أقلام حرة

عبد القادر رالة: يعقوب زليخة

تعتبر قصة سيدنا يوسف عليه السلام من أجمل القصص وأروعها في القرآن الكريم، وأكثر القصص التي اقتبست وأثرت في الآداب والفنون العالمية ..

صورت هذه القصة مكر الأخوة بسبب الحسد، ومكر النساء نتيجة العشق، والأبوة  وهجر الأوطان والغربة والبيع في سوق العبيد والسجن لكن الإيمان بالله والثقة في مشيئته القاهرة والغالبة جعلت يوسف عليه السلام يتغلب على مشيئة البشر وحيلهم ومكائدهم، فمكر الأخوة أوصله الى مصر، ومكر زوجة عزيز مصر أوصله الى السجن، وسيرته الطيبة في السجن أوصلته لأن يكون عزيز مصر بعد أن فسر حلم الملك!

وعاش سيدنا يوسف عليه السلام بين شخصيتين  محورتين،أبوه يعقوب عليه السلام والسيدة زليخة، فيوسف لما كان صغيراً انتزع من والده، ورُمي في البئر وتغرب وبِيع في سوق العبيد وانتهت به كل تلك الألأم الى بلاد مصر البعيدة، ولما بلغ سن الشباب في قصر العزيز لاحقته اتهامات نسوة المدينة المتحالفات مع زليخة التي راودته عن نفسه وامتنع فاختار السجن مظلوماً حفاظا على نفسه وعلى سمعة سيده عزيز مصر  ...

وأبوه السيد يعقوب عليه والسلام ما نسيه أبدا منذ أن جاءه إخوته يبكون ليلا بأنهم أضاعوه وأكله الذئب، وبكاه طويلاً حتى ابيضت عيناه وأصيب بالعمى ...

و زليخة ما نسيته أيضا  وبكته وبحثت عنه، بل وشهدت أمام الملك أنه إنسان تقي وورع ونزيه، وتقول كتب السير أنها أصيبت بالعمى بعد أن هرمت وفقدت جاهها، لكنها ظلت تذكره وما أهملت صورته أبدا ... استمرت تعشقه حتى بعد أن بلغت من العمر ...

ورد الله بصر السيد يعقوب عليه السلام مكافئة على صبره وثقته بالله ويقينه بأن أبنه لا يزال حيا ...

ورد الله أيضا بصر زليخة وبعض كتب السير تقول رد بصرها وشبابها وتزوجها يوسف عليه السلام بأمر من الله، وذلك أكراما لها لأنها لم تخنه وشهدت بأنه إنسان أبعد ما يكون عن السوء وهي التي ظلمته وراودته ...

***

بقلم عبد القادر رالة

في المثقف اليوم