أقلام فكرية

فلسفة الحق (1): الحق والعدالة الإجتماعية

علي رسول الربيعينظرا للأنتهاك الصارخ للحقوق في مجتمعات الدولة العربية، وغيًاب النقاش الواسع والعلني عن  فلسفة الحقوق ونظريات الحقوق واجراءات حفظ الحقوق وصيانتها من الأنتهاكات، أو ضعف  الدفاع عنها، نرى أنه من الراهن الفكري/ السياسي  فتح النقاش عن هذا الملف الحار والحارق. المشاركة في هكذا نقاش من قبل المختصين والمهتمين والمظلومين  يعتمد على مدى الوعي بالمسؤولية الفكرية والأخلاقية بهكذا قضية. سنتناول هنا في هذا القسم من الدراسة موضوعة محددة وهي العلاقة بين الحقوق القانونية والأخلاقية في أطار مسألة العدالة الإجتماعية.

الحقوق القانونية والأخلاقية والعدالة الإجتماعية

تتمثل نقطة انطلاق أولئك الذين يرغبون تحليل مفهوم الحق في التمييز بين الحقوق القانونية والأخرى الأخلاقية - بين حقوق الفرد التي تنشأ من موقعه في أطار نظام قانوني (كصاحب المُلك أو المتملك لشئ ما، على سبيل المثال، أو كطرف في عقد) وتلك التي تنشأ بطرق أخرى، مثل، تلك التي تنشأ من وعد أو اتفاق ليس له وضع قانوني. ولكن تفحص هذا التقسيم يكشف أنه تقسيم  تبسيطي جداً. فلدى معظم الناس عدد كبير من الحقوق وأنواع مختلفة منها، نتيجة لأدوارهم العديدة التي يقومون بها في المجتمع، كموظفين، وكأعضاء في أيً تجمع ، ومشاركين في أنشطة جماعية ، وما إلى ذلك ك، ولا يمكن استيعاب أو وضع  جميع هذه الحقوق بشكل  صحيح سواء تحت مقولة  قانونية أوأخلاقية؛ فحق استاذ في  الجامعة أن يضع درجات على اجابات الامتحان مثلا، ليس حقًا قانونيًا أو أخلاقياً بشكل مباشر (رغم أنه قد يصبح حقًا أخلاقياً في ظل ظروف معينة). يمكن للمرء بالطبع حل هذا من خلال النص عليها أو تأكيدها أو الأشتراط على أن جميع الحقوق غير القانونية يجب أن تعتبر "أخلاقية"، لكن ذلك لن يكون حلاً مفيدًا؛ إذ لايمكن أن تنشأ الحقوق الأخلاقية عن القواعد الأخلاقية بنفس الطريقة التي تنشأ بها الحقوق القانونية عن القواعد القانونية.

ومع ذلك ، فإن تركيز انتباه المرء على الحقوق القانونية والأخلاقية ليست عملية  مُضللة بكاملها. يمكن ملاحظة أن هناك أنواع الأخرى من الحقوق (التي يمكن أن نجمعها معًا تحت عنوان "الحقوق المؤسسية") تقع بين النوعين الخالصين، اقصد الحق القانوني والأخلاقي. انها تشبه قواعد الجامعة بإجراءاتها الثابتة، وقواعد المحاكم ، وحقوق الاستئناف، وما إلى ذلك، أنها نظام قانوني في صورة مصغرة. إن امتلاكك حقًا كعضو في الجامعة يشبه إلى حد كبير امتلاك حق قانوني. على النقيض من ذلك، إذا أبرمت اتفاقًا مع مجموعة من الأصدقاء تحدد كيف نستخدم منزلًا تتشاركون فيه، أنه يشبه تمامًا وعد رسمي ومختار بدقة؛ وأن الحقوق التي أمتلكها والتي يجب على الآخرين تنفيذها بما هو منصوص عليها في القواعد هي بمثابة حقوق للوفاء بالوعود. أرى  أن أفضل مقاربة  للحق المؤسسي في " نوعه المثالي"  القانوني أو حالته القانونية  المثلى - الذي اشرنا اليه أعلاه-  يعتمد على ثلاثة عوامل:

(1) تحديد القواعد التي تمنح الحق بوضوح.

(2) فرض العقوبات المحددة على من ينتهك هذا الحق.

{3) تحديد الأفراد المعينين لفرض مثل هذه العقوبات.

إذا كانت الحقوق الأخرى لها هذا الوضع الوسيط، فيمكننا أن نرى لماذا كان ينبغي على المنظرين السياسيين إيلاء معظم الاهتمام بالحقوق القانونية والأخلاقية المناسبة. هذه هي الحالات التي تمثل أكبر صعوبات التحليل، وبالنسبة للمجموعتين، فإن الحقوق الأخلاقية هي الأصعب في التعامل معها من وجهة نظر فلسفية. يُنصح فيلسوف السياسة بتجنب التحليل الفني( التكنيكي) لأنواع الحقوق القانونية، والتي ينبغي تركها لأولئك الذين لديهم معرفة دقيقة بممارسة القانون. سوف أعتبر هنا  نتائج أحد هذه التحليلات وأقصد تحليلات (Hohfeld's)[1]  البارزة و المشهورة جداً أمراً مفروغًا منه وأتساءل ما إذا كان يمكن تطبيق المخطط التحليلي هذا بشكل صحيح على الحقوق الأخلاقية. ولكن أرى من الضروري ابتداءً تقديم ملاحظة عامة حول القانون قبل أن ننتقل عنه.

ما تحدثت عنه حتى الآن، هو الوصف الوضعي للقانون بأعتبار أن نظرية القانون الطبيعي تبالغ في العلاقة بين القانون والأخلاق، فجاء القانون الوضعي كرد فعل ضد هذا الجانب من نظرية القانون الطبيعي. وعليه  فأن نظرية القانون الوضعية – وكما هو شائع - هي التي تقول أن القواعد أو القوانين القانونية صالحة ليس لأنها متأصلة في القانون الأخلاقي أو الطبيعي، ولكن لأن يتم تشريعها أو سنها من قبل سلطة شرعية وقد قبلها المجتمع على هذا النحو. وهنا يتم التمييز بوضوح بين الحقوق القانونية والحقوق الأخلاقية، وتقديم الحقوق القانونية باعتبارها ناشئة بطريقة مباشرة عن قواعد القانون الوضعي. بعبارة أخرى، يُنظر إلى القانون على أنه مجموعة من القواعد التي يكون مضمونها واضحًا وثابتًا نسبيًا، وتخلق هذه القواعد، في بعض الحالات، حقوقًا للأفراد الذين يخضعون لها. ولكن يمكن أن يُساءل هذا الوصف للقانون من خلال  الاعتراض الذي يقول: إن  الوصف الوضعي للقانون يجعله يبدو أكثر تحديدا مما يمكن أو ينبغي أن يكون.

لا تكون القواعد القانونية دقيقة تمامًا كما يوحي هذا الوصف، أذ تتطلب أن  يقدم لها تفسيراً مرافقا لكل حالة محددة، ومثل هذا التفسير يعدل القاعدة للمستقبل. لذلك، فإن إثبات أن لديك حقًا قانونيًا ليس مجرد ذكر للقاعدة ذات الصلة؛ ولكن عليك أيضًا تبرير التفسير الذي تقترح وضعه للقاعدة، وللقيام بذلك من الضروري طرح اعتبارات أخلاقية. ومع ذلك، لا ينبغي اعتبارها اسس قانونية اضافية أو أعتبارها اسس مستوردة من خارج  القانون كمبادى قانوية  لإصلاح أوجه القصور فيه.[2]

قد يكون هذا الأعتراض  موجها ضد موقف قانوني بسيط  لذا لا يبدو لي حاسمًا ضد  الصياغات أو النسخة الأكثر تطوراً له. قد يقبل الوضعي بأن قواعد القانون لا تفسر نفسها، وأن هناك حالات صعبة لا يعطي فيها القانون بصيغته القائمة أوالحالية أي إشارة واضحة إلى ماهية الحقوق القانونية للأطراف المختلفة. والسؤال هو كيف ينبغي النظر إلى هذا الوضع.  إنه يشير، من وجهة نظر الوضعي، إلى فشل في القانون، ويصبح من المناسب الخروج عن القانون نفسه للنظر في الجوانب الأخلاقية للقضية،وذلك من أجل أن يتم تشريع قانون مناسب لهذه القضية وغيرها من الحالات المماثلة في المستقبل. لكن من الواجب  أن تعتبر مثل هذه الحالات استثنائية وليست صفة أو خصيصة ثابته للطريقة التي تُقرر بها الحقوق القانونية. من ناحية أخرى، فإن الحالات الصعبة هي التي تكشف لنا عن الطبيعة الأساسية للقانون، كما يرى نقاد مثل رونالد دوركين.

لحسن الحظ، لا يتعين علينا اتخاذ قرار بشأن القضايا العامة المتعلقة بأهدافنا الخاصة. نحن مهتمون فقط بماذا يعني أن تمتلك حقاً قانونياً، وهذا ما ستفعله هنا النظرية الوضعية بالنسبة للغالبية العظمى من الحالات.  فمن أجل تحديد الحقوق القانونية لشخص ما، يكفي الرجوع إلى قواعد القانون ذات الصلة، دون الأخذ في الاعتبار الاعتبارات الأخلاقية. سيكون من الغريب القول عندما يأخذ شخص ما شيئاً يخصني، يجب أن أقدم أسبابًا أخلاقية لتأكيد حقي القانوني في الشيء المعني. لن يكون هذا مجرد وصف واضح لما يحدث بالفعل، ولكن النظام القانوني الذي  له هذه الخاصية سيكون له عيوب عملية واضحة. وبالتالي، بغض النظرعن مزايا أو جدارة النظرة المناهضة  للنظرية للوضعية بوصفها تفسير عام للقانون، إنها لا تساعدنا على فهم الحالات  الرئيسة، والخصائص المتمثلة في حالات وجود الحق القانوني.

واذا أنتقلنا إلى الحقوق الأخلاقية فأننا نجد أن هناك العديد من القضايا الأساسية التي يجب تسويتها قبل أن نتمكن من البدء في تحليل مفصل لمفهوم الحق الأخلاقي وعلاقته بمفهوم العدالة. أولاً هو ما إذا كان من المجدي التحدث عن الحقوق الأخلاقية على الإطلاق؛ لأنه قد يًقال، في بعض الأحيان، إن الحقوق القانونية هي فقط التي يمكن وصفها بأنها حقوق. لقد تم التعبير عن وجهة النظر هذه بشكلها الكلاسيكي  المعروف من قبل بنثام  Bentham، ولاحقا من قبل للامونت W. D. Lamont.[3] إن الحقوق من وجهة نظر بنثام، هي، ثمار القانون والقانون وحده. لا توجد حقوق بدون قانون - لا حقوق مخالفة للقانون - لا حقوق أمام القانون. وقد تكون هناك أسباب يُتمنى فيها وجود قوانين قبل وجودها.[4]

يقول منطوق حجة بنثام: أن المطالبة بحق أخلاقي أو طبيعي طريقة مضللة للادعاء بوجود حق قانوني معين. أنه لأمر مضلل  عندما  نعتبر القول أن هناك  حقاً قانونيا  مساوي أو مطابق  للقول أنه حقيقة واقعية بالفعل. لأن "الحقوق الأخلاقية" المزعومة لم يكن لها هذا الوجود الواقعي؛ أنها مجرد خيال. أرى أن وصف وتعليل بنثام هذا غير صحيح لسببين. أولاً، ليس صحيحًا أن الغرض من رفع دعاوى "الحق الأخلاقي" هو المطالبة بتشريع الحق القانوني المقابل أو المماثل؛ ففي كثير من الحالات، سيكون من غير المعقول أن يعزى  هذا إلى الشخص الذي يقدم المطالبة، كما في  في حالة الحقوق الأخلاقية الناشئة عن الوعود، على سبيل المثال. ثانياً، إن رأي بنثام غير متسق، وذلك لاستعداده بالاعتراف بأن الواجبات الأخلاقية قد تكون مدعومة بعقوبات على  شكل استنكار أونبذ اجتماعي، إلخ.

إن وجهة نظره بأن مَن يكون له الحق هو أن يكون مستفيدًا من واجب ما، وأن يكون من واجبه أن يواجه تهديدًا بفرض عقوبات، إذا لم يتم القيام بشيء ما، فقد لا يكون كافيًا في حد ذاته، "لكن إذا كان يعتقد بهذه الآراء فهو ملزم الاعتراف بوجود تلك الحقوق الأخلاقية المقابلة للواجبات الأخلاقية المعترف بها والمعاقب عليها. أما بالنسبة إلى لامونت فأن الحقوق  تنشأ من القانون. فإذا لم يكن هناك قانون، فلا حقوق، ويصبح هذا استفهام يعتمد على توسيع مفهوم القانون بما يتجاوز فهمنا العادي لفكرته، حتى يتم النظر إلى القواعد الأخلاقية كنوع من  القوانين. من الثابت اعتبار هذا بشكل عام اقتراحًا عقيما ومربكًا. إنه يشير إلى أننا عندما نفكر ونتحدث عن الحقوق، فإننا نعمل في مجال أخلاقي قانوني. نرى خلاف ذلك، أي لا يوجد شيء في ما يقوله بينثام ولامونت يجعلنا نغير ممارستنا المعتادة المتمثلة في إسناد الحقوق الأخلاقية للناس، دون التفكير في أنه يجب الاعتراف بهذه الحقوق قانونًا، أو أن هناك شكلًا من أشكال القانون الباطني متورط على أي حال.

الاعتراض الأكثر خطورة على فكرة الحقوق الأخلاقية هو أن "الحق الأخلاقي" تعبير غامض بحيث أن  القول "س له حق أخلاقي  في ص" لا يعني أكثر من "إنه من الصحيح أخلاقيا أن تعطى    ص لـ س "  أو "س يجب أن يُعطى ص". إذا كان هذا صحيحًا، فسيحظر اعتبار الحقوق أسبابًا مميزة لمطالب العدالة. ومع ذلك، أعتقد أنه يمكننا مواجهة النقد لو فكرنا في موقف نموذجي يتم فيه إنشاء الحقوق الأخلاقية، ايً  تقديم وعد. (س)  يعد (ب) بأنه سيعطيه شيئًا معينًا؛ هذا يخلق عند  (ب) حقًا أخلاقيًا في الحصول على الشيء ، ويستمر هذا الحق حتى يستلم (ب)  ذاك الشيء ما لم  يتخلى طوعًا عن التزامه. لكن لنفترض أن الشئ المعنى  سيضر بشدة بـ (ب) ، أو أن (ب) سيستخدم  الشيء  لإلحاق الضرر بالآخرين. لم يعد حقًا في إعطاء (ب) الشيء - لكن حقه الأخلاقي  في ذلك لا يزال قائماً (لقد تم تجاوز الحق الأخلاقي بسبب اشتراط تجنب إلحاق ضرر جسيم كلما أمكننا ذلك).

يمكن وضع الحجة بطريقة أخرى. إذا قلنا "يجب إعطاء  " ص لـ  س "، لأنه يتمتع بحق أخلاقي في ذلك" ، فإن الفقرة الثانية لا تعيد التأكيد على الأولى. إذا كان هناك ستة رجال على متن قارب في البحر، واحد منهم فقط يمكنه التجديف، فقد يكون من  الحق إعطاء رغيف الخبز الأخير كله، على أمل أن يتمكن من التجديف بهم على الشاطئ. ولكن هل لديه الحق في ذلك؟ هل يمكن أن يشتكي إذا تم اتخاذ قرار عام بتقسيم الخبز بالتساوي والتخلي عن فرصة إضافية للوصول إلى الأرض؟ لا أعتقد ذلك.

هناك بعض الإغراءات لتوسيع مفهوم الحق  ليتضمن هذه الحالات، ولا شك في أن الاستخدام اليومي العادي يمكن ذكره كداعم. لكنني سأحاول اثبات أنه ينبغي مقاومة هذا التوسع ، لأن الاستخدام الرئيس لهذا المفهوم هو تقديم نوع معين أو خاص من المطالبة الأخلاقية ، بدلاً من التعبير عن الحقانية بشكل عام. سنرى لاحقًا أن هناك عددًا محدودًا من الأسباب أو الأسس التي يمكن أن تستند إليها الحقوق الأخلاقية بشكل صحيح أو كما ينبغي، و ليس الرفاهية العامة واحدة من هذه الأسباب بالتأكيد.

النسخة الأضعف (والأكثر مقبولية) للوضع السابق هي الرأي القائل بأن "س له حق أخلاقي في ص" يعني "سيكون من المناسب إعطاء ص إلى س" ؛ أي أن العدالة تتعايش مع الحقوق. وهذا من شأنه أن يتجنب الاعتراضات المذكورة أعلاه، شريطة أن لا يطابق المرء كل  العدالة  بالأخلاق أو يستغرق العدالة بالأخلاق ويعتبرها كلها أخلاقية؛ لكن سيكون من الضار لطرحي هنا  القول: أن الحقوق هي نوع واحد من أسس المطالبات العدالة. ناقش جون ستيورات ميل هذا  الرأي قائلاً: "لا تعني العدالة شيئًا ليس فقط من الصواب القيام به، ومن الخطأ ألا تفعله، بل يمكن لشخص ما أن يطالبنا به كحق أخلاقي له."[5]

إن الأسباب التي أعطاها ميل للتأكيد على أنها مفيدة،  لأنها توضح السبب لماذا من المغري توسيع مفهوم الحق حتى يمكن التعبير عن جميع "مطالبات العدالة" وأنها "مطالبات حق " وصحيحة. فكلما حدث ظلم، يكون هناك شخص مظلوم سواء تعرض للسرقة أو معاملته بشكل أسوأ مما يستحق. وهكذا، يقول ميل، ينطوي الظلم على شيئين - خطأ تم القيام به، وشخص وقع عليه الخطأ. ثم يشير  من خلال افتراض ضمني أنه عندما يُظلم الفرد، تُنتهك بعض حقوقه الأخلاقية. لكن أرى أن هذا الافتراض الضمني  الذي يتبناه ميل خاطئ. والدليل على خطأه لاحظ حالة يُعامل فيها شخص ما أسوأ مما يستحق. وأنظر على سبيل المثال  ممرضة مخلصة ضحت بسنوات من  حياتها لرعاية شخص مريض ولم تحصل على أي جزء من الميراث عندما توفى ذلك الشخص. لقد تعرضت الممرضة للظلم، لكن من الخطأ القول لديها حق أخلاقي في الميراث. الخطأ والعدل ينتجان مباشرة من استحقاقها، فمن الخطأ أن نتدخل في حق وهمي بين الاستحقاق والخطأ. إذا كان هناك وعدا منه بأنه سيترك شيئًا للممرضة، عنئذ ستكون الحالة مختلفة؛ ولكن  في هذه الحالة سوف تنشأ حقوقها من الوعد وليس من استحقاقها. إنه من السهل أرتكاب الخطأ  الذي وقع به ميل، المشكلة أن هذا الخطأ يؤدي إلى تشويش كبير لإخفاقه في التمييز بين الأسباب المختلفة للتأكيد على أن هذا الفعل عادل أو غير عادل. سوف أعرض مزيدًا من الشرح  لاحقًا حول سبب وجوب الحفاظ على  التمييز بين مفاهيم الاستحقاق،  والألتزام في شيء ما.

 

الدّكتور عليّ رّسول الرّبيعيّ

........................

[1] يعرّف هوفيلد Hohfeld العلاقات المتبادلة من حيث العلاقات بين شخصين. في نظرية "الحقوق العينية"، هناك علاقة مباشرة بين الشخص والشيء.كان الهدف الرئيسي لمشروع هوفيلد هو توضيح العلاقات القانونية بين الأطراف المعنية. فيقدم لنا Hohfeld مخططًا تحليليًا يقسم الحقوق إلى أربع فئات مختلفة من العلاقات  تمثل عددًا من الفروق التحليلية بين المواقف القانونية المختلفة. يكمن تحليل هوهفلد للحقوق في الممارسة الوصفية للمواقف القانونية المرتبطة ببعضها البعض عن طريق العلاقات المنطقية بين الاستلزام والنفي. يتركز عمل هوهفلد على  الجانب التحليلي  والتعريفي ولا يهتم بالتحقيق الموضوعي أو التجريبي  لمفهوم الحق. لقد كان طموح هوهفلد  توفير تصور مفاهيمي لاستخدامنا للحق والواجب وما إلى ذلك في الممارسة من أجل  تسهيل فهم أفضل لطبيعة حقوقنا. وفلم يكن يهدف الى مع ذلك  إبلاغنا ما هي  هذه الحقوق والواجبات وما هي أو ينبغي أن تكون أو ما هي أساسها الأخلاقي أو ما هو ضروري لشيء  حتى يعتبر حق ، واجب وما إلى ذلك. فهو لا يقول أي شيء عن تبرير الحقوق. يقدم جدول هوهفلد تمييزًا بين أربع مجموعات مختلفة من العلاقات القانونية.  وهي طريقة لتقسيم مفهوم الحق إلى عناصره المكونة، وهي طريقة لها فوائد عديدة ومهمة.  تجعل هذه الطريقة الواضحة والدقيقة  تحليل هوهفلد للحقوق ليس أنيقًا وجذابًا فحسب ، بل أساسي أيضًا لأي شخص يرغب في إجراء تقييم مستنير وواضح للموقف القانوني بين الأطراف المعنية في ما يتعلق بالحقوق.

أنظر: htt//classic.austlii.edu.au/au/journals/MurUEJL/2005/9.html

[2]R. Dworkin, 'Is Law a System of Rules" in R. S. Summers (ed.), Essays in Legal Philosophy (Oxford, 1968).

[3] W. D. Lamont, 'Rights', Proceedings of the Aristotelian Society, Supp. vol. xxiv(1950(.

[4] Cited in C. K. Ogden, Bentham's Theory of Fictions (London, 1932}, p. cxxviii.

[5] J. S. Mill, Utilitarianism in Utilitarianism; On Liberty, · Representative Government, ed. A. D. Lindsay (London, 1g64), p. 46.

 

في المثقف اليوم