أقلام حرة

أقلام حرة

يتكلمون في المواقع المتلفزة والمنابر بأنواعها على وزن "لغاية في نفس يعقوب"، والبعض يرى أن "المعنى في قلب القائل"، والبينة التي لا تقبل الشك، أنهم يسعون بمَن يخاطبونهم إلى جحيمات سقر، أيا كان شكلها وتداعياتها.

وهذا ديدن الكلام الطاغي على وسائل الإعلام، منذ أن "كام الداس يا عباس"، واختلط حابلها بنابلها، وتلاحت الناس مع الناس.

فويل للناطق بالحق، والمناهض للباطل، لأن الضمير عاطل، والجمع غافل، والقابض على المصير جاهل، والطريد العاقل، وكل من عليها آفل!!

سمعت مناديا ينادي أن حي على الفساد، يا أيها العباد، فالغنيمة البلاد، والفتاوى تبرر المراد، فاشتهي كما تريد، فأنت القائد والمُقاد.

وما أكثر الأقلام التي تكتب بحبر المثالب، ولديها أسوأ المطالب، وتدافع بنفاقها عن أولياء التداعيات والمصائب، وإياك أن تسألها عمّن سيُحاسَب، فهي الضحية والجلاد، والحاكم والمحكوم، وغيرها منبوذ ومرجوم.

قالت النوائب إياك أن تطالب ، في عالم المآرب، غاياته تبرر المكاسب، وتُحضِر المصائب، وترهن الجموع في خانة الأرانب، وتولي عليها القرود والثعالب، وتناشدها أن تدين بالتكالب، وتشرع الأبواب للتابع الخائب.

أيامكم شديدة، ذنوبكم عديدة، عواقبها فريدة، من بدع السلطان، القاهر المنان، يحتقر الإنسان، في باحة الميدان، ويجلب النواكب، وكلها تراقب، والناس تستغيث، من حاكمٍ خبيث، قائده العدوان.

يا حضرة الكتّاب لا تطرقوا الأبواب، لا تشربوا الأنخاب، والناس في نحيب!!

فئرانها تأسدت، وقطة تعثرت، بصيدها اللعين، وانتبهت لفأرةٍ تنهرها!!

عسيرها تعاظمت أركانه، ويسرها قريب!!

***

د. صادق السامرائي

لاشك نحن الآن نعيش في عصر العولمة والسرعة التكنولوجية، كل شيء حولنا أسرع ينتقل من أقصى الأرض لأقصاها الآخر في وقت زمني قصير، فنجد أنفسنا أمام مستجدات وتطورات كثيرة تحتاج منا دراسات وفحص وتمعن كثير، حتى نستطيع أن نصل إلى درجة الفهم المطلوبة لأي مستجد في الحياة قبل الخوض في تفاصيله.

ان موضع القيادة اصبحت من الامور المهمة في القرنين الاخيرين العشرين الماضي وواحد وعشرين الحالي لكون المجتمعات الإنسانيّة اليوم أصبحت أكثر تنظيما من ذي قبل تطوراً وثقافة، وتتجلّى هذه الأهمّية في مجالات متعدّدة، القيادة ضروريّة في كافّة مجالات الحياة المختلفة، وكلّما ازداد عدد النّاس ألحّت الضّرورة على وجود قائد قادر على تولّي أمور هؤلاء النّاس بأعدادها الكبيرة في هذه الحالة، والأمر ليس سهلاً، ويحتاج إلى مواصفاتٍ عالية ومتميّزة لا تتوافر عند النّاس كلّهم؛ كالقدرة على التّفكير العقلاني وطرح أفكار نيّرة ومبدعة خدمة للصّالح العام، بالإضافة إلى القدرة على إيجاد الحلول الإبداعيّة لكافّة المشاكل التي قد تعترض طريقه، عدا عن الأمانة، والصّدق، والإخلاص في العمل و ليس بالضّرورة أن تكون القيادات جيّدا ما دام النّاس مستعدّون في تبعيتها كيفما كان هذا الهدف وقد يتّبع النّاس خوفا أو رهبا أو حمقا أو استخفافا بالعقول. ليس كلّ القادة جيّدين لكنّهم الظروف خلقت منهم قادة ويمكن اعطاء امثلة تالية كنماذج

1- القيادة الدّيموقراطيّة: تتميّز بالمشاركة والثّقة المتبادلة وكلّ فرد فيها يشعر بالمسؤوليّة في جوّ من الاحترام المتبادل.

2- القيادة الدّيكتاتوريّة: تتميّز بالاستبداد والتّسلّطيّة وتحديد النّشاطات والقرارات من طرف واحد وإعطاء الأوامر وغياب الثّقة بين القائد وأعضاء الجماعة.

3-القيادة الفوضويّة: تتميّز بالحرّية المطلقة، إذ يكون القائد فيها محايدا ولا يتدخّل الاّ نادرا وهي أقلّ من الدّيموقراطيّة وأحسن من الدّيكتاتوريّة.

ان أهمية وجود القادة المؤثرين في كل مكان، سواء في الحكومة أو القطاع الخاص من البديهات وإن القيادة والطموح مهمان للغاية من أجل رسم رؤية مقنعة للآخرين. يوفر للذين لديهم الدافع والعاطفة والكاريزما والطاقة المغناطيسية التوجيه والوضوح لأتباعهم، والذي يعمل كوقود  للتحفيز، بغض النظر عن الانتماء الحزبي أو اختلاف الرأي السياسي، لتحقيق أكبر فائدة لعامة السكان. وهو الذي يكون قادرا على مقاومة الإغراءات المختلفة في الساحة السياسية؛ ذو شخصية قوية وكاريزما وضمير حي؛ مستعد للاستماع إلى احتياجات عامة الناس وتمثيلهم بأمانة؛ وتكون لديه الشجاعة ليقول ما يجب أن يقال بدلاً من مجرد إخبار عامة الناس بما يريدون سماعه. والقائد الجيد يكون مستعدا لاتخاذ قرارات صعبة من أجل الصالح العام  وقادر على تحمّل المسؤولية عن أخطائهم التابعين، والاعتراف اخفاقاتهم السياسية والاعتراف بمساهمته الخاصة في حدوث الأزمة. والمساءلة أمر حاسم للقيادة السياسية الفعالة، لأنه من دون ذلك، لن يكون هناك أي احترام من الأتباع. إن القائد السياسي الجيد هو الشخص الذي يكون صادقًا مسؤولا عن أفعاله وقراراته وهو على استعداد للاعتراف عندما يرتكب خطأ. والقائد الجيد يركز جهده ووقته على خدمة الناس بدلاً من قضاء كل الوقت في انتقاد الآخرين.

و العمل الناجح والمثمر، في الكثير من الأوقات يلزمها أن تكون القيادة جريئة وشجاعة قادرة على مواجهة التحديات، حيث يبين لنا التجربة أن أولئك الذين يمتلكون الشجاعة للتقدم إلى الأمام والمخاطرة، ويتبنون سياسة التغيير خلال فترات الركود، سيكونون الفائزين من حركة تعافي في جميع الاحوال، متى ما أظهر شجاعته كقائد في مواقف مثل التحدث وهناك صفات يجب على القائد الجيد أن يتحلى بها وأفضل القادة هم الذين يعرفون كيف يصلون الى افراد المجتمع وهو الامر الاهم ولعل أول هذه الصفات هو التواضع وكيفية التأقلم ويتعين عليه الاهتمام ببناء العلاقات مع مجموعة العمل الذين معه؛ في الجوهر الأساسي للنجاح هو بناء علاقات مع كل الموجودين في العمل وعدم استغلالهم بل تقديرهم وتشجيعهم طوال الوقت. أما الصفة الثانية تتمثل في طريقة التفكير؛ حيث يتعيّن على القائد الجيد تبني شعار "كيف أقوم بعمل الشيء وليس هل أقوم بعمل الشيء"، وأنّه لا بد من الإيمان الداخلي بأنّ القائد دائما يجد حلولا لأي مشكلة ودائما ما يجد طرقا وبدائل للوصول إلى الهدف المطلوب، والصفة الثالثة هي التزامه الجيّد بتدريب من حوله، وان يحافظ على الوقت والطاقة والمجهود أن يعمل على تدريب الآخرين،لان المنصب والمسؤولية دون تدريب وممارسة لا يمكن من أن تخلق العاملين الجيدين وعلى كل فرد أن يحدد عدة نقاط لكي يستطيع أن يطور من نفسه: لكي يعرف ماذا يريد أن يحقق، والثانية ما هي الوسيلة المناسبة التي على المرء استخدامها كي يصل إلى هدفه وغايته.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

الصدق والحقيقة طاقة روحية عالية لا يجيدها إلا  أنقياء السريرة. فمهما تبعثرت أفكارنا  في بلاد المهجر ورغم الكثير من المحاولات والسعي بعد كل كَبوة تعترضنا، لا نتردد في المحاولات والسعي وتبقى قطرة النبيذ  في كرم الروح  تحيي وتشفي النفس، وتعمل  عمل الترياق من أحقاد البشر . وتبقى الأخلاق وأصالة العرق السامي يجري في عروقنا. نحن الشعب السوري القنوع المحب للآخر المضياف الذي شرّع حدوده لكل زائر.

ومنذ آلاف السنين والمُكّون السوري كالفسيفساء فمنّا الرومان والسريان والآشور والآرام والأرمن والأكراد والترك والشركس والمغاربة والعرب وجميع هذه القوميات  تزاوجت منها من أسلم ومنها من بقي مسيحيا. 

المستشرق والمؤرخ روجيه غارودي قال: من حق أي إنسان في العالم أن يفتخر بانتسابه إلى وطنه الأم وإنتسابه إلى سورية .

أما الباحث في اللغات والنصوص المسمارية الأوغاريتية القديمة شارل فيرلو  قال:

لكل إنسان متحضر في هذا العالم وطنان وطنه الأم وسورية.

منذ  عام٢٠١١ والحملات المسعورة على الشعب السوري وإهانته وإذلاله لا تنتهي، أي كائن بشري هل من السهل عليه  ان يترك وطنه وأرضه وبيته وعمله وأهله  ليتشرد في بلاد الله الواسعة؟ هل تهجر ورحل للسياحة وعيشة الترف ! ملايين تشردوا وملايين بلعتهم الامواج وعشرات الآلاف فقدوا و.. وماحصل للسوري لم يحصل للهنود الحمر في امريكا . كم  الفواجع مازالت مستمرة ...وما يزال الباطل ينتصر على الحق، والجهل على العلم،وكما انتصر البخاري على ابن سينا . وابن تيمية على ابن رشد...أما يكفيه السوري من حملات تشن عليه حصار من الداخل وحصار من الخارج! كم نحن عنصريين لا بل نازيين وأكثر. نُجّرح بعضنا البعض بلا رقيب ، انشقاقات وتشرذم .الغريب ان كل شيء ينشق

الحكومة الجيش الأحزاب العائلة متى ستنشق هذه النفوس الحاقدة؟

الإعلام والصحافة رسالة إنسانية المفروض أن تكتب بلغة العقل والمنطق. بلا تحّيز

هي رسالة أخلاقية الهدف منها  تهدئة النفوس ورفع  معنويات الشعب المتألم

لنستبدل لسان التجريح بكلمات شافية..

فمن يحمل مبدأ وفي قلبه رحمة نجده ينشر الخير والطمأنينة. ومن يحمل في قلبه البغضاء والكره نجده يبحث بين الركام يسلب وينهب ويثير  الفوضى..

لا أحد يعلم كيف تتبعثر الروح في الغربة نستجمعها ونجسدها على الورق إمّا نثراً أو شعراً أو شذرات ونرسلها على أجنحة الطيور المهاجرة إلى أوطانها..

كتب الشاعرجورج صيدح السوري الدمشقي

وألم البعاد عن دمشق :

أنا وليدك يا أمّاه كم ملكت ذكراك

 نفسي وكم ناجاكِ وجدانُ!

عهد الشباب وعهد الشام إن مضيا

فكل ما أعطت الأيام حرمان.

***

راغدة السمان

 

كثيرا ما نقرأ عن غحصاءات صادرة من منظمات دولية كالأمم المتحدة، تدّعي فيها ما تدعيه من الأرقام عن الأمية والبطالة والفقر وغيرها من الحالات السلبية التي على المجتمع أن يتحرر منها، وهذه الإحصاءات العددية تتكرر مرارا، وتبدو للمتفحص العاقل بأنها أكاذيب، لأنها لم تنجم عن إحصاءات عملية، وإنما عن تقديرات وتخمينات لا رصيد واضح لها في الواقع، وربما تكون تعميمات لحالات هنا أو هناك.

فعلى سبيل المثال، كيف عرفت الأمم المتحدة أن هناك كذا مليون أمي، وعاطل عن العمل وتحت خط الفقر؟

والعجيب في الأمر أن الأقلام تتلقف هذه الإحصاءات وتمضي بترويجها في مقالات وخطابات وتصريحات، وبرامج تلفازية وإذاعية، وكأنها حالات مستوطنة لا يمكن التعافي منها، كلعبة ثلاثية (الجهل والفقر والمرض)، التي ترددت على مسامعنا منذ الدراسة الإبتدائية ولا تزال تنخر أوصالنا، وكدائرة مفرغة لا يجوز التحرر من قبضة الدوران في فلكها.

ومن الواضح أن التوصيفات السلبية تلصق بمجتمعاتنا، وتبقى فاعلة فيها ولا تعرف التعافي منها والخروج من هيمنتها ورقودها على صدور الأجيال.

كلها وصمات تعطيلية، توفر مفردات التعجيز وتأمين الشعور بالدونية والتبعية والإستسلامية لإرادة المفترسين الطامعين بإمتصاص رحيق وجودنا.

هل وجدتم وصمة واحدة منذ بداية القرن العشرين تم الإشارة إليها، وانتصرنا عليها، وغادرنا معاقلها؟

هذه لعبة تدميرية، وإبداعات مختبرية نفسية سلوكية للقبض على مصائر الشعوب، وتحويلها إلى طاقات سلبية مساهمة في تأمين المصالح والأطماع.

يجب توخي الدقة والعلمية والموثوقية في طرح المعلومة، لا أن نتواصل مع إيقاع " على حس الطبل خفن يا رجليه".

لماذا نصدّق إتهاماتهم ونروجها؟

لماذا نحسب أقوالهم قوانين، ونأبى أن نرى بأعيننا؟

إنها حالات تسترعي الإنتباه والحذر، ومعرفة مواطن الخطر، ومنعهم من رمي رؤوسنا بالحجر!!

فهل لنا أن نستفيق من غشاوة البصر؟!!

*** 

د. صادق السامرائي

أنه فارق شاسع يعبر عن شكل استقبال منظومة القيم وكيفية التعاطي معها، حيث أن الدين في حقيقته لايمكن تمثيله بناءا على اختلاف الافهام احيانا واختلاف الدوافع في أحيان كثيرة وهو الراجح حيث أن الدوافع تتعلق بالرغبات والأهواء وهي الضاغط الأكبر والأقوى في تحديد مواقف الإنسان ولأن التفاوت في الدوافع هو ما يميز الطبع البشري فإنك ستجد حتما اختلافا في كيفية تلقي الحق الذي تمثله منظومة القيم الإنسانية التي تمثل هذا الحق بصرف النظر أن كان عنوانها دينيا سماويا أو أن عنوانها كان مُنتجا بشريا حيث ستجد الاختلاف والخلاف يظهر عند أول محاولات المجتمعات البشرية للاتفاق على صيغ السلوك الخاص والعام، مما يؤدي حتما إلى تدافع يُنتج بالضرورة انقساما يكون في بدايته انقساما أفقيا بينيا ينتج عنه حتما استقطابا يتحول لاحقا إلى انقساما عامودياً يتجلى على شكل جماعات أو تيارات سياسية وفي مراحل لاحقه أكثر وضوحا الى هياكل اجتماعية ذات رؤيا سياسية بخلفيات ومذاهب عرقية أو دينية وفي تجليات متقدمة ستجد أنها تنحو منحا اقتصاديا ايضا كنتيجة حتمية للصراع البشري حول الموارد وفي المؤدىٰ النهائي سيكون الحق هنا هو العنوان الأخلاقي والإنساني الذي لن يختلف عليه أحد كمنهج ولكن الاختلاف سيظهر في إسقاط هذا المنهج على الواقع وجعله منهجية عمل حيث سيتمحور النزاع حول الكيفية التي لطالما اختلف الجنس البشري حولها، ذلك أن الإنسان بصفة عامة لايمكنه الا أن يدعي ويتبنى العنوان المُشرف رغم التباين في النَزَعات بين الأفراد مادام ذلك في إطار الادعاء الذي لن يكلف صاحبه شيئا فهو ادعاء قليل التكلفة ماديا ومعنويا وكذلك على مستوى ضمان عدم التعرض لضرر جسدي أو مادي او معنوي فهو بهذه الحدود سيكون متماهياً مع غيره في تبني الحق مادام المحك ناعماً سلساً لايسبب ضررا بعد ذلك عندما يوضع على محك خشن يُتوقع منه (ضررا) عند تبني منهجية موافقة لمنهج الحق أو (غرضا) عند تبني منهجية تُعارض منهج الحق، فأنك ستجد كم هو موهوب هذا الإنسان في تبرير أفعاله وتسويغ قراراته وصولا إلى تبني الباطل والوقوف في وجه الحق رغم أنه يقف تحت نفس اليافطة ويتبنى نفس المنهج الذي يتبناه المخالف، بعد ذلك عندما نُسقط هذه الفكرة العامة على العنوان الديني في تمثيل فكرة الحق فأنك ستجد أن الأمر يأخذ أبعادا أكثر تعقيدا حيث أن البعد الأخلاقي يصبح ضاغطا اجتماعيا صارما عند ادعاء الحق ظاهريا لأن هذا الادعاء يستجلب الفخر وتحقيق فارق نفسي ومعنوي مضاف إلى تحقيق تلك الفوارق والعناوين الدنيوية، فان كان ذلك يحدث في صراع في مرتبة تحديد افضل المسارات المحتملة في الحد الأدنى لتعريف الحق وهو مسار بشري يعتمد على قواعد منطقية يحكم فيها العقل البشري دون وجود الفاعل الديني فكيف إذن أن انتقلنا إلى تعريف الحق بالعنوان الديني ! وما في ذلك من فارق هائل في النظر إلى ماهو مشروع وما هو غير مشروع من القوانين والنُظم والسلوك الخاص والعام والذي يرتب على المكلف تكاليف تمس كثير من المصالح الفردية والجماعية سلبا أو إيجابا بحسب الموقف من هذا الذي يمثل عنوان الحق ومنهج الحق الذي يراد له أن يتحول الى منهجية عمل وسلوك .. !؟

الفقيه هو نقطة الارتكاز

عندما نتحدث عن تحويل المنهج إلى منهجية عمل فأن ذلك لايمكن تحقيقه من دون أن يكون هناك مكلف بإسقاط ذلك المنهج على الواقع تقنينا وتفعيلا وذلك لافرق فيه بين المنتج البشري والقانون الإلهي، فكلا المنهجين بحاجة إلى فقيه متعلم مختص لصياغة منهجية التطبيق لذلك ترى أن صياغة القوانين في النظم الحديثة توكل إلى فقهاء في مختلف المجالات الدستورية والقانونية وغيرها، على أن عنوان الفقيه هنا هو المتفقه في أي اختصاص وليس حكرا على مااصطلح عليه الفقيه في العلوم الدينية ما اريد قوله هو أن أول خطوات الاختلاف تنشأ مع تعيين الفقيه في مركز القرار بما يتناسب مع اختصاصه حيث تظهر تلك النزعات الشخصية والاختلاف حول الكيفية المناسبة لتحويل ذلك المنهج إلى منهجية عمل.

كما أن الفقية هو نقطة الارتكاز فأنه ايضا نقطة الخلاف.

كما أسلفت أن وجود وتعيين فقيه هو حتمية منطقية ومرتكز أساسي لإسقاط المنهج على الواقع وتحويله إلى منهجية عمل وحيث أن الاختلاف بين الفقهاء هو أيضا حتمية منطقية يفرضها الفارق في تحصيل المعرفة والفارق في الدوافع الذاتية على أن هذا الفارق في القدرة المعرفية والاختلاف في النظر والاختلاف في الدوافع النفسية والرغبات الذاتية سيمثل المحك الخشن الذي سيحدد مواقف الناس من الحق لسبب واقعي وهو أنه لا ملازمة بين العلم والايمان _ الا بمقدار ما يظهر من سلوكيات ومواقف الفقيه في الواقع العملي، من هنا يبدأ الاختلاف بالتحول إلى خلاف ومن ثم إلى اصطفاف ومن ثم إلى انقسام عامودي ديني ثم مذهبي ثم تعمل آلية الانسياق ثم آلية الازاحة التي ينتج عنها الانقسام الديموغرافي الذي سيُكرس القيم الخاصة ويُغلبها على القيم العامة وصولا إلى الانقسام في أضيق حدوده وهو الانقسام على جزئيات الاختلاف من مثل عنونة المساجد وتحويلها من عنوانها العام ك بيوت الله إلى مسجد الطائفة ومسجد الجماعة الفلانية بعنوان الفقيه المُقَلد أو مسجد الطريقة الكذائية بعنوان صاحب الطريقة، ان وجود الفقية كمعلم حتمية وجودية ووجوده ايضا هو سبب الانقسام والانشقاق عندما يحيد عن كونه معلم إلى كونه صاحب طريق أو صاحب طريقة والحال أن الحق والحقيقة واحدة في أصلها أما دين الواقع فأنه طرائق قددا

***

فاضل الجاروش

إن الحياة ثلاث مراحل: اعتقادك أنك سوف تغير الدنيا، إيمانك بأنك لن تغير الدنيا، وتأكدك من أن الدنيا قد غيرتك. يولد الإنسان لا شيء ويعيش وهو يبحث عن كل شيء ويرحل بلا شيء..

يقول الفيلسوف الفرنسي "

جون بول سارتر "في أي مرحلة أنت..؟!

يعيش الإنسان مراحل مختلفة في حياته مصيرية في اتخاذ قرارات صعبة، منذ مراحل مبكرة فمثلا في نهاية المرحلة الإعدادية، أن يقرر مرحلة من التعليم الفني؛ أو يواصل للتعليم الجامعي..

ثم يدخل مرحلة متذبذبة في تفكيره القليل، في اختيار القسم الذي بفضلة أدبي أو علمي، ثم يمر بمرحلة أخرى علمي علوم أو علمي رياضة، وتأتي مرحلة مختلفة تحدد نوع وظيفته المستقبلية، في اختيار الكلية ثم التخصص العلمي ؛ وبعد هذه المراحل وبعد الانتهاء من المرحلة الجامعية يواجه مصير آخر هل يتوقف؛ أو يكمل المشوار إلى نهايته للحصول على درجة علمية أكبر من الشهادة الجامعية فيظل في مراحل تجارب واختبارات مصيرية.

لا ينتبه الإنسان إلا بعد

أن كل تطلعاته وأمنياته التي كافح من أجلها، ونجح في تحقيقها، لم تعد تناسبه كشخص نالت منه تقلبات الزمن، فلم يعد هو ذلك الذي خطط لها في البداية بكل حماسة وراح ينجزها بهمة على الأرض. بعد هذا الكفاح الطويل وان الزمن كفيل بإنهاك الإنسان وإضعاف قدراته، فتتعثر مشاريعه وسط الطريق. وتلك القاعدة تنطبق أيضا على الخيرات التي يكون الإنسان قد راكمها لقاء كدح عظيم ومخاطر جسيمة، وما أن تقع بين يديه حتى يعجز عن جني ثمارها والاستمتاع بها ليدرك في الأخير أنه يكد من أجل لا شيء. لا بد أن الإنسان يؤمن بقضاء الله" خيرة وشره " قال تعالى: إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا..

هذا الشخص وأمثاله يشبه بمن بذل الغالي والنفيس لأجل حصوله على منصب، وما أن حصل عليه حتى خذلته قواه فبات عاجزا عن تقلده فيدخل في مرحلة عمرية أخرى أو تتغير الأحداث وأصبحت بلا قيمة وهذا ماذاكرة الفيلسوف الألماني" شوبنهاور"

هكذا هي الأشياء تأتينا دائما بعد فوات الأوان، أو بالأحرى لا نصل إليها إلا بعد فوات الأوان. الإنسان لا يعرف نصيبه.. وهنا ندخل في قضية جدلية هل الإنسان مسير أو مخير..؟!

الإنسان مسير وميسر ومخير، فهو مسير وميسر بحسب ما مضى من قدر الله، فإن الله قدر الأقدار وقضى ما يكون في العالم قبل أن يخلق السماء والأرض بخمسين ألف سنة، قدر كل شيء، وسبق علمه بكل شيء، كما قال: \"إنا كل شيء خلقناه بقدر\"]، وقال سبحانه: \". (ما أصاب من مصيبة إلا -بإذن الله- ۗ ومن يؤمن بالله يهد قلبه ۚ والله بكل شيء عليم).

وقعت امرأة في حب الفيلسوف\" إيمانويل كانط \"، وكانت في كل مرة تخرج معه تتمنى أن يطلب يدها للزواج.. لكنه كان يتحدث معها في كل المواضيع إلا الزواج..

في نهاية الأمر.. بادرت هي لطلب يده للزواج، وقالت له أود الزواج بك فرد عليها: أعطني وقتا لأفكر، وبالفعل أخذ يفكر بالأمر وأطال التفكير به إلى أن قرر الزواج بها..

فذهب إلى بيتها، فخرج له والدها، فأخبره أنه جاء لطلب يد ابنته، فأجابه الأب بكل برود.. هذا هو عنوانها، يمكنك أن تجدها هناك..

وبالفعل ذهب إلى ذلك العنوان.. فوجدها هناك مع زوجها وطفليها..!

يذكر أن المدة التي استغرقها الفيلسوف " إيمانويل كانط "في التفكير بالزواج بها بلغت حوالي 7 سنوات.. لم ير فيها تلك المرأة إطلاقا .. هكذا هي الحياة إن أصعب قرار هو قرار الزواج لذلك كتب الأديب نجيب محفوظ في روايته الثلاثية مقولة\" الذين يحبون لا يتزوجون \"..!!

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

القلم فقد قيمته ودوره في المجتمع، وقضت عليه الكي بورد التي تساعد الضاربين على مفاتيحها، بالإتيان بعواهن الكلام، وسفسطات الأصابع والأذهان، حتى لتجدنا أمام حيرة كبرى، وحوابل ونوابل يصعب تفريقها.

فهل أن المكتوب يُقرأ؟

لا توجد إحصاءات دقيقة موثوق بها، غير أن ما يحصل في الواقع يشير إلى إحتمال كبير أن المكتوب لا يُقرأ، والكلمة فقدت قيمتها، والعبارة غدت في مهب الرياح.

عشرات الصحف والمواقع ومحطات التواصل، ومئات الكتّاب، والواقع بزداد وجيعا وقهرا وفسادا، حتى لتبدو الأقوال وكأنها ذروة الأفعال، وفقدت الأجيال الإحساس بالكلام.

ما أسهل النقر على مفاتيح الكي بورد فتظهر الكلمات على الشاشة البراقة وكأنها اللؤلؤ المنضود، فتتوهم بأنك تكتب، وعليك أن تنشر ما جادت به أصابعك المتراقصة على الأزرار الكيبوردية.

هذه عاهتنا المعاصرة التي أفرغت الكتابة من جوهرها وصادرت رسالتها ومنطلقاتها الفكرية والمعرفية والإنسانية، فأصبح الجميع كتّابا، ما داموا يتفاعلون مع الآلة السحرية التي جعلت الكتابة أسهل من الكلام، كما أن وسائل التواصل بمغرياتها وتقنياتها، جردت الكلام من دوره، ومنحت المكتوب دورا أكبر، فصارت العيون تتحرك والمسامع تسعى إلى الصمم.

وفي المجتمعات السماعية أصيبت الذائقة العقلية بطاعون الكلمات العابرة للوعي والإدراك، فتحقق الشلل المعرفي وتبلدت الحواس وجفت الخواطر.

وبسبب النشاطات الخاوية المتهاوية، تحولت الأيام إلى مسرحيات عبثية، بلا بوصلة ولا معالم طريق، بل دوران في مستنقعات الغابرات، وتوحل بالمآسي والتداعيات، وصارت الأجيال تستلطف الأنين والقهر والتشكي، وتتمترس بأوهام المظلومية والإستلابية، والإنتقامية والإستحواذية، والتنعم بالفساد، وبغنائم المال المُشاع.

وتحقق في الأرض خراب البلاد وسبي العباد، وذلك بإسم دين رحيم، وصراط مستقيم، وهداية للناس أجمعين، حتى أصبح القتل من الإيمان، والفساد والإغتنام، رزق من الرب المنان!!

ولله في خلقه شؤون، والقلم وما يسطرون!!

***

د. صادق السامرائي

الذي يدقق النظر في الحياة السياسية يجدها ممتلئة بحكم وامثال يتم تداولها كقواعد ثابتة لا تقبل النقاش! بل عند البعض تمثل الحق المطلق! مع انها مجرد امثال وحكاوي لا ترقى لمستوى المسلمات، وهكذا يتم تغذية الساحة السياسية بمنظومة قيم حقيقتها لا ترقى لليقين، وتقترب جدا من الخرافات وحكاوي الاطفال، هذه القيم السطحية هي التي ترسم الشكل الرئيسي للواقع السياسي الحالي، ومن اخطر القيم السياسية المنتشرة هي لغة التعميم، والتي تهدف لسحق الجميع امام رؤية واحدة! يعتبرها صاحبها الحق المطلق وكل اللذين هم على غير طريقته يمثلون حسب رؤيته الخطيئة والخيانة والكفر!

هذا التعميم مباشرة يولد منه الطغيان الفكري والسياسي، حيث يرفض صاحبه اي صوت اخر، فهو فقط من يملك الحق، ونؤكد هنا امر هام: اذا كانت بعض الساسة يعانون من بلادة التفكير، فالمؤكد ان الخرافة والتقديس تنتشر لترفع من مكانتهم.

خطيئة التعميم واطلاق التهم

وقد اصبح منهج الطغاة هو التعميم للقفز على الحقائق ورد الاخر واسقاطه، وهو مدخل مهم لتبرير تصدرهم وسطوتهم على الرياسة باصنافها، مع ان استمرار صدارتهم غير مجانب للعدل والحق، ونجد رواج للتعميم في واقعنا السياسي للخلاص من مازق انعدام الوعي والمعرفة، فيطلق على الاخر صاحب النطق السليم مثلا: (خائن، عميل، او جاء على ظهر دبابة الاحتلال، او فاسدين او ذيول) وهكذا يصبح الحوار عقيما بعد ان اغلق صاحب التعميم كل الابواب، ودفع بالراي الاخر نحو مقصلة الجمهور الجاهل.

ويمكن ملاحظة ان هنالك معوقات امام ايصال المعلومات الصحيحة، التي تفضح الطغاة وتكشف اكذوبتهم بامتلاك الحق المطلق، لذلك يشن الطغاة حرب ضد المعلومات، ويحاول الساسة التشويش والتاثير على الجمهور المنوم مغناطيسيا، كي لا يصحو من نومته.

وهذا يعني ان الجمهور التابع للساسة الطغاة هو بتعبير ادق مجرد عبيد، فاقدين للحرية والمعرفة، بل يرفضون الحق، ويتبعون الوهم، وهذا الامر خطط له اهل التعميم من الساسة الخبثاء بعناية شديدة، وتجدهم يدعمون اي خرافة، وهم يخترعون الخرافات التي تتناغم مع جمهورهم الغارق في اللاوعي.

التعليم والمعرفة هي الحل

الاشكاليات السياسية والتي بقائها يعني غرق المجتمع بالجهل والخرافة والعبودية، هذه الحال مؤلمة وهي موجودة حاليا في المجتمع (مع الاسف)، وان مغادرة هذا المستنقع لا يكون الا عبر الاهتمام بالتعليم وتطوير مناهجه، ونشر المعرفة، وايصال المعلومة الصحيحة، وعدم حجب اي معلومات حقيقية عن الجمهور.

عندما نعود لقراءة منهجية حزب البعث المنحل، نجده كان يركز على الحالة القومية، بل يغلبها على العامل الوطني، وبهذا التعميم يهرب من الاستحقاقات الوطنية الطبيعية، ومن ثم فشل ايضا بالمشروع القومي واصبحت الجماهير تنفر من هذا المشروع الفاشل، الذي كان يقدم على المشروع والاستحقاق الوطني، ليدخل اخير في مشروع الاسلام والحملة الايمانية هربا من انتكاساته وهزائمه، كذلك اليوم نجد اغلب الاحزاب تتشبث بالاسلام السياسي، وتجعله مشروعها المقدس! لكن كل ما طرح كان تشويها للاسلام، والحق ضررا بليغا بالاسلام، وهذا ما جعل التعليم والمعرفة تنكتس وتتراجع، فالتشويه ارتبط بكل نواحي الحياة، فحتى التطور الذي حصل كان تطورا مشوها لانه مرتبط بعالم كبير للتشويه.

لذلك الثورة التعليمية الصحيحة، ونشر المعرفة، وايصال المعلومة، هو الحل لاصلاح ما تم تشويهه.

الساسة وفقدان فن الاصغاء

المتابع الجيد للوضع السياسي ينتبه الى ان الساسة يسعون للظهور التلفازي بين فترة واخرى لابراز عضلاتهم، واطلاق رسائلهم لجمهورهم التابع الخاضع لهم، وتوضيح افكارهم والدفاع عن مواقفهم، او يصبح الظهور التلفازي فرصة لتسقيط الاخر، ومهاجمة منافسيهم، لكن الملاحظ ان اغلبهم لا يحقق شيء من ظهوره المتكرر! بل يسيئون لانفسهم ويخدشون صورتهم في اعين محبيهم! ويتكشف لاهل الوعي مدى ضحالة تفكيرهم وبلادة عقولهم، وتسقط اقنعة الجبروت ليظهروا كم هم ضعفاء وشخصيات هشة، برغم من محاولاتهم اخفاء سلبياتهم.

ونؤكد هنا على اهمية فن الاصغاء، وان الصمت اهم مراتب الحكماء،

فالسياسي الذي يكون كثير الكلام، فهو امر مذموم، وقد قيل في اللغة بحق من يتكلم كثيرا: "البقباق"، هو كثير الكلام، سواء أخطأ أو أصاب، والبقبقة صوت في الماء، وبقبق علينا الكلام، فرَّقه. أمّا "الطنطنة" وهي كثرة الكلام، ورجل ذو طنطان، ذو صخب، وكذلك الرجلُ "الوقواقة"، أي الرجل كثير الكلام، والوقوقة نباح الكلاب.

***

الكاتب: اسعد عبد الله عبدعلي

الكرة الثانية للوبي الصهيوني العالمي.. هل ينجح بها ياترى

في التاريخ المعاصر القريب نشط اللوبي الصهيوني(1) فكانت كرته الاولى استلام  الحكم في امريكا في 2017 ونصب ترامب كاول رئيس صهيوني بعد ان كانت الرئاسة حكرا على اللوبي المسيحي منذ30 نيسان 1789 حيث تاسيس امريكا فخلال 228 الحكم للوبي المسيحي، وان كان للوبي الصهيوني خلال كل تلك الفتره يمرر خططه من خلالهم، ولكن الحكم مسيحيا واشرت ذلك الكاتبه  الامريكية كارلين آرمسترونغ  في كتابها النزعات الاصولية في اليهودية والمسيحية والاسلام  فاكدت إن التجربة الأمريكية الحالية هي تجربة مسيحية بروستانتية انتهى.

واقصي للوبي الصهيوني في الحرب العالمية الثانية وتم طردهم من اوربا واسس لهم وطن في فلسطين 1948 بعد ان تم اختياره من بين10 دول كانت مرشحه  ينفى لها اليهود مثل اوغندا والمغرب العربي، ولكن بقى الوطن الرئيسي للوبي الصهيوني امريكا.

وعليه الكرة الاولى للوبي الصهيوني في عام 1917 وتنصيب ترامب كارئيس للولايات المتحدة الامريكية  ولكن سرعان ما تلافى الموقف اللوبي المسيحي وسحب الحكم من اللوبي الصهيوني وكانت زعيمة هذا التحرك رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي وفتصرفت بذكاء حيث عارضت عزل ترامب من الحكم حفاظا على دستور امريكا من جهه، ومن جهة اخرى مزقت خطابه بعد انتهاء خطابه بالكونجرس(2) لانه تجاوز الاتيكت المعمول به وهو مصافحتها فلم يصافحها، وعليه لم يتم انتخابه مره اخرى او انتخاب شخص آخر من للبوبي الصهيوني ورجع اللوبي المسيحي لحكم امريكا.

للتوضيح  نقول

في العالم ثلاثة مجاميع تتحكم في السياسة العالمية وهم صناع السياسة العالمية

1- اللوبي الصهيوني العالمي

2- اللوبي المسيحي الصليبي

3- اللوبي الاسلامي الخفي

وانشطها اللوبي الصهيوني ومقره الاساس كما ذكرنا الولايات المتحدة الامريكية

ويذكر الكاتب وليام جاى كار في كتابه  أحجار على رقعة الشطرنج والكتاب يدرس في بعض الجامعات قسم السياسة ان ستراتيجية اللوبي الصهيوني القضاء على ثلثي العالم كان عمله للوصول الى هذا الهدف خفي ويعتبر حكم ترامب الى امريكا كره اولى للتعامل بشكل علني كما اسلفنا.

الكرة الثانية لتحركة العلني هي الترويج للمثلية فمليار(مثلي) تكفي لتصفية البشرية بإشاعة المثلية (3) فهومخطط يستهدف تقليل سكان العالم بنشر الشذوذ وصولا إلى المليار الذهبي المخطط يستهدف جعل الشذوذ الجنسي  موضة وسط المشاهير و 28 دولة قننته والدنمارك سبقت الجميع بنشر زواج المثليين الشذوذ أحد أدوات التخلص من سكان العالم وبالاحرى من ثلثي سكان العالم حسب خطة اللوبي اليهودي.

الماسونية العالمية تبنت  مخطط المليار الذهبي وسخرت أعضاءها في العالم لتنفيذه وعليه تراجع كبير في سكان العالم خلال العقد الماض وتوقعات بمزيد من التراجع مستقبلا يقدر الباحثون أنه بحلول عام 2100  سيكون لدى 183 دولة معدلات خصوبة أقل ونقلت مجلة لانسيت بحلول عام 2100 سيكون معدل الخصوبة 1.7 طفل لكل امرأة انتهى

ترى هل ينجح اللوبي الصهيوني في كرته الثانية هذه ام يفشل كما فشل في كرته الاولى ولم يؤسسة ترامب الجمهورية الثانية في امريكا(4)

المستقبل يجيب

***

صبري الفرحان

..................

هامش

1-  لوبي: جماعة ضغط، وهي جماعة تحاول التأثيرَ على أعضاء هيئة تشريعيّة

2- رئيسة مجلس النواب الأمريكي تمزق خطاب ترامب بعد انتهاء خطابه

https://www.youtube.com/watch?v=vF2YInOLOZs

3- موقع انسان للدراسات الاعلامية دراسة نشرت في 1 ايلول 2022

تحت عنوان

مليار نسمة تكفي..خطة تصفية البشرية بإشاعة المثلية!!

https://www.insan-center.org

4- مقال من اربع حلقات منشور في موقع صحيفة المثقف تحت عنوان

رئاسة ترامب.. هل هي تأسيس الجمهورية الثانية!؟

https://www.almothaqaf.com/aqlam

بين الحين والآخر تُقَدم لنا ستُوديوهات هُوليود، أفلاماً موجودة فقط في الخيال، ولا تمت للحقيقة بأي شكل من الأشكال، وتصور لنا بطولات ليس لها وجود، ولا تقترب من الحقيقة من خلال أفلام، يتم تسويقها لنا على أن الجيش الأمريكي لا يُقهر..

هم تناسوا بالأمس كيف أخرجتهم المقاومة العراقية بذِلٍ، من خلال قتال لم يشهد له العصر الحديث مثالاً، وآخر الهزائم حين هربت من أفغانستان، وتركت حتى جواسيسها الذين تعتمد عليهم بالمعلومات الإستخبارية .

يعتمد البنتاغون وقوة الجيش الأمريكي المفترضة على التقنية بالدرجة الأساس، ومن ثم القواعد المنتشرة في كثير من دول العالم، وعمالة من تشتريهم، وإلاّ كَيفَ يمكنها فرض قوتها في المنطقة العربية، لولا العمالة من بعض حكام العرب؟ وهل بإمكانها الصمود في منطقة بعيدة عنها بمئات الكيلومترات، مالم تكن لها تلك القواعد؟

إستفحالها وصل حد التدخل بقرار تلك الدول، وخير شاهد وقوفها بوجه إنهاء مشكلة الكهرباء في العراق!.. وميناء الفاو الكبير والربط بطريق الحرير، وتظاهراتها التي أوصلت العراق لحافة الهاوية لولا لطف الباري..

تحريض دول المنبع لمياه الدول العربية خصوصاً مشكلة عويصة، والا بماذا تستفيد تركيا من تخزين هذا الحجم الهائل من المياه، سيما أن معظم مقتربات السدود لا تحتاج لمياه بهذا الحجم الكبير، وأن الجيولوجيين حذروا من تأثير هذا الخزن، والذي بحسب تصريحاتهم أنها تؤثر حتى في دوران الكرة الأرضية، مع إختلال التوازن البيئي الكوني، مما سبب لهم هزات أرضية حصدت أرواح بريئة، لأجل خاطر عيون السياسة الخبيثة، في إبتزاز الدول المستفيدة، مهما كانت درجة تلك الدول، وتناسوا أن خالق الأكوان وزع الأرزاق حسب إحتياجهم، والعجيب أن هذا غير مطبق في كل الدول الغربية وأمريكا اللاتينية.. من سوء الطالع أن هذه المقدرات بيد أُناس منزوعي الرحمة، فلا شك ولا ريب أن لأمريكا يداً في ذلك  .

تايوان والصين في توتر ومنذ فترة ليست بالقليلة، وصلت حد دخول حرب مدمرة، سيما وأن الصين اليوم ليست كالأمس، وهي التي بنت المنظومة العسكرية خلال الفترة المنصرمة بهدوء، لتصل الى صناعة صواريخ الفرط صوتية، التي جعلت أمريكا مذهولة.. ناهيك عن التعاون الروسي الصيني التكنولوجي، التي وصلت لأبعاد لا يمكنها بلوغها، لذلك أوجدت عدوا لروسيا كما للصين، من خلال الدفع بالرئيس الأوكراني المعتوه، والتي جاءت به الإنتخابات بالدعم والتهيئة له، ليتربع على كرسي الرئاسة، التي تناست أنها بالأمس كانت من ضمن دول الاتحاد السوفيتي.

إستطاعت التدخل في قرار أوكرانيا والدفع بها لإستنزاف روسيا، حيث جربت معها كل السبل إبتداءاً من الحصار، الى فرض أسعار النفط الروسي، وحضر تصدير الغاز الى أوربا، التي عانت كثيراً من انقطاع الغاز الرخيص عنها، ثم ألبت جهات شبه حكومية لتفجير خط نورد ستريم لتصدير الغاز، لإرغام الدول التي لا تعترف بالحصار الأمريكي، من الحصول والإستفادة من الغاز الروسي، الذي وضع أوربا بموقف حرج، وصعوبة وصول الغاز القطري البديل المفترض لأوربا، مما جعل روسيا من خلال هذا الوضع مستريحة، ولا ننسى كيف نجحت روسيا بالانتقال بالتعامل بالروبل دون الإعتماد على الدولار . 

لم تسلم رقعة من العالم من التدخل الأمريكي، سواء مباشرة او من خلال أدوات، فجعلت العالم على حافة بركان، لولا التعقل من الدول التي تمتلك قوة التدمير الشامل.. هذا لا يعفي بريطانيا التي لعبت على طول القرون المنصرمة ليومنا، الدور الخبيث في صنع المشاكل دون حلول، وابقائها مهما تناهت بالصغر او يمكن حلها، وتتلاعب بها لتصبح كبيرة، كمشكلك الحدود بين الهند وباكستان والكويت والعراق، والسودان ومصر وباقي جوارها، والمعضلة الكبيرة إسرائيل والعرب.. فهل بقي مكان في العالم يخلوا من التدخل الامريكي!

***

رحيم الخالدي

هناك مسألة مهمة ربما لم يقترب منها المؤرخون، تتعلق بتدوين التأريخ في الإسلام، والذي بدأ بعد أكثر من قرن من وفاة قائد الدين.

أي بعد إنتهاء الدولة الأموية، وبداية الدولة العباسية، وعندما بدأ التدوين واجه المدونون تحديا كبيرا ومرعبا، فما لديهم من روايات وأحداث أن المسلمين تقاتلوا عند فجر الدعوة، وفعلوا ببعضهم ما فعلوه منذ الأيام الأولى لوفاة الرسول الكريم، بل أن الصحابة قتل بعضم بعضا.

وعندما يُراد تدوين الأحداث في دولة بلغت ذروة قوتها وهيمنتها، وقدرتها على بسط نفوذها على الدنيا، حضر التوفيق والإجتهاد اللازم لإظهار الحالة بما يناسب عظمتها.

مع أن بناء الدولتين الأموية والعباسية لا يمثل الدين، وإنما سلوك إمبراطوري كغيره من الحالات السابقة له، وكان صراع بين قوى ومواجهة تحديات، وفي الحالتين أستعمل الدين ذريعة للحكم، فالدين كان وسيلة حكم، وبموجبه ضبطت الدولة وخضعت الناس، وصار شعار السمع والطاعة مقدسا، فأي مخالفة وخروج عن إرادة الدولة يكون كفرا.

وإستخدام الدين لبسط النفوذ بدأ منذ عصر الدولة فوق التراب، وهو قديم جدا، ولا توجد قوة في التأريخ لم تستثمر الدين ليكون وسيلتها للهيمنة على ترابها، فالذي يعارض يوصف بالكفر والزندقة، وبما يستوجب القتل.

ولهذا فأن مسيرة الدول الممثلة للإسلام محكومة بإرادة الفقهاء، الذين يسيطرون على حركة العامة ويوجهون سلوكهم، ولا يزال دورهم فاعلا في الزمن المعاصر.

فهل يا ترى أن المدونين الأوائل للتأريخ سيجرؤون على كتابة الحقيقة، أم أن عليهم لوي عنقها وتطويعها لتتوافق وإرادة القوة والسلطة؟

فمن الواضح أن المدوَّن مطوَّع لتأمين هيبة السلطة وقدسية الشخص الأول في الدولة، ويبدو أن المدونين وجدوا في القدسية قوة رادعة ومؤثرة لصناعة الأمن والإستقرار وتأكيد إرادة الحاكم والسلطان، وتتويجها بالمطلق الذي لا يجوز مساءلته.

ولهذا كان دور الخليفة في الدولة العباسية بعد مقتل المتوكل رمزيا، ويضفى على نظام الحكم  القدسية ووجوب الطاعة التامة، فتحقق إستخدام الخلفاء المرهونين المقدسين المصطفين، لتمرير مآرب العديد من الفئات والجماعات، فما دامت الخطب قائمة بإسم الخليفة، حتى صار الإسلام خليفة يمثل الدين وبدونه تهتز عروش أمة الدين.

***

د. صادق السامرائي

لستُ ضد ابداء الآراء البناءة، التي تسهم في تعميق الرؤى السليمة في التنمية وتطوير البلد في كافة مناحيه، لكني اقف بالضد تماما من الطروحات التي تسعى الى تهديم البناء، ووضع العصي في عجلة المسارات التي تخدم المجتمع ..

لقد فوجئت مساء الاحد 25 الحالي، وانا اتابع برنامج "القرار لكم" من قناة "دجلة" بأحد ضيوف البرنامج، يتكلم بما لا يقبله عقل المتابع، ومنطق  الاقتصاد، بشأن اجراءات البنك المركزي العراقي العديدة التي اتخذها مؤخرا في وضع حد لـ "جنون" الدولار امام الدينار العراقي، وهي اجراءات استندت على اسس عملية، ومن تجربة عميقة الجذور قادها بشجاعة وثبات السيد علي العلاق محافظ البنك المركزي المتكئ على خيرة مالية واقتصادية ومصرفية عراقية وعربية ودولية .

إن للإعلام  دورا ايجابيا وسلبيا في نفس الوقت، حيث يكون ايجابيا في تنمية وعي المجتمع بالأحداث بصدق ونبل، وله دور سلبي بما يسمى " الادعاء المريض"، الذي يعمل على اثارة الشكوك والاحقاد، واظن ان حديث ذلك الضيف، كان على هذا المنحى، وإلا بماذا  نفسر تصريحه اللافت وغير المسؤول، في وقت يخوض فيه البلد حربا مع تجار العملة، وسارقي اقتصاد الوطن من ذوي النفوس العليلة، والاسواق الحالية مشرعة امام العوائل للتبضع بمناسبة عيد الاضحى المبارك بقوله: (ان اداء البنك غير محمود) و(التواطئ والسكوت) وهي كلمات بعيدة عن السياقات  المقبولة في النقاش، و اجدها تدخل في نطاق الشكوك، وتشجع على التمرد على الاجراءات  الرسمية وعلى عدم انضباط السوق الموازي، باعتبار ان البنك على خطأ ، من خلال ما ذكره نصا ان " البنك حين يبيع من نافذة العملة 200 مليون دولارا يوميا، فإن 20 مليونا تذهب الى جيوب المستفيدين، لكن لم يوضح ذلك بما يقنع المشاهد .. عجيب !

لقد نسى الضيف، المكانة العالمية التي حظي بها البنك  المركزي العراقي بعهد السيد العلاق  والي تجسدت  بقرار الاتحاد الأوروبي بإعلانه رسمياً خروج البنك المركزي العراقي من قائمة العقوبات التي يفرضها الاتحاد على المؤسسات المالية الدولية، من خلال نشرة الصحيفة الرسمية للاتحاد الأوروبي، التي أكدت فيها إلغاء العقوبات المفروضة على البنك المركزي العراقي منذ ثلاثة عقود التي كانت تنص على حظر التعامل مع مجموعة من المؤسسات المالية وغير المالية العراقية ومنها البنك المركزي العراقي.

ومعروف ان خطوة الاتحاد الاوروبي تلك، جاءت في ضوء ما حققه البنك المركزي من خطوات ملموسة في تحسين أدائه وتطبيق الأنظمة والمعايير الدولية في هذا المجال، وان الاتحاد الاوروبي، وما نعرف عنه من ثبات ودقة ومصداقية وابتعاده عن المحاباة، ما كان له اتخاذ قرار اعادة الروح لبيت المال العراقي، ممثلاً بالبنك المركزي العراقي، دون ان يكون له مجسات ومتابعات لقرارات وألية العمل المهني والاداري في البنك.

وقبلها، حصل العراق على شهادة دولية مصرفية انطلقت من باريس، حيث تم تتوج السيد علي العلاق، كأفضل محافظ بنك عربي لعام 2018. وجاء هذا التتويج في ضوء الإنجازات العديدة التي قام بها على المستوى المحلي والدولي في عدة مجالات كان من أبرزها مراقبة سعر الصرف، وغلق الفجوة  بتأن ورؤية اقتصادية مرنة، بين السعر الرسمي والسعر الموازي، بعد ان كانت تلك الفجوة متسعة بشكل هدد البلد اقتصاديا وسياسيا ، قبل عودة السيد العلاق الى قيادة البنك المركزي من جديد .

لقد تقصدتُ عدم الاشارة لأسم المتحدث في البرنامج، فالرجل ربما لديه ميل او هدف من تصريحاته، لكني اوجه كلامي الى زملائي في الاعلام، ولاسيما المرئي، ان يتوخوا الدقة في اختيار موضوعاتهم التي تدعو الى رصد صفوف المجتمع،  فوسائل الإعلام باختلاف أشكالها يفترض أن تظهر الأثر الإيجابي لخطوات البناء، حيث يعتبر المحتوى الإعلامي المرئي من أهم السبل لتقديم ثقافة إيجابية إلى المجتمع تسهم في الغاء الصورة المغلوطة، وتغيير القناعات والأحكام المسبقة المبنية على الرغبات الشخصية 

وفي النهاية اقول، لستُ مدافعاً عن  السيد العلاق، فأعماله وخطواته محط اهتمام الجميع،  غير اني اقول كمختص في الاعلام منذ ستة عقود ونيف، ان رمي الكلمات غير الموزونة  في نهر رقراق، ودسها بين ثنايا حديث في الاعلام، للإساءة  لمن بنى، بجهد وتمكن، تحت يافطة (الحرص المصطنع)  فربما لهذه اليافطة مآرب ومنغصات لا تخفى على العقول الواعية .

***

زيد الحلي

السلوك البشري سلسلة من التفاعلات المتشابكة المعقدة المتوالدة، الساعية نحو الإمتداد والإتساع والإصطراع، ويتجسد ذلك بوضوح وغموض في السلوك الجماعي.

ففي أي إنطلاقة، مهما كان نوعها وطبيعتها، تخطو بوقت واحد آليات إبتدائية وإنحرافية، فكل حركة تلد ما يشدّها للوراء حال تحركها.

وهذا ينطبق على الثورات والأحزاب والتنظيمات والأديان والسلوكيات الجماعية كافة، ويكاد يكون قانونا كونيا مطلقا.

فلا توجد حركة أو ثورة أو عقيدة بلا إنحرافات ترافقها منذ بدايتها.

الثورة الفرنسية إنطلقت بمبادئها وإنحرافاتها، وكذلك الأمريكية والروسية والصينية، والأحزاب بأنواعها، والأنظمة السياسية قاطبة، فلا نشاط مجرد من الإنحراف، إن كان فرديا أو جماعيا، فالإنحراف السلوكي متلازمة ذات تطلعات بقائية محكومة بقوانين الدوران.

العلاقات البشرية ترافقت مع إنحرافات متنوعة، وإنحرافها الرئيسي الجريمة، وكل علاقة ما بين البشر تكنز نوازع إنحرافية كامنة فيها.

وهذا ينطبق على الأديان، ولا يشذ عنها الإسلام، فمنذ بداياته ترافقت معه إرادات سامية وأخرى منحرفة، وكان من أبرز علاماتها، أبو جهل، وأبو لهب، وغيرهم من قادة المجابهة والداعين للإنحراف، وهم من أقرباء النبي المناهضين له.

وفي الواقع المعاصر هناك فهم أعوج وتضليل وتخريف ينتشر في المواقع والصحف والكتب ووسائل الإعلام، يُراد منه الإيهام على أن الإسلام ثورة أو حركة أو عقيدة مثالية جاءت للملائكة لا للبشر، وأن قادتها من المقدسين الذين لا ينحرفون.

الإسلام حركة بشرية وموجهة للبشر، ويقودها نبي بشر مثلهم ينقل رسالة ربه إلى الناس أجمعين، وما دامت الحالة بشرية فأنها حتما ستكون ذات تفاعلات معبأة بالتجاذبات والتنافرات، ولا يمكنها أن تكون مثالية، وأن البشر الذي إنطلق بها معصوم من الخطأ ومكتوب عليه الصواب وحسب.

وما يميز الإسلام أن نسبة الصواب فيه أكبر من الخطأ، وإن ترافق الصواب والخطأ في مسيرته، لكنه حقق بقاءً وإمتدادا وتواصلا متطورا، يتأكد في أن المسلمين ربع سكان الأرض وفي إزدياد، وهذا دليل دامغ على أن المسيرة بما حملته من إنحرافات وأخطاء، إنتصر فيها الصحيح على الخطأ وتأكد الصلاح.

والذين ينكرون هذه الحقيقة الصيروراتية الحضارية، يسعون إلى تدمير الإسلام والمسلمين، وتضليلهم بأن الإسلام يجب أن يكون مثاليا، ورموزه المقدسين المعصومين من الخطأ، ونبيّ الإسلام في القرآن يوصف بأنه بشر والبشر يخطأ، فكيف يصح بالأفهام أن يكون البشر الآخر لا يخطأ؟!!

هذه التوجهات تأخذ المسلمين إلى سلوكيات ذات تداعيات خطيرة، وتهدف لتدمير الإسلام وتحويله إلى حركة سياسية أو حزب سياسي، شأنه شأن باقي الأحزاب المحكومة بالخسران، فذات يوم سينتصر عليها ما تأسّن فيها من الإنحرافات القاتلة.

بينما لو تأملنا مسيرة الإسلام بدوله المتعاقبة، نرى أنه قد سمى بالوجود البشري إلى مستويات إنسانية راقية علميا وثقافيا وأخلاقيا وإعتقاديا وحضاريا، رغم ترافقه بإنحرافات متنوعة وتفاعلات سلبية متجددة في معظم مراحله ولا يزال، لكن أعداء الإسلام يؤكدون على الأخطاء والسلبيات التي رافقت مسيرته، وينكرون الإنجازات والتأثيرات الإيجابية على مسيرة البشرية.

وعندما إستلموا الحكم، حققوا أعظم درجات الفساد والإفساد، وسفكوا الدماء وخربوا البلاد، ولا يزالون يمعنون بالسلوكيات المناهضة لأبسط القيم والمعايير الإنسانية، لكنهم يلهجون بإسم الإسلام ويحسبون ما يقومون به الحق والصراط والمستقيم.

يقتلون ويفسدون ويشردون وينتهكون الحرمات ويظلمون ويقهرون، ويعذبون ويغتصبون الحقوق، ويسبّحون بإسم ربهم ويعلنون أنهم أصحاب الدين والغيارى عليه، وهم ألد أعدائه بأعمالهم وما يرتكبونه من خطايا وآثام وجرائم مرعبة بإسم الدين.

وهم في ذات الوقت من أشد أعداء المسيرة المنيرة، التي أخرجت البشرية في غرب الأرض وشرقها من الظلمات إلى النور العقلي والمعرفي والإبداعي الذي نتنعم بمعطياته اليوم، فلولا أنوارها العقلية والفكرية، لما خرجت أوربا من ظلمات عصورها، وإمتطت صهوة الثورات التنويرية والإشراق العلمي والمعرفي،  الذي لا تزال تقوده وترفده بالمستجدات الساطعة.

هؤلاء أما يجهلون الإسلام أو يعادونه ويحاولون التقنع به، فلا يمكن تفسير سلوكهم وما تخطه أقلامهم وتتمنطق به أعلامهم من التضليل والتشهير والتدمير لأبسط معاني الدين، وهي ترفع رايات الدين وتحسب نفسها السلطان الأمين على الدين، وعندما تسألها عما قدمته للدين، لا تجد إلا الفساد وإنتهاك الحرمات والعدوان المروّع على العباد.

إنهم يطعنون الإسلام بمدية الإسلام، ويُجهّلون المسلمين بالإسلام، بذرائع ما أنزل الله بها من سلطان، وتلك محنة الإسلام بالإسلام، وبلاء المسلمين بالمسلمين.

ولن ينجوَ الدين وأهله من هذه الورطة المبرمجة، إلا بالعودة للقرآن، والتخلص من أفك الذين يسمون أنفسهم (رجال الدين)، وهم من دعاة النفوس الأمّارة بالسوء والبغضاء . والعدوان على القيم والعقائد والأديان والعباد، والمخربين للنفوس والعقول والقلوب والبلاد.

فأين الدين يا أمة الرحمن الرحيم؟!!

***

د. ضادق السامرائي

شكلت عملية التمرد التي قامت بها مجموعة “فاغنر” الروسية منعطفًا كاد ان يكون الأصعب في مشهد الحرب الروسية الأوكرانية في منتصف عامها الثاني؛ فبينما تواجه روسيا تحدي شن أوكرانيا لعملية الهجوم المضاد، وواجهة تمردًا مسلحًا من مجموعة “فاغنر” على الجبهة الداخلية الروسية. وفي هذا السياق، واتجهت الأنظار نحو كيفية تعامل القيادة الروسية مع التمرد، والطريقة التي سيتم احتواؤه بها، لاسيما وأن محاولات التفاوض لإنهاء التمرد بشكل سلمي يبدو أنها باءت بالفشل، وبالتالي لجأت موسكو إلى إصدار قرارات  لاستخدام القوة ضد التمرد. 

وهو تمرد سيفرض على موسكو  حسابات وتحركات دقيقة للتعامل مع قائمة طويلة من التحديات، منها ما يتعلق بكيفية المواجهة في داخل أراضيها، والكلفة التي تتعلق بتقليل الخسائر على المدنيين والبنية التحتية، والمدى الزمني المطلوب للحسم؛ فكلما طال أمد المعركة ستكون هناك فرصة لتمدد نطاق المعركة وتغذية القوى الخارجية لها بوصفها فرصة لإضعاف روسيا في الجبهة الأوكرانية، إضافة إلى تحدي استدارة “فاغنر” لقتال القوات الروسية في الجبهة الأوكرانية من الخطوط الخلفية، فضلًا عن توظيف خصوم موسكو لهذه التطورات. وعلى مجموعة من الملاحظات في إطار تقدير هذا الموقف،على كل حال يمكن القول أن تمرد “فاغنر” تمثل مغامرة غير محسوبة من جانب قائد المجموعة يجفيني بروجوجين، الذي خسر الرهان بعد أن انحياز الرئيس فلاديمير بوتين له في معركته ضد قيادة الجيش في البداية ؛ فقد حسم “بوتين” الموقف على نحو ما كان متصورًا بالانتصار للدولة والجيش ضد عصيان “فاجنر” ووصم العملية الإجرامية ضد الدولة وجيشها ودستورها وشعبها، والتأكيد على التعامل الحاسم معها لإنهاء هذا التمرد بوصفه طعنة من الظهر.

وتكاتف مؤسسات الدولة مع هذا التوجه، حيث تمت عملية مداهمة مقر “فاغنر” في سان بطرسبرج، ونُشرت قوات مكافحة الإرهاب في العاصمة، وأصدر مجلس الدوما الروسي بيانًا يدين الموقف ويشدد على التعامل الحاسم معه، فيما بدأ الجيش التحرك لإحباط العملية عبر تقويض دوائر الحركة في دائرة التمرد حول “روستوف”.إلا أن القرار الذي اتخذه بخروجِ بريغوجين قائد" فاغنر" من روستوف ادى الى اصدار الكرملين بيان لم يتمَ فيه اتخاذُ قرار بحقه والمقاتلين معه و في منع التعقيب بحقهم ومن أنّ روسيا وافقتْ على خروجِ بريغوجين إلى بيلاروسيا بعدَ جهودِ وساطةِ الرئيسِ البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو لإنهاءِ التمرد. بدورِها، قالتْ بيلاروسيا إنّ بريغوجين وافقَ على مقترحِ الرئيس لوكاشينكو بشأنِ تهدئةِ الوضع ووقفِ تقدّمِ قواتِه نحوَ موسكو بعدَ أنْ منحَ الرئيسُ الروسي فلاديمير بوتين ضماناتٍ أمنية لمقاتلي فاغنر. وفي وقتٍ سابق، قالَ بريغوجين إنّه قرَّرَ إعادةَ مقاتليهِ إلى قواعدِهم حقناً للدماء ووقفَ تقدُّمَهُ نحوَ العاصمةِ الروسية موسكو بعدَ أنْ أصبحتْ قواتُه على بُعْدِ مئتي كيلومتر... ولكن كل التوقعات تشير بأن نهاية بريغوجين سوف تكون قريبة كما كان مصير المعارضين السابقين حيث لن يقف بوتين كما عرف عنه مكتوف الايدي تجاه معارضية ولن يمر التمرد بشكل سهل دون حسابات اخرى يخطط لها

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

مررت على حساب عام يعرض مواقف الإحراج والإرتباك التي تتعرض لها الآنسات المقبلات على الزواج وقت الخطبة والنظرة الشرعية وعلى الرغم من عرض تلك المواقف بطريقة فكاهية تحمل في طيها دلالات على شدة حياء الفتاة كنوع من الفخر إلا أن ما قرأته أحزنني لأنه يكشف الستار عن جذور المشكلة الأزلية التي تعاني منها زيجاتنا من فشل ذريع.

في ثقافتنا العربية قمعنا الفتيات للحد الكافي الذي تسبب لهن بما أسميه بالتشوهات العاطفية فعلى البنت المحترمة البريئة أن تتسم بالجهل التام بالتعامل مع الجنس الآخر وبالتالي لإحتياجاتها العاطفية والأنثوية وأن تصاب بالإرتباك أو الإضطراب عند أي محاولة إقتراب عاطفي بينها وبين الرجل وذلك يتمثل في مرحلة الخطوبة وما قبلها أثناء النظرة الشرعية.

أن تدخل على شاب تراه لأول مره في حياتها تقدم له عصير أو مجرد تجلس أمامه بلا حراك، بلا كلام لعدة دقائق يتحتم عليها أن تتخذ مصيرها كاملاً على إثرها.

تقول إحداهن: "في النظرة الشرعية أصبت بنوبة من البكاء الهستيري للحد الذي دفع العريس للشفقة عليها"

وأخرى تقول: "لم تستطع الحراك تصلبت وكأنها صنم"

وتلك التي منعها والدها من الظهور إلا بإرتداء الحجاب!

أو  من خرجت لخاطبها مرتدية نقاب من شدة الخجل.

ومن جهه أخرى يعتبر أن الحظ حالفهن بالسماح لمثل تلك الفرصة من أهاليهن حيث أن كثير من العوائل لا يسمحون بالنظرة الشرعية مطلقاً ولايرى العروسين بعضهم إلا ليلة الزواج، الغريب أن هناك من يرى في تلك المواقف جاذبية وكما أشرت سابقاً دليل على حسن تربية البنت والويل ثم الويل لمن خرجت لخاطب واثقة في نفسها تتكلم بشكل طبيعي وتسأله او ربما تحاوره عن أمور ضرورية لإتخاذ قرار مصيري مناسب، المعضلة الأخرى هي  حينما تتم الموافقة كإحصائية تقديرية فإن معظم الزيجات تتم خلال ثلاثة إلى ستة أشهر من تاريخ تلك النظرة الشرعية العجيبة

حسب رأي الطب النفسي يحتاج الشريكين لما لا يقل عن ثلاثة أشهر ليعرف أحدهما الآخر بشكل أوضح حيث أن الأشهر الأولى من التعارف يحرص الطرفين على إظهار أفضل ما لديهما وذلك يتم بشكل شعوري أو لا شعوري حيث أن تلك المرحلة الوردية أو ماتعرف ب "سحر البدايات"ًتشكل خطر الوقوع في علاقة سامة مع شخص متلاعب او نرجسي واكتشاف ذلك بعد فوات الآوان، مايحصل في ثقافتنا أننا نعزز أفكار غريبة مثل: "كلما طالت فترة الخطوبة كلما كثرت المشاكل الأفضل أن يكتشف كل شخص الآخر بعد الزواج" "الزواج يغير الطباع" "لابد من التغاضي عن صفات يتسم بها جميع الرجال او جميع النساء"

وعلى الصعيد الآخر فإن تنشئة الرجل تحثه على الكتمان وعلى عدم إظهار المشاعر والضعف والتعبير كذلك عن الإحتياجات العاطفية وإعتبار ذلك إختصاص نسائي هستيري لايليق برجل يتسم بالعنترة والفحولة المطلقة لينتج عن ذلك إرتباط بين فتاة ساذجة عاطفية وشاب مكبوت وغياب تام للتواصل. 

قد يرد البعض أن تلك مجرد عادات وتقاليد وأن الزمن اختلف الآن ولكني أؤكد أن تلك العادات لم تندثر أو من يتغنى بجيل الطيبين وجيل أجدادنا الذين تزوجوا بتلك الطريقة الناجحة وأنجبونا وكانت حياتهم سعيدة ومستقرة وهنا أقول لو كانت علاقاتهم ناجحه لما أتينا نحن بعقدنا النفسية إنجابنا بهذا الشكل وبكل تلك العقد هي دليل على فشل معظم تلك العلاقات لكننا لم نكن نرى سوا القشور وذلك عائد كذلك الى ثقافة "إخفاء الأوساخ تحت السجادة" ليبدو المكان نظيف

فنحن لا نعرف ماذا تطلب من الأجداد من ضغط نفسي وعاطفي لإنجاح هذا الثبات الظاهري.

قد يعتقد البعض أني أنتقد الحياء الحقيقة هي أني أنتقد مفهومنا عن الحياء الذي يتمثل بالضعف وقلة الثقة بالنفس والإضطراب النفسي، أنا أؤمن الإحترام بالذوق بالنزاهه والعفة بالمسؤولية الأخلاقية للطرفين بدل من تحميل الأنثى وحدها ذلك العبء.

***

لمى ابولنجا - السعودية

أتمنى ألاّ تضايق ملاحظاتي التي سأطرحها في هذه الزاوية السادة المسؤولين عن القضاء في العراق، فما نكتبه في النهاية مجرد "حجي جرايد" كما يصر الكثير من مسؤولينا وساستنا. قرأت قبل أيام قليلة الخبر الذي يقول إن رئاسة محكمة استئناف بغداد الكرخ،

أعلنت تسلمها ملف التحقيق الإداري الخاص بالشكاوى ضد لجنة أبو رغيف. ولأنني من هواة "البحوشة"، فقد اكتشفت أن القضاء نفسه وفي أيلول من عام 2020 اعتبر أن لجنة ابو رغيف قد "التزمت بتطبيق جميع معايير حقوق الإنسان التي نص عليها الدستور". وبعد شهر واحد بالتمام والكمال عاد القضاء نفسه ليصدر بياناً علق فيه على الشكاوى ضد اللجنة، وجاء في البيان الجديد بأن: "جميع معتقلي لجنة ابو رغيف قد التقوا بذويهم أو محاميهم، وأن هذا حق مضمون قانوناً". هل أنا أدافع عن لجنة ابو رغيف؟.. لا ياسادة فأنا مواطن مغلوب على أمره يريد أن يعرف الحقيقة، وكيف تحول متهم مثل مدير المصرف الزراعي السابق إلى مناضل يتجول في الفصائيات يشرح لنا كيف عانى في السجن.. ولم يسأل أحد السيد المدير السابق عن البيان الذي أصدرته لجنة النزاهة في حزيران عام 2021 والذي يقول إن "دائرة التحقيقات في الهيأة أفادت بتجريم محكمة التمييز الاتحادية المدان: مدير المصرف الزراعي، من خلال المصادقة على قرار محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزيَّة القاضي بالسجن مدة ست سنواتٍ" . طبعاً من حق السيد مدير المصرف الزراعي أن يشكو من الظلم الذي وقع عليه فالرجل لم يتورط سوى بعدد قليل من ملايين الدولارات، بينما الذين نهبوا المليارات يخرجون في الفضائيات يصرخون "وا نزاهة"، كما أن من حق السيد جمال الكربولي أن يشكو ظلم السياسة بعد أن سهلت له أن يجلس على قائمة كبار الأغنياء، ومهدت له ولأحد أشقائه لفلفة أموال وزارة الصناعة مثلما تمت لفلفة الأموال التي تم التبرع بها لجمعية الهلال الأحمر. أيها السادة الأهم من الحديث المكرر عن لجنة ابو رغيف هو حق الشعب في أن يعرف من الذي سرق أمواله ومستقبل أبنائه. السؤال الجوهري لم يكن هو: كم مسؤولاً متهماً بسرقة أموال البلاد؟ ثم ــ وهذا هو الأهم ــ من الذي يتحمل مسؤولية ضياع مئات المليارات من موازنة العراق؟. ونريد كشعب أن نعرف أليست هناك ملفات فساد كثيرة لم يقترب منها أحد حتى هذه اللحظة لا لشيء إلا لأنها تمس أشخاصاً تحرص الدولة على عدم الاقتراب منهم، بل أن البعض ممن ملأ الفضائيات أغاني وحكايات عن النزاهة والشفافية، حيث تحول الفاسد والمرتشي إلى خطيب مفوّه عن الفضيلة والأمانة.

***

علي حسين

سؤال طرح كثيرا في النقاشات السياسية في التلفاز وفي المقاهي وحتى في الباص وهو: كيف يمكن ان نشهد ولادة دولة قوية مع وجود مجموعة شركاء متنافرين مختلفين وبعضهم غارقين بالفساد، مع تعدد الولاءات الخارجية، وتقديم المصلحة الفئوية على مصلحة البلد! لذلك من الصعب القول انها دولة قوية، مع مرور عشرون عاما على الخلاص من حكم الطاغية صدام، لكن بقي البناء متلكأ، نعم مر البلد بظروف استثنائية، لكنها ايضا بسبب هشاشة الدولة واختلاف الشركاء وتعدد الولاءات، والا لما حصل ما حصل.

سؤال آخر مهم: هل هناك مشروع لبناء دولة قوية يتبناه الشركاء ومطروح في العلن وخلفه ارادة سياسية؟

- الأحزاب ومشروع الدولة القوية

عمليا يمكن القول لا توجد اي مشاريع لبناء دولة قوية، فقط شعارات وتصريحات للاستهلاك الاعلامي والضحك على السذج، اما الواقع الفعلي فان العمل خلاف ذلك خصوصا في فترة الكاظمي حيث تبخر وجود الدولة تماما، نعم الان نستشعر وجود الدولة عبر السيد السوداني ومساعيه في تغيير الواقع، لكن الشركاء على نفس نياتهم السابقة، وتراكمات العشرون عاما صعب ان يذيبها جهد رجل واحد، ويشخص كل العراقيين ان هنالك خلال في النظام الانتخابي لانه لا ينتج الا الشركاء ونفس نسبهم، لذلك صعب جدا بناء دولة حقيقية فيها سيادة للقانون على كل الأفراد.

حتى ان بين فترة واخرى تنطلق اخبار مساعي لاسقاط النظام والانقلاب على الشرعية، كما أوضحها احد الساسة المعتقين في تصريحات علنية حدد توقيتها في عام 2024 وقال: "يسقط جميع الشركاء بقبضة قوى خارجية قوية".

لذلك من الصعب أن تتواجد دولة قوية في القريب العاجل ضمن هذه الظروف الموضوعية.

- شعارات × شعارات

مشكلة اغلب الاحزاب ان مازالت تعيش ثوب المعارضة، مع انها شركية في الحكم، لكنها تصور نفسها لجمهورها أنها معارضة وضد الفساد، في شعارات فارغة غير واقعية لتسفيه وعي الجمهور، والغير انه يصدق ما يلقن به! فبعض الساسة والاحزاب كل همها ان تدغدغ مشاعر الجمهور وتناغي مشاعره، وتعبر عن ما في داخله، وتنهق في العلن مطالبة بدولة قوية ذات قانون وسيادة، وتلعن الفاسدين، مع انها شريك في الحكم وشريك بالفساد وشريك بتقاسم الكعكة، وانها لها حصص ثابتة في الوزارات والمؤسسات والصفقات الخفية.

واغلب هذه الشعارات يرفعها الساسة منذ التسعينات ولم تتغير مع ان كل شيء تغير، وهم الآن في الحكم وبيدهم السلطة.

ونجد التحشيد من الان عبر نفس شعارات العتيقة بصور زاهية  تناسب مرحلة الانتخابات القادمة، بأنهم ضد الفساد وضد الدولة الضعيفة، ومن جديد يسعون لكسب ود الشباب والناس المتعبة من عقدين ضاعت فيها ابسط حقوق الانسان مثل توفر العمل او السكن.

- ثقافة الأحزاب

يمكن القول أن الشعار السياسي أنه يعبر عن ثقافة الحزب، وإذا ذهبنا للساحة اللبنانية التي تشابه الساحة العراقية بكثير من الوجوه ومنها ضعف الدولة وتنوع الشركاء، فاننا نلاحظ ان الشعار هناك يمثل جزء من روح وحركة الحزب، ويتناغم مع نبض الشارع المحلي، وهي تنطلق من فكرة ورؤية مستقبلية، وان يصمد الشعار أمام عاصفة الانتخابات والشعارات المضادة لأفكار مخالفة، مع التركيز على الثوابت مثل الدستور.

لكن في الساحة العراقية نجد ان بعض الاحزاب تشكك في كل شيء حتى في الدستور، وترسم للجمهور خط التشكيك لتسير به، وتحارب بعنوان الخيانة كل المختلفين معهم، فهي تترفع عن الكل تعتبر نفسها صاحبة الحق المطلق، مع أنها واقعا شريك في كل شيء طيلة عشرون عاما.

لذلك إن أردنا تغيير الواقع يجب أن تتغير ثقافة الأحزاب وتكون مبنية على احترام الآخر، والاعتقاد بأن الكل سواسية امام القانون، وان الانتخابات يجب ان تكون بعيد عن شعارات المزايدة التي تستخدم فقط تسقيط الاخر من دون أن يكون لها اي امكانية لتحقيقها مستقبلا.

-عوامل الانهيار

يمكن تلخيصها في:

1- ارتفاع الصوت الطائفي او الفئوي والتشديد على مصلحة الحزب فوق اي مصلحة اخرى.

2- ثقافة الحق المطلق التي تلتزم بها بعض الأحزاب وتعاليها عن الشركاء سيكون احد اكبر عوامل انهيار الدولة.

3- الكذب على الجماهير عبر شعارات فارغة لا يسعى الأحزاب لتنفيذها فقط لتدغدغ مشاعر الجمهور وتجعله أسير الحلم وكي تضمن انها يبعها موالي لها يعطيها صوته.

4- تسقيط الآخر عبر مختلف الوسائل فقط لانه ينافس على الحكم، فلا تجد الا سلاح التسقيط وبأي أسلوب كان يتخذ من شعار الطغاة الغاية تبرر الوسيلة منهج عملي لها.

5- محاربة سيادة القانون لانه يعني انتهاء زمن سطوتها وتقليص مكاسبها، لذلك هي شديدة الحرص على ضعف القانون.

6- غياب مشروع بناء دولة قوية ذات منهج عادل عن الأحزاب الكبيرة المتنافسة على الحكم.

- اخيرا:

الامنيات كبيرة بان يتحول العراق لدولة حقيقية فيها سيادة للقانون على الكل، وفيها يرتفع الوعي وتختفي الخرافة، وان تكون دولة عادلة تدافع عن الانسان حتى أمام الديناصورات الكبيرة، وأن تكون دولة راعية للفقراء وكبار السن وتحفظ كرامتهم وتوفر لهم كل ما يحتاجونه، وان تكون الأحزاب واعية بثقافة انسانية راقية، وأن يختفي الصوت الطائفي ويرتفع صوت الوطن، وان تكون الأحزاب صادقه مع جماهيرها، وشعاراتها نابعة من الصدق، عندها نجد الحلم الذي تبحث عنه الاجيال العراقية عبر القرون.

***

الكاتب: اسعد عبد الله عبدعلي

من أفظع الأخطاء التي إرتكبها هارون الرشيد (170- 193) هجرية، وتدل على قلة خبرة ودراية بالحكم، أنه جعل ولاية العهد لولديه الأمين والمأمون وأضاف إليهما المؤتمن، وتوهم بأنه سيوزع الدولة العباسية فيما بينهم، ويحافظ عليها.

والذي يغفله – عن قصد – المؤرخون أنه قد سلم أمور الدولة للبرامكة منذ أول يوم أصبح فيه خليفة، بعد موت أخيه الهادي المشكوك به، والذي حاول خلعه فوقف إلى جانبه آل برمك، وبسببهم صار خليفة.

هارون الرشيد لم يتعلم من تجربته مع أخيه، الذي حاول خلعه بشتى السبل، وكاد أن يرضخ له لولا البرامكة الذين منعوه.

الأمين والمأمون من أثقف القادة في التأريخ، لأن أباهم  أحضر جهابذة المعارف المعاصرين لتعليمهما منذ الصغر، وكان يُعدّهما لقيادة الدولة.

وما جرى بينهما ليس بين أخوين من أمَّين مختلفتين، وإنما بين العرب والفرس، بين وزير الأمين (الفضل بن الربيع) ووزير المأمون (الفضل بن سهل)، والسعي العارم لدى العرب للحفاظ على هيبتهم وهيمنتهم القيادية.

وتم محق الأمين وذريته بالكامل بواسطة (طاهر بن الحسين)، سنة (198) هجرية، وحُمل رأسه إلى أخيه المأمون في خراسان، وأصاب أمه زبيدة الإذلال الشديد.

ولهذه الحالة وقعها النفسي والسلوكي المروع عند المأمون، فتردد عن القدوم إلى بغداد لسنوات، وأبى أن يولي إبنه العباس من بعده، وعهد بالولاية لأخية المعتصم، الذي أباد ذرية المأمون بعد عودته من عمورية، لتآمر العباس (إبن المأمون) عليه مع عدد من القادة.

فالتأريخ يحدثنا بوضوح أن الإثنين أبيدوا عن بكرة أبيهم، وأفلح الأتراك بالقيادة والهيمنة على الدولة العباسية، فبعدهما تحولت الخلافة إلى صراعات مروعة بين بني العباس، وهي تفاعلات سلبية لم يتعمق فيها المأرخون.

فبعد مقتل الأمين، صار قتل الخلفاء سهلا، والتماحق بين الأخوة والأعمام في ذروته، مما أوجد ثغرة للأغراب ليتسللوا إلى واجهة السلطة والحكم، فأصبح الموالي قادة وأصحاب شأن كبير.

فما جرى كان البوابة التي تسببت بسلسلة من التداعيات الدامية القاسية، الهادفة إلى الجلوس على كرسي الخلافة مهما كان الثمن، حتى ولو بقتل الإبن لأبيه والأخ لأخيه وإبن العم لإبن عمه.

فلا تقل الأمين والمأمون تقاتلا، بل تم قتلهما ومحق ذريتهما، ومضت الخلافة في نسل المعتصم الذي تقاتل العديد منهم وتماحقوا، لكن مسيرتهم تواصلت حتى سقوط بغداد (1258) وما بعدها لسنوات في مصر.

***

د. صادق السامرائي

لم تكن احتجاجات الشيوخ والفقهاء والدعاة والرقاة والحجامة - كما يبدو من الوهلة الأولى- دفاعا عن جنة الله التي أعدها لعباده الصالحين، التي يعلمون علم اليقين أن دخولها لا يكون بصلاة ولا بصيامه ولا حتى بحجه وزكاته، وإنما هي مرهونة بفضل الله ورحمته التي وسعت كل شيء، بدليل قوله سبحانه وتعالى: "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " وقوله صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ". قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَة"، وإنما كانت احتجاجاتهم من أجل قطع الطريق أمام كل المشتغلين بالفكر والحرف، وإسكات أصوات والتنويريين الداعين للتخلص من قبضة خرافات وأساطير رجال الدين الذين فند الدكتور "الفايد"-الذي كان إلى الأمس القريب، أحد أشرس مسانديهم في هديهم وظلامهم، فهداه الله سبيله المستقيم، وخرج عن طوعهم- ادعاءهم بعدم دخول غير المسلم الجنة - التي يوهمون الناس بتملك مفاتيحها - حتى لو كانوا من الذين قدموا للبشرية ما ينفعها، من المخترعين الذين أفادوا البشرية بمخترعاتهم، التصريح / الزلزل الذي دفع بـ"رجال الدين" لتجييش كل مرهبات قوى التخلف، من الأتباع المغيبين ومساعديهم المرابطين في المساجد والجمعيات الخيرية الإسلاموية والتي لا تجمع بينها إلا الراديكالية الدينية المتغلغلة في كل ركن من البلاد، المعطلة لحركة التحرر والحرية في الوطن العربي وتراجع اللائكية فيه، وتمكين سيطرة النزعة اللاهوتية، وتأبيد الظلامية الأصولية المدثرة برداء الإسلام السياسي، الممهد لدولة الخلافة، الحلم الأزلي المكبوت، الذي يسقطون على مفاهيمه المتخلفة، مفاهيم الواقع الجديد، وتحويله في غفلة من العقل النقدي، إلى مسلمة وبديهة تداع في الشارع والمدرسة ووسائل الإعلام، من خلال سلاسل طويلة ومعقدة من المناورات السياسية والأيديولوجيات الدينية، التي تُنتخب لها بعض آيات القرآن وحفنة من الأحاديث النبوية لتضليل الرأي العام وتهيئته لقبولها كنظام حداثوي، يعيش في عصرين متباعدين، أو حداثة إسلاموية يتمدن خلالها الجسد ويبقى العقل في معزل عن التمدن والحضارة، لا يجرؤ على تعقل الواقع، ولا يستطيع انتقاد الخرافات والأساطير التي تعشش في مجتمعه وتراثه الديني على وجه الخصوص، الذي يتحول، بوعي أو دون وعي، إلى سند ثقافي وإعلامي للظلامية التي يتحكم فيها الأموات في الأحياء ويجعلونهم لا يرون الانحطاط الذي لم تُعرف له نسخة أشد حزنا ولا أكثر مسخا مما عرفته في بلاد العرب، التي يتوهم نخبها الإسلاموية أن التحضر يأتي على قوارب الدين، كما كنا ومازلنا نسمع بأن أوروبا مَدينة بحضارتها للعرب المسلمين الذين نقلوا أممها من الوحشية إلى الإنسانية، مادةً وعقلاً وأخلاقاً، وعلموا شعوبها النصرانية حرية الفكر واستقامة الدين والتسامح في المعتقد أثمن صفات الإنسان المتمثلة في، الطرح الذي إذا صح وكان العرب، في أدوار الإسلام الأولى، هم أول من علم العالم الأخلاق، وكانت المدنية الغربية الحديثة قد استنارت حقا بمعالم المنهجية الإسلامية، فقد كان من باب الأولى والواجب أن يستنير المسلمون بها نحو طريق المعرفة، ويكونوا أرقى أخلاقا من كل أمم الأرض، بدل استسلامهم لهذا الوضع القبيح الذي وصل إليه حالهم، من انحطاط الواقع الذي على مدى فشل تلك الأسطورة التي هي جزء من لعبة كبرى تديرها جماعات المشايخ والمتفقهين والدعاة، الذين يستغلون الدين وأحكامه وشرائعه في حروبهم ومعاركهم وغزواتهم وجرائمهم من أجل هيمنتهم على حياة الناس المادية والاجتماعية، وتحديد إدراك الناس الداخلي والخارجي وقولبته في إطار من القرابين والأضاحي والإخلاص التام لهم، القولبة التي تعطي الإنسان انطباعًا بأن حياته محكومة بهذه الكائنات التي لا تفرق بين الإسلام كدين وثقافة، وكطريقة من بين الطرق الكثيرة المختلفة والمتنوعة للوصول للحق والحقيقة، والتي لا يمكن التوقع مع احكمها التراكم الكمي والنوعي في حياة البشر وتشكيل مصائرهم، إلا المزيد من الأحوال الصعبة التي عمت كل المجالات الفكرية والنفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، التي حولت المعانين منها إلى آلة خراب وتخريب خطيرة تمددت في كل الأشياء وفي كافة الاتجاهات، بغية إشباع بعض الرغبات المكبوتة أو للتمويه عن الإفلاس البين لبعض الذوات، التي ما خفي منها أعظم.

***

حميد طولست

ما بينَ فترة وأخرى يخرج لنا أحد أفراد طبقة العملية السياسية الحاكمة في العراق أو أحد موظفيهم في الاعلام قائلا ما مضمونه: أن النظام السياسي الحاكم بحاجة إلى وقت كي ينضج وهذه (٢٠) عاما غير كافية والأنظمة الديمقراطية في العالم احتاجت وقتٌ أكبر. انتهى.

نقول بإجابة مختصرة:

نحن نعتقد وثبتَ واقعيا ونظريا وعن تجربة بشرية لعقود من الزمن بأن كافة أنواع أنظمة الحكم في العالم بجميع مسمياتها: الأنظمة البرلمانية الديمقراطية، الملكية، الجمهورية، الفدرالية، الكونفدرالية، الرئاسية، الاشتراكية البرلمانية الديمقراطية، الشيوعية البرجوازية، المختلطة..الخ. كلها بالحقيقة أنظمة رأسمالية واقعيا ونظريا وعمليا وأن اختلفت مسمياتها وألوانها، واختلاف المسمى لخداع الناس، وجميعها تحت هيمنة (دكتاتورية الرأسمالية).. لذا أن نتيجة عمل هذه الأنظمة كانت وحاليا ومستقبلا تنتج نفس التعامل الواقعي مع حياة الناس واحتياجاتهم من قسوة اقتصادية وقمع للحريات وتفاوت طبقي وأزمات مالية وحربية وانهيار بيئي وتجهيل مجتمعي وجرائم منظمة وفساد قانوني ومشرعن..الخ.

لكن ما يوجد من فرق بين “دول” العالم في مستوى التطور الخدمي وتفاوت بالحريات وتباين الأفضلية هو حصل نتيجة انتفاضات جماهيرية متعددة منها فاشلة لم تتمكن من أخذ زمام السلطة السياسية أو ناجحة تمكنت من أخذ السلطة السياسية.. حيث أن (الفاشلة) فرضت الجماهير فيها شروطها ومطالبها على نفس النظام الحاكم ونفذه الأخير كي ينهيها ويحافظ على مكانة نظامه ومكتسباته لذا

حدث شيئا من التطور والتقدم وفقاً لهذه الشروط والمطالب، وأما (الناجحة) فتمكنت الجماهير من تحويل مطالبهم وحاجاتهم وشروطهم إلى دستور وقانون وبيدهم السلطة السياسية التنفيذية.

وعليه بهذه الحالتين فقط وتكرارهما يوجد التطور والتمايز بين دولة وأخرى، بدليل؛ لو رجعنا إلى أي إنجاز في العالم وفي أي بقعة به نجد أصل هذا الانجاز هو مطلب جماهيري بإحدى الانتفاضات في التأريخ أو ثورة تمكنت من أخذ السلطة السياسية ونفذت هذا المنجز.

ملاحظة: في هذه الأنظمة أعلاه لا يوجد سياسي ناجح نهائيا تاريخيا ومعاصرا ومستقبلا لكن بيدهم الإعلام برمته يروج لهم تلك الإنجازات ويستر على فشلهم ومصائبهم وأرباحهم.

***

حسام عبد الحسين

موضوع مثير وحساس والجواب المعتاد أن الإسلام رسالة ودولة، وفي هذا تكمن مأساة المسلمين بالإسلام، فهو في جوهره رسالة إنسانية مطلقة وليس دين دولة، كما تحقق في مسيرات التاريخ الدامية.

لكن المشكلة التي واجهت المسلمين بعد تبني الرسالة من قبل شعوب متعددة، أن لا بد من تأسيس نظام حكم بإسمها، فكانت دولة الخلافة وما تبعها من دول، إتخذت من الدين ذريعة للحكم وفرض السيطرة والنفوذ.

وموضوع الدين والكرسي ليس بجديد، بل رافق البشرية منذ الأزل، فلكي تحكم الناس عليك أن تكون صاحب تفويض إلهي يهيمن على عوالم الغيوب.

وبموجب ذلك أول أنظمة الحكم كانت تدار من قبل الآلهة، ومن ثم أبناء الآله وأنصاف الآلهة، حتى وصلت إلى من ينوب عن الآلهة.

ولم يكن فرعون أول من إدّعى بأنه إله، ولم يكن رمسيس الثاني أول من فرض رؤيته أن أعبدوا الشمس، وكذلك المأمون الذي فرض القول بخلق القرآن، وقبلهما وبعدهما الكثير من الحالات، وحتى في زمننا المعاصر هناك من يدّعي في الإسلام أنه نائب الله في الأرض.

إن الدولة شيئ والرسالة شيئ آخر، ولا يصلح الخلط بين الحالتين، فالدولة ترتبط بالكرسي الذي يتمثل بقوانيه الغابية وتطلعاته الإستحواذية السلطوية القاهرة لمعارضيه، والرسالة ذات توجهات إنسانية سامية مهذبة للروح والنفس ومنطلقة نحو الفضاء السامي الأرحب.

فعندما توضع الرسالة في الكرسي، يتحقق القضاء عليها، وتكتب شهادة وفاتها، ولهذا فالأحزاب المؤدينة بأنواعها ما أن تجلس على الكرسي حتى تأتمر بأمره، وتنسى ما يتصل بها من السلوكيات والقيم والشعارات.

فالكرسي يقتل العقيدة والرسالة، ولا يوجد حزب عقائدي تمثلَ عقيدته وهو في الكرسي.

هذه معضلة سلوكية يصر عليها المسلمون الجاهلون بجوهر الدين، والذين يتمتعون بأمية سياسية فادحة، مما يترتب على سلوكهم المزيد من التداعيات والتفاعلات السلبية، القاضية بالتقهقر والتدحرج المأساوي إلى ما بعد الوراء، ولن تنجز غير سفك الدماء والمظالم وتعزيز الفساد والعدوان على الإنسان!!

فهل من رؤية معاصرة للدين والحياة؟!!

***

د. صادق السامرائي

أمر واحد يكاد أمره يستغلق على المؤرخين من هواة ومتخصصين في كل مرحلة من مراحل تاريخنا الإسلامي الممتد، وفي كل عهد أو فترة زمنية يتكرر ذلك الأمر، لا تقوم اسرة حاكمة إلا على أنقاض أسرة أخرى سابقة، وتلك اللاحقة كانت في خدمة السابقة، وكان رجالها من أخلص رجال الآسرة البائدة!..

وأولئك الرجال المخلصون خدموا تلك الأسرة السابقة ودافعوا عنها أثناء التأسيس وترقوا في المناصب السياسية أو العسكرية حتى نفذوا الى أسرارها وكواليس تسييرها ونقاط قوتها أو ضعفها، وسرعان ما ينتهزون أول الفرص لكي ينقضوا وينقلبوا ويحكموا ويُؤسسوا حكمهم الجديد....

أحمد بن طولون والإخشيديين، العامريون والدولة الأموية، السامنيون والغزنويون، السلاجقة والأتراك العثمانيون، الموحدون والمرابطون، الزبيريون  والفاطميون ، الزيانيين والموحدون،العلوييون و  الوطاسييون  والمرينييون، ملوك الطوائف والعامريين في الأندلس، الصفويون والغاجريون، المماليك البحرية والمماليك البرجية، الأيوبيون والمماليك، المغول في الهند والغزنويون و غيرك ذلك من الأسر التي حكمت في الشرق أو الغرب ...

وكما ذكر العلامة ابن خلدون كل تلك الدول والإمارات مرت بمراحل العمران الثلاث، التكوين، التوسع ثم الانهيار، لتبدأ الأسرة الموالية وتمر بنفس المراحل ...

أما الدول الإسلامية الكبرى فقاومت لكن في النهاية انهارت وسقطت بسبب الغزو الخارجي، الدولة العباسية من طرف البرابرة المغول، وملوك الطوائف في الأندلس من طرف المسيحيين الكاثوليك، والدولة العثمانية من طرف التحالف الروسي الفرنسي البريطاني، وكذا دولة المغول العظمى قُضي عليها من طرف الانجليز، وكل هذه الدول عمرت طويلا ً لكنها في النهاية سقطت ...

***

بقلم عبد القادر رالة

تكشف الايام الصعبة وحجم المعاناة التي يعيشها الإنسان اهمية العلم والمعرفة والثقافة في زمن التطبيقات والحكوَمات الذكية واهمية القيادة السياسية المتمكنة من الانسجام الفوري مع العالم الالكتروني في خدمة شعبها

واصبح التواصل وامكانية الحصول ع المعلومة سهل وفي متناول الجميع ....

ولهذا يعتبر المسؤول تحت المجهر والرقابة والمسأءلة فلم يعد المنصب فرصة للرفاهية والوجاهه لكنه حمل ثقيل وواجب عملي وامتحان صعب وبفضل الحكومة الإلكترونية وما حققته التكنولوجيا من ربط بين قطاعات الحكومات والشركات والمؤسسات وخصوصا في الدول التي تستخدم التطبيقات الإلكترونية المختصة في محاربة الفساد والمطالبة بالنزاهة

يعيش المسؤول اغلب الوقت في المكتب يعمل

وينام اخر الناس ويصحي اولهم .... 

والفضل للتكنولوجيا في تحقيق إنجازات في اصلا ح سلوك الانسان واخلاقه وهذا ما تحتاج اليه الدول التي تعاني من الفساد السياسي والاداري وتعمل لمصالحها الخاصه وتنسي شعوبها وهذا ما نعاني منه في اليمن.

لقد حان الوقت لتشكيل حكومة ذكية تثبت للشعب نزاهة القيادات السياسبة وتحقيق انجازات يطلع عليها الجميع فلم يعد الزمن يسمح بالتخفي والغموض بل الشفافية هي عناوين تنطلق في عناوين الاخبار والصحف اليومية.

***

بقلم: صالح العجمي

فى زحمة الفرح بالإنجاز الكبير الذي حققه مجلس النواب بموافقته على إقرار الموازنة، وأنها الخير التي سيغرق فيها العراقيون في السنوات المقبلة، لم يتوقف أحد أمام الكتاب الصادر عن جهاز الأمن الوطي والمذيل بعبارة "سري وشخصي" لكنه يتجول على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يتعلق بلجنة "ابو رغيف" وهي اللجنة التي تشكلت لمتابعة ملفات الفساد رغم اننا بلد يكره الفساد مثلما اخبرنا رئيس النائب مثنى السامرائي ذات يوم . الكتاب الصادر أمس يخبرنا أن اللجنة المتهمة بالتعذيب، قد أحيلت على التقاعد، وسيقول قارئ عزيز؛ وما الغريب في الأمر؟، لقد تعودنا على سماع مثل هذه الأخبار والآن مئات الناهبين لأموال العراق يتمتعون برواتب ضخمة، ولهذا فمثل هذه الأوامر والكتب الرسمية صارت خبراً عادياً لا يستفز المواطن أو يثير اهتمامه وغضبه. فماذا يعني في بلاد الرافدين أن يقوم أشخاص بمخالفة القانون؟، وماذا تعني إحالة مسؤول كبير متهم بالسرقة والنهب إلى التقاعد؟، وماذا يعني مثل هذا الأمر الذي صدر من جهات رسمية: "إعفاء الموظف (ضياء مهدي صالح) من منصبه الحالي (مدير عام) في (مجلس الخدمة الاتحادي) المنسوب سابقاً إلى هيئة النزاهة الاتحادية، والإيعاز إلى مجلس الخدمة الاتحادي بإحالته إلى التقاعد، لارتكابه أفعالاً تشكل جريمة نشأت عن وظيفته وارتكابها بصفته الرسمية، وتعتبر أفعالاً خطيرة تجعل بقاءه في الخدمة مضراً بالمصلحة العامة"؟.. ياسلام على المصلحة العامة .

أذكرك عزيزي القارئ بأنني كتبت قبل ما يقارب الست سنوات عن رئيسة كوريا الجنوبية، "بارك غوين"، وهي دامعة العينين تقدّم اعتذارها للشعب، حيث صدر حكم القضاء الكوري بسجنها 20 عاماً، ومصادرة أموالها وتغريمها 16 مليون دولار عداً ونقداً بسبب قضية فساد انتهت بإزاحتها من موقعها الرئاسي. آنذاك، خرج الشعب الكوري في تظاهرات كبيرة يندد بإساءة استخدام سلطة رئيس الدولة الموكلة للرئيسة من الشعب. كما اتهمتها صحف المعارضة بأنها كانت تنوي الحصول على هدايا من رئيس مجموعة سامسونغ، ولم تكتف المحكمة بذلك بل أنها أودعت رئيس مجموعة سامسونغ السجن وحكمت عليه بخمسة أعوام، ولم يشفع له أنه يُدخل إلى كوريا سنوياً أكثر من 200 مليار دولار.

والان اسمحوا لي بسؤال بريء أذا كانت هذه اللجنة متهمة بارتكاب افعال تخال فالقانون وان الذين حققت معهم ابرياء من دم الفساد ، فلماذا لا يقدمون الى المحاكمة ، وهل الذين حققوا معهم ابرياء وان جمال الكربولي ومن معه حافظوا على اموال العراق ؟

هل هناك مسؤول عراقي يعترف بأنّ اللغة العربية تضمّ مفردة اسمها "سجن"؟، وهل استخدمت لمحاربة الفساد؟.أعتذر فقد استُخدمت ضد نشطاء وصحفيين كان همهم الوحيد كشف الفساد، فكانت النتيجة أن مواطناً يُسجن لأنه يكتب عن الفساد ومواطن آخر يُطلق سراحه بعد أن سرق مليارين ونصف المليار من الدولارات.

***

علي حسين

المأمون قاد ثورة عقلية ذات قيمة حضارية، لكنه إرتكب خطيئته الكبرى عندما قرّب المعتزلة وعمل على فرض رؤيتهم على الآخرين، مما تسبب بتداعيات وإنهيارات فكرية، أودت بالحركة وأخرجتها من قدرات التواصل والنماء.

فعندما تبنى مفهوم "خلق القرآن"، نسف ثورته وأصابها بمقتل، وحرّف تطلعاتها ومنطلقاتها الحضارية الأصيلة، ويبدو أنه لم يكن قائدا سياسيا محترفا، وإنما قائدا فكريا مضطربا، لأنه لم ينجح في بسط سيادته على ربوع الدولة، وفشل في إخماد العديد من الحركات والثورات التي قامت ضده، وفي مقدمتها الحركة الخرمية.

ولكي يقبض على السلطة وجد في المعتزلة وسيلته اللازمة لإبراز القوة وبسط السيادة، فاقتنع بأن القرآن مخلوق، وعلى الناس أن تذعن لذلك، وإلا ستحسب خارجة عن الطاعة وستلقى العقاب الشديد.

هذه الرؤية المستقيمة المنخرفة، أدت إلى تفاعلات سلبية أضرّت بالدولة العباسية، وزعزعت أركان وجودها الحضاري، ولولا المعتصم لإنهارت بعد وفاة المأمون، أو في آخر أيامه، ولتوزعت بين القادة وأصحاب الشأن والتأثير.

والذي أقام أركان الدولة العباسية التي فجر عقلها وأوهاها المأمون، هما المعتصم والمتوكل والذي بقتله تهاوت الدولة على عروشها، وأصبح الخليفة لعبة بأيدي الأغراب.

المأمون كان ذكيا ومثقفا، وكلما زاد الذكاء كانت الشطحات كبيرة ومريرة، وما جرى في السنوات الأخيرة من عهد المأمون، بشير إلى ذلك.

وكان لإمعانه بالفلسفة وعدم توفر العقول القادرة على توجيه طاقته الفكرية وإستثمارها، أوقعه في حبائل أعلام المعتزلة الذين صاروا يحكمون بواسطته، لأنهم تملكوا عقله، وإجتهدوا بتقديم الحجج لإقناعه بصوابية ما يرونه ويعتقدونه على أنه الإسلام الصحيح.

فالمعتزلة منهج عقلي، لكنهم كأي حركة دينية تميزوا بالغلو والتطرف المرير، ووجدوا في تعذيب وسفك دماء مَن يعارضهم الوسيلة الأمثل لتأكيد رؤيتهم، فكان المأمون عبدهم المطيع ومن بعده المعتصم والواثق حتى وضع المتوكل لهم حدا.

فالقول بأن المأمون لم يرتكب خطيئة بحاجة إلى أدلة وبراهين، ومن نتائج ذلك توليته لأخيه المعتصم، وليس لإبنه كما جرت العادة.

فتلك سقطة تأريخية  دحرجت عصور على عصور!!

***

د. صادق السامرائي

من البديهيات الحتمية تلك الخلطة غير المتجانسة بين البحث عن سكة السعادة، وتجاوز حلبة مصارعة المشكلات المتجددة بالتفاقم. فقد يكون البحث عن جزئيات السعادة متاهة لا مخرج منها إلا بمناولة الحمق بالتآخي والمصاحبة، وقد يَكْمُنُ السبب في غياب البحث الحقيقي عن معنى جديد للحياة، ومن هذا ينبغي البدء بتحديد الأجزاء المتقطعة من عمر السعادة التي تهرم مع أعمارنا في مسارات الاستكشاف.

مرات عديدة قد نبدو مثل ابن العتاهية حين ّأحبَّ الشهرة ومصاحبة الأمراء وقشدة القوم، لكن لعنة ابن الفخار الطيني، والموصوف بالأحمق المعتوه بقيت تلحق لزاما، رغم أنه كان حريصا على إعادة إنتاج ذاته على نحو أفضل بالأدب البلاغي و(النخوة). فالنجاح والتطور مرافقان للحياة نحو سكة نهاية العمر، لكن لعنة ابن الفخار لم يتم هضمها. فحين سأل الابن أباه: متى يمكن لنا يا أبي أن تُحْتَسَبَ عائلتنا من الشرفاء، وننال نصيبنا من صندوق القبة الخضراء؟ أجاب الأب وغصة يعقوب (عليه السلام) تلتصق بحلقه: حين يموت يا بني كل من يعرف أصلنا وفصلنا!! لكن، قربان الحياة ميز بين هابيل وقابيل فاقتتلا، وكانت سلالة الشريف من قربان الدم، والحطة من القوم بالتبعية من قرابين نبات الطبيعة.

زُهْدُ أبا العتاهية وبحثه عن معنى جديد للحياة، كسر الحلقة الجحيمية لأفكار ابن الفخار وطهر جسمه الذي كان يغرق حد قدميه في الطين. وبات ابن الفخار يمتلك أفكارَ مَنْ جايلوه من علية القوم وأهل الحل والعقد. نعم، عِلم ابن العتاهية بقيمة الروحانيات النفسية، والزهد في ذات الحياة، والأفعال، اكتسب بعدها جزءا من السعادة، وجرعة من الحقيقة المنعشة، وهذا ما ينقصنا في حياتنا الفردية والجماعية من تماثل تغليب التمكين الذاتي عن تمكين السيطرة الفجة.

فالحلقة الجحيمية التي تكرر نفسها من جيل لآخر كثقافة حياتية، الآن، نحن نعيش معها تفاهة القلق بكل ما يتعلق بنقاشات القلق نفسه، والذي ينتابنا مرات بالتقطع و مرات عديدة بالتماسك. ذاك القلق المزدوج والمتكرر والآتي من متاهات همِّ الحياة المتفاقم. فالقلق تدمير نووي حديث مُصْطَنع لقتل حياة الحياة، وقد يسحق الذات ويزيد من مجمل عذاب الضمير (الأنا العليا). فتقدير الذات السوية والتي لا توازي ابن العتاهية، نفتقده بمقاييس غير عادلة حتما، فقد تتعرق راحة اليد، ونحن من شدة البرد تصطك أسناننا بالاهتزاز. فالقلق والخوف يزيد من شدة الإحساس الفراغ، و من مساوئ الحياة البائسة. إنها بحق الرؤية التي تبحث عن المنطقة الوسطى ما بين الجنة والنار، والتي حتما لا زمن ولا مكنا جغرافي لها.

قد تكون الاستنارة الروحية، تماثل السلة الفخارية الممتلئة بالمفاجآت الباسمة والوردية والقابلة للتكسير في لحظة من شعلة القلق. قد نرفض عقل العاقل عندما يغير ذاته لكي يتلاءم مع مجالس الأمراء والخلفاء مثل ابن العتاهية، فقد لبس الحرير وكان بين الأمراء شخصا أنيقا، لكن ابن الفخار ظل الطين المحروق يلاحق تلابيب حريره المتدلي أرضا. فيما الأحمق بالهراء والرعونة فهو يؤمن بتجنن السليقة، ويتعرى أمام الناس عري الولادة، ويثقن فن اللامبالاة الذكي أما مجمع الأمراء، فهو يعيش حقيقة مخاتلة الخداع والمراوغة مع حقائق الحياة الطريدة، الذي يسعى للجحيم على أكف يديه. لكن الأحمق، بحق يبقى ذكيا من العاقل حين يريد تغيير معنى حياة العالم، لكي يتلاءم مع مصفوفات عقله الذي يكره كل الكره، وهو يرى في التفكير الساذج وغير الناضج سمة صوفية جديدة من العولمة المقيتة.

أنت وأنا ونحن، قد لا نحاول أن نفرض تقديرا للذات السوية بشكل مرتفع، فالناس لا يوزعون الإعجاب إلا على التفاهة والتافهين. ما يهم مع العمر المتقدم، العمل بسياسة الفرز والحمية. فيما التقدير التضخمي للذات، فقد لا يغني عن تعرية السلبيات أمام أعين الناس المتلهفة للنقد والتدمير، ومد الأصبع الوسطى للتنقيص. فغياب تحديد معنى للحياة وطعمها اللذيذ، أسقط ابن العتاهية، وقد يسقطنا جميعا عند متاهة تضييع تناسق الحياة بين الخير الخيِّرِ، وسحق الشر في محور شر الشيطان في الأرض السفلية.

***

محسن الأكرمين

أكثر الأشياء استخداماً في العراق عند السادة المسؤولين والتابعين والموالين لهم هي المصطلحات، والتي من كثرة ترديدها تحولت إلى عبارات لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، ومن هذه المصطلحات "دولة القانون" التي تقابلها يومياً ممارسات لا تمت إلى القانون بصلة وإجراءات تبعد الشعب عن جنة رضا السادة أصحاب المال والسلطة.

لدينا أيضا "النزاهة" التي تحولت في مضمونها إلى مجموعة حكايات عن فتى اسمه نور زهير استطاع أن يحول مئات المليارات إلى حسابه دون أن يرف للنزاهة جفن، ثم مصطلح "الحكومات المحلية" الذي تحول إلى كابوس يطارد العراقيين في الشارع ومكان العمل والبيت ومعناه طبعاً أن هذه الحكومات حرة في التصرف بمقدرات الناس وحياتهم وحاضرهم ومستقبلهم. وأخيراً ساد مصطلح "الشفافية" فلا يكاد يظهر مسؤول حتى تقفز مفردة الشفافية من بين شفاهه الكريمة، والشفافية في عرفهم، التستر على سرقة المال، وتعيين الأقارب والأصحاب، وتحويل مؤسسات الدولة إلى مقاطعات عائلية، ولأننا نعيش مع أفراح عودة مجالس المحافظات التي يجلس أعضاؤها على الكراسي ولا أحد يسأل إذا ما كان سيعمل لصالح المحافظة أم لصالح الحزب والأحباب. وعندما يتفتق ذهن الساسة لاختيار المرشحين لمجالس المحافظات، لا يفكرون في أبسط المقومات التي يجب توافرها فيهم. فمثلاً هل يتأكدون من أن عضو مجلس المحافظة له خبرة في مجال العمل المحلي أم لا؟ هل رئيس مجلس المحافظة قريب من الناس في أحيائهم الفقيرة ويقوم بحل مشاكلهم، أم يجلس وراء مكتبه ويتصرف مثلما يتصرف ولاة القرون الوسطى؟ للأسف أثبتت تجربة مجالس المحافظات عن أخطاء في الاختيار، حيث تمت وفقاً لتقديرات ومعايير بعيدة كل البعد عن أحوال الناس ومتطلباتهم.. وأصبح الأمر وكأن الاختيار لعضوية المجلس عبارة عن شهادة تقدير له على خدماته التي قدمها لكتلته السياسية. ليس المهم أن يعرف هموم الناس ومشاكلهم وماذا تحتاج المحافظة، المهم أنه يعمل ما تريده منه كتلته السياسية حتى لو كان على حساب المواطنين، والفشل نقرأه يومياً في عيون الناس وفي غياب الخدمات والفساد المالي والإداري والصفقات التي تعقد في الخفاء والمشاريع التي تتبخر أموالها في الهواء. في الدول صاحبة التجربة الديمقراطية الحقيقية يتم اختيار مجالس المحافظات وفق شروط مهنية واعتبارات تتعلق بنزاهة المتقدمين لهذه المجالس ومعرفتهم الدقيقة لشؤون المحافظة، أما عندنا فأن كل عضو مجلس محافظة يجلس على كرسيه الوثير وهو يعلم أن أمامه أربع سنوات لا يمكن لأحد فيها إقصاؤه أو محاسبته، بل يمكن أن تتجدد له إذا حصل على رضا أولي الأمر، كل ذلك يجعل من هؤلاء مجرد موظفين لأحزابهم السياسية لا يهتمون إلا بتنفيذ أجندات معينة، وجني المكاسب والاستعداد لشراء الذمم للحصول على أربع سنوات أخرى، لذلك فقد تحولت مجالس المحافظات التي يرأسها مسؤولون حكوميون إلى مجالس لـ"المحافظين على كراسيهم" .

***

علي حسين

للصحافة دور تثقيفي وإعلامي لإيصال صوت الشعب. ولها دور بناء للغاية في زيادة توعية الجمهور وجمع الآراء والمعلومات والمواقف تجاه قضية معينة. والصحافة هي الأداة الأكثر قوة للتواصل في العالم الناشئ وزيادة الوعي الاجتماعي وأثره في الفرد والمجتمع ويعرض الواقع مرحلة المجتمع، في هذا العقد من المعرفة والوعي.

ومن اهم واجباتها ان تعمل كوسيط بين المكونات في المجتمع وبين الحكومة، في مناقشة العديد من القضايا المهمة المتعلقة بهم ودفعهم  للمشاركة في اتخاذ القرارات التي تدعم مطالبهم الجماعية والفردية في المجتمع التي تدعوا إلى العدالة والمساواة، وذلك من خلال طرق ووسائل تعتمد على أسس وقواعد خاصة في خاصة بمهنة الصحافة،وعدت الصحافة من المهن القديمة التي وجدت في تاريخ الإنسانية، كما تمثل العمود الأساسي لأي مجتمع في العالم، فلا يمكن أن يبقى أفراد المجتمع على جهل ولا يتقبلون بقائهم دون إلمام بما يدور من حولهم وخاصةً في مجتمعاتهم المحلية إلى جانب الأخبار العالمية، وفي الوقت ذاته يجب تحقيق حرية الصحافة حتى يتسنى لها نقل المعلومات بشفافية ومصداقية، وفي هذا المقال سنوضح أهم وأبرز الأدوار التي تقوم بها الصحافة في المجتمع، أن مفهوم الصحفي يتسع كي يشمل بالإضافة لمن يكتب في صحيفة، كل من يُساهم في جمع المعلومات وتنسيقها في شكل مُعين وتحليلها أو التعليق عليها. وكذلك المُترجم والرسام والمصور والمراسل. وذلك التعداد ليس على سبيل الحصر بطبيعة الحال، وإنما يُمكن أن ينطبق وصف الصحفي على غير تلك الفئات لكل من يُساهم مباشرة في أعمال الصحافة.

ان حرية الصحافة طالما أنها تمارس وفق القانون فهي مكفولة دون تقييد لحركتها، لا حرية بدون حرية الصحافة، ولا ديمقراطية بدون حرية الصحافة، من أجل أن تبقى الديمقراطية قوية، فإنها تحتاج إلى الصحافة المستقلة، كمادة غذائية للمجتمع الحر و إنها الحجر الأساس في كل نظام ديمقراطي.  وتهتم بتزويد الجمهور بالمعلومات الدقيقة؛ حتى يمكن كسب ثقة الجمهور؛ وبالتالي يؤمن بدوره في حل المشكلة بدلًا من إلقاء اللوم على الدولة طوال الوقت، أو خلق حالة من الفتور بين المواطن ومؤسسات الدولة، ووفقًا لكثير من التقارير٬ فإن وسائل الإعلام التي تعمل على تقديم صحافة بناءة من خلال تقديم تقارير شاملة٬ تساعد على تحسين علاقتها مع الجمهور وكسب ثقتهم.

ضمن هذا المعنى يتحمل الصحفيون والصحفيات مسؤولية اجتماعية أساسية وحساسة، تتجلى في الدفاع عن القيم الأساسية للديمقراطية. وهذا يتضمن مبدئيا العمل النظيف بما يقتضيه الوجدان والضمير: العمل وفق معايير حرفية ومبادئ أخلاقية والحفاظ على الحقيقة وصيانة كرامة الإنسان، العناية بالمعلومات، والمحافظة على النظرة الشاملة للأمور والمعلومات. ودون المساس بالإطار العام المحدد والمتمثل في عدم المساس بأسس العقيدة، ووحدة الشعب، والبعد عن كل ما يثير الفرقة والطائفية، والصحافة باعتبارها أهم آليات التعبير عن الرأي، يجب أن تعمل بعقلها الواعي وانفتاحها وإدراكها لآمال أمتها، وأن تلتزم في أداء رسالتها بالقيم العليا للمجتمع لا تنتقص منها أو تبتغي عنها حولاً، متدثرة بالموازنة بين حق النقد وحقوق الغير في احترام حياتهم الخاصة، وعدم التعسف في استعمال حق النشر، وتلك الموازنة الدقيقة تطلق حرية الصحافة من أي قيود تعرقل مسيرتها شريطة أن تكون تلك الحرية مبررة بدواعيها، وأن تكون مناحي التقدم غايتها، دون تغوّل على حقوق الغير اندفاعًا، أو الإعراض عنها تراخيًا. إن دور الصحافة الإيجابية في فترة ما بعد الأزمات، وأثناء المرحلة الانتقالية، ينطوي على أهمية بالغة؛ إذ إن مثل هذه المراحل الحساسة في تاريخ البلدان تحتاج للتبصر والوعي والنظر إلى الأمام أكثر من التركيز على مشاكل الماضي.

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

عمدت حكومة السيد محمد شياع السوداني ومنذ بداية تشكيلها، للإعداد والاستعداد لأمرين مهمين أولهما إقرار الموازنة لثلاث سنوات، والآخر العمل لإجراء انتخابات مجالس المحافظات والذي من يؤمل أن تجرى في أواخر شهر كانون الأول من العام الجاري..

هذا الأمر تم إقراره في مجلسي الوزراء والنواب، وهناك استعدادات مستمرة لهذه الانتخابات المهمة، والتي ستمثل حجر الزاوية للانتخابات البرلمانية القادمة، كما أنها تختلف عن سابقاتها من انتخابات، بأن هناك لاعبا سياسيا آخر دخل العملية السياسية، هم نواب تشرين وجزء من المستقلين، الذين يمثلون عداد جيدا في البرلمان، لذلك ستكون المنافسة الشديدة، والتي ربما ستشهد تراجعا لبعض الأحزاب والتيارات، وبقاء البعض الآخر في المستوى ذاته في الانتخابات السابقة.

‏بعد إقرار الموازنة "الثلاثية" لم يبقى لحكومة السيد السوداني أي مبرر أو عائق، عن تنفيذ البرنامج الحكومي، والذي وبحسب التعهدات التي أطلقتها الحكومة، ستكون فيه الموازنة مطابقة لهذا البرنامج، ويفترض أنها وضعت آلية شفافة وواضحة، أمام الرأي العام لتوزيع الأموال وخصوصا المخصصة للمحافظات، والتي بحسب تصريحات الناطق باسم الحكومة، ستشهد نقلة نوعية في المشاريع والخدمات والبنى التحتية..

كما ومع توفر المبالغ الكبيرة لهذه الخدمات، اشترطت الحكومة على المحافظات تأسيس صندوق لكل منها توضع فيه موازنتها، ويتم الصرف عن المشاريع من خلاله، وفي حالة أي خرق أو تجاوز للحد القانوني في الصرف، سوف يكون هناك تنبيه من الحكومة، في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المحافظ، وعند تجاوز حدود الصرف سيكون هناك متابعة دقيقة، من قبل مجلس الوزراء وهيئة شؤون المحافظات، لإيقاف الهدر ومحاسبة المسؤول .

‏ربما قد لا تكفي مثل هذه الإجراءات، في الحد من ظاهرة الفساد المستشري في أركان الدولة العراقية، والتي بدأت تنخر المؤسسات كلها، ولكن يعتقد كثير من المراقبين للشأن السياسي والاقتصادي، أن على السيد السوداني ينتفع من التجربة المصرية، عندما نجح الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأستطاع أن يقود حركة العمران والنهضة التنموية في بلده، وأن يتابع عمليات الإصلاح والأعمار بنفسه، والاتفاق على المشاريع الإستراتيجية بإشراف مباشر منه، وتجاوز البيروقراطية التي تعرقل العمل كثيرا.. لذلك نرى اليوم مصر غير السابق وبدأت تتلمس نهضتها، لتكون في مصافي الدول الصناعية والاقتصادية المهمة..

على السيد السوداني أن يكون هو المباشر، لأي اتفاق مع الشركات العالمية التي دخلت العراق للاستثمار والأعمار فيه، ويتجاوز كل الروتين الذي أرهق أركان الدولة وجعلها مشلولة تماما، ولا يمكن لي أي قوى إدارية أو قانونية تحريكها، ما لم تكن هناك إرادة سياسية في تجاوزها والانتصار لمصالح المواطن..

يجب أن يقود السيد السوداني المفاوضات والتوقيع على العقود مع هذه الشركات بنفسه، ويكون هو المتابع والمخطط والمنفذ في نفس الوقت، دون أن يتجاوز حدود القانون، او يؤسس لدكتاتورية وفريدة غير مقبولة، لنحذو حذو الدول النامية في الشرق الأوسط، ونكون على مستوى المسؤولية، في تلبية طموح العراقيين بالعيش بكرامة.

***

محمد حسن الساعدي

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن خروج مارد الذكاء الاصطناعي من قمقمه، واحتد النقاش حول انتشاره في كل شيء من حولنا، وتربع تقنياته على عرش التكنولوجيا، واشتد الجدال حول تحويله كل مخترعات الإنسان الإلكترونية إلى آلات متجاوزة، قديمة الطراز، غير قادرة على مواكبة متطلبات أسس وقواعد الثورة الجديدة التي أحدثها ظهور أجيال الذكاء الجديدة المتمثل في الأجهزة والآلات المتعلمة،التي كان يُعتقد،خطأً، أنها مجرد خيالاً علمياً، أو برامج محشورة داخل آلات وأجهزة كهربائية وروبوتات تحاكي أعمال البشر، والتي كان يُظن أنه من المستحيل نجاح أدائها خارج الذكاء البشري، فأصبحت واقعا معاشا وحقيقة ملموسة، بفضل خوارزميات وبرمجيات معينة، تمكن الكوميوترات من مجموعة من القدرات المختلفة، كقدرة التعلم، وقدرة تنظيم العلوم وفهمها، وقدرة تحليل اللغة،وقدرة التعرف على الأصوات وتقليد المحادثات، وقدرة فهم وتحليل الصور والفيديوهات، وقدرة حل المشكلات الهندسية والإبداعية، وقدرة التعامل العاطفي والمجتمعي، وقدرة التخطيط واتخاذ الإجراءات المعقدة،وقدرة الإجابة على جميع التساؤلات التي يمكن أن تخطر ببال الإنسان، والتوصل لكل الإجابات الممكنة أو المتصورة عنها،  وكل ذلك بكفاءة وجودة عاليتين وسرعة فائقة، وصلت إلى مستويات مرعبة تجعل الخيال يعانق الحقيقة في اللحظة نفسها .

ورغم الحيرة في أمر الذكاء الاصطناعي، فقليل هم من يشككون في قدراته على تحسّين أوضاع الناس الحياتية بشكل كبير، لكن ما يخشى منه، هو ذلك التسرع المخيف والهرولة الهستيرية المنتهجة للوصول إلى ذكاء اصطناعي فائق، غير مأمونة أعراضه الجانبية غير متوافقة مع مصالح البشر اجتماعيا واقتصاديا وإنسانيا، والتي حذر من عواقبها الكثير من خبراء الكمبيوتر، ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر :المركز الأمريكي لسلامة الذكاء الاصطناعي (CAIS)، الذي أصدر - حسب صحيفة "ذا تايمز" البريطانية - بيانا تضمن مخاوف صريحة من أن يؤدي تسريع الذكاء الاصطناعي إلى انهيار الحضارة وتدميرها عن غير قصد.، ونفس المخاوف نقلت عن رجل الصناعة والتكنولوجيا، ومالك منصة "تويتر" إيلون ماسك، الذي حذر من انعكاسات تطور هذا الذكاء على حالة السلم العالمية، جراء تكثيف توظيف الحكومات لتقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة آلة الحرب وتطوير قدراتها الأوتوماتيكية في عمليات القتل والتدمير، والذي تشير التوقعات إلى أن تطورها  سيزيد بشكل خطير في السنوات القادمة، بفضل مارد الذكاء الاصطناعي الذي خرج من قممه، الذي لا يسعني،كغيري كثير، إلا أن أسأل الله أن ينفع البشرية  بما يحمل من منفعة وخير، ويكفيها ما يمكن أن تضمره من شروه، ويحميها منها بدرعه الحصين، ويهون عليها أثره إذا قدر تقديرا.

***

حميد طولست

بشكل مباشر او غير مباشر تجعل العلاقات والتنبؤ بمستقبلها محط اهتمام الباحثين الان اكثر من اي وقت مضى فتاريخياً لم تكن العلاقات بين دول المنطقة على وتيرة واحدة، انما تميزت بعدم الاستقرار وتراوحت ما بين الصراع الفكري الى الاتفاق والسكينة ،والى مرحلة العلاقات قوية جدا في حقبة معينة، وثم الى القطيعة في مرحلة اخرى،اليوم اخذت الجغرافية السياسية في المنطقة تتغير بسرعة نحو التقارب والتودد بين الدول رغم الخلافات القوية التي عصفت ببلدانها في السنوات الخمسين الماضية

أن سياسة الانفتاح التي يتبناها العراق على محيطه الإقليمي والدولي تهدف لبناء علاقات متوازنة داعمة لجهود تخفيف التوترات والأزمات، أن العراق المستقل ذات السيادة يُمثل مصلحة مشتركة لكل المنطقة بلاشك تحتاج المنطقة إلى عراق قوي آمن ومستقر بعيدا عن التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، ويملك قرارا مستقلا في رسم سياساته الخارجية بما يخدم مصالحه الوطنية ويأخذ بنظر الاعتبار مصالح الدول العربية ، التي تؤيد وجود عراق قوي وامن ومستقر يمنح القوة والاطمئنان في ظل التحديات الكبرى لدورها وعاملاً أساسياً في تعزيز استقرارها ومرتكز لمنظومة عمل تقوم على قضايا الأمن المشترك والاقتصاد وحماية البيئة وفرص التنمية المتبادلة التي تعود بالمصلحة لبلدان كل المنطقة وشعوبها ، وكذلك يمكن القاء الضوء على قدرة العراق السياسية عموما والاقليمية وامكانياته في ظل الأجواء السياسية السائدة ونظام الحكم رغم الاختلاف والخلاف بين الاحزاب والسلطات ، والسلطة التنفيذية وما تتحمله من مسؤولية في رسم السياسة الخارجية للبلاد والمحافظة على المصالح العليا لها والانطلاق نحو علاقات خارجية اقليمية ودولية متوازنة يلعب فيها العراق دورا محوريا في بناء سياسات ومواقف ايجابية وعلاقات حسنة مع الجميع وبالتالي يكون  مركزا لتلاقي المصالح وخفض التصعيد وبناء علاقات ونسيج مجتمعي اقليمي ياخذ بنظر الاعتبار مصالح الجميع .

اليوم نشاهد تزايد فرص التقارب السوري العراقي خاصة بعد كارثة زلزال فبراير الماضي، الذي كان للموقف العراقي رسمياً وشعبياً -وما قُدم على مدار أسابيع عدة من دعم لوجستي ومساعدات إغاثية عاجلة- أثره البالغ في نفوس السوريين ومؤسساته الرسمية والأهلية ترتبط بأواصر ثقافية ودينية ولغة واحدة‌ ومصالح مشتركة، والامكانيات ممهدة حاليا لتحقيق التطور والاعمار والرخاء لشعوب هذه البلدان وعلى تطوير التعاون في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبنى التحتية لخدمة مصالح شعوبها فضلا عن تعزيز العلاقات التاريخية والثقافية والعقائدية. وبالتالي زيادة مقاومة اقتصاد البلدين ضد الدوافع الخارجية، في العالم الجديد الذي يتم تشكيله بعد تراجع دور الإمبريالية والدول التي تواجه غطرسة المتغطرسين ستكون على شفير النصر.، كما أن موقف العراق الداعم لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وما بذله من جهود لتحقيق تلك العودة بالتعاون مع دول أخرى، والجزائر والإمارات العربية المتحدة، نقل العلاقات السياسية بين البلدين من حالة الرتابة والحذر إلى حالة التنشيط والتواصل بحثاً عن قواسم مشتركة يمكن البناء عليها لفتح صفحة جديدة من التعاون السياسي، ولا سيما أن البلدين حافظا طيلة السنوات السابقة على تمثيل دبلوماسي عالي المستوى، وهذا ما يفسر الارتفاع الملحوظ في زيارات سياسيي البلدين، وآخرها زيارة وزير الخارجية السورية فيصل مقداد إلى بغداد، والاجتماعات التي عقدها مع المسؤولين العراقيين.

بحسب الشواهد، فإن أشهر ما بعد الزلزال المذكور شهدت زيارات متبادلة عدة لمسؤولي البلدين، بعضها تم الإعلان عنه، وبعضها الآخر بقي بعيداً من الأضواء، وذلك بغية تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات ووضعها على سكتها الصحيحة والمفيدة للبلدين، ومن المتوقع أن تنعكس إجراءات الانفتاح على 3 مستويات هي:

- العلاقات السياسية بين البلدين وما تتطلبه المرحلة الحالية من تنسيق مشترك في مواجهة ملفات إقليمية ودولية تهم البلدين معاً.

- العلاقات الاقتصادية التي تفرضها عوامل عدة، من قبيل: التقارب الجغرافي، والمصالح الاقتصادية المتبادلة، والتحديات المشتركة.

- العلاقات الاجتماعية والسياحية وما تعنيه من تسهيل عمليات الانتقال لمواطني البلدين، بقصد الزيارات الاجتماعية أو السياحة الدينية والتعاون الأهلي والمجتمعي.

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

واهم من يتصور أن الوجود الأمريكي في العراق، يخلو من برنامج مؤامرة وتركيع، مع هيمنة على مقدرات الشعب العراقي بأي صورة كانت، حتى لو إضطرها لدخول حرب لا بالشكل المتعارف عليه، لكن بوسائل أُخرى، وهذا حدث بالفعل أيام حكومة عبد المهدي! .

عملت ما عملت من تخريب وتظاهرات، يمكن القول عنها بأنها محاولة إنقلاب، لكن بصورة مختلفة تساندها قنوات إعلامية، تزين تلك التظاهرات بأنها عفوية مطالبة بحقوق مسلوبة..

يبدوا أن أمريكا تناست وجودها وهو العبث بعينه، وهي التي وقفت بكل قوتها، فمنعت الإكتفاء من الكهرباء والبنى التحتية، وآخرها مشروع ميناء الفاو الكبير، الذي تعهدت الصين ببنائه وجعله جوهرة الحرير، ليكون العراق نقطة التقاء العالم وحلقة الربط بين الشرق وأوربا، مع تعهدات بمنح العراق مبالغ مالية كبيرة كإستثمارات، وإنشاء المصانع التي ستجعلنا نصنع ونصدر وبناء منظومات الري مما سيدعم الزراعة، وبهذا سترتفع المنافع لأرقام مهولة، تجعل الخزانة العراقية تستغني عن الواردات النفطية .

المضحك أن شخص برتبة مدير عام تأتي به عصابة وتفرضه، ليقوم بالدور المناط به بإلغاء الإتفاقية ورفضها، كما أشار اليها السياسي المستقل كريم بدر، على وسائل التواصل والإعلام، والإتجاه صوب شركة كورية مفلسة، تمتلكها أمريكا لتقوم بالدور المعطل للميناء، وبالناتج عمل يسير بوتيرة تكاد تكون عاطلة مع تواجد آليات، يمكن لأيّ مقاول مبتدئ إمتلاكها..

بالتالي الحكومة العراقية تدفع أموالا، عكس الشركات الصينية التي هي من تتكفل بالبناء، مقابل مئة الف برميل، خارج سقف الأوبك وبمدة نصف أو اقل من الشركة الكورية، مع تأهيل كوادر عراقية لإدارة الميناء، الذي سيضم أكثر من خمس وسبعين محطة وميناء .

الجارة الكويت التي عملت بكل قوتها، على عدم تخفيض التعويض، غير الحقيقي للخسائر التي أحدثها صدام اثناء غزوه، وتتعامل مع العراق بتعالي، متناسية كل الأعراف والإرتباطات للعوائل بين الدولتين، والتي كانت بالأمس جزء من العراق، حيث سعت لبناء ميناء مبارك، في المدخل البحري للموانئ العراقية، وهذا بالأصل يعود لاتفاقات مبطنة، مع سياسيين عراقيين بالاسم وليس بالإنتماء، بغرض خنق العراق وحرمانهِ من التجارة العالمية، متكلين على اؤلئك عن إرتباط العراق بطريق الحرير، وربطنا بموانئ الخليج ويكون العراق ناقلاً فقط!

الصين وصفت الفاو باللؤلؤة، والتجارة العالمية التي تربط الشرق باوربا، من خلال الموانئ العراقية حصرا،ً وبذا تتعطل كل موانئ الخليج، وخاصة الكويت والسعودية والإمارات، ناهيك عن تعطيل قناة السويس، ما تطلب تدخل الرئيس الفرنسي بنفسه، لانعا كما نقلت مواقع خبرية تمتلك أسهما في تلك القناة، وهذا يجعلنا دولة مسلوبة الإرادة!

كل الدول تبحث عن مصالحها الا العراق، بفضل الهيمنة الأمريكية جعلنا مستهلكين دون مصانع، نعتمد إعتماداً كليا على العائد النفطي، وفق مسمى الدولة الريعية، الذي أشار اليه عبد المهدي بأكثر من مناسبة، ولو بقينا على هذا الحال فإن العائد بالمستقبل لن يكفي سداد الرواتب، مالم تكن هنالك معالجة حقيقية، وإنهاء مصالح الدول المعطلة لكثير من المشاريع .

بناء خط سكك حديد دون إستكمال ميناء الفاو، سيجعل من العراق ممرا لكل البضائع، من كل الموانئ للدول المجاورة، وبذا سيعتمدون على هذه السكك الحديدية، وغير ذلك لا يمكن إختصار المسافة، وعليه يجب الإنتباه لهذا وجعل العراق هو المتحكم، كما تفعل باقي الدول أيّ شيء لفائدة شعبها، وليس لسواد عيون دول الجوار، التي لعبت ادوارا كبيرة في تمويل الإرهاب، وجعل العراق ساحة تصفيات، ولا يمكن تناسي عدم مساعدة تلك الدول، عندما غزا الإرهاب البلد بتمويل كل تلك الدول، لديمومة نزيف الدم العراقي إلا إيران، التي ساهمت وشاركت بشكل كبير بالقضاء عليه .

***

رحيم الخالدي

ربما أول ما بناه البشر هو المعابد، وفي الحضارات القديمة كان للمعابد شأنها، وللآلهة دورها في تنظيم حياة المجتمع.

فما أكثر الآلهة والأديان في مسيرة الخلق فوق التراب، وربما أكثر نشاطات الناس على مر العصور وتفاعلاتهم فيما بينهم كانت ذات منطلقات دينية.

فالتوجه نحو التدين نابع من مجهولية المصير، وصعوبة الإجابة على العديد من الأسئلة التي تقلق وتحيِّر، وبطاقة الغيبية المهيمنة على الوعي.

الغيب أملى على البشرية الأديان، ومضت في بحثها وجدها وإجتهادها حتى توصلت إلى منظومة إدراكية بموجبها تستريح، فتؤمن بأنها تعرف معالم مسيرتها من البداية وحتى الختام، وتأكدت هذه الرؤية في الديانات الإبراهيمية الثلاثة، التي ترسخت من خلالها مفاهيم الرحلة ما بين الولادة والموت وما بعده.

فالبشر لا يمكنه أن يكون بلا دين، حتى وإن أعلن إلحاده، فأنه يستند على حالات يؤمن بها، ويتيقن من رحلته في ربوعها.

فالتدين يساهم في تحرير البشر من القلق والخوف من المجهول، ويمنحه مسلمات وثوابت متكررة في حياة الأجيال، يمر خلالها ويكون بها.

والتدين علاقة عاطفية قلبية إنتمائية ذات طاقة نفسية عالية، لا يمكن إخضاعها للتقييم العقلي مهما كانت الأدلة قوية وبينة، فالمتدين يرى ما يراه وحسب، وأي زعزعة لرؤيته تتسبب بإرتعاب شديد، وإضطراب خطير لا يمكنه أن يتعايش معه.

وأن يكتشف المرء أن ما يؤمن به نوع من البهتان الذي يفنده العقل ينجم عنه أضرار نفسية جسيمة، وإنهيارات إدراكية ومعرفية مروعة.

فلكي يتواصل البشر فوق التراب، لا بد من التدين أيا كان نوعه ومعناه، ولا بد له أن يتعبد في ظلال إله مهما كان إسمه وشكله ونوعه.

المهم أنه يتبع دليلا يقوده في دياجير المجهول ومتاهات الغيوب!!

فهل أن التدين حاجة نفسية، وإرادة بقائية واجبة، وهل سيفقد البشر وجوده إذا فقد دينه؟!!

***

د. صادق السامرائي

القول بأن الأمة ستموت لا يتوافق مع بديهيات الأمور، فأمم الكتاب والكتابة خالدة، ومتواصلة مع العصور، وإن أصابها بعض الخمول والسكون، لكن نبضات وجودها تحافظ على إيقاعها، وتعلن عن ذاتها وموضوعها، حالما تحين الظروف الراعية للإنبثاق والتجدد والنماء.

وأمتنا تعيش عصر ولادتها من رحم جوهرها، وستكون ذات شأن كبير في هذا القرن.

ذلك أن طاقات أبنائها تتفاعل وتتعاظم، ومكنوناتها الحضارية تتفتح وتتبرعم، وتنطلق في مساهمات أصيلة ومتميزة.

والقائلون بأن الأمة لا تعطي يجانبون الحقيقة، لأن المدنية المعاصرة عولمية وتشترك فيها أمم الدنيا كافة، ومنها أمتنا، التي أبناؤها في ميادين الإبداع العالمي يسطعون ويتميزون.

فالمشكلة التي تعاني منها الأمة وتسببت بتأكيد الإقترابات السلبية، هي أن دولها بأنظمة حكمها، لا توفر البيئة اللازمة لإطلاق الإبداعات وتثمير العطاءات.

فالعلة الحقيقية في أنظمة الحكم المرهونة بتأمين مصالح الطامعين بثروات الأمة.

أما العناصر الحضارية الكامنة في أعماق الأجيال، فأنها تتفتح وتتكون وفقا لإرادة المكنونات الفاعلة فيها، ولا توجد أمة بهذا العمق الحضاري والموروثات الإبداعية النادرة، لا تلد وجودها المعاصر وتؤكد قيمتها ودورها الإنساني.

فحضارات وادي الرافدين والنيل، لا بد لهما من الإنبثاق الخلاق والعطاء الفعال في ربوع الدنيا.

فعلينا أن نقرأ أبجدياتنا الحضارية بعيون الإرادة الواعدة، والإصرار القادر على التواصل مع الجذور الحية، المتشابكة في أعماق تراب الأرض المعطاء.

فلا تقل أن الأمة تموت، وكأنك من الأموات.

الأمة حية ساطعة، وذات وجود كبير في مسيرة البشرية، ولن تتنازل عن دورها ورسالتها وقوتها الإبداعية المنيرة على مر العصور.

فلنعرف أمتنا وبها نكون!!

***

د. صادق السامرائي

تعودت منذ أن بدأت في كتابة العمود الثامن، على أن أكون "متطفلاً" على السادة النواب والمسؤولين، فأبحث في مواقع التواصل الاجتماعي عن أخبارهم وآخر صولاتهم، ورغم أن بعض القرّاء الأعزاء يرون في هذا الأمر نوعاً من التدخل في شؤون الناس، لكنني تعلمت أيها السادة أن الصحافة مهنة البحث عن الحقائق كما قال ذات يوم عميدها في العراق الراحل فائق بطي.. ولهذا اسمحوا لي أن أشغلكم بحكايات السيدة النائبة حنان الفتلاوي التي لم نسمع لها صوت منذ شهور ولم تعترض وغابت صرخاتها داخل قبة البرلمان، ولم تعد تستفزها دول الخليج، ولا تحركات السفيرة الأمريكية !!، وغاب التوازن من خطابها واختفت نظرية 7×7 لتحل بدلاً منها نظرية العدالة التي تسعى أن تنافس عليها المرحوم أفلاطون.

السيدة النائبة وفي آخر أخبارها تزور ألمانيا بدعوة من منظمة كونراد أديناور، وأتمنى عليها وهي تقضي " الويك إيند " في بلاد العمة ميركل أن تتعرف جيداً على سيرة العجوز أديناور الذي قاد بلاده وهو في سن الثالثة والسبعين واستطاع خلال سنوات قليلة أن يجعل من ألمانيا المهزومة، واحدة من أقوى اقتصاديات العالم. يصنع التاريخ أولئك الرجال الذين خرجوا من طائفيتهم ومذهبيتهم إلى فضاء أوسع، المتعصب لا يصنع اللحظة التاريخية. لم يكن اديناور صاحب ائتلاف سياسي كبير، ولا نادى بدولة القانون مثل السيد نوري المالكي، ولا رفع شعارات عن الإصلاح والتكنوقراط كان مجرّد رجل نحيل يرفض أن يخدع الناس بخطب زائفة.

أديناور المولود عام 1876 كان من عائلة متوسطة الحال، جده عمل خبازاً، متعصباً لبلاده. درس الشاب اديناور الحقوق وعمل في المحاماة ثم اصبح رئيس بلدية كولونيا في عام 1917 إلى أن جاء النازيون الذين اعتقلوه ورموه في السجن. ولكي يتجنب جماعة هتلر ترك الوظيفة واخذ يعمل في محل للزهور، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عاد اوظيفته رئيسا للبلدية وهي الوظيفة التي تسلمها في بلاد الرافدين العلامة نعيم عبعوب .عام 1949 انتخب مستشاراً. ولكي يعيد بناء المانيا اعتمد على كفاءات مثل لودفيغ إرهارد الذي اطلق المعجزة الاقتصادية الالمانية.. لتنتقل المانيا مع من تعنت النازية وتعصبها إلى حياة التسامح والبناء.

هل أنا بطران عندما أتحدث عن تجارب الشعوب التي لا علاقة لها بتجربتنا الديمقراطية؟. هل استطعنا ان نقدم نموذجا مثل اديناور او لي كوان.. للاسف نحن قدّمنا النموذج الأمثل. وقفنا وقفة رجل واحد من أجل ان يحافظ محمد الحلبوسي على كرسيه  .

المواطن هو الأمن والمستقبل في الدول الديمقراطية.. حيث لا يتعلم الشعب الديمقراطية ولا الوطنية من تجمعات طائفية، وخطب وأناشيد عن نصرة " جماعتنا " وتشريد " جماعتهم .

***

علي حسين

مجتمعات الأمة أفضل من غيرها، إن لم تكن مثلها، والفرق أن أساليب ومناهج الإقترابات السلبية منها تتواصل بتكرارية مزمنة.

فالمكتوب منذ بداية القرن الحادي والعشرين، ممهور بمداد السلبية والدونية والحط من قيمة الإنسان ودوره، وإيهامه بأن التبعية قدره والخنوع والخضوع لغيره مصيره المحتوم.

وتقديمه على أنه عاجز وعالة، وأمته في إنحطاط وإنقراض، وعليه أن يرحل من ديار الفناء والقهر والحرمان، إلى ديار الحرية والديمقراطية والأمان.

وتنأى الكتابات عن العلة الأساسية المتمثلة في الكراسي الموكلة بالحفاظ على مصالح الطامعين بالأمة.

هذه الأمة حية ولن تتمكن منها عاديات العصور مهما تفاقمت وتأسدت، والدليل أنها لا تزال تحافظ على لغتها وهويتها وأصالتها، وتتمسك بدورها الحضاري والإنساني.

فالإستعمارات والهيمنات فشلت في إلغاء هويتها.

فهل وجدتم دولة من دولها طلقت لغتها العربية وأنكرت تراثها، وإبتعدت عن جوهر قيمها.

تحدثوا عن سياسة التتريك، فهل توجد دولة من دولها تتكلم التركية، والدول الإستعمارية كفرنسا وإيطاليا وإنكلترا أمعنت بترويح ثقافتها ولغتها ، لكن الشعوب إنتصرت للغتها وحافظت على كيانها الأصيل، فالأمة بخير وقوية وقادرة على التحدي والمواجهة، والإنطلاق في ميادين الإبداع والتألق الحضاري

وأجيال الأمة المتوافدة ذات قدرات متصاعدة وواعدة، وجديرة بتأمين مرتكزات الصيرورة الأفضل.

فلماذا يتم التركيز على ما هو سلبي وإنكار ما هو إيجابي؟

هل أنها الغفلة الحضارية، ام البرمجة المعادية لوجود الأمة، والتي يجتهد أعداؤها بترويجها.

علينا أن نرعوي وننتبه، ونكتب بمداد الإيجابية، لأن السلبية تصنع حالات نفسية وسلوكية مثلها، وتستحضر الأفكار السيئة والأفعال المعبرة عنها.

فالإيجابي يلد طيبا، والسلبي يصنع خبيثا.

والخيار خيارنا والمصير مصيرنا!!

فهل لنا أن نتبصر؟!!

***

د. صادق السامرائي

"إن من البيان لسحرا"

"القلم مدفع والكلمة إطلاقة عندما يجيد الكاتب إستخدامهما"

الإطناب: بسط الكلام لكثرة الفائدة

الإسهاب: بسط الكلام مع قلة الفائدة

يقول الفراهيدي: "يُختصر الكلام ليحفظ ، ويبسّط ليفهم"

ويقول أهل البلاغة: "الإطناب إن لم يكن منه بد فهو إيجاز"

الكتابة مهارة صعبة، وفي عصرنا الجميع يكتب على (الكي بورد)، فتبدو أمامه الكلمات جميلة ومغرية، والمشكلة ليست في أن تكتب، ولكن كيف تكتب.

إن من تأثيرات وسائل التواصل وسيادة (الكي بورد)، أن الكتابة فقدت قيمتها ودورها وأهميتها، فما دام الكل يكتبون فلا يقرأون.

عند تصفح كتب التراث، وما كان أوائل المبدعين يهتمون به، يتبين همهم أن لا يثقلوا على القارئ، ويجنهدون بإيصال الفكرة بأقل ما يمكن من الكلمات، ويعتذرون عن أي إسهاب وإطناب،  وما يزيد عن المطلوب من الكلام.

وأكقرهم يسعى للإيجاز، وصب المعلومة بكلمات سهلة الحفظ والتداول والأثر، وفي عالم اليوم تجدنا أمام ركام كلمات على سطور تئن منها وتستغيث، ويتوهم أصحابها أنهم يكتبون ويُقرأون.

الكتابة موهبة وممارسة وإدمان، ووسوسة مرضية تحتاج إلى قراءات متراكمة ومتواصلة، وإحاطة بالمفردات لإمتلاك معجمية ثرية، وتعلم أساليبها وآلياتها المعاصرة، بعيدا عن الركض المنهك على السطور.

والذي يكتب بالعربية عليه أن يقرأ القرآن أكثر من مرة، وبإمعان وتفكر وتبحر في معاني الكلمات.

فالمنشور منذ بداية القرن الحادي والعشرين، رغم كثرته وغزارته، وتنامي عدد الذين يكتبون، لا أثر في صناعة الحياة وبناء الأجيال، وتأسيس التيار الثقافي القادر على التغيير .

فعلينا أن نعيد النظر فيما نكتب، ونتساءل عن كيفيات الكتابة لا عن الكتابة وحسب، فالكلمة ذات قدرة على التأثير والتغيير، فلماذا أصبحت في مجتمعاتنا لا معنى لها ولا دور؟

فما أبخس الكلام، وأضعف قيمته، إلا الكلام المقنع بدين، للقبض على مصير المغفلين!!

***

د. صادق السامرائي

ان اصل الصراعات البشرية وحتى الحيوانية هو الحاجة لتحصيل الموارد والخوف من عدم تحصيلها. على أن منشأ هذا الخوف لا يتعلق دائما بعدم توفر هذه الموارد وانما يتعلق باحتمال نقصها أو فقدانها عندما تتطور رغبة ضمان الموارد إلى الرغبة في زيادتها مما يخلق حالة من عدم التوازن في توزيعها توزيعا عادلا مما يؤدي إلى نشوء جهتي الصراع حيث ان من يطلب الزيادة سيكون طرفا مهددا بالقوة والطرف الآخر سيضطر أن يكون مدافعا بالقوة، بعد ذلك تصبح نقطة الصدام أمرا حتميا وهذا مايحصل حتى مع الحيوانات عندما تتجاوز على مناطق نفوذ جماعات أخرى فتحصل المواجهة المسلحة بالانياب والمخالب ..

الحرب الأوكرانية

مع حصول الصدام المسلح حول مناطق النفوذ (الموارد) في الحرب العالمية الثانية ١٩٣٩ - ١٩٤٥ بعد غزو المانيا لبولندا .. 1/9/1939 لتوسيع مناطق نفوذ الدولة الألمانية لتحقيق هذه الزيادة في الموارد، أصبح لزاما على مجموعة من الدول أن تدخل الصراع دفاعا عن مناطقها التي أصبحت في دائرة التهديد لذلك وبعد يومين فقط أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا في خطوة استباقية أو مايسمى الدفاع بالهجوم وهو مايسمى بجهاد الدفع في الأدبيات الإسلامية عندالشعور بتهديد وشيك ..

وضعت الحرب أوزارها بعد أن فرضت القوة منطقها ليتم إعادة رسم خارطة النفوذ من جديد بناءا على ما أفرزته الحرب من معادلات جديدة، ومن افرازات الحرب شكلت بريطانيا وفرنسا تحالفا مشتركا (اتفاقية دونكيرك 1947)

والتي شكلت نواةً لحلف الناتو وُقع في واشنطن 4/4/1949 من 12 عضوا مؤسسا هم كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبرتغال، والنرويج، ولوكسمبورج، وإيطاليا، وأيسلندا، وفرنسا، وكندا والدنمارك، وبلجيكا .. ثم توسع الحلف إلى 31 دولة من امريكا الشمالية واوربا وقد كان من أهم اهداف تشكل هذا الحلف المعلنة التصدي بشكل جماعي لأي عدوان على أي دولة من دول الحلف [المادة 5 من الاتفاقية] وهي تنص على حق الدفاع الجماعي إذا تعرضت واحدة من الدول أو عدد منها أو أحدى مناطق سيادتها في العالم [ الجزائر أحد مناطق سيادة فرنسا .. مثالا ] إلى الخطر أو الاعتداء لاحظ أن الدواعي المعلنة لتشكيل الحلف كانت دفاعيةتتعلق بحفظ حدود وأمن اعضائها وقد كان أحد أهم الأعداء المحتملين هو الاتحاد السوفيتي، الا أن سايكولوجية الطبع البشري تبقى هي الحاكمة على سلوكه لذلك سرعان ما تحولت دواعي التأسيس من الدفاع عند حصول اعتداء أو احتمال الخطر إلى التوسع بداعي الدفاع ضد خطر محتمل وهذا عنوان فضفاض يحتمل تجاوز مناطق النفوذ [النزعة البشرية لتحصيل الزيادة في الموارد] وهذا ماحصل عندما بدأ الحلف باغراء ألمانيا الغربية للانضمام إلى الحلف وقد حصل ذلك فعلا في 5/5/195 حيث أثار هذا الانضمام مخاوف الاتحاد السوفيتي ودول الشرق فتم على إثر ذلك وبعد عشرة أيام فقط انشاء حلف وارسو في اجتماع عقد في العاصمة البولندية لتكتل عسكري من عدد من دول المعسكر الشرقي هي بالإضافة إلى الاتحاد السوفياتي عدد من الدول .. ألبانيا بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا، جمهورية ألمانيا الديمقراطية [ الشرقية] المجر و بولندا و رومانيا.. حيث كانت بدايات الحرب الباردة [الدفاع بالردع] مما أدى إلى سباق تسلح رهيب أدى إلى صدام على كل المستويات مادون الصدام العسكري المباشر ومن أشكال هذه الأنشطة يأتي النشاط الاقتصادي والاستخباراتي والجاسوسية وبناء وتطوير مختلف أنواع الأسلحة استعدادا لكل الاحتمالات وكان من نتائج هذه الحرب الباردة سقوط وتفكك الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو في 25/2/1991 وكان من نتائج تفكك الاتحاد السوفيتي ايضا انفصال عدد من جمهورياته مما أدى إلى نشوء نظام القطب الواحد المهيمن وهو الولايات المتحدة الأمريكية مما أسقط كثير من الخطوط التي كانت سائدة في نظام تعدد الأقطاب من هنا بدأت الإدارات الأمريكية المتعاقبةبفرض نفوذها على المناطق ذات الموارد الطبيعية والمواقع الاستراتيجية في مختلف مناطق العالم دون وجود رادع وقد كان من نتائج انهيار الاتحاد السوفيتي هو انكفاء روسيا وصعود الصين كقوة اقتصادية ناعمة تتمدد بشكل حثيث دون ضجيج كبير إلى أن وصلت إلى أن تكون منافس ومهدد اقتصادي عالمي وبينما كان الغرب يتعامل مع معطيات التمدد الصيني بدا أن الروس كانو يعملون بصمت لاسترجاع بعض مما فقدوه واول ذلك هو وضع خطوط حمراء لايريدون للغرب تجاوزها ومن ذلك أن لاتكون حدود الناتو على مقربة من الأراضي الروسية مما أدى إلى جولة جديدة من النزاع بين الشرق الاقتصادي المهدد والمتمثل بالمارد الصيني والقوة العسكرية الروسية التي احتفظت بمجد السوفيت بامتلاكها معظم الترسانة النووية والتي تفوق مالدى الغرب مع تدعيم صامت للأسلحة التقليدية لتصبح الوريث الشرعي للدولة السوفيتية، كانت نقطة الصدام المحتملة هي اوكرانيا لأنها تمثل حدا فاصلا بين الغرب والشرق ولطول الحدود بين البلدين 1576كم وللقوة الاقتصادية الاوكرنية وكذلك وجود الأقاليم الشرقية ذات الأصول الروسية كانت أولى الخطوات نحو الحرب هي دعم ودفع الإدارة الأمريكية والتي تقود حلف الناتو حراكا شعبيا مناهض للحكومة الأوكرانية المتحالفة مع موسكو ومن ثم تمكنت من إسقاطها وتولي زيلينيسكي المصنوع أمريكيا الرئاسة في اوكرانيامما جعل حلف الناتو واقعيا على الحدود الروسية حتى قبل السعي لانضمامها للحلف مما نقل الصراع إلى مربع الصدام المباشر المحتمل لذلك كان من الطبيعي أن يتخذ الروس اجراءات تتعلق بتأمين الحدود مع الناتو وذلك بتحريك النزعة الانفصالية لإقليم الدونباس [اهم المناطق الصناعية الاوكرانية] مما أدى إلى ان تقرر جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصال من طرف واحد ما اشعل صراعا عسكريا محليا بدعم من طرفي الصراع الدولي وصولا إلى عقد اتفاقية [منسك / بلاروسيا] 2014 والتي شاركت فيها السلطة الأوكرانية والحكومة الروسية وممثلين عن الجمهوريتين الانفصاليتين وإشراف مجموعة اتصال اوربية متمثلة بألمانيا وفرنسا وتم إعادة صياغة الاتفاقية 2015 بعد فشل وقف إطلاق النار عدة مرات الا أن ذلك لم ينجح أيضا ما أدى إلى

اعتراف روسيا بانفصال الجمهوريتين من طرف واحد وبعد ذلك تنظيم استفتاء للانضمام إلى الاتحاد الروسي وصولا إلى نشوب الحرب الروسية الاوكرانية ..

من بدأ الحرب !!؟....

دائما ما يشار إلى من يعبر الحدود ويطلق الرصاصة الأولى على أنه هو من بدأ الحرب وهو الذي سيتحمل النتائج القانونية والأخلاقية والإنسانية خصوصا اذا خسر الحرب اما ان ربح الحرب فأنه حتما سيوصف بالمنتصر نعم أن الجيش الروسي هو من عبر الحدود واطلق الرصاصة الأولى ولكن هل فعلا هو من بدأ الحرب ؟ في الواقع وبصرف النظر عن من سيربح الحرب والتي في الواقع ليس فيها رابح الا من اضطر على خوضها فأن من بدأ الحرب هو من جمع الحطب ومن سكب عليه الزيت ومن وضع عود الثقاب بيد احمق يقف عند برميل البارود وهذا مافعله حلف الناتو عندما أوهم الروس بانه طرف محايد في اتفاقية منسك ولكنه لم يكن كذلك حيث استثمر الاتفاقية لكسب الوقت لتعزيز القوة العسكرية للجيش الأوكراني على مقربة من برميل البارود [ حدود روسيا مع الناتو] التي أصبحت اوكرانيا تمثل امتدادا له من قبل أن تنظم إليه وهاهو الاحمق زيلينيسكي يمسك بعود الثقاب قرب كومة الحطب التي جمعها الحلف واغرقها بالزيت على الحدود الروسية وهذا ماصرحت به أنجيلا ميركل عندما قالت أن اتفاقية منسك كانت فقط لكسب الوقت لتمكين اوكرانيا من الاستعداد للحرب ..

***

فاضل الجاروش

البحث عن حلم الوصول إلى أوروبا ينتهي في اغلب الأحيان الى فاجعة مأساوية، الغرق في البحر. وهذه الحوادث المأساوية تتكرر على الدوام، في غرق المهاجرين في بحر (إيجة) أو في البحر الأبيض المتوسط، ولا يمكن أن تتوقف مطلقاً رغم فواجعها المأساوية، أن مغامرة الإبحار في قوارب مستهلكة أو مطاطية، لا تصمد مع امواج ورياح البحر، لتنتهي بها المطاف بعواقب وخيمة على المهاجرين في أغلب الأحيان. لأن السبب الأساسي الذي يدفع الى سلوك طريق مغامرة الهجرة، بأن الوطن سد أبوابه في وجه أبنائه، وجعلهم يتجرعون حنظل بالظروف القاسية والصعبة، التي لا تحتمل و لا تطاق، سوى نافذة الهجرة المفتوحة، ليقعوا بعد ذلك تحت رحمة المهربين، الذين لا يمتلكون ذرة من الضمير والانسانية، سوى الجشع والربح من هذه التجارة السوداء (تجارة البشر) في زج أكبر عدد من المهاجرين في قوارب الموت، ليكون مصير المهاجرين الغرق في اعماق البحر، ليكونوا شهية لحيتان البحر، وهذه الحادثة المأساوية الاخيرة، انطلقت من مدينة طبرق بعد تجميع المهاجرين من عدة مدن ليبية، لتنطلق الى وجهتها صوب ايطاليا، وكما ذكر من شهادة الناجين، بأن كل واحد منهم دفع حوالي 4000 يورو، ولم يمنح لهم سترات النجاة، يعني بعملية بسيطة ربح المهربون من هذه العملية حوالي من 2 الى 3 مليون دولار. وكما ذكر بأن اغلب المهاجرين من النساء والاطفال من جنسيات متعددة، عربية وافريقية، ومن أفغانستان وباكستان، وعن غرق هذا القارب الذي تقول عنه المصادر بأنه كان محملاً بحوالي 750 مهاجراً، تعرض الى حادثة الغرق في الحدود الدولية بين اليونان وايطاليا، وذكر مصادر البحرية اليونانية تقول : بأنها أنقذت حياة 104 مهاجر، وانتشلت حوالي 79 جثة، وما زالت عمليات البحث جارية، ولكن نفس المصادر تقول: أن الاحتمال ضعيف جداً بوجود احياء من حادثة الغرق، سوى انتشال الجثث من اعماق البحر لهذه الحادثة المأساوية. أن تجارة تهريب البشر اصبحت تجارة سوداء لكنها تدر اموالاً طائلة وهي بمثابة جريمة كبرى بحق الانسانية، في استغلال حلم المهاجرين للوصول الى أوروبا مهما كلف الثمن، وبالتالي تتحول الى مأساة الغرق، في قوارب مستلكة أو مطاطية تلعب بها الأمواج البحرية، ويكون مصير المهاجر بين الحياة والموت، إن هذه الحوادث تتكرر على الدوام، ولا يستطيع أحداً ايقافها، وايقاف جشع المهربين المتوحش على حساب القيمة الانسانية للمهاجرين.

***

جمعة عبدالله

تعتبر قصة سيدنا يوسف عليه السلام من أجمل القصص وأروعها في القرآن الكريم، وأكثر القصص التي اقتبست وأثرت في الآداب والفنون العالمية ..

صورت هذه القصة مكر الأخوة بسبب الحسد، ومكر النساء نتيجة العشق، والأبوة  وهجر الأوطان والغربة والبيع في سوق العبيد والسجن لكن الإيمان بالله والثقة في مشيئته القاهرة والغالبة جعلت يوسف عليه السلام يتغلب على مشيئة البشر وحيلهم ومكائدهم، فمكر الأخوة أوصله الى مصر، ومكر زوجة عزيز مصر أوصله الى السجن، وسيرته الطيبة في السجن أوصلته لأن يكون عزيز مصر بعد أن فسر حلم الملك!

وعاش سيدنا يوسف عليه السلام بين شخصيتين  محورتين،أبوه يعقوب عليه السلام والسيدة زليخة، فيوسف لما كان صغيراً انتزع من والده، ورُمي في البئر وتغرب وبِيع في سوق العبيد وانتهت به كل تلك الألأم الى بلاد مصر البعيدة، ولما بلغ سن الشباب في قصر العزيز لاحقته اتهامات نسوة المدينة المتحالفات مع زليخة التي راودته عن نفسه وامتنع فاختار السجن مظلوماً حفاظا على نفسه وعلى سمعة سيده عزيز مصر  ...

وأبوه السيد يعقوب عليه والسلام ما نسيه أبدا منذ أن جاءه إخوته يبكون ليلا بأنهم أضاعوه وأكله الذئب، وبكاه طويلاً حتى ابيضت عيناه وأصيب بالعمى ...

و زليخة ما نسيته أيضا  وبكته وبحثت عنه، بل وشهدت أمام الملك أنه إنسان تقي وورع ونزيه، وتقول كتب السير أنها أصيبت بالعمى بعد أن هرمت وفقدت جاهها، لكنها ظلت تذكره وما أهملت صورته أبدا ... استمرت تعشقه حتى بعد أن بلغت من العمر ...

ورد الله بصر السيد يعقوب عليه السلام مكافئة على صبره وثقته بالله ويقينه بأن أبنه لا يزال حيا ...

ورد الله أيضا بصر زليخة وبعض كتب السير تقول رد بصرها وشبابها وتزوجها يوسف عليه السلام بأمر من الله، وذلك أكراما لها لأنها لم تخنه وشهدت بأنه إنسان أبعد ما يكون عن السوء وهي التي ظلمته وراودته ...

***

بقلم عبد القادر رالة

في المثقف اليوم