أقلام ثقافية

بطرس البستاني!!

بطرس البستاني (1819 - 1883)، أديب موسوعي ومربي ومؤرخ لبناني، مؤلف أول موسوعة عربية  "دائرة المعارف: قاموس عام  لكل فم ومطلب "، وأول من أسس مدرسة وطنية، وألف أول قاموس عربي معاصر " معجم محيط المحيط".

بطرس البستاني من زعماء النهضة العربية الحديثة الرواد، الذي يستحق أن نتذكره، لأنه يقدم شهادة واضحة ودليلا بينا على أن الأمة تلد أنوارها الساطعة، والذين يتهمونها بالعجز والهوان لفي ضلال وخسران مبين.

بطرس البستاني ورفاقه النهضويون المنورون بثوا الوعي الحضاري المعاصر في عقول الأجيال، وإستنهضوا الأمة من رحلة الغياب والقنوط، وأطلقوها حية حرة في ميادين القرن العشرين، فتألقت وإنطلق أبناؤها في مسيرة العطاء والإبداع الأصيل.

ولم تكن ظروف إنطلاق النهضوين العرب في حينها أفضل مما هي عليه اليوم، بل كانت دامسة يائسة بائسة حالكة الظلام، لكنهم إستحضروا نور الوجود العربي، وإنطلقوا مؤمنين بأن الأمة ستكون، وأنها ستأتي بأجيال يزيدون من إشراقها وتوقدها الحضاري الاثيل.

وكان إيمانهم بالمستقبل كبير، ورؤيتهم تؤكد ما يريدون للأمة أن تكون عليه، وما خنعوا للواقع الأليم، بل نظروا إلى ما يجب أن يكون عليه، وعملوا بهذا الإتجاه الحضاري المتوثب الإيجابي، الذي أوصل الأمة إلى مراحل متقدمة من القدرة على التفاعل مع واقعها الزماني والمكاني.

فما أحوجنا اليوم أن نستلهم رؤاهم وإرادتهم وطاقاتهم الحضارية التنويرية، المؤمنة بالأمة وبروافد أجيالها الطالعة نحو مستقبل أبهى.

نعم علينا أن نتفاءل مثلما كانوا متفائلين ، وصادقين مؤمنين بتفاؤلهم، وأن نجتهد ولا نهدأ أو نستكين، ونخضع لضغوط الأضاليل والخداعات، وبرامج الحروب النفسية التي تشن علينا بوقاحة وكثافة وقسوة، فهذه الأمة حية ولن تموت، والذي يعاديها سيبوء بخسران شديد.

تحية لرواد نهضة أمتنا، ولغيرتهم العروبية وتمسكهم بإرادتها، وكدحهم للحفاظ على تراثها وهويتها، ولغتها وعاء ذاتها وعنوان وجودها السليم.

وعاشت أمة ذات أنوارٍ علوية!!

 

د. صادق السامرائي

27\12\2020

 

 

في المثقف اليوم