أقلام حرة

أنخفاض اسعار النفط نقمة ام نعمة؟

عامرة البلداوييمر العراق بأزمة حادة متعددة الجوانب بدأت بالتظاهرات والمطالب الشعبية ثم استقالة الحكومة ثم تكليف رئيس وزراء جديد ثم اعتذاره لنعود الى المربع الأول في ازمة تشكيل حكومة جديدة  تقوم بالتحضير لأنتخابات مبكرة تلبية لمطالب الشعب، وفي خضم جدل عقيم على من هو المرشح لهذه المهمة، واجه العراق أزمة الأصابة بفايروس كورونا الذي ادخلنا في حالة ذعر واستعداد لأنتشار  واسع لهذا الوباء، وخلال اليومين الماضيين ونتيجة عدم اتفاق دول اوبك مع روسيا حول تخفيض معدل الأنتاج النفطي بدأ انخفاضا سريعا في اسعار النفط، وهذا لايتعلق فقط بالاتفاقات بين المنتجين وانما بسبب الركود العام وقلة الطلب على البترول الذي بين ليلة وضحاها اصبح بضاعة كاسدة، نتيجة هذا الأنذار بدأت صيحات الويل والثبور تتعالى من بعض السياسيين محذرين من كارثة اقتصادية ستحل بالبلد خاصة وان الموازنة بنيت على سعر البرميل اعلى مما وصل اليه اليوم حيث انخفض الى 36 دولار وهو ربما في انخفاض مستمر .. خلال ليلة واحدة صارت ازمة انخفاض اسعار النفط حديث كل برامج الحوار في القنوات الفضائية العراقية وتقاريرها، في الحقيقة هذا التركيز ارعب الناس الى درجة التحذير بأن الموظفين قد لايحصلون على رواتبهم  اذا واجهنا انخفاض مستمر في اسعار النفط . لا استغرب من برلماني او سياسي ان يكون كغراب البين يجلب سوء الطالع و(ينشف الشط) كما قالت امهاتنا وجداتنا، لكن نحن كمجتمع وشعب نشعر ان تلك نعمة كبيرة ان تسقط عوائد النفط من حساباتنا تلك العوائد التي لم يستفد منها مريض بالسرطان او يتيم او ارملة فماتزال تلك الشرائح تعيش في العشوائيات في بلد النفط والموازنات الأنفجارية، متى ماتحولت تلك الموارد الى رفاهية عامة وتحسن معيشة للجميع وبلد متقدم وبنى تحتية وخدمات على ارقى مستوى عندذاك فقط نعتبر تلك الموارد نعمة، اما الآن فنحن ندعو الله صباحا ومساءا ان تختفي تلك الموارد وفي هذا خير كثير، ومن اهم منافع فقدان الموارد النفطية هو:

1- انسحاب وهروب كبار الفاسدين وسراق المال العام ليتمتعوا بأموالهم خارج هذا البلد وبهذا تمكنا من التخلص من الفاسدين الذين نخروا جسد البلد وتغلغلوا في كل مفاصله

2- سنقف لأول مرة لنتساءل لماذا وصلنا الى هنا ومالذي ينقصنا لنفكر كيف نستثمر مواردنا البشرية والمائية، وسنبحث عمن لديه عقلية عملية وليس تنظيرية ليقوم بمقايضة ملايين الموظفين بعقود والفضائيين والفائضين عن الحاجة وغيرهم بمقايضة رواتبهم  بأراضي زراعية يعودوا لتثبيتهم في وظائفهم شرط زراعة محاصيل تكفي البلد ولايحتاج لأستيراد اي محصول زراعي مهما يكن ولنكتفي بما نستطيع زراعته، من يوافق على هذه المقايضة سيحصل على الأرض بعقود مع الحكومة لأجل محدود ومن لايوافق سيتم الغاء عقودهم والذي لايقف مع بلده في ازماته لايستحق لقمة العيش

3- سنستثمر النفط بطريقة مختلفة فلن نشتري طاقة بعد الآن ولامشتقات نفطية كل شيء سينتج بالبلد بالأمكانيات المتوفرة ..سننكفأ على انفسنا ونبحث عن المهندسين المنسيين والكيمياويين العباقرة لأعادة الروح والنشاط للصناعات البتروكيمياوية ونشكل خلايا عمل لاتهدأ في كل محافظة لمعرفة الأحتياجات وكيف يتم تلبيتها

4- سيتم غلق الحدود أمام اي بضاعة غير عراقية سنوقف استيراد الملابس والأحذية وكل شيء لايندرج ضمن الأمور التي تحافظ على الحياة مثل الأدوية الخاصة ببعض الأمراض وماغيرها كل شيء سيصنع محليا وسنتقبله ونستخدمه حتى اذا كان اقل جودة حتى يصبح ذو جودة عالية بمرور الزمن وصقل التجارب

5- سنعيد هيكلة مؤسسات الدولة بطريقة سليمة بعيدة عن حالة الأعتياش على الأزمات وانتهاز الفرص لأتخام المؤسسات بموظفين لايعملون شيئا سوى قبض الراتب آخر الشهر

6- سنختار قائدا لهذا البلد وقف في الأزمة والشدة وعمل عملا ميدانيا واوصل البلاد الى بر الأمان، سننتخب الأشخاص الذين واكبوا الأزمة بقلب قوي لم ينعقوا كغراب البين ويخيفوا الناس ويرهبوهم بل سننتخب من يصنعوا الأمل ومن لديهم حلول وبدائل ومن لاينظرون للخلف انما انظارهم الى مستقبل مشرق جديد

 

عامرة البلداوي

10/آذار/2020

 

 

في المثقف اليوم