أقلام حرة

الفيهقة!!

صادق السامرائيتفيهق في كلامه: توسع وتنطّع، تبختر وتكبّر.

"إنّ أبغضكم إليَّ الثرثارون المتفيهقون"

الفيهقة ظاهرة تزامنت مع إنتشار وسائل التواصل الإجتماعي وكثرة المواقع، والكتابة فيها، وهي سلوك يعبّر فيه المتفيقه عن تكبّره وإشمئزازه من الحالة السائدة، ويحسب نفسه هو الذي عليه أن يكون مقياسا لسلوك الآخرين، وأنه هو الكاتب والمفكر والعارف الموسوعي وغيره لا يعرفون، وإنما يأتون بالخبيث ومعظمهم كسقط المتاع.

وفي الزمن الذي يُسمى بالديمقراطي، وهو إنفجار عشوائي لتراكمات معتقة في دنيا الأجيال، تناثرت وطغت، لكنها ستكتشف سواء السبيل، وستعود الحياة إلى آلياتها المنتظمة المعزِزة للبقاء والنماء.

ولو تأملنا الواقع بعيون مبصرة، لتبين أن هذا الإندفاع الشديد للكتابة ظاهرة صحية ومقوية للغة العربية، وهو سلوك ترويحي وتأهيلي للمزيد من الوعي والإدراك والتعلم والتطور الحضاري.

فالحقيقة الفاعلة في الأرض ووفقا لإرادة الدوران، أن الذي ينفع الخلق سيبقى وما يضرهم سيذهب، وهذه الظاهرة ستتواصل، وسيبقى الذين ينفعون الناس في كتاباتهم، وسيغيب الذين كانوا يكتبون وحسب.

فلا داعي للتهكم والنقد الشديد، ومن الأفضل إستثمار الطاقات في الموضوعات النافعة، التي ستدوم ويكون لها قيمتها ودورها في صناعة الحياة الأفضل للأجيال.

فبعض الأخوة من ذوي المعارف المرموقة يبددون طاقاتهم في التصدي لظاهرة لا قبل لهم بها، وهي تجري إلى مثواها بإرادتها، ولا داعي للإشارة إليها والمواجهة معها، لأن مصيرها معلوم، وتأثيرها مأزوم، فالوعي البشري لا يتوافق مع ما يناهضه ويبليه.

وعليه فمن الأفضل على الأخوة المنزعجين مما يدور في فضاءات العوالم الإفتراضية، أن يدعوا الزمن بأجياله ومستجداته أن يعالج الظاهرة، وسيتبين بعد جيل وجيل أيهما الأصلح لديمومة الوجود البشري في أية بقعة أرضية.

وعلينا أن نوضح رؤانا ومفاهيمنا ومنطلقاتنا ومقترحاتنا، بدلا من إدّعاء المعرفة والمهارة والتعالي على الآخرين ورميهم بما لا يرغبونه من التوصيفات.

فكل يرى نفسه على هواه، والزمن هو الحاكم الأعدل في الحياة!!

فدع الأشياء تدور في نواعير الأيام!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم