أقلام حرة

عقيل العبود: وطن أيام زمان

عقيل العبودكان الوطن عبارة عن حكايات حالمة، وأصدقاء، ارتبط تاريخهم مع شخصيات بقيت تنبض في الذاكرة، وأحداث لها علاقة بأنماط لغة حالمة؛

آنذاك سعادتنا المبتغاة، كنا نتداولها، تنبض في مشاعرنا، نتحدى لأجلها جميع العقبات، هذه التي ما انفكت تحول بيننا، وبين أهدافنا المرتقبة.

لم تكن السيناريوهات على نمط ما نشاهده في فضائيات البث التلفازي هذه الأيام، بل كانت الموضوعات تكشف في عقولنا حقيقة المعنى، ورائحة الحياة؛ فالعاشق كان يقرأ لقيس قصة، لعلها تخفف أثقال لوعته

أما المسرح فكنا نتغنى بأحداث الصورة فيه، نلتقط كلمات الفرح، والحزن، نبحر مع العلو، لعلنا نفهم حقيقة اللحظة المرتقبة

كان لكل حكاية نكهة، وتلك نشوة في دواخلنا تكبر، لعلها تبلغ أوجها؛ فالبطل في الروايات التي نقرأها، نسعى لأن نعيش طريقته في التحدي، بل وحتى لسان المرارة تلك التي ترافق شخصيات هذا الكاتب وذاك، ولهذا بقيت كلمات غائب طعمة فرمان وأحداث روايته النخلة والجيران في قلوبنا تنبض مع كل لحظة حزن وألم نعيشها؛

ذات يوم حيث سبعينيات القرن المنصرم، صرت أترقب وردة ياسمين عبر أصداء صوتي المزكوم، لأكتب عن أنفاس مراهقة لم تتجاوز بعد نكهة براءتها المعهودة، حتى رحت أصف رحلتي لأحلق معها بعيدا في فضاءات حب خالص دون أن أبوح لها ما يجول في داخلي

كانت مشيتها مثل فراشة تحلق بين الأزهار، تحثها على الترقب تارة، والارتقاء برحيق تلك الوريقات الملتفة أخرى

بينما على زجاج النافذة، ثمة قطرات مطر قادمة من جهة الشمال، أعلنت عن تعثرها عند أغصان شجيرات حديقتنا لعلها تبحث عن مخبأ يواسي حزنها

بينما على أثر ذلك النوع الألم، ثمة رغبة مسكونة بالبكاء كانت تستفز لغو الخيال فينا، لتذهب بنا بعيدا بحثا عن نهايتها على غرار تلك القطرات البائسة من الشجن

ولذلك بقي المشهد مستسلما للعزاء، يشاركنا روعة الانتماء، متحديا تفاصيل الموت، والوجع

ليبقى مع الوجدان حاضرا لآخر ما تبقى من جذور نخلة زرتها في عشرينيات القرن المنصرم كما منارة مقدسة؛ ذلك بعد ربع قرن من الترحال، حتى تحول الحنين إلى صراخ يشبه إلى حد ما شهقة أمي التي استقبلتني بالبكاء.

 

عقيل العبود: كاليفورنيا

 

 

 

في المثقف اليوم