أقلام حرة

ضياء محسن الاسدي: النبي محمد خارج مخيلة التراث السلفي

ان النبي محمد بن عبد الله (ص) هو النبي الخاتم للأنبياء والرسل الذي وقع عليه حيفا كبيرا وظلما من دون غيره من الرسل من خلال ما وصل إلينا في كتب السيرة النبوية الشريفة التي تطرقت إلى حياته العظيمة اجتماعيا واسريا وسياسيا وعقائديا لن تستطيع أن ترتقي إلى مصافي الرسل والأنبياء الذين سبقوه في الزمن فقد تناولت هذه السيرة حياته الشريفة كثيرا من الغموض في بدايات عمره وأخباره قبل البعثة تكاد تكون قليلة حتى بعد البعثة فكل شيء فيه مختلف عليه من قبل معاصريه أو التابعين من بعده فعمره الشريف مختلف عليه وسنة ولادته بالذات وزواجه من خديجة بنت خويلد عليها السلام وعدد أولاده وعمره عند زواجه وهجرته ومبعثه حتى وفاته صلوات الله عليه قد شابها كثيرا من الغموض فقد تعرض النبي الكريم كما تعرض كثيرا من الرسل إلى التشويه والتزييف في رسالاتهم وهو آخرهم فجعلوا منه نبيا قريبا إلى البشر في تصرفاته وحياته اليومية يسهو ويغضب ويُسحر وتخالطه أفكار الجن ويخطأ ويصيب وكل هذه الصفات بعيدة عن التكليف الإلهي وأن هذه الرسالة جاءت لتصحيح مسار الأمم الأخرى وكنبي حامل لواء الرسالة الإلهية الموحدة بالتعاليم والشرائع الجامعة لكل الشرائع والسنن التي سبقته فقد كان النبي حامل لواء رسالة موسى وعيسى وزبور داوود ومن قبلهم صحف إبراهيم عليهم السلام وكان مختارا بعناية إلاهية حكيمة تجلت بصفات خالصة متكاملة لحمل الرسالة الخاتمة حتى قيام الساعة تجلت بصفات خالصة متكاملة لحمل الرسالة الخاتمة حتى قيام الساعة لكن مع الأسف عندما نقرأ التراث الإسلامي السلفي الذي تطرق إلى حياته الشريفة وتصرفاته وأحاديثه جردته من خصائصه كنبي وإنسان يُوحى إليه من قبل السماء وأن ما وصلنا عن النبي الأكرم عن طريق الكتب المزيفة والمشوهة للحقيقة التي خُطت بأيادي خبيثة أرادت تزييف الحقائق وضرب الإسلام في أول ظهوره حيث أقدمت على إظهاره دينا دمويا استبداديا شعوبيا مناطقي في رسالته وأرتكب الكثير من الأخطاء وأوقع الحيف على المجتمعات الأخرى الحالية والسابقة .

فعلينا أن نعيد التعرف على النبي الكريم من خلال صفاته في القرآن الكريم ووصفه من قبل سبحانه وتعالى (وأنك على خلق عظيم ) وقد ذكرت بعض الأقلام المنصفة حين وصفته (كان خلقه القرآن ) وكثيرا من الآيات التي وصفت رحمته وإنسانيته ونقاء سريرته ورقة قلبه على أصحابه ومجتمعه وحتى على أعدائه حين قال سبحانه وتعالى ( لعلك باخع نفسك على آثارهم أن لا يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) و( وما أنت عليهم بوكيل .....)و( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك) (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) و(بالمؤمنين رءوف  رحيم) وغيرها من الآيات منها (ويعلمهم الكتاب والحكمة والموعظة الحسنة) وبما أنه يعلمهم فالتعليم يحتاج إلى المعرفة العالية من الثقافة والتعليم والقراءة والكتابة والعقل المتفتح وإلمامه بأمور الحياة من حوله  ومعرفته بالمجتمعات حوله وهذا ما كان عليه نبينا العظيم صلوات الله عليه الذي حمل وفسر وبلغ الرسالة بمضمونها العالمي بطريقة وصفها تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والنقاش والجدال المجدي والأحسن لتبليغ رسالته في مجتمع قاسي ذكوري قبلي قروي يعيش على ما ألفوا عليه آبائهم وسفك للدماء والعصبية القبلية وبالإضافة لعُقد المجتمع العربي الكثيرة حينذاك فقد استطاع بأخلاقه الحميدة وصفاته المحمودة التي سميه بها محمدا أي جامع لكل الصفات الحميدة التي يوصف بها الإنسان وبهذه الصفات الآنفة الذكر أستطاع الرسول أن يؤسس دولة العدل الإلهية وأن يتعايش مع جميع مكونات شبه الجزيرة العربية وجيرانه من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم وعلى مدى عشر سنين من بناء الدولة مع رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأوفوا بعدهم مع الله تعالى ورسوله لكن ما أن ألتحق النبي إلى الرفيق الأعلى حتى أحدث كثير من القوم ما أحدثوا من تزيف للرسالة وتشويه للسنة ومبادئ الإسلام الحقيقية وما زال الإسلام والمسلمين يعانون من تجاذبات وصراعات فكرية وانحرافات عقائدية أضرت بالإسلام وعقيدته ومن تخوف منه حيث يُرى للإسلام نظرة سوداوية إجرامية وعرقية وشعوبية على عكس ما أرادته السماء من توحيد العالم وشعوبه على عقيدة واحدة ونظام اجتماعي وسياسي وفكري منظم وعبادة إله واحد خالق للإنس والجن، فنحن بحاجة في الوقت الحاضر إلى غربلة كل التراث الفكري العربي والإسلامي والسيرة النبوية والتفاسير لإعادة صياغتها من جديد بفكر عقائدي متحضر ومتطور ملبي لطموحات المجتمع البشري لنعيد للإسلام ولنبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه رونقه وجماله وشخصيته التي رسمها واجتباها الله تعالى لحمل الرسالة الثقيلة وفق ما جاء به القرآن الكريم بعيدا عن الأيادي التي عبثت بجمال هذه الشخصية الفذة الرائعة المتكاملة في الصفات الحميدة خلقا وأخلاقا.

***

ضياء محسن الاسدي

في المثقف اليوم