أقلام ثقافية

صادق السامرائي: إبن الجوزي كتب في الطب ولم يمارسه!!

صادق السامرائيأبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التيمي البكري، ويعود نسبه إلى محمد بن أبي بكر الصديق، ولد وتوفي في بغداد، (510 - 597) هجرية، خطيب حنبلي محدّث ومؤرخ ومتكلم، وله مكانة كبيرة في الخطابة والوعظ والتضنيف.

قال إبن كثير: " أحد أفراد العلماء، برز في علوم كثيرة، وإنفرد بها عن غيره، وجمع المصنفات الكبار والصغار نحوا من ثلاثمائة مضنف"

وقال الذهبي: "ما علمت أن أحدا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل"

من أقواله: " مغنية الحي لا تطرب، الكتب هم الوالدون المخلدون، وفي صيد الخاطر له أقوال حكيمة متنوعة"

ولديه شعر، منه: " إذا قنعت بميسور من القوت ...بقيت في الناس حرا غير ممقوت، يا قوت يومي إذا ما در خلفك لي...فلست آسي على در وياقوت"

وجرت عليه محنة، أدت إلى سجنه في سجن واسط، وبقي في المطمورة خمسة سنوات.

العجيب في أمره أنه لم يمارس الطب لكنه كتب فيه ومن مؤلفاته في الطب:

"لقط المنافع في علم الطب، مختار اللقط في الطب، الخفير النافع في الطب، الطب الروحاني، تدبير الأشياخ، لغة الأمان في الطب، كتاب الباه، النائم الغمر على حفظ مواسم العمر، الشيب والخضاب، شفاء علل الأمراض".

ومن مصنفاته الأخرى: "زاد المسير في علم التفسير، نواسخ القرآن، صفة الصفوة، تلبيس إبليس، صيد الخاطر، تأريخ بيت المقدس، أخبار الحمقى والمغفلين، أعمار الأعيان، بستان المواعظ، ذك الهوى، كتاب الأذكياء" وغيرها الكثير من المؤلفات.

وكان له قبر في (باب حرب) قرب قبر (أحمد بن حنبل)  لكنه نقل إلى (سوق السنك).

المدهش أن إبن الجوزي العالم الموسوعي الذي لم يمارس الطب، لكنه كتب فيه مصنفات ذات قيمة علمية ومعرفية تفيد الأطباء، فقد ولد محبا للعلم وما إقتصر على علم من العلوم، بل إجتهد في ما ساد من علوم في عصره، وأجاد بتأليفه وقدرته على الإستيعاب والتمثل، وعلى التعليم ونشر ما يعرفه، مما ينم عن ذكاء مفرط وموهبة نادرة.

فما إستعصى عليه علم، حتى وجدناه يخوض غمار العلوم الطبية الصعبة، ويقدم لنا فيها كتبا ذات قيمة وأثر في الثقافة الطبية.

تحية لعالمنا العربي الموسوعي الجهبذ، الذي علينا أن نقتدي به ونتمثل خطواته، ونعبر عن إرادته العلمية الأصيلة.

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم