أقلام حرة

صادق السامرائي: السيرة الذاتية!!

صادق السامرائيأدب السيرة الذاتية له أصوله وضوابطه وأساليبه، إذ يتوجب أن تكون تجربة ذات قيمة معرفية وفائدة للأجيال، وتعليمية، فيها خلاصة ما خبرهُ صاحبها من الحياة.

قبل عقدين ألححتُ على أحد الأساتذة أن يكتب سيرته الذاتية، وتفاعلت معه على أن أدونها له، وبسبب المسافة بيننا وجد مَن يحرر له كتابين متواضعين عن تجربته ومسيرته الطبية.

ومن الغريب، أن أستاذا قد دوّن ما يسميه بالسيرة الذاتية في مئات الصفحات، وعندما قلتُ له: مَن سيقرأ هذا الكم المسطور؟

تجاهل السؤال، ومضى يطبع موسوعته!!

وزميل آخر كتب سيرته الذاتية، لكنه دوَّن حياته العائلية، وما وجدتُ فيما كتبه  صلة بالسيرة الذاتية، وعندما ذكرت له بأنه  كتاب عن حياة عائلية بحتة، أصر على أنه كذلك.

وأستاذ أهداني كتابه الذي يحسبه تدوين لسيرته الطبية، وكان أشبه بالتقرير العام عن حالات لا علاقة لها بالسيرة الذاتية.

هذه أمور تشير إلى أن لدينا قصور في أدب السيرة الذاتية، قهذا النوع من الإبداع يكاد يكون نادرا، فلا توجد نماذج ذات قيمة إقتدائية.

فلماذا يكتب الإنسان سيرته الذاتية؟

لا أعرف الإجابة، لكن الواضح من قراءة كتب السيرة الذاتية الرصينة، أنها تمنح القارئ بعض المعاني والتصورات النافعة والمتعة، لكنها غريبة عن واقعنا، ومن الصعب وعي جوهرها وأهدافها، مع أن التراث العربي فيه كتابات عن السيرة الذاتية.

وربما معظم النماذج المقدمة في تراثنا ذات طابع خيالي وتصوري، ولم يكتبها أصحابها بل كتبت عنهم من قبل الذين لم يعيشوا في زمانهم، وبهذا أثرت على فهمنا لمعنى كتابة السيرة الذاتية.

فالذي يكتب عما مضى من حياته سيتخيل ما يكتبه، ولا يمكنه أن يعبر بصدق وواقعية، وهذه معضلة كبيرة تواجه الذين يكتبون سيرتهم الذاتية، خصوصا عندما يجهلون مهارات وتقنيات السرد، والتعبير الواضح عن مفردات الحياة بكلمات ذات تأثير في القارئ.

وتجدنا اليوم أمام دفق من كتب (السيرة الذاتية)، التي لا تمت بصلة لهذا الصنف من الإبداع، والكتب التي بين يدي لا أدري ماذا أسميها!!

 

د-صادق السامرائي

21\7\2021

......................

* تشجعت على نشرها بعد أن قرأت ما أجاد به يراع الدكتور علي القاسمي في سرديته الذاتية على صفحات المثقف، التي أراها قدوة رائعة لمن يريد أن يمارس هذا النشاط الإبداعي.

 

 

في المثقف اليوم