أقلام ثقافية

كبرياء بيتنا القديم

akeel alabodعند شرفة بيتنا القديم، ذات يوم من ايام شمس السلاطين، الشجرة استيقظت. الصباحات كعادتها انحنت تعانق الشمس والاحلام.

العجوز بقي هكذا صامتا لا يقوى على الكلام، لكنه بقيت ابتسامته تستنشق عطر الحياة.  الريح أغصانها العارية، وريقاتها، تساقطت. البيت الجائع، نوافذه، تفرش مائدة بلا أبواب.

الفقر ذات يوم من ايام فصل بارد، لملم أردية الصيف،  بينما شتاءاته تهاوت أغصانها، باستثناء ربيع من ربيعات طائر

 كان ينصت الى نحيبِ غراب فارق أولاده الصغار.

الزهرة الصغيرة، دموعها تساقطت، الريح بقيت تندر بالعاصفة. يومئذ ارتديت معطفي ورحت انظر نحو الليل.

الصوت كان يشبه نحيبِ عربة بقيت في المحطة لوحدها بلا قاطرات.

السكة دائما تمسك صبر صمتها الأزلي،  تحمل اثقال الموت بلا كلل.

المسافرون الواحد تلو الاخر، ينتظرون بلهفة صور المحطات القادمة.

المشهد لغة تتكرر بإبعاد مختلفة؛ لذلك في يوم من ايام ليلة عاصفة،  الوجع  كان يسري، كما لو انه قطار تدب عرباته فوق حقول بلا ارصفة.

والدي انداك كنت معه برفقة حقيبته التي تعشق الترحال.

الزمن كان يمشي ببطء. انفاسنا تلك الأرواح هي الاخرى تتنفس بهدوء تام.

حقول القمح كنّا ننظر نحوها عبر فضاءات سماءات متحركة.

الانتشار مساحاته كانت تتسع، كانها تقاطع الموت.

الصحراء، تلك البقاع آنذاك، كبرياءات ترفض ان يصاحبها العطش.

 الارض الخضراء تحب الفقراء. الفرات كما دجلة طائر يفرش كفيه، نهاراته مثل لياليه.

الصيادون تلك الشباك، حتى الأسماك العالقة في أطراف تلك السنارات، جميع الأشياء، انفاسها تنساب دون تقاطعات.

الارتفاعات جمعيا نخيل اعمارها بقيت نابتة هكذا، لم يغادرها المكان. 

 

عقيل العبود/ ساندياكو

 

 

في المثقف اليوم