أقلام حرة

البرمجة الدماغية الخبيثة!!

صادق السامرائيهل أفلح الآكلون للوجود العربي والوطني ببرمجة الأدمغة، لكي تكون القوة المدمرة لذاتها وموضوعها؟!!

فلكي تقضي على أية قوة أو مجموعة عليك أن تحث فيها طاقات تنافرية وتبني عليها وتعززها وتنميها، وتضخها بعواطف وإنفعالات حامية تعطل العقل وتعمي البصائر وتشوّه الرؤية، وتجعل أفرادها أدوات مُسخرة للإفناء الشامل.

وهي أساليب متبعة منذ عصور قديمة موغلة في البعد والتمادي بالتدمير والإمتلاك، ومعروفة ومجرّبَة ولها قوانينها ومعادلاتها وآلياتها، وتخبُرها القوى المُهيمنة على غيرها من مجتمعات الدنيا وشعوبها ومقدراتها.

والعجيب في أمر المجتمعات المُستهدَفة أنها تكون مؤهلة نفسيا وسلوكيا للقيام بما يفضي إلى هلاكها وغيابها في أتون إرادة الطامع فيها.

وبعض المجتمعات ذات أهلية وراثية وإستعداد سلوكي متكرر في مسيرات أجيالها، تسبب بإنتاجية عالية من البشر الذي يبحث عن وسيلة للإنقضاض على كينونته الوطنية، وتأكيد العدوانية على حاضره ومستقبله وإقتلاع ماضيه.

ولهذا تجد مَن هم على أهبة الإستعداد للقيام بما لا يخطر على بال، من التفاعلات المدججة بالإنفعالات والمشاعر السلبية تجاه أبناء وطنهم وملتهم، وفقا لتوصيفات محقونة بالتصورات والعواطف العدوانية الفتاكة.

ووفقا لذلك يتم تنمية الطائفية والأحقاد بين أبناء الوطن الواحد، وتبرير التصرفات بأعذار خطيرة معبّرة عن البرمجة المتحكمة بآليات التفكير والتصور والسلوك.

ومن الأمثلة ما نقرأه من مقالات للأقلام المؤدلجة والممولة والناطقة بلسان أعداء الوطن والعروبة والتأريخ والدين، وما يمت بصلة إلى الحياة الإنسانية المعاصرة، فتراها تبث أحقادا وسموما وأوهاما، لتحقيق أعلى درجات الدمار والفتك بالحياة القائمة في المجتمع، الذي من المفترض أنهم ينتمون إليه ويذودون عنه ويساهمون بتنويره لا بتضليله.

وما تقوم به يبرهن على نجاح القِوى المضادة للوجود الوطني، والطامحة إلى تمزيق الواقع العربي في كل مكان، والنيل من القيم والتقاليد والأعراف والأخلاق التي توارثتها الأجيال، وبموجبها تعايشت وتكاتفت وتماسكت، وأسست لتواصلات حضارية ذات قيمة بقائية.

ويبدو أن على هذه الأقلام أن تستفيق من غيّها، وتتحرر من قبضة البرامج المتحكمة بأدمغتها، والموجهة لنفوسها وسلوكها وفقا لإرادتها الإفتراسية والعدوانية، فهي تؤدي مراسيم الإنتحار الفردي والجماعي، وكأنها في غفلة ونوام شديد!!

فهل من يقظة وإنتباهة وغيرة على الوطن والإنسان؟!!

 

د. صادق السامرائي

21\5\2019

 

 

في المثقف اليوم