أقلام ثقافية

كاظم الموسوي: رسالة عتاب الى ناجي العلي

khadom almosawiمحزن خبر اغتيالك، وكدر يوم استشهادك، ايها الغريب في ارض غريبة. اردت ان تعلم منتهكي الحقوق البسيطة للانسان، دروس الحق والعدل والانصاف. وسعيت ان تذكر الطغاة والجلادين بان لكل انسان يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون. وقمت برسمك ورمزك حنظلة بما ينبه كل من بغى او تاجر بقضية شعبك وحقوق المستضعفين ومصالح الفقراء، ان مصيره معلوم من خلال تجارب التاريخ وعبره. فلا تنفعهم سطوتهم او تغريهم اموالهم ولا تفيدهم كروشهم ولا تحميهم رهاناتهم وغدرهم. يا ناجي .. في ذكرى فقدانك وغيابك واستشهادك ورحيلك اكتب لك رسالة عتاب.. هل تقبلها مني؟ هل تجيز لي؟ يا اخي ناجي ساختصرها لك ولمن يقرا، ملخصها لمن لا يعرف او لمن تاجر باسمك او بقضيتك، من ابناء جلدتك. وادرك يقينا لو كنت حيا لما تاخرت عن فضحهم وكشف عوراتهم ولم تتستر على الاعيبهم وفهلواتهم. وما اريده هنا هو ان اسجل عتابي واعلم ان فقدك المبكر وخسارتك العاجلة وصمتك المنشود عما جري بعدك، هو ما دفعني له. انها كلمات.. شقشقة.. رسالة.. فقد اقمت معرضا لرسومك وكتبت عن ايامك  وهجراتك، في بلد اوروبي، في المركز الثقافي العربي الذي اسسته وادرته، بدعم مالي من الاتحاد الاوربي، فصار هذا المعرض سببا في قطع الدعم وغلق المركز، تحت شتى الاتهامات بالمعاداة للسامية ونشر افكارك العنفية ضد السلام الذي يقصدون به الاستسلام، وبند تجفيف المنابع المالية لمن يعرض رسومك او يرفع اسمك وصورة حنظلك الخالد. لانك بتقديرهم، وهو موقف شاركهم من اغتالوك فيه؛ انك رجل مقاوم ورسومك اقوى من رصاصهم ومدافعهم وخطط عدوانهم، ولانك صادق مع نفسك ووفي لشجرتك التي تركتها لتعود اليها مثمرة ناضجة، صافية، مملوءة بالعنفوان والشهامة والكبرياء.. لست نادما على ما حصل وجرى.. هذه قناعاتي بعدالة قضيتك وحقوق شعبك وقيمة ابداعك ومنهجك وما انتهى معك كان امامي ايضا. لكني لابد ان اكتب هذا، بعد ان دفعت ضريبة الانسان موقفا، ومن اجل وقوفي معك ومع شعبك.. " وصبرت عليها وفي العين قذى، وفي الحلق شجا".

كان يهاتفني باستمرار فحسبته اخا، وحين اشتدت الامور  اخبرته فاكد لي ما حسبت وقال لي تعال هنا وسنقتسم "السندويش"، فحرقت سفني كما يروى، وجئت عابرا بحارا ومدنا عديدة، ولما وصلت ادبر عني وولى هاربا، وتركني منفردا في بلاد غريبة كغربتك، وهو صاحب اللسان والقلم والخيل والليل والبيداء، واخر باسمك ادار مؤسسات ومنابر، واخر او اخرون نسوا اسمك ووضعوا اسماءهم بدلا عنك بعد ان استغلوا مقامك وقيمتك، هنا او هناك. اقول كل ذلك من باب العتاب واسمح لي بذلك يا ناجي .. نم هادئا فحنظلتك لما يزل ينغص حياتهم ويذكرك باسمك وبمنجزك ويظل شاهدا لك وعنك، اما هم، من اغتالك عمليا او فهلوة، فانهم عهن منفوش. غابوا ويذهبون ولا احد يجلهم كما بقيت اسما وعلما وغضبا مدويا.

 

كاظم الموسوي 

 

في المثقف اليوم