أقلام ثقافية

الكاتب والنص!!

صادق السامرائيما هي علاقة الكاتب بالنص الإبداعي أو الأدبي بعد نشره؟!!

هل يكون مرآة لأنا كاتبه؟!

هل يتحوّل إلى جزء شخصي من الكاتب؟!

يبدو أن العلاقة مشوشة بين الكاتب ونصه المنشور، وهذا ما تُظهره تفاعلات التعليقات على النصوص، التي تنحرف وتتحول إلى معارك دفاعية ومشخصنة، وهذا سلوك غير ثقافي لا ينفع القارئ والمتابع للنصوص، التي من المفروض أن تفيدنا وتضيف لمعلوماتنا ما يطورنا ويجددنا.

العجيب في أمر بعض أصحاب النصوص أنهم لا يتحملون النقد أو التصويب، وتتقد إنفعالاتهم وتتأجج عواطفهم، وتتحول بوابة التعليق إلى ميدان للتصارع أو التقاتل الضار.

وكقارئ أتأسف أن لا نرتقي بقدراتنا التفاعلية إلى ما هو منوِّر للأذهان ومُثقِف للأجيال.

إذا كان الذي يكتب نصا يَحْسَبه مُنَزّلا، فعليه أن لا ينشره، والذي يتصوّر نفسه يعرف فلا داعي لنشر ما يعرف، فالواقع الإنساني يؤكد أننا مهما عرفنا فسنجهل، ومَن لا يريد أن يَتعلم ويعرف عليه أن ينسحب، ما دام قد علِمَ وعَرَفَ وصار من العالمِين أو العارفين.

عندما يُنشر النص يصبح بيد القارئ، وكاتبه يتحوّل إلى ناقد لنصه لكي يتعلم ويتطور ويستفيد، لا أن يتشبث به ويَراه عين التمام والكمال، فلا يوجد نص مستوفي شروط الكمال والتمام، ففي كل نص نقص ما، والتمام والكمال غاية لا يبلغها البشر، إنها أشبه بمطاردة السراب.

وبخصوص الشعر مهما كتبنا وأبدعنا فلن نأتي بأفضل مما جاء به الذين سبقونا، فمسيرة الشعر العربي تقاس بعشرات القرون، وما أنتجه العرب من الشعر إشتمل كل ما يتصل بالإنسان وتفاعلاته مع الحياة بتحدياتها وحوادثها وتقلباتها.

وحتى الذين ركبوا حصان التجديد والحداثة لم يأتوا بجديد، سوى أنهم توهموا أن التجديد بتغيير الشكل أو تدميره، لكن المضمون لم يتغير وما تطور، وها هي مسيرتهم تقترب من الفشل والأفول، لأنها لم تقدم ما هو فاعل ومؤثر في مسيرة الأجيال، ولا يُحفظ مما كتبوه شيئا.

فعلينا أن لا نتحامل ونمتشق سهام نرجسيتنا وأنانا المتضخمة بوجه بعضنا، فالإناء ينضح بما فيه، ولو إطلعنا على تراثنا لإكتشفنا ضآلتنا المعرفية!!

فلماذا لا نجيد مهارات التحاور والإنسجام ونميل للخصام؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم