تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: مَنْ قَتلهُمْ؟!!

الشائع في المدونات التأريخية أن بعض أعلام الأمة من العلماء والمفكرين والفقهاء والشعراء  قتلهم الخلفاء والسلاطين، وتلقى تهمة قتلهم عليهم، والدراسة النفسية والسلوكية للتأريخ تشير إلى أن الذي قتلهم هم زملاؤهم وخصوصا الفقهاء منهم، لأنهم أصبحوا ينافسونهم بدرجة التقرب من الكرسي ونيل المكرمات، وإستماع الخليفة أو السلطان لهم، ومجالستهم.

ولا يوجد عَلم معرفي تم قتله أو حبسه وتهجيره وتعذيبه من غير وشاية أعدها خصومه الفقهاء والعلماء، وإتفاقهم على أنه زنديق ويجب القضاء عليه، ويقنعون الجالس على الكرسي بالخلاص منه.

أي أنهم يؤهلون السلطان نفسيا وعقليا، بأنه بقتله لفلان سيحقق العدل والأمان، وسيحمي الدين من هذا الشيطان.

والسلطان ربما لا يعرفه ولم يَرَه من قبل، وما يجده أمامه في الصباح الموعود نطع وسيف وشخص سيقطع رأسه، بعد أن يسأله بعض أسئلة معدة من قبل خصومه ويعرفون أجوبته عليها، وإن كان السلطان على عجلة فأنه يقطع رأسه وينصرف، أو يعطي الإشارة للسياف بضرب عنقه، أو ربما السياف يعاجله قبل أن ينطق السلطان بكلمة.

هؤلاء الوشاة المتفيقهون من أخطر الذين فعلوا ما فعلوه في مسيرة الأمة، وبسببهم تجد العديد من رموزها  قتلوا وعذبوا، وأصابهم الشديد من أجل أطماعهم وتمسكهم بالتقرب من السلطان، وإستمداد القوة منه والجاه والمكرمات، فهذا عملهم ومصدر رزقهم وبه يتبخترون ويتسيّدون على الناس.

فأنظمة الحكم منذ بداية الدولة الأموية وحتى سقوط الدولة العثمانية مبنية على علاقة الناس بالسلطان، أي أنها مركزية فردية شخصانية بحتة، خالية من دستور واضح وآليات حكم ذات قيمة إدارية قابلة للتطور والتجدد.

فمفهوم الحكم فردي مطلق، وكأن السلطان هو الحاكم بأمر الله لا يُعصى له أمر، وما يقوله مطاع، وهو كالدمية التي تحركها الحاشية التي تتحكم بمصيره، وتتخذه واجهة لتحقيق أطماعها وتنفيذ تطلعاتها المريضة.

هذه الدمى الجالسة على كراسي الحكم، قتلت الكثير من رموز العلم والمعرفة، الذين كانوا يقدَّمون إليهم كالقرابين لإرضاء حاجات الواشين بهم من خصومهم، والمتضررة مصالحهم بسبب صعود نجمهم وشهرتهم وإشراق علومهم وتنامي مكانتهم.

فالمتهم هم الذين يسمون أنفسهم بالفقهاء، وأكثرهم أجرم بحق العلم والدين!!

***

د. صادق السامرائي

12\12\2020

 

في المثقف اليوم