أقلام حرة

صادق السامرائي: التأريخ المؤسطر!!

صادق السامرائيالمؤسطر من الأسطورة، فما نقرأه في كتب التأريخ حكايات ومرويات، تتنافى مع السلوك البشري ولا تصح في الأفهام.

فهي محشوة بالإفتراءات والروايات المتخيلة، وفيها توجه واضح لإخراج الأقوياء من دائرة البشرية، وتحميلهم صفات وخصائص لا يعرفونها ولا تعرفهم.

فالحاكم يجب أن يتمتع بقدرات خارقة وفائقة، لكي تتأمن طاعته وتتحقق الحياة في ربوع دولته مهما ترامت أطرافها.

فكيف يحكم شخص إمبراطورية ذات وجود في عدد من القارات، وتتمكن قواته من السيطرة على شعوبها.

إن الوسيلة الأسهل والأقدر أن يكون الشخص متسما بخصال إلهية ويحكم بأمر الله، وينفذ إرادته ويمتلك طاقة لا توجد عند البشر.

ولهذا تحول الخلفاء إلى رموز دينية، وآلات إلهية تنفذ إرادة الرب بعباده، وما يقررونه يعتبر قدرا، وأمرا على الواقع عليه أن يذعن له، ويخضع برضى وقبول، والخليفة غير مسؤول وإنما ينفذ وحسب.

هذا الأسلوب تسبب بصناعة الحالات الخيالية البعيدة عن الواقع البشري، فصار الخليفة أو السلطان يتحرك في عوالم متصورة، وفضاءات لا رصيد لها من الواقع المعاش آنذاك.

وكأنهم ليسوا بشرا  وإنما موجودات سرابية خيالية، تمرق في مسيرة الوجود الأرضي وتغيب، وما هم إلا بشر برغباتهم ومثالبهم ، وما فيهم من نوازع النفوس الأمّارة بالسوء.

فالخلفاء والسلاطين لم يعيشوا كما يروى عنهم، بل كانوا في تعاسة وخوف ورعب، وأكثرهم أما يقتل ويعذب أو يموت مبكرا، لعظيم الشدائد الواقعة عليهم.

أما وصفهم بأنهم أقوى الأقوياء، وأبطال الليل والنهار، فهذا من الإبداع المتخيل اللازم للتسويق، ورسم الصورة المرهوبة عن الخليفة في الوعي الجمعي للناس.

وكان للشعر دوره، وللمؤرخين، تأثيرهم الكبير في النطق بلسان الكرسي الفاعل في زمنهم.

فهل من تأريخ فيه بعض صدق!!

 

د. صادق السامرائي

16\6\2021

 

 

في المثقف اليوم