أقلام حرة

طاعون الزعامة وضياع الكرامة!!

صادق السامرائيتزعّم فريقا: صار له رئيسا أو زعيما

يزعم: يكذب أو يظن

ومفردة زعيم طغت على الوعي العراقي بعد الإنقلاب الدامي على الملكية، التي جاءت بالزعيم الأوحد، والزعيم الركن، وهتافات "ماكو زعيم إلا كريم"، وغيرها من آليات الإنقياد والتبعية والإستعباد ومصادرة الرأي والخنوع الإنفعالي العاطفي المروع.

طاعون الزعامة وباء مستوطن خطير في بلاد العرب أوطاني منذ ما قبل الإسلام وحتى اليوم، وما تمكن العرب من التحرر من قبضته أو الشفاء منه والوقاية من الإصابة به.

فهو زعيم أوحد في سلوكه وما يبدر منه، ولا زعيم إلا هو، ويا ليته يكون زعيم نفسه وحسب، لكنه ينأى عن ذاته وموضوعه ويريد فرض زعامته على الآخرين.

ولهذا فأن الأقطار العربية عبارة عن زعماء وزعامات، وعندما تسأل عن عدد العرب سيكون الجواب إثنان وعشرون زعيم لا غير!!

وبسبب طاعون الزعامة أضاع العرب الكرامة، وإستلطفوا الذل والهوان والتبعية والخضوع للآخر، لأنها من مقتضيات التعبير عن الزعامة، وخلاصتها أمتلكك وأستعبدك وأقرر مصيرك وأصادر كرامتك، وأجردك من كونك إنسان، وأحيلك إلى رقم من الأرقام التي يسهل طرحها وقسمتها على ما أشاء من الأرقام.

وبهذه الزعامات تردى العرب وتقهقروا وتكسروا وإنتكسوا وإنهزموا وتقتلوا، وتدمرت ديارهم وتحطم حاضرهم ومستقبلهم، ولا يزالون يرتعون في زرائب الزعامات التي تزعم وتتزعم وتنفذ أجندات الآخرين.

وطاعون الزعامة العربي أوجد نفوسا وآليات سلوكية تستلطف الذل والهوان وتأنس بالدونية والإعتماد على الآخرين، وصارت الرؤوس محشوة بالمزاعم المأساوية النتائج والتفاعلات.

إنهم يتزعمون ويزعمون وينشرون الثبور والفساد، وهم الزعماء المبجلون المنصورون من تجار الدين، والذين يضعون على رؤوسهم عمائم الدجل والضلال والنفاق، وما دينهم إلا دنانيرهم وما يكسبونه من جاه وسلطان، ويبيعون للناس أعاجيب البهتان.

فالطبع العربي مدجن ليكون مأسورا بالزعامات ومبرمجا وفقا لرغباتها، وما فيها من نوازع سوء وإستحواذ على حقوق الناس والوطن.

فالزعيم هو الدستور والقانون، ولهذا فالحياة في ظل الزعامات بلا دستور ولا قانون، ولا توجد دول عربية بل زعامات، ولكل زعيم مَن يواليه ويكون عبدا مطيعا لما يريد ويأمر، ولهذا فأن العديد من الدول العربية فاشلة، لأن الزعامات لا تبني دولة بل تسعى للولاءات، والكيان المعمول به مبني على أساس الولاء للزعامات، وبهذا إنحط العرب وعاشوا في قيعان السبات والإنقطاع عن إرادة العصر وآفاق الواقع الحر الدفاق الأفكار والتطلعات.

ولن تقوم قائمة للعرب إن لم يكن الدستور زعيمهم والقانون ميزان سلوكهم وأميرهم، فهل من وعي لأهمية السلوك القانوني والدستوري المفيد؟!!

وهل حمورابي حقا كان موجودا؟!!

 

د. صادق السامرائي

27\9\2018

 

 

في المثقف اليوم