أقلام ثقافية

ميكافيلي الفاعل فينا!!

ما جاء به ميكافيلي لم يكن جديدا، بل معمولا به منذ آلاف السنين، وهو تعبير عن النوازع السلوكية الدفينة في الأعماق البشرية.

وما أنجزه ميكافيلي، أنه أظهر ما في قاع النفوس إلى السطح، وجعله واضحا مجسما بآلياته ومهاراته وصيروراته التي تحقق المبتغى.

وميكافيلي الذي واجهنا بحقيقة ما فينا، نتهجم عليه ونلعنه ونتهمه بأنه أوجد سلوكا لا نعرفه ولا نمت بصلة إليه، وفي واقع تفاعلاتنا، أننا نترجم أفظع مما أوضحه في كتابه الأمير.

فالسلوك الفردي والجماعي وعلى جميع المستويات وخصوصا السياسي الغابي، يترجم الأفكار التي كشفها لنا ميكافيلي، وخلاصتها أن الغاية تبرر الوسيلة التي ترفضها قولا وتجسدها عملا.

ولا يمكن تبرأة أية قوة مهما كبرت أو صغرت من هذا المفهوم، والرغبة العدوانية للوصول إلى الغايات الدفينة أو الكامنة في البشر أفرادا وجماعات وشعوبا وأمما، فلا قيم ولا أخلاق ولا تقاليد ولا أعراف عندما يتعلق الأمر بالهدف أو الغاية أو المصلحة وغيرها من مسميات الغاية.

وفي عالمنا الذي صارت الأحزاب السياسية (دينية)، فأنها لا تشذ عن هذا الهوى، بل إزداد إنحرافها وقدرات شنائعها، لأنها أخذت تضع لغاياتها السيئة مبررات دينية، وتحسبها سلوكيات طقوسية لا بد منها لإرضاء ربّها، والتعبير عن عقيدتها وكتابتها بالدماء وترجمتها بالأشلاء والويلات والنكبات، وهي ترفع شعارات كتاب الأمير، وتترجمها بحذافيرها، لكنها تُلبسها قناع الدين وتجعلها من طقوس التقرب إلى ربّها المكين.

فهل صدق ميكافيلي وكذب المنجمون؟!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم