أقلام ثقافية

الدماغ العالمي!!

أصبح بشر اليوم يتمتع بدماغ عالمي بفضل شبكات الإتصال السريعة، وشركات المعلومات المعاصرة، وعلى رأسها (غوغل)، التي جعلت البشرية في أصقاع الدنيا على مقربة من ذخائر المعلومات والثقافات والأفكار.

فإنسكلوبيديا المعارف والعلوم صارت في تلافيف الأدمغة البشرية، وهذا ينذر بأجيال جديدة تختلف عن جميع الأجيال التي سبقتها .

فأينما تذهب تجد العالم متصاغرا ومركّزا في جهاز تضعه في جيبك، ومن خلاله يمكنك أن تسوح في متاحف الدنيا، وأرشيفاتها المعلوماتية ومكتباتها الثرية، وتشاهد الحياة في كل مكان، وأنى شئت، لأن كاميرات التصوير تنقل الصور الحية ، بل إستطاعت أن تجعلك ترى بيتك وما حوله وأنت بعيد عنه آلاف الأميال.

وفي هذا الخضم المعرفي الفياض تجد مجتمعات عديدة تحاول أن تنكر الحقيقة، وتمعن في الإندساس في جحور الظلماء، وكأنها لا تريد أن تقر بعالمية الدماغ البشري، وتسعى لإعمائه وتقنينه ووضعه في علب مغلقة، فتحرمه من إرادة التمتع بالحياة، لتغريه بأن الموت خير له منها، وفيه تكون الحياة.

والمجتمعات المتأخرة عموما، ترزخ تحت وطأة التوجهات المنحرفة المناهضة لإرادة وطبيعة العصر، فتراها منهمكة في إثارة التفاعلات السلبية، وتمزيق وجودها، والتطلع نحو التصارع والفناء.

وفي جوهر ما تقوم به، أنها كمَن يحاول أن يمنع أشعة الشمس المعرفية بغربال الجهل والضلال، ذلك أن طاقات تدفق الأنوار أقوى من أي مانع وجدار وقدرة على التمترس داخل أصلد الصناديق والأتراس.

ولهذا فأن عليها أن تقرّ بضرورة الإذعان لأنوار المعرفة، وتحرير رؤوسها من آليات الممانعة والإندحار، والسعي للتبرير والغش والإختفاء والخداع.

فلا عاصم من طوفان المعارف والعلوم، وإن الضلال والبهتان إلى هزيمةٍ وخسران!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم