أقلام حرة

عيد الأضحى في زمن كورونا

محمود محمد عليعيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ.. بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ.. وأي عيد، إنه عيد الأضحي المبارك الذي يختزل في حروفه ومعانيه معني الفداء وكل ما هو جميل وخير .. فهو عبد ذبح الأضاحي الذي فيه رمزية الفداء للإنسان الذي كرمه الله عند افتداء الله بذبح عظيم لنبيه إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ليصبح الذبح شعيرة من شعائر الدين تأكيداً لقداسة هذا الإنسان وحرمة إراقة دمه. يقول الفقهاء والدعاة: إن لفظ "الأضحي" جمع اضحاه والاضحاه ما يذبح في وقت الضحي وكذلك الأضحية تذبح يوم العيد.

يبدأ عيد الأضحي في اليوم العاشر من ذي الحجة حتي اليوم الثالث عشر "أيام التشريق"، وجاء الاسم من تشريق اللحم أي نشره في الشمس لتجفيفه وحفظه من التلف يسبقها يوم عرفة ركن الحج الأكبر ووقفة العيد.

وفي هذا اليوم السعيد المجيد يحسن بنا أن نتذكر قول الله عز وجل لرسوله الكريم "إنا أعطيناك الكوثر" "الكوثر 1-3" أي الخير الكثير في الدين والدنيا.. فاشكر ربك علي هذه النعم واعبده لأنه أهل للعبادة دون سواه "فصل لربك وانحر" أي اعبده عبادة القلب والروح والحسي والمادة التي يمثلها النحر والتطوع بالأضحية ولا مبالاة بالأعداء والمبغضين "إن شانئك هو الأبتر" لأنهم هم المقطوعو الأثر والخير وأما أنت فخيرك باق موصول وذكرك دائم مرفوع وتمر الأجيال بعد الأجيال وترطب شفاهها كل يوم مرات ومرات بذكر اسمك والصلاة عليك وتمجيد سيرتك العطرة.

والعيد اليوم يعد ثاني أعياد زمن كورونا، حيث ما يزال هذا الفيروس يُجبرنا على اتباع بعض الإجراءات الوقائية حتى نعبر هذه المرحلة بأمان، وهو ما تترجمه الحكومات في قرارات احترازية يلتزم بها المواطنون، في ظل عدم وجود لقاح للوباء حتى الآن.

ولذلك يحضر عيد الأضحي والعالم لا يزال يتعامل مع جائحة كورونا، حيث الإصابات تزيدات بشكل لافت في الفترة الأخيرة والسبب يعود بالدرجة الأولي إلي اهمال تدابير الوقاية من طرف قطاع واسع من المواطنين واستمرار مشاهد الطوابير والاحتكاك دون ادني اهتمام بخطورة الأمر ..

كما أن من أسباب انتشار الوباء ما دفع بأولي الأمر بأغلب دول المغرب العربي إلي منع إبرام عقود الزواج بعد اليأس من الاستجابة من نداءات الوقاية.

ولذلك تتجه الأنظار الآن صوب عيد الأضحي وهو يمثل مع الأسف مناسبة قد تكون كارثية إن لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية .. تقام شعائر ذبح الأضحية أو لا تقام .. جدل ترك أعضاء لجنة متابعة تطور وباء كورونا أمر حسمه للفقهاء والجهات المختصة .. كثرة النداءات وعمليات التحسيس والاستهتار قائم وأرقام الإصابات تواصل الارتفاع ليبقي أمر القضاء علي وباء كورونا بيد المواطن بدارجة الأولي ..

ومن جهة أخري شهدت دولاً أخري بالوطن العربي الحبيب جنحت إلي جعل القيود  الحياتية أقل تشدداً من عيد الفطر، ففي قطر تتزامن عطلة العيد مع بدء المرحلة الثالثة من تخفيف القيود، حيث تُفتح فيها مراكز التسوق بالكامل ويُرفع حد التجمعات إلي 40 شخصاً .

وسمحت السعودية بإقامة صلاة العيد في المساجد، وهو ما أقرته الكويت أيضا وأتاحت الصلاة في ساحات مفتوحة محددة، كما خفضت ساعات الحظر الجزئي لتصبح بين التاسعة مساءً والثالثة فجراً ..

كما قررت دولة الإمارات العربية إقامة صلاة العيد في المنازل، مع بث التكبيرات خلال الوسائل المسموعة والمرئية .. كما دعت السلطات البحرينية مواطنيها للالتزام بتعليمات التباعد الاجتماعي، في حين كانت سلطنة عمان الأكثر تشددا، حيث منعت الحركة بين المحافظات، وفرضت حظر تجوال بين السابعة مساءً والسادسة صباحاً ..

أما هنا في مصرنا الحبيبة فنحن ما زلنا نعيش ظروف استثنائية، تعيش مصر مظاهر مشابه لعيد الفطر السابق، وتختفي بعض المظاهر التي اعتاد عليها كثيرون، وهي كالتالي: غلق المساجد، وغلق الحدائق والمنتزهات، واستمرار غلق قاعات الأفراح والمناسبات، واستمرار غلق الشواطئ العامة، وتقليل الزيارات

وفي نهاية المقال لا أملك إلا أن نقول بأنه بإمكاننا أن نجعل من عيد الأضحى مدخلا لوقفة ضرورية مع النفس والذات نصارح فيها أنفسنا كشعب بأننا مثل سائر شعوب الدنيا نواجه العديد من المشاكل والأزمات التى تتطلب حلولا ولأنه ليس فى قاموس الحياة ما يمكن الاسترشاد به كحلول جاهزة فإن علينا أن ندرك أن بداية التحرك على طريق الحل لأى مشكلة تبدأ بالفرد قبل الحكومة دون إعفاء لها من المسئولية التى تستمد قوتها وقدرتها من قوة وقدرة مجموع أفراد الشعب.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

 

في المثقف اليوم