أقلام ثقافية

شجاعة من أجل البناء

يسري عبد الغنيلقد عبر أستاذنا / عباس محمود العقاد في مقالاته الصحفية عن آراء حرة جريئة في الأدب والسياسة والعلم والفكر، وكانت بعض آرائه ومقالاته السياسية سببًا في دخوله السجن متهمًا بتهمة العيب في الذات الملكية، وقضى تسعة أشهر به .

ويجدر بالذكر هنا أن العقاد برع في كتابة المقالات الدينية فدافع فيها بموضوعية وعقلانية عن الإسلام، و تحدث عن مستقبله، وثوب جميع أفكاره بالاجتهاد، كما كتب المقالة الأدبية، ومنها : الصورة الشخصية (القلمية)، والمقالة الوصفية، والمقالة الملحمية النزالية (مقالات المعارك الأدبية والفكرية)، والمقالة الثقافية، والمقالة التأملية، ومقالة الدراسة الأدبية، ومقالة دراسة الشخصيات العلمية والفكرية، كما كتب العقاد المقالة النقدية بأنواعها، وكتب المقالة العلمية والفلسفية .

كما أن آراءه الجريئة التي كانت تهدف إلى صالح الأمة ورقيها، عرضته للاضطهاد في نواح كثيرة من الحياة، فعانى من شظف العيش فترة من الزمن، وباع مكتبته القيمة أكثر من مرة ليأكل بثمنها، ومنع من الكتابة أكثر من عامين، ولكنه لم يلن أو يستسلم أو يجبن، غير أن السياسة نفسها كانت من عوامل شهرة العقاد، وكذلك اختياره عضوًا بمجلس الشيوخ فترة من الزمن .

نعم، قد تساعد السياسة على ذيوع شهرة أو صيت أحد الأدباء أو الكتاب، ولكنها من رابع المستحيلات أن تصنع أديبًا أو مبدعًا معطلاً من المواهب والقدرات والمهارات، أو مجردًا من العلم والفكر والثقافة، لقد كانت السياسة أحد العوامل التي ساعدت على شهرة العقاد، كما أنها في نفس الآن سببت له العديد من المتاعب والمشاكل والمصاعب، وأدخلته في معارك عديدة، وجرت عليه غضب الكثيرين، إذن السياسة وإن كانت نعمة على العقاد في بعض جوانب حياته، فإنها كانت شرًا مستطيرا وأذى ما بعده أذى ونقمة كبرى على معظم جوانب حياته .

لقد أسهم الأستاذ / العقاد في بناء الحياة الفكرية والأدبية في بلادنا العربية بوجه عام، وفي مصر بوجه خاص، كما أسهم في النهضة السياسية والثقافية والصحفية، فكان عضوًا في مجمع اللغة العربية القاهري (مجمع الخالدين)، وعضوًا في المجلس الأعلى للفنون والآداب (المجلس الأعلى للثقافة التابع لوزارة الثقافة المصرية الآن)، وفي هذه المواقع كان للعقاد أكبر الأثر في حياتنا الفكرية والثقافية طولاً وعرضًا

 

بقلم/ يسري عبد الغني

في المثقف اليوم