أقلام ثقافية

ناجي ظاهر: اغوتا كريستوف.. كاتبة عالمية عانت من الامية!!

ترجمت الاعمال الادبية الروائية للكاتبة الهنغارية اغوتا كريستوف، إلى أكثر من أربعين لغة. فيما يتعلق بترجمتها إلى اللغة العربية يقول مترجم كتابها "الامية- سيرة الكاتبة"، محمد ايت حنا في تقديمه له، إن اغوتا كريستوف لم تحظ بالاهتمام المستحق عند القراء العرب، رغم أن بسّام الحجار كان قد ترجم لها روايتين هما "أمس" و " الكذبة الثالثة"، ويرى حنا أن الترجمة كانت جزءًا من المشكلة، فالترجمتان رُغم روعتهما، لم تكونا اختيارًا جيدًا كمدخل لأدب الكاتبة المجرية، ويوضح قائلًا: لعلّ اللغة العربية كانت هي الاستثناء في علاقتها بترجمة أعمالها، فجميع اللغات بدأت بترجمة روايتها "الدفتر الكبير"، وهو في اعتقادي الكتاب المناسب لتعريف القارئ بالكاتبة، ليس قطعًا لأنه أفضل كتبها، وإنما لأنه الاكثر قابلية لأن يتفاعل معه القارئ.

من هذا المنطلق يتابع حنّا قائلًا إنه اتفق قبل سنتين مع صاحب" دار الجمل"، خالد المعالي، على ترجمة أعمال اغوتا تباعا، فأصدر ترجمته لرواية "الدفتر الكبير"، وأتبعه عام 2015 بكتابها "الأمية"، على أن يقوم بترجمة بقية مؤلفاتها ويصدرها تباعًا.

اغوتا كريستوف من مواليد احدى القرى الهنغارية عام 1935. والدها المدرس الوحيد في القرية وله محاولات لا بأس بها في مجال الكتابة الادبية. أخوها كاتب معروف في بلاده. أتقنت القراءة وهي لمّا تزل في الرابعة من عمرها. تقول إنها كانت تقرأ كلّ ما يقع تحت يدها. عانت جراء الحرب كثيرًا واضطر اهلها لإدخالها في طفولتها إلى مدرسة داخلية مغلقة تفتقر إلى الكثير من وسائل الراحة، ولعلّ هذا ما دفعها فيما بعد للانشغال بموضوع الحرب وما تخلّفه من آثار قاسية على من يكتوي بنارها. هاجرت عام 1956 إلى سويسرا برفقة زوجها، وكان في السابق معلّمها، وابنتها. عملت في بداياتها في مصنع للساعات السويسرية.

عن قصتها مع الكتابة تقول في فصل عنوانه "من الكلام إلى الكتابة"، إنها كانت في طفولتها تحب رواية القصص وإنها كانت تقول لجدتها إنها هي مَن سيروي الحكاية. وليس أنت. تقصد جدتها. وتروي طرفة لطيفة مفادُها انها روت أيام كانت طفلة صغيرة لأخيها قصة اقنعته فيها أنه ليس شقيقها وإنما هو طفل متبنّى، فبكى أخوها ما دفع أمها لمعاقبتها. وفي هذا المجال تقول إنها كانت عندما كبرت قليلًا تكتب المسرحيات وتمّثلها أمام الطلاب مقابل مبالغ زهيدة.

بعد هجرتها إلى سويسرا واجهتها مشكلة اللغة الفرنسية، ما أشعرها أنها أمية لا تتقن القراءة والكتابة في هذه اللغة، وما دفعها بالتالي للانكباب المُضني على دراستها حتى أتقنتها وأبدعت أعمالًا أدبية فيها.

تقول إجابة عن سؤال تطرحه في كتابها "الامية"، هو "كيف يصير المرء كاتبًا"، ينبغي في البداية أن نكتب، بالطبع، ثم ينبغي بعد ذلك الاستمرار في الكتابة، حتى حين لا يثير الامر اهتمام أحد، حتى حينما بتملّكنا الاحساس بأن كتابتنا لن تثير اهتمام أحد أبدًا. حتى حين تتراكم المسودات في الدرج وننساها، بينما نكتب أخرى.

عن نشرها كتابها الاول. تقول إنها أرسلته إلى كبريات دور النشر في فرنسا. وان رفض "دار غاليمار" المشهورة نشره لم يفتّ في عضدها، لأنها كانت مؤمنة أنها كتبت ما يستحق القراءة.. وكما توقعت فقد قامت "دار سوي"، المشهورة أيضًا بنشره، بعد أن تلقت رسالة من صاحبها يقول لها فيها إنه لم يقرأ أدبًا رفيعًا بهذا الزخم منذ سنوات. وهو ما شجعها أكثر على مواصلة الكتابة ليتحوّل كتابها الاول "الدفتر الكبير" إلى ثلاثية جُزؤها الثاني "البرهان" والثالث "الكذبة الكبيرة". يذكر أن اغوتا كريستوف تزوجت مرتين، الاولى من معلّمها كما سلف، وقالت في مقابلة ضمها كتابها "الامية"، إن حياتها لم تكن تعيسة، وإنها كانت مرحة رغم الحرب، وبعد ذلك أطفالها هم من جعلوها سعيدة. وتؤكد أن زوجيها كانا أسوأ ما في حياتها. توفيت اغوتا كريستوف عام 2011.

***

بقلم: ناجي ظاهر

في المثقف اليوم