تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (87): مصالح متبادلة (4)

كانت المقاومة الفلسطينية بعد ٦٧ قد صعّدت عملياتها بحيث أصبح لها دور لا يقل أثرا وخطرا عن دور جيش نظامي، وقد ولّد الوجود الفدائي تحديدا في الأردن الخوف في أوساط يهود الشتات داخل دولة الاحتلال. لذلك انتفض الاستراتيجيون اليهود للبحث عن طرق تصيب هذا الوجود في مقتل.

وبالفعل فقد عملت دولة الاحتلال بكل طاقاتها على إنهاء هذا الوجود من خلال ضربه من الداخل وعزله عن الجماهير العربية. فقامت بتصعيد الخلافات بين فصائل المقاومة وقادتها من جهة، وبينهم وبين السلطات الحاكمة من جهة أخرى.

وبدأت في عام ٧٠ بتصفية الوجود الفدائي على الأراضي الأردنية، وكان للولايات المتحدة الأمريكية الدور الأبرز في هذه التصفية.

ثم جاء عام ٧٣ وكانت دولة الاحتلال قد وقعت في خطأ تقدير إمكانات القوات العربية المصرية والسورية بسبب أن الحرب جاءت مباغتة ومفاجئة لها بحيث أنها حطمت معنويات جيش العدو.

ولولا الجسر الأميركي لما تمكنت دولة الاحتلال من الصمود في الحرب.

فخلال الساعات الأولى التي أعقبت اندلاع الحرب اتخذت دائرة الدفاع الأمريكية إجراءات غير عادية لشحن الأسلحة المهمة لدولة الاحتلال.

وقد كان هذا الجسر الجوي عبارة عن سلسلة من الجسور، أضخمها هو الجسر الثاني والذي عُدّ أضخم جسر عرفه التاريخ العسكري. وقد خرق مدّ هذا الجسر الاتفاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها من أعضاء حلف الأطلسي.

وأكثر من ذلك أن الولايات المتحدة قامت بتجريد وحدات الجيش الأمريكي السابع من أسلحتها في أوروبا والولايات المتحدة بهدف شحنها إلى دولة الاحتلال.

وبعد الحرب بدأت تحركات "كيسنجر" وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك بين العواصم العربية من أجل إرساء السلام، لكن على الطريقة الأمريكية وليس لمصلحة العرب. فقد كان السلام المنشود يصب في مصلحة دولة الاحتلال ،منطقة نفوذهم وقاعدتهم، فكانت "كامب ديفيد" عام ١٩٧٨ والتحالف بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة ومصر.

وصولا إلى عام ٨٢ والغزو اليهودي للبنان والدعم العسكري الأمريكي لدولة الاحتلال من أجل تحقيق أهداف سياسية لكلا الدولتين. ومن هذه الأهداف تحطيم منظمة التحرير الفلسطينية ،وإضعاف سورية وإقامة دولة موالية لليهود في لبنان. بالإضافة إلى إرهاب فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين بهدف التسليم لكل ما تقترحه دولة الاحتلال عليهم.

ولهذا رفضت الولايات المتحدة خلال فترة الغزو ممارسة أية ضغوطات على حكومة "مناحيم بيغن" في إيقاف الغزو. وذلك لأن هذا الغزو فرصة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة بين الدولتين والتي كنا قد ذكرناها.

ومن الأهداف البارزة التي حققها الغزو إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان بسبب الدور القذر الذي لعبه المبعوث الأمريكي "فيليب حبيب".

ومن المعلوم بأن جيش الاحتلال بغطاء من الكتائب اللبنانية قد ارتكب وانتهك الفظائع مثل مجزرة صبرا وشاتيلا دون رادع. وقد استعملت الولايات المتحدة وقتها حق النقض في مجلس الأمن الدولي لإسقاط مشروع تضمن إدانة دولة الاحتلال أو تطبيق أي عقوبات عليها.

واليوم يبرز الدور الأمريكي بشكل فاضح وعلني في حرب دولة الاحتلال على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤. ولا زالت الأولى هي الداعم الرئيسي والمهم والمدافع الظالم عن دولة الاحتلال.

يتبع.....

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم