أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (17): بالدم والنار

الإرهاب في فلسطين لم يبدأ فعليا عام ١٩٤٨. بل إن له تاريخا أقدم بالرجوع عقودا إلى الوراء ففي العام ١٨٩٠ نفذت أول عملية إجرامية بقتل شيخ عربي مغربي. وقبل هذه الحادثة بعقدين استأجر شاب روسي صهيوني يدعى (يتسحاق بن تسفي) شقة في يافا تم فيها تأسيس أول قوة قتالية عبرية أطلق عليها (بارجيورا) كان شعارها (بالدم والنار سقطت يهودا،بالدم والنار تبعث من جديد). تطورت بارجيورا في العام ١٩٠٩ بعد أن أعيد تشكيلها إلى (هاشومير) وهي المستوطنة الأكبر والأكثر عدوانية فبحلول عام ١٩١٢ كانت تدافع عن أربع عشرة مستوطنة يهودية، وكانت تغير على القرى العربية تقتل وتعدم. وفي عام ١٩٢٠ تطورت إلى منظمة الهاجاناه أول عصابة إرهابية صهيونية والتي اصبح يتسحاق بن تسفي زعيما بارزا فيها. بعد ذلك تشكلت في العام ١٩٣١ عصابة الإرغون بقيادة (إرغون زئيفي) بعد انشقاقها عن الهاجاناه وفي الأربعينات أصبحت بقيادة اليميني المتطرف (مناحيم بيغن) ولأن بيغن كان متعاونا مع بريطانيا فقد عارضه البعض وانشقوا ليشكلوا منظمة إرهابية ثالثة أطلق عليها (ليحي). ومن هنا ابتدأت سلسلة الأعمال الإرهابية نفذتها المنظمات الثلاثة ضد العرب في كافة مناطق فلسطين فمن الجليل والساحل إلى النقب ومن يافا وحيفا إلى القدس. كل هذا من أجل إقامة دولتهم المزعومة. ولن ننسى المنظمة الإرهابية (كتائب الليل) التي أنشأها الضابط البريطاني (أوراد وينغيت) بعد انضمامه إلى القوات الصهيونية والتي تؤكد النزعة السادية والتعطش للدم العربي، حيث درب قواته التي نفذت عدة مجازر مثل مجزرة (دبورية) عام ١٩٣٨ ومجزرتي حطين ولوبيا.

وفي نهايات عام ١٩٤٧ نفذت الهاجاناه عدة مجازر ضمن خطط تطهير عرقي بمساعدة عصابتي إرغون وليحي.

وبعد قيام الدولة وتشكيل الجيش الذي كانت نواته عصابة الهاجاناه الإرهابية التي شربت من الدم الفلسطيني تشكلت عدة وحدات للاغتيال وتنفيذ المجازر منها الوحدة ١٠١ التي أنشأها المتطرف شارون وهي الوحدة التي نفذت في خمسينيات االقرن الماضي مجزرة قبيا. والوحدة ٥٠٤ التي تتكون من فريق استخباراتي لجيش الاحتلال نشا بعض أفرادها في الأحياء العربية الفلسطينية مهمتها تجنيد عرب مخبرين لنقل معلومات عن الفدائيين الفلسطينيين بهدف اغتيالهم. وغيرها من الوحدات التي اتسم طابعها بالإرهاب.

واليوم في حربها على غزة ٢٠٢٣ لا زال نتنياهو يحمل راية (بالدم والنار) تجول طائراته سماء قطاع غزة بهدف معلن القضاء على حماس غير أن الهدف المضمر غزة التي يسيل لعابه لضمها إلى خريطته التي يراها كل ليلة في أحلامه تختلط بروائح دم أهل غزة وأشلاء أطفالها مع صوت أزيز الطائرات وأصوات القنابل التي تمده بها الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي الإنسانية وحماية حقوق الإنسان.

وحلم نتنياهو تئده المقاومة كل يوم وليلة بإيمانها وصمودها ولولا وصيتها أمريكا لما بقيت دولة لليهود.

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم