أقلام حرة

هناء عبد الكريم: نقطة نظام ..

(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

من تقاليد الزواج العراقية الاصيلة بعد البحث والسؤال يتحدد يوم المشية او ما يسمونه في بعض المناطق (يوم الشربت). في هذا اليوم يتجمع أصدقاء الشاب (العريس) وأقرباؤه في بيته، ثم يذهبون معاً لبيت الشابة (العروس)، ويستقبلهم والد العروس وأقرباؤها، وذلك استعداداً لطلب يد العروس، وعند موافقة أهلها تقدم العصائر، وفي نهاية اليوم يحددون موعداً للخروج وشراء الذهب، و لشراء مستلزمات المناسبة، كما يتم تحديد المهر في هذا اليوم من أهل العريس وأهل العروس..

في يوم المهر يحضرون الاهل والاقارب بحفل بسيط حسب تقاليد الاسرة وبعد رجوعهم من عقد المحكمة يتم عقد القران في البيت على يد شيخ وبذلك تتم المراسيم الاساسية ثم يتحدد يوم الزفاف ...

بمرور الزمن تغيرت هذه العادات تغير بسيط لكن تاثيره كبير،انه دمج يوم الخطوبة (يوم الشربت)، مع يوم المهر(يوم العقد)، والغيت الفترة التي يتم فيها التعارف بين الزوجين بحيث لايتم التعارف الا بعد عقد القران وبذلك تكون الشابة قد وضعت امام الامر الواقع؛ عقد قران اوالتراجع.. والتراجع يعني الطلاق !!

ومع كل هذا التطور الهائل والسريع اليوم المفروض نكون اكثر دقة وحرص في اتخاذ قرار تكوين اسرة بأعتبار اننا سنضع الحجر الاساس لتاريخ الاسرة،للأبناء والاحفاد معا، من ناحية بناء الشخصية التي تكون المؤثر الاول على كل جوانب حياتهم .ومانجده اليوم في مجتمعاتنا خصوصا؛ يمثل العكس لانهم لايضعون للاختيار والتفاهم بين الزوجين اي اهمية .. والغريب بالامر انهم يتشددون ان لاتتصل ولا تتحدث معه الا بعد مراسيم العقد ؟!!

والذي يحدث انها تكون ضحية بحيث غالبا ماتكتشف سلبيات جسيمة في شخصية الزوج ولكن لاتستطيع البوح بها لانها ان حاولت الاعتراض ستلتصق بها كلمة (مطلقة).. وفي مجتمعنا البائس ستكون فيه هي الملام الاول في الطلاق مهما كانت الاسباب .

ذكرت البنت خصوصا وماتكتشفه وتعانيه دونا عن الشاب ؛ لان الشاب بكل بساطة اذا اكتشف اي شيء لايتناسب مع ذوقه يطالب اهله بالطلاق لانه من الطبيعي لايكون عليه اي تأثير يذكر امام التأثير الكبير على البنت.

فمن المفترض ان تعود التقاليد مثلما كانت ويترك وقت خاص للشاب والشابة للتعارف اكثر قبل قرار عقد القران ويخلي الاب والام انفسهم من المسؤولية امام الله والمجتمع ويجب ان يتحمل كل من الشاب والشابة مسؤولية اكتشاف واختيار شريك حياته بشرط ان يكون في عمر يدرك فيه مسؤولية بناء الاسرة واهمية الحفاظ عليها .

فعندما تفكر بزراعة الزهور في حديقتك، تبدأ بإعداد الأرض الصالحة لتنثر تلك البذور؛ لتضمن أنها ستزهر معطيةً منظرًا جميلًا وأريجًا طيبًا، هكذا عندما تريد بناء أسرة، فإنه يجب اختيار الزوجة الصالحة/الزوج الصالح، وهذه تُعد الخطوة الأولى لذلك البناء الرصين، ليكون قاعدة فولاذية لبناء الأسرة.

فكيف يكون الاختيار صحيح اذا كان الاهل يقررون الرضا والقبول على اساس الامكانيات المادية والشكل الخارجي  للشخص دون معرفة مدى تناغم شخصياتهم وتقارب اخلاقياتهم التي تقلل احتمالية ان يكون الاصطدام قويا ويحول الحياة الزوجية الى جحيم او طلاق واطفال ضحية تخوف الاهل من تجاوز بعض التقاليد البالية . وعند النظر بدراسة بسيطة اجريت بلغ عدد الزيجات الجديدة في شهر أغسطس الماضي قرابة 23500 حالة زواج، فيما بلغ عدد حالات الطلاق بينها نحو 6250 حالة طلاق، بنسبة تقارب 30 في المئة من إجمالي عدد حالات الزواج التي تمت خلال شهر واحد فقط. حيث تثير هكذا نسبة قلق كبير اذا دققنا ووجدنا ان كل يوم يحصل نحو 210 حالة طلاق تقريبا وبواقع 9 حالة طلاق يوميا .وهذه النسبة ان دلت على شيء فهي تدل على كم التفكك الاسري في المجتمع والاسباب كثيرة متراكمة اقتصادية وامنية واجتماعية وصحية ..لذلك اظن اننا لانحتاج لاسباب اضافية لزيادة النسبة ..على اعكس يجب ان يكون عملنا هو انشاء اسرة اساسها قوي ورصين بحيث تستطيع الوقف

امام الظروف الطارئة ومواجهة المشاكل بهدوء ومن الطبيعي جدا كلما كانت العلاقة الزوجية قوية مبينة على المحبة والتفاهم تكون الاسرة اكثر قوة وتماسك في مواجهة الحياة لان تفكك الاسرة يزداد عندما ينعدم التواصل الروحي بين افرادها،فعند غياب المودة يختفي الامان والاستقرار.

فالزواج السعيد يهب المرء أجنحة يحلق بها في السماء، أما الزواج التعيس، فليس فيه إلّا قيود وسلاسل.وكلما كانت القيود قوية كلما زادت الرغبة في التخلص منها .

 

هناء عبد الكريم

ذي قار /قلعة سكر

 

في المثقف اليوم