أقلام ثقافية

فاتن حمامة وسعاد حسني .. انموذجا الضد وضده النوعي

qassim salihyرحلت الفنانة فاتن حمامه (83) سنة.ولا يعنينا هنا ما قدمته للشاشة العربية، ولا ما حصلت عليه من جوائز وتكريم عبر مسيرتها الفنية من عام (1940) يوم كانت طفلة .. فما كتب عنها كثير، ولكننا نتحدث عن قضية اخرى بعيدة عن الفن تتعلق بالقيم والاخلاق وواقع المرأة في المجتمعات العربية، انطلاقا من ان الفنان يعكس هذا الواقع .. ودلالات تعلّق او متابعة او اعجاب الفتاة العربية بكل من فاتن حمامة وسعاد حسني .. بوصفهما الضد وضده النوعي.

مثلت فاتن حمامة المرأة المحافظة، الملتزمة بالقيم والاخلاق والتقاليد الاجتماعية والمضحية والمعنية بهموم المرأة والناس(افلام افواه وارانب، الحرام، دعاء الكروان، اريد حلاّ .. مثلا)، والفتاة الرصينة التي تؤمن بأن الحب يأتي مرّة واحدة، وان عليها ان تخلص وتضحي من اجله حتى لو كان على حساب راحتها، فيما مثلت سعاد حسني الأنموذج الآخر .. الفتاة الشقية المنطلقة المتمردة على القيم والتقاليد التي تعشق الحب لذاته .. وتعيش اللحظة لذاتها.

وفاتن حمامه، التي منحت لقب سيدة الشاشة العربية ليس فقط لموهبتها بل ولأنها فرضت احترامها، لم تمارس القبلة في افلامها سوى مرّة واحدة في فلم كان بطله (ميشيل شلهوب) .. فكانت سببا في تحول ميشيل الى الاسلام ليصبح زوجها فيما بعد وليكون اسمه (عمر الشريف) .. فيما القبلات في افلام سعاد حسني كانت مباحه.

وسيكولوجيا، يمكنك ان تصنف واقع الفتاة والمرأة في المجتمعات العربية الى صنفين:صنف فاتن حمامه وصنف سعاد حسني .. ولك ان تصل الى ما شاء من الاستنتاجات سواء على صعيد المجتمعات العربية، مقارنة المجتمع اللبناني بالمجتمع السوداني مثلا، او داخل المجتمع الواحد عبر مراحل تطوره.ففي سبعينيات القرن الماضي اجريت استطلاعا بسيطا على طالبات الجامعات ما اذا كن يفضلن مشاهدة افلام فاتن حمامه او سعاد حسني فكانت النسبة بحدود 80% يفضلن مشاهدة افلام سعاد حسني .. ولا اعلم كم ستكون النسبة لو اننا اجرينا الاستطلاع الان .. الذي قد يوصلنا الى استنتاجات لا تخطر على بال.

المؤسف .. ان ميدان السينما يكاد يخلو من الدراسات السيكولوجية مع ان مادة السينما هي الانسان، وأن السيكولوجيا تشكل العامل الرئيس في تحديد علاقاته بالاخرين، ونوعية الحب التي تحددها هي (السيكولوجيا) .. لا الانسان ذاته.

 

أ.د.قاسم حسين صالح

رئيس الجمعية النفسية العراقية

18/1/2015

في المثقف اليوم