أقلام ثقافية

فاطمة الزهراء بولعراس: اللغة العربية (صاحبة الجلالة) ولا عرش لها

fatimaalzahraa bolaarasكانت اللغة العربية ولا تزال لغة الفصاحة والخطابة والشعر والتاثير البليغ في نفس السامع والقارئ، والأهم أنها كانت ولا تزال لغة القرآن الذي حافظ عليها وأعلى من شأنها وهو يٌتلى آناء الليل وأطراف النهار.لكن العرب الناطقين بها تعرضوا للأنواء والأدواء التي أرهقتهم و غيرتهم وجعلتهم غير قادرين على النهوض بها في مجالات أخرى لأسباب منهم وأسباب من غيرهم

ورغم أن اللغة العربية هي التي عصمتهم من الذوبان في (المدمر) الذي طال كل الدول العربية في القرن الماضي وما قبله إلا أن مكانتها تخلخلت وتزلزلت وأعتقد جازمة أنه لولا الإسلام لذابت هذه الأقوام التي تنتمي إلى (العروبة) وتعشق العربية كما تدعي.

 

صاحبة الجلالة (ولا عرش لها)

يحلو للبعض تكريم العربية بإطلاق الكثير من الألفاظ الجميلة عليها وقد تكون هذه الألفاظ تعبيرا عن إحساس فظيع بالذنب تجاه العربية لما لحقها من تقصير في عقر دارها، ففي الجزائر مثلا يطلق عليها اسم( اللغة الوطنية) ولكن الوطن كلّه لضرتها (الفرنسية) على رأي الشيخ الابراهيمي رحمه الله وجزاه خير الجزاء التي تدير كل ما يجري في (الوطن) بجهاز التحكم الدقيق الذي لا يخطئ كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها بدءا بالتكنلوجيا والاقتصاد الذي زعموا أن العربية غير قادرة على استيعابهما وانتهاء بالمنظومة (غير التربوية) التي تحاول جاهدة العودة إلى حضارة انقرضت في لغة ( شبه ميتة ) لولا مستعمراتها القديمة.

إن الجزائر (العربية) متهمة بأنها لا تتكلم العربية رغم أنها تقول أنها اللغة الرسمية ويدرس بها ملايين التلاميذ إلا أنها لم تزد أن صنفت الجزائريين حسب لسانهم وبعد أن كان كل معرب متخلف بالضرورة أصبح كل معرب إسلاميا وكل إسلامي متطرفا وإرهابيا وكل إرهابي هو من المغضوب عليهم حتى لو لم يكن من الضالين

ويكاد الامر يكون كذلك في دول عربية أخرى تشبه الجزائر في حركة التاريخ وثبات الجغرافيا.

أما في دول الخليج التي يتقن أهلها العربية وأغلبهم شعراء بالفطرة والسليقة فقد نحروها نحرا واستكانوا إلى الانجليزية التي هي لغة الأعمال والأموال، وإن تعجب فاعجب لهذه البلدان التي تملأها المساجد و أصحاب القمصان البيضاء والشماغات الجميلة  التي توحي بالعروبة والانتماء وبأذرعهم تتعلق نساء سافرات بالبناطيل أو التنورات القصيرة والقصات الغريبة والشعور المصبوغة و(المشاعر المغصوبة) وهذا يعطيك شعورا بأن سكان الخليج من الأجيال الجديدة أصبحت هي الأخرى تلثغ كما نلثغ وهي فخورة بهذه الميزة وتلك (الحضارة) التي بلغتها في اعتقادها.

 

اللغة العربية منكوبة بأبنائها

في المناسبات الكثيرة التي يحلو للبعض فيها تذكر لغتهم (المحقورة) ومنها هذا اليوم الثامن عشر من ديسمبر(حتى التاريخ جاء في ذيل الشهور) يتحدثون كثير عما تيسر لهم من أسباب تدهور لغتهم وربما أسباب تقدمها لكن ذلك يبقى مجرد وقفة للترحم على روحها ليس إلا (رغم أنها لم تمت) ذلك أن المحلل والمعلل تجده يستعمل (لغة ثانية) وكأنه ينفي انفراده بلغة واحدة وخاصة إذا كانت لغته العربية، أما أبناؤه فهو حريص كل الحرص على تعليمهم (اللغات) وقد لا يهمه ألا يتقنوا العربية لو أجادوا غيرها ، وهو بذلك يعبر عن عقدته أكثر من تعبيره عن اهتمامه بهذه اللغة المسكينة.

 ربما من حسن الحظ أن لهذه اللغة مناصرين كثيرين لازالوا يعشقونها بالفطرة ويتمسكون بها بالسليقة ولكن هؤلاء المناصرين كلهم خارج لعبة (التأثير) لا في الأحداث ولا في (الأموال ) وهي الأهم بالنسبة لكل الناس مهما حاولوا تغطية ذلك أو التغاضي عنه

نحن في زمن لغته الدينار والدرهم أو ربما الدولار والأورو ولهما عرش عظيم في نفوس الذين آمنوا بالقوة العظمى فهم إثرها يسيرون إلى أن يدخلوا جحر الضب أولم يدخلوه؟؟ بلى بلى والله إنهم داخله يصطرخون وصدقت يا سيدي يا رسول الله وصلى الله عليك وسلم تسليما كثيرا

 

فاطمة الزهراء بولعراس

 

في المثقف اليوم