أقلام حرة

الأديان والدوران!!

صادق السامرائيفكرة معظم الأديان الجوهرية نابعة من أن الأرض مركز الكون، والقول بدورانها حول الشمس يزعزع ثوابتها، لأن ذلك يعني أن منطلقها غير سليم ومبني على تصورات أجهضها العلم، وأظهرت القدرات التقنية والمعرفية حقائق لم تكن معروفة قبل مئات السنين.

ولا تزال العديد من الفرق في عدة أديان ترفض القول بدوران الأرض حول الشمس، لأنه يعتدي على ثوابتها الإعتقادية ويجرّد الأرض من كونها مركز الكون وكذلك الإنسان، ولهذا تجدنا نستمع لبعضهم يتحدث في هذا الشأن.

وفي القرآن إشارة واضحة إلى جريان الكواكب ودورانها حول بعضها، وإلى ضرورة التجدد والتفاعل المتبدّل مع الموجودات في أصقاع الكون المتناهية الإتساع.

فالأرض تدور حول نفسها وحول الشمس، ومجموعتها الشمسية التي تنتمي إليها كذلك تدور وتتحرك سابحة في الفضاء السحيق، وهناك ملايين المجموعات الشمسية والمجرات الدوّارة في أرجاء الكون الملتهب المتمدد المتحرك الذي لا يعرف الهدوء.

وتموت العديد من المجموعات الشمسية وتنفجر الكواكب والأجرام، وكأن الوجود الكوني في معارك محتدمة وتصادمات مروّعة، ولا يُعرف إلى متى ستبقى مجموعتنا الشمسية في مأمن من الأخطار، ومن مداهمة آفة كونية تلتهمها أو تحيلها إلى نثار.

والقائلون بثبات الأرض وإنتفاء الدوران من الذين لا يعرفون حقيقة الدين وجوهر أمهات الأفكار القرآنية، لكنهم يتوهمون المعرفة ويمعنون بالتضليل.

فالدوران يعني التجدد والتغيير، ولأنهم لا يرغبون بذلك ويميلون للإندحار بالباليات ونفي التبدلات المكانية والزمانية، فأنهم يتمترسون في الغابرات، ولا يحسبون الحياة نهرا يجري، بل مستنقعا راكدا تتعفن فيه الموجودات.

وحينما تواجههم بالحقائق العلمية، يكفّرون ويزنْدقون، ويرددون إسطوانة البدعة المعادية للدين الذي يجهلون، وعلى هواهم ومقدار عقولهم المنغلقة يتوهمون.

وعليهم أن يتحرروا من قيد الغابرات، ويدركوا بأن الدين الحياة، والحياة نهر يجري والدين مرآة الوجود الإنساني في نهر الدنيا الفياض.

فهل من صدقٍ بدين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم