أقلام ثقافية

قراءة في مسرحيات ما تبقى من الوقت للروائي والمسرحي زيدان حمود

khoulod albadriرؤية فلسفية لواقع مضطرب

ست مسرحيات تجريبية في فصل واحد

تأليف الروائي والمؤلف المسرحي زيدان حمود

لحظات متقاربة، أروقة الموت الواحد، بقايا من ممنوع، أشواط الصهيل، فضاءات متداخلة، و ما تبقى من الوقت .

بين فترة وأخرى أبحث في مكتبتي عن كتاب ما، وقد عثرت مصادفة على هذا الكتاب، لقد تذكرت عندما أهداني الراحل هذا الكتاب قال لي حينها ..:أنا متأكد عندما أبحث عن كتاب لي سأجده في مكتبتك .وهكذا وجدت أنا هذا الكتاب وتذكرت أن الراحل أهداني أياه،  وهذه القراءة وردة بيضاء أضعها على قبره ليتقبلها مني .

تعريف بالكاتب: الراحل .. زيدان حمود قاص وروائي ومؤلف مسرحي من العراق .

مواليد 1951بكالوريوس فنون مسرحية

إلف واخرج العديد من المسرحيات التي أسهمت في المهرجانات العربية والقطرية منها (أروقة الموت الواحد عام 1984، بقايا من ممنوع عام 1993، أشواط الصهيل عام 1994، لحظات متقاربة عام 1995، حول محور ثابت 1996، في ليلة باردة عام 1997، قناع الرجل العجوز عام 1999، فضاءات متداخلة عام 2001)

في مسرحية لحظات متقاربة، الشخوص التالية :

الرجل ص أو صاحب الصندوق في الخامسة والأربعين

الرجل ك أو صاحب الكيس في نفس عمر الرجل الأول

الرجل و أو صاحب الوسادة في الأربعين ولكنه يبدو اكبر من الرجلين الآخرين

الفتاة في الخامسة عشرة تبدو عليها ملامح الطفولة والبراءة تعقص شعرها بظفيرتين

المنظر :حبال تتدلى .ورجال الرجل ص في صندوق كبير، والرجل ك ينحشر في كيس كبير أما الرجل و فيتوسد لفة كبيرة من القماش .

والمكان يعج بالفوضى العاب ممزقة،  إطار دراجة هوائية وأشياء أخرى .

الرجال بانتظار المنقذ،  وكأنما الفتاة حينما تدخل عليهم يرى فيها الجميع المنقذ . ..أحدهم يطلب منها أن تمد إليه أصابعها

يقول (: سأتحرك ...حتما سأتحرك ...اسمعي ...اقتربي قليلا ولامسي بأصابعك أصابعي .

الفتاة :لماذا ؟

الرجل ص .:إجراء بسيط ...مجرد إن تلمس أصابعك أصابعي سأتمكن من الخروج من هذا الصندوق)ص10

الفكر العميق والنظرة المستقبلية والسخرية الهادفة في مسرحية ما تبقى من الوقت :أربع رجال وأربع ظلال، وفتاة، امرأة في الذاكرة تمثل استرجاعات باطنية للرجال، المكان ربما جناح في مستشفى للمجانين .

الرجال في حالة استرجاع لحياة كل منهم والأحلام المعطلة بسبب الحروب والنار والرصاص ..البحث في حياتهم عن زمنهم المفقود، التلاشي في الآه بدلا من مواكبة القطارات حيث يبحثون عن أحلامهم يركبون قطارات من الخيال عسى أن تصل بهم إلى الضوء .

" الرجل 3 :لم لا يأخذون كل شيء ويتركوننا لأحلامنا، فأنا لا أفكر سوى بقمر عاشق .

الرجل 2 :أنت تحلم يا صديقي ..أنظر ..أنظر إلى السماء، هل تلمح فيها شيئا من الضوء ..هل هنالك بارقة مشرقة تمزق هذه الغيوم الثقيلة الجاثمة فوق صدورنا ؟"ص203

ويا لسخرية الزمن حيث يقول الكاتب على لسان بطل المسرحية

"الرجل 1:... حتى هذه المصحة سيأتي يوم يطالبوننا فيه ان ندفع ثمنا للأقامة فيها .

الرجل 4 : ثمن ؟ ثمن للإقامة في هذه المصحة؟

ندفع للباقي من أعمارنا وهو قليل ثمنا؟ ماذا عن أيامنا التي احترقت في هذه المصحة !

ماذا عن سنوات الشباب التي امتص رحيقها لهيب الصحراء؟

أهو القدر الذي يفرض علينا زمنا آخر نكون فيه أكثر بهاءا، أم هو الانتظار اللامجدي لزمن مختلف تماما ؟ص230

ما تبقى من الوقت ..المسرحية التي تجعلنا نقف عند العنوان قبل الدخول إلى النص أي وقت أراد الكاتب أن نعرف ما تبقى منه؟ ..هل مجموعة من المجانين في هذه المصحة يعرفون ما للوقت من قيمة؟! هل يدرك هؤلاء أنهم يعيشون على هامش الحياة ؟ من يلتفت للمجانين؟ هل نأخذ بما كانوا يشعرون به؟المجانين لماذا أختارهم الكاتب هنا ؟هل ليخبرنا أننا نعيش في عالم من الجنون ونحن لسنا بمنأى عن هذا الجنون .

أم أن فلسفة عميقة بين السطور أراد الكاتب أن نتلمسها بنص مسرحيته .

المسرحية حصلت على الجائزة الأولى، الدولفين الذهبي، ومثَلها مجموعة من الشباب الجزائري .

 

خلود البدري

 

في المثقف اليوم