أقلام حرة

ابراهيم الخزعلي: تساؤل مؤلم..؟

عندما خلق الله جلَّ وعلا الإنسان، خلقه في أحسن تقويم (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)، وذلك بتكريمه بالعقل والأدراك، فحثَّ الله الإنسان على استخدام العقل في قوله تعالى (أفلا يعقلون) و (إنَّ في ذلك لآياتِ لقوم يتفكرون)، ومما تميز به الإنسان عن الحيوان هو النطق، ومن المعروف ان النطق هو الكلام الذي يراد به التعبير عن شئ ما، للتفاههم. ومن هذا المفهوم اطلق أرسطو على الإنسان (حيوان ناطق).

نعم النطق هو ميزة مهمة، ولكن ليس النطق هو الدليل القاطع الذي يُستدل به على الإنسان، أو ما يمّيز الإنسان عن الحيوان، بل يذهب الاديب المصري المعروف توفيق الحكيم الى ابعد من ذلك وهو العقل الذي هو أسمى الميزات، ولكنه أيضا لا يعتبره الميزة الأسمى للإنسان بـ (قوله.. ليس العقل ما يميّز الإنسان عن الحيوان، ولكن الضمير)، وكذلك يقول فريدريك نيتشه (لقد اعترضتني من المخاطر بين الناس ما لم أجد مثلها بين الحيوانات). فلربما هذا الذي ينطق، ونطلق عليه بالإنسان هو أخطر من الوحوش المفترسه.

إذن الميزة الأهم التي يسمو بها الإنسان عن كل الموجودات التي لا يمكن ان تميّز بها بين الإنسان والحيوان، لا بل شخص و آخر في الحالة الطبيعية، لأن هذه الميزة الأسمى لا يمكن رؤيتها بالعين، إلاّ في المواقف التي تصطدم بالحس الإنساني السليم، هذا الحس الذي يُعتبر العمود الفقري لهيكلة الكيان البشري، والطاقة الفعالة في ديمومة الحياة الإنسانية الخلاقة.

فالذي اراده توفيق الحكيم وكذلك فريديرك نيتشه من قوليهما هو (الضمير)

ومَنْ ليس في كيانه ضمير، لا يمكن أن يُطلق عليه صفة إنسان.

ومن كل هذا الذي تناولته، ولو بشئ من الأيجاز، أردت منه تبيان ما نراه من صمت مطبق أمام أبشع جرائم تُرتكب بحق شعب أعزل من قِبَل الصهاينة الأوغاد، ومن ورائهم قوى الشر العالمي وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا.

فالسؤال هنا: ما معنى سكوت حكام الأمة العربية والأسلامية، وهم لا يحرّكون ساكنا ؟!

في الوقت الذي يرون فيه الجرائم والقتل الجماعي اليومي للنساء والاطفال والشيوخ والعجزه، ويسمعون صرخات المناشدة وطلب يد العون والمساعدة، وليس من جواب..!

ولكن حقّا، كما قيل (مَنْ أستُغضبَ ولم يغضب فهو حمار).

فانظروا لهذا الأوربي الذي لا صلة ولا علاقة له بديننا ولا بعروبتنا، ولكن نراه يشتعل غضبا على ما يراه الأن من جرائم بربرية وما رأى من جرائم من قبل بحق الشعب الفلسطيني المضيّع والمكبل والمحاصر، والذي ترونه في الفيديو هو نائب في البرلمان الايرلندي، وليس إنسانا عاديا.

وأحيانا نرى بعض الحيوانات لا تتخلى عن فصيلتها عندما تتعرض للخطر، فتدافع عنهم بكل ما تمتلك من قوة وبشكل مستميت، أما ما نراه اليوم للاسف

ليس بالشئ المؤلم فقط.. وبحجم هذا الألم، هو الخزي والعار في كل الاعراف الأجتماعية المتعارف عليها في المجتمع البشري قديما وحاضرا..!

ولقد صدق الشاعر بشار بن برد حين قال:

(لَقَد أَسمَعتَ لَو نادَيتَ حَيّاً

وَلَكِن لا حَياةَ لِمَن تُنادي)

***

الدكتور ابراهيم الخزعلي

13/10/2023

..................

https://vm.tiktok.com/ZMjQaEaCP/

https://vm.tiktok.com/ZMjQp7Ae8/

في المثقف اليوم