أقلام ثقافية

صحيفة المثقف عِشرةُ عُمر

saleh altaeiربما بعد أقل من سنتين على انطلاقتها المباركة، جمعتني المصادفة مع (صحيفة المثقف) دون تخطيط مسبق، كنت حينها جديدا على الانترنيت، وكنت أتابع بعض مواقع الأدب، فوجدت صورة تحتها اسم (يحيى السماوي)، صديق من أيام الزمن الجميل في الجامعة المستنصرية الدراسات المسائية. لم أتمكن من تمييز ملامحه لأسباب ثلاث:

الأول: تقدمي في العمر وضعف البصر الشديد.

الثاني: عدم وضوح الصورة المنشورة.

الثالث: تغير تلك الملامح التي أعرفها في السماوي.

فراسلت الموقع أسألهم: هل أن هذا الشخص هو يحيى عباس السماوي؟ فلم يجيبوني وكتبت لهم مرة ثانية وثالثة فلم يردوا، فبدأت ابحث في المواقع الأدبية الأخرى، وهكذا عثرت على صورة أخرى، ودخلت معها الحلقة المفرغة نفسها، ولكني لم أيأس بل ازددت إصرارا على المضي، وتابعت البحث إلى أن وجدت الصورة في موقع اسمه (صحيفة المثقف)، يومها لم أكن أعرفهم. وكالعادة أرسلت لهم طلبي مشفوعا برجاء عسى أن أعثر على صديق عزيز على قلبي افترقنا منذ أكثر من ثلاثة عقود ونصف، تأخر الرد لأكثر من أربعة أيام، فقررت البحث من جديد، وإذا بي أفاجأ في صباح اليوم التالي برسالة طويلة من أخي الحبيب السماوي، يشرح لي فيها ظروفه ومجريات حياته بعد الفراق الطويل، ثم عرفت أن الصحيفة بادرت بإرسال رسالتي إلى السماوي، وأحبت أن يفاجئني بالجواب. حينها أدركت أني أتعامل مع أناس مهنيين مخلصين مجدين صادقين طيبين، فقررت الاستمرار مع (المثقف)، وتحولت بسرعة إلى واحد من أهل البيت، يشركوني بكل قضاياهم، ويهتمون بما انشر، ويتابعوني إذا غبت أو تأخرت عنهم، وكان تاريخ 20/6/2012 بداية هذا الانطلاق بواحد من مقالاتي.

اليوم وأنا أبحث عن موضوع خاص وجدت على محرك البحث (كوكل) عنوانا يقول: "كتاب مشاركون الكاتب صالح الطائي" فولجت إليه وإذا بكل تلك المقالات التي أوجعت بها رؤوسهم ورؤوس القراء مكدسة على بعضها وقد حوتها (20) صفحة بمعدل (11) موضوعا في كل صفحة، مما يعني أن هناك أكثر من (220) مقالا منشورا، ووجدت الكثير من المقالات الأخرى قد فقدت، فتذكرت مقولة سادن الصحيفة الأستاذ ماجد الغرباوي أنه بالرغم من متابعته الشديدة وسعيه الجاد، فشل في إعادة جميع المقالات المنشورة بعد أن تعرض الموقع للقرصنة من قبل أعداء الكلمة الصادقة أكثر من مرة، مما يعني أن عدد مقالاتي المنشورة في الصحيفة، يزيد على (300) مقال أثارت بعضها نقاشات حامية، أتذكر منها مقالا زاد عدد الردود والمداخلات عليه عن (70) صفحة (A4)

وحينما ولجت عالم المقالات المنشورة، وجدتها عالما من التأزيم والغضب والقسوة والانزعاج، وفي بعضها لمسات حب وحنان ووجد وعشق أيضا، وفيها الكثير من الثورة والرفض، وأشياء كثيرة أخرى ممكن أن تتحول إلى سلسلة كتب أو كتاب ممتع يمثل جزء من تاريخي مع الحرف.

أنا الآن بعد أن تقدمت بالعمر، وضعف بصري كثيرا؛ مع كثرة انشغالي بمشروعي الذي اعمل عليه، كلي رغبة بأن أحول القسم الكبير منها إلى كتاب، ولكني لا أملك النظر والقوة والوقت لذلك، وعليه أتقدم إلى إدارة الصحيفة وإلى الأخ الغرباوي شخصيا، وإلى جميع الزملاء الأعزاء، ومن يملك القوة والوقت بطلب العون، إما عن طريق تسجيل جميع المقالات على قرص سي دي وإرسالها إلي، أو تنزيها على الورق وإرسال الفايل إلي؛ لأنتقي منه ما يصلح للنشر عسى أن انشره بسلسلة من الكتب حسب المواضيع، ومع علمي بصعوبة إنجاز العمل؛ إلا أني لا أفقد الأمل بعشرة العمر هذه؛ التي أعرف أنهم يقدرونها بقدر ما أقدرها وأحترمها.

نعم أنا لا زلت لغاية هذا اليوم، وسأبقى إلى آخر يوم من عمري، أكتب للمثقف، وانشر فيها، ولكن (عِشرة عمر) لا أعتقد أنها هينة على تلك القلوب الطيبة التي أعرفها في المثقف، فارحموا شيبة راج يسعى إلى جمع تراثه ليقدمه لأولاده وأحفاده، يفخرون به أمام أقرانهم، ويذكرهم بي بعد الرحيل الأبدي؛ الذي أراه قريبا.

شكرا لنقاء قلوبكم التي تحملتني على كثرة أخطائي ومناكفاتي وغضباتي ونزقي وتقلباتي وحدتي وطيبتي وابتسامتي.

 

صالح الطائي

 

في المثقف اليوم