس الموقف تقوم به الإدارة السياسية الأمريكية التى تتجاهل التأييد الشعبى للإطاحة بحكم الإخوان الدينى، لأنهم يعتقدون أن تقديم مصر هدية للإسلام السياسى لها ثمنها سيقيها من شرهم ومن إرهابهم بأسم الدين.

إن ما يحدث فى على أرض سوريا خير شاهد على أن الإرهاب وسفك الدماء للسيطرة على الحكم، سواء كان من جانب النظام السياسى الحاكم أو من جانب الجماعات الدينية الإسلامية فإنهما وجهان لعملة واحدة أسمها الغباء الإنسانى، وهذه العملة تعلمها تلاميذ أمريكا من الإرهابيين الذين تخرجوا من مدارسها ليخرجوا بفلسفة النفاق السياسى الأمريكى فلسفة ديموقراطية الإرهاب، التى تكون ديموقراطية عندما تخدم وتحقق مصالحى، لكن عندما تعرقل وتهدم مصالحى فإنها تتحول إلى دكتاتورية إرهابية التى هى ديموقراطية الأمريكيين الإرهابية.

فى لقائه مع قناة السى إن إن يصرح باراك أوباما ويؤكد بأن قطع المساعدات عن مصر لن يثنى الحكومة المؤقتة عما تفعله، وينبغى على الولايات المتحدة إتخاذ الحذر الشديد حتى لا تظهر بصورة من يقدم يد المساعدة لمن يحرض على إجراءات تتعارض مع القيم الأمريكية، وهنا تستوقفنى عبارة القيم الأمريكية وأسأله: عن أى قيم أمريكية يتحدث؟ قيم القتل الدموى لإركاع الشعوب أمام الطاغية والسفاح الأمريكى كما حدث فى فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها من الشعوب، أم يتحدث عن القيم السلمية والديموقراطية وحقوق الإنسان التى يجب بل يفرضها عليه الدستور الأمريكى؟ أين هى أمريكا من قيمها التى تجددها الإدارة السياسية الأمريكية بتحالفها مع المجرمين والمرتزقة بشعارات دينية ليستبح قتل الأبرياء فى كل مكان؟ أين هى القيم الأمريكية الخاصة بأوباما التى تبيح وتعطيه الحق فى تدمير دولاً مثل العراق ومصر وسوريا وتونس وليبيا واليمن...؟ لا أعتقد أن القيم الأمريكية الحقيقية والتى هى بالطبع تخالف تماماً قيم أوباما الشريرة تعطيه الحق فى المطالبة بالأفراج عن قيادات إرهابية مصرية ورئيسها المعزول، فالمنطق الدستورى الأمريكى يقول لأوباما أن يغلق فمه وبقية أفراد إدارته ممن يسمحون لأنفسهم بالتدخل فى شئون دولة مثل مصر، لقد أثبتوا حتى الآن ومنذ قيام ثورة 30 يونيو بأنهم قمة الغباء الدبلوماسى الذى لا يجيد الحديث بلغة أهل مصر الوطنيين!!!

إن فلسفة الأستغباء والأستحمار الأمريكى والأوربى التابع له تعطينا إجابة تقول أن الإرادة الشعبية المصرية ومن وراءها القيادة العسكرية التى أنقذت البلاد فى الوقت المناسب، ومصر اليوم أنتصرت على مصر الأمس المسلوبة الإرادة ومستمرة فى إعطاء الدروس والأمثلة الحية على حضارة شعب مصر فى ثوراته، وأستطاعت أن تقول لهؤلاء بكل هدوء: أنتهى الدرس يا غبى!!!

 

/ ميشيل نجيب

 

في المثقف اليوم