أقلام حرة

أقلام حرة

عرفنا السياسة بأنها طريق لقيادة المجتمعات وأساليب تدبير شؤونها وتقديم الخدمات لها، وهذا الهدف لا يمكن الوصول اليه بدون ان يرافق ذلك اخلاق تقيد السياسة من الانحراف عن أهدافها المعلنة طبقا لرؤية افلاطون في ارتباط الاخلاق بالسياسة ارتباطا وثيقا، ووفقا لجدلية العلاقة بين السياسة والاخلاق جاءت غالبية البرامج السياسية محملة بحزمة من المبادئ والقيم الموجهة للسلوك البشري المتعلقة بتحسين حياة المواطنين ومعيشتهم ودعم الشرائح الفقيرة منهم، ورغم ما جاء في هذه البرامج من وعود تتحدث عن ضرورة اشاعة الديمقراطية ومنح الحريات للشعب الا ان بعض السياسيين اخذ بالسياسة الى مستنقع الفساد والتلاعب بمصائر حياة الشعب واستباحة حقوقه وتدمير البلاد، وبسبب هذا السلوك المنحرف تعرضت السياسة الى أبشع انواع النقد والكراهية والتشكيك والقطيعة من قبل جمهور واسع خصوصا لدى المجتمعات التي شهدت أنظمة سياسية مارست القمع ضد معارضيها وسرقة قوت الشعب بدون ان يفرق هذا الجمهور ببن رسالة السياسة ومبادئها وبين القائمين على تطبيقها، فالتطبيق سلوك بشري خاضع للأهواء والأطماع والطموحات غير المشروعة لذا من الخطأ ان نحمّل السياسة كل ما يصيب الشعب من ويلات، انما يتحمل الشعب نفسه وزر ما يصيبه من شرور علي أيدي السياسيين الفاسدين وقد أشار الى هذه المسؤولية الكاتب الانكليزي "جورج اورويل " في قوله (الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين والخونة، لا يعتبر ضحية .. بل شريكا في الجريمة) وقد اثبتت التجارب ان فصل الاخلاق عن السياسة كان أحد أسباب تدهور حياة الشعوب وقيام الصراعات الداخلية فيها اذ ان السياسة بلا اخلاق تشجع على الانتهازية وتسبب الخراب والفوضى والانقسام المجتمعي، وبسبب الافعال السيئة التي قام بها السياسيون شاعت عند الناس فكرة ان السياسة والاخلاق ضدان لا يجتمعان وارتكزت هذه الفكرة على ما افرزته الساحة السياسية خصوصا في العراق من ظواهر وسلوكيات غريبة على قيم المجتمع العراقي ومنظومته الأخلاقية، فطيف واسع من العراقيين وللأسف صار لا يشعر بالخجل عندما يرتكب فعلا قبيحا، فهو يكذب ويخون ويسرق ولا يبالي بسمعته وماذا سوف يقول الناس عنه في المستقبل، وهذا السلوك يظهر بوضوح عند مراهقي وحديثي السياسة والطارئين عليها، فهؤلاء منافقون فهم بدل ان يسكتوا ويتواروا عن الانظار كي يمنحوا الشعب فرصة لنسيان ما ارتكبوه بحقه من فساد وجرائم وتخريب أخذوا يظهرون على الشاشات وبكل صلافة يزيفون الحقائق ويجاهرون بالكذب ويمجدون بزعاماتهم المسؤولة عن كل ما آل اليه وضع البلاد من تدهور طال حتى القيم والاخلاق، انهم بهذا السلوك يؤكدون سفالتهم ومن النوع المركب ذلك ان السفالة انواع ودرجات حيث يقول فيها الكاتب المصري الساخر محمد عفيفي ان الفرق بين السافل العادي والسافل المركب ان الأول يبذل كل جهده لكي لا يعرف أحد انه سافل، في حين ان الثاني لا تتم متعته الاّ اذا عرف الجميع انه كذلك .

***

ثامر الحاج امين

الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، يتواجد فيه أعداد من المخضرمين، أي من الذين ولدوا في القرن العشرين، وبعضهم قد أمضى أكثر من نصف عمره فيه، وهؤلاء يشكلون عبئا ثقيلا عليه، ستداويه الأيام عبر مسيرة الأجيال.

الحياة بمستوياتها المتنوعة يزدحم فيها المخضرمون، فقادة الدول لاينتمون لهذا القرن، ويتمترسون في آليات وعقليات القرن الماضي، وبموجب ذلك تحصل تصادمات ما بين الأجيال، وربما ستتحقق إنهيارات مصيرية مروعة.

فلكل زمان رجاله، وعقلاؤه ومفكروه، ولا يصح الإمتثال لمعطيات القرن السابق، وتجاهل عناصر ومفردات القرن الحالي، والتفاعل معها بمعطياتها المتجددة المتوثبة إلى آفاق المطلق.

وما تقدم ينعكس بالكتابات والإبداعات المنشورة في المواقع ووسائل الإتصال المولودة في القرن الحادي والعشرين.

فالكتابة ما عادت تتحمل الإسهاب والإطناب، والإمعان بسكب ما يخطر على بال، وكأن الذي يكتب يحسب أن في الزيادة فائدة وتعبير عن القدرة على الكتابة، ويتناسى أن الناس لا تجيد قراءة الكتابات الطويلة، وترى أن خير الكلام ما قل ودل، وأروعه ما كان مكثفا في بضعة كلمات.

بل أن الصورة أصبحت المعبر الأفصح والأصدق عن أي كلام مكتوب أو مسموع.

إن الإنتقال من حالة إلى أخرى يتطلب جهدا وإجتهادا، وإرادة قادرة على التفاعل مع مفردات العصر بأنواعها، فلا يجوز التمسك بما لا يساهم في إشراقة الحياة، ومحاولة التعاطي مع العثرات على أنها قدرات ذات قيمة معرفية؟

إنها صدمة الأجيال بالأجيال، والإنتقال إلى ما يفوق الصوت بسرعته، فالتفاعلات الحاصلة خاطفة وغير مسبوقة في تأريخ البشرية، فما يحصل في أية بقعة أرضية تجده أمامك في بضع دقائق وربما ثوانٍ، وهذا يؤثر بقوة على آليات التفكير والتفاعل بين الناس، ويستند على التواصل الخاطف والسرعة المتناهية، والإمساك بزبدة المعنى والحدث.

وعليه فالمخضرمون مطلوب منهم البحث عن أدوات ومنطلقات التواصل مع زمانهم الذي يجب أن يعيشونه بتفاصيل عناصره، وأن يخاطبوا المستقبل، ولا يركونوا إلى ما هم عليه، فأولاد القرن العشرين، يبدون كالخدج في القرن الحادي والعشرين، أو كالمسنين الذين يتمترسون بما كانوا يعرفون!!

***

د. صادق السامرائي

في فترة التسعينيات (لا أذكر اي سنة بالضبط) تم اكتشاف قبر أثري في نينوى يضم رفاة واحدة من ملكات او اميرات أحدى الممالك في نينوى القديمة.

كان الهيكل العظمي لتلك الملكة مليء بالحلي الذهبية كالاساور والاقراط والاطواق حول العنق.

الشيء المؤلم والهمجي في تلك القصة ان التلفزيون عرض فيلماً يظهر فيه مدير عام الآثار الذي كان اسمه د. مؤيد، وهو يجلس القرفصاء داخل القبر مع الهيكل العظمي، ثم أخذ يكسر عظام الهيكل العظمي بيديه لكي ينتزع الاساور من اليدين بكل وحشية وكأنه لص يسطو على خزنة !!

نسي ذلك الجاهل ان قيمة الهيكل ودراسته ومعرفة صاحبته قد تكون اكثر اهمية من الذهب نفسه بالنسبة لعلماء التاريخ.

تم الاحتفال رسمياً بهذا الكنز وتحدثت عنه الصحف بدون الاشارة الى التصرف المتوحش لمدير الآثار !!

بعد فترة سمعنا ان زوجة الرئيس قد ارتدت ذلك الذهب في احدى المناسبات باعتبارها زوجة ملك عظيم كصاحبة الهيكل العظمي !!

ثم تمت اعادته الى المتحف العراقي ونجا باعجوبة من عمليات نهب المتحف بعد الاحتلال.

عدد من مسؤولي النظام كانوا يتاجرون بالآثار كما أُشيع في وقتها ..وبعضهم تمت معاقبته كما سمعنا.

عندما دخلت داعش بدأ عناصرها بتدمير الآثار وسرقتها والمتاجرة بها.

مواقع الجنوب الأثرية تعرضت الى عمليات حفر ونهب لاحدود لها باعتراف المعنيين..

في الختام أقول:

اليس من الافضل ان تكون آثارنا محفوظة في متاحف عالمية  رصينة ومحمية وتتم المحافظة عليها وعرضها باعتبارها آثاراً عراقيةً؟؟

حتى اللغة السومرية ، فأن ابرز من قام بفك رموزها:

وليم فوكس تالبوت

ادوارد هنكس

هنري رولنسون

وواضح انهم اوربيون وقدموا مساعدة عظيمة في فك رموز الرُقَم الطينية وبالتالي تعريف العالم بالمحتوي الحضاري والثقافي لآثارنا..

كتبتُ ذات مرة عن ماشاهدته عند زيارتي لمدينة اشبيلية في جنوب اسبانيا وزيارتي للقصر الذي كان يستخدمه الحاكم المسلم.

لقد حافظ الاسبان على النقوش الاسلامية وآيات القرآن ، لكن بعض السياح العرب قاموا بتخريب بعضها وحفروا اسمائهم عليها (ذكرى احلام ومحمد، مثلاً)..

الموضوع مؤلم.

***

د. صلاح حزام

هل يعود السبب وراء الاحتفالات التي فاقت كل السنين بمناسبة تتعلق بالإمام، والحماس الذي زاد عن أي حماس سابق، والخطابات التي قزمت كل خطابات الأمس، هل يعود كل هذا إلى فرحة عارمة بانتصار مبادئ الإمام ووصاياه في المجتمع الإسلامي، وبأكثر من أي وقت مضى... أم الى الحاجة إلى غطاء أكبر من أي وقت مضى لتغطية فضيحة أكبر من أية فضيحة مضت وعار هزيمة لأمة ابتعدت عن تلك المبادئ أكثر من أي وقت مضى؟ هل حجم كعكة العتبة العلوية بقدر حجم انتصار الخط الذي تدعي العتبة انتهاجه، أم تمثل حجم ما تريد حجبه عن العيون؟

هل ازدادت المساواة بين أمة ابي تراب كما اوصى أم استفحلت الفوارق؟ هل لم يعد الناس يسيرون وراء قادة يركبون، أم لم يعودوا يقدرون على الركض وراء سياراتهم الفارهة؟ هل انقرض الأثرياء خجلا ان "يتمتعوا بما حرم منه فقير".. أم ازدادوا عددا وتوحشا أكثر من أي وقت مضى؟ لو عاد أبو ذر، هل سيكون سعيدا بما يرى، أم سيحار بمن يبدأ سؤاله: إذا كان هذا من مالك فهو الإسراف وإن كان من مال الأمة فهي الخيانة!

هل تشعر الأمة بالكرامة التي ارادها لها الإمام الحسين اكثر من قبل، أم تسودها مسكنة ومذلة لم تصل اليها قبلا؟ هل تربي اجيالها على المقاومة أم على حكمة الاستسلام للقوي أكثر من اي وقت مضى؟ هل تعتز بالمبادئ أم تسميها "شعارات" و "مزايدات"؟ هل لها استقلالها وكلمتها، أم هي اشد انسحاقا وطاعة لسيد أجنبي، من جميع خدمه الآخرين وأقل جرأة على فتح فمها وأشد ارتجافا من أي من عبيده الآخرين؟

هل الصارخون بالاحتفال رجل دين سعيد باطمئنانه عن رضا الله عما فعل، وسياسي يعتز بما حقق مما وعد ومقاوم فخور بما طرد من احتلال وانتقم من قتلة لرفاقه، ومواطن تمكن من وضع حزب أمين مناضل يقوده رجل صادق على رأس سلطة بلده؟...

أم رجل دين يموه تحوله الى مقاول سمين وسياسي ضاقت به الحجج لتفسير مصدر قصوره ومقاوم وجدها فرصة للخروج من صمته الطويل بعد ان خذل قضيته ولم يعد لديه ما يقول، ومواطن فشل في معركة حاضره وبلده وشعبه، فبحث عن اعتزاز لم يستحقه، في ماض لم يعشه، ومعارك لم يشارك فيها ومواقف طائفية لا تكلفه شيئا؟

إن كان ما ترون هو الحال الأول، فهنيئا لنا ولكم بهذا "العيد".. وإن كان الثاني.. فكونوا على الأقل صادقين، لعل الأمل يبقى في المستقبل.. اخفضوا صوت التلفزيون قليلا.. وتأملوا..

***

صائب خليل

أورد الدكتور أبو العيد دودو في كتابه الجزائر في مؤلفات الرحالة الألمان نصاً لضابط ألماني خدم في الفرق الأجنبية الفرنسية، ثم عاد الى وطنه ألمانيا.

النص يعكس بوضوح العقلية الأوروبية المتكبرة المتغطرسة التي تقلب الحقائق...

(لقد تعلمنا القسوة من رجال القبائل الذين يدافعون عن وطنهم أكثر مما تعلموا هم منا المدنية والإنسانية).

قلب واضح للحقائق التاريخية، القسوة هي الاحتلال الذي كان قاسياً وعنيفا في التنكيل بالأبطال والأبرياء وتشريد الأطفال والأرامل..

والمدنية والإنسانية التي جاء بها الاحتلال هي أن تستسلم وأن تصير عبدا في أرضك وثرواتك! أي منطق هذا؟

كتب المؤرخ بسام العسلي في مقدمة كتابه عن العلامة عبد الحميد بن باديس

(كان في مدينة الجزائر وحدها يوم وطئتها أقدام الغزاة الصليبيين الفرنسيين سنة 1830 مائة وستة مساجد ، وعندما حرر المسلمون الجزائريون بلادهم سنة 1962 لم يكن في الجزائر العاصمة أكثر من ثمانية مساجد فقط، وهكذا اختفى 98 مسجدا كانت من أعظم منارات الدنيا

وكانت الأوقاف الإسلامية في الجزائر تبلغ نحو 66 بالمائة من مجموع الأملاك العقارية والزراعية. ويعود السبب في ذلك الى شغف الجزائريين بحبس أموالهم على المساجد وأضرحة الأولياء وأندية العلم عامة والحرمين الشريفين خاصة.

وكان الجزائريون يديرون هذه الأموال بكفاءة ومهارة، بواسطة إدارة أهلية، ولم يكن أحد يشكو فقرا لأن جميع الفقراء كانوا يأخذون حصتهم ونصيبهم من خيراتها .  وهكذا استمرت الجزائر تعيش في بحبوحة من العيش أيام عزّها ومجدها، حتى غزّتها جحافل الصليبين)

***

بقلم عبد القادر رالة

اتفاق الصخيرات سيء السمعة، والذي اسس لمراحل انتقالية اسهمت في انتشار الفساد، وعدم قيام الاجهزة الرقابية بدورها، بل تغاضت عن ذلك وساهمت في استفحاله، تجلّى ذلك من خلال قوائم الموفدون الى الخارج سواء للدراسة او العمل، وصلة القرابة التي تربط بعضهم بأناس متنفذون في (الدولة)، ناهيك عن كبار وصغار السن حيث قانون الدراسات العليا بالخارج يمنع ذلك.

تحول مجلس الدولة المنبثق عن اتفاق الصخيرات من مجلس استشاري استرضائي صرف، توصياته غير ملزمة، إلى غرفة تشريعية ثانية، بمباركة من القوى الدولية لأجل استمرار الازمة، وكذلك لوجوده في غرب البلاد حيث تخضع لسلطة الميليشيات الجهوية والمؤدلجة، كما يتواجد بها البنك المركزي الذي يراسه احد المحكوم عليهم بالفساد المالي قبل الثورة، فوجد مجلس النواب نفسه مجبرا على التعاطي مع الاعلى للدولة، علّ الوصول الى توافق معه يسهل الوصول الى انتخابات برلمانية ورئاسية.

بالأمس اعلن عن اتفاق الطرفين على خارطة طريق تمس النقاط الضرورية التي تساهم في حل الازمة وتبشر بإجراء انتخابات في الربع الثاني من العام المقبل، ولكن يتقبل الدبيبة والمساندين له ذلك وبالأخص الادارة الامريكية التي يتدخل مبعوثها في كل كبيرة وصغيرة والتشكيك في محاولة المجلسين لراب الصدع ولمّ الشمل، وعندما يواجه المبعوث الامريكي بالتدخل السافر فيا الشأن المحلي يدعي حرصه على الليبيين وتمنيه بعبورهم الى بر الامان وبناء الدولة.

والسؤال الذى يتبادر الى الادهان، ترى أي المشاكل التي تم حلها بواسطة امريكا ومن هم على شاكلتها؟ كافة مشاكل دولنا، ما اصطلحت امريكا على تسميته بالشرق الاوسط الجديد والتي عملت لسنوات على تنفيذه على حساب شعوبنا التي تم تشريد جزء منها ونهب خيراتها وبث الفرقة بين مكوناتها لتظل تحت سيطرتها، والاستفادة من الاموال التي تم تجميدها، أما بخصوص عملية (ايريني) لمراقبة حظر الاسلحة الاممية على ليبيا فان وجودها شكلي ليس الا فالأسلحة المتنوعة والمتطورة تتدفق وبشكل مستمر على الاطراف المتنازعة وكل شيء بثمنه بل مضاعف.

السيد الدبيبة يبدو انه مطمئن الى مركزه وغير ابه بتوافق المجلسين، وهو يطالب دائما بان يكون هناك دستور دائم يستفتى عليه الشعب والا فانه لن يسلم السلطة، خطوات تحسب على الخيرين من نواب المجلسين، وقد يكون عدم التوزيع العادل للثروة بين المناطق هو الشرارة لإجبار حكومة الدبيبة على التنحي حيث انه وخلال فترة حكمه التي جاوزت العامين تم صرف المليارات فيما ما لا يعني بمناطق غرب البلاد (مشاريع ترفيهية)، بينما لم يحظى شرق البلاد وجنوبها باي من المشاريع الاساسية.

وبعد هل يفلح النواب برمي الدبيبة، الخصم العنيد لهم على قارعة الطريق التي رسماها، لتكون بر الامان لشعب عانى ولأكثر من عقد ويلات الحروب والقتل والتدمير والتهجير واهدار المال العام، ليس لنا الا الانتظار وقد اعلن رئيس مجلس الدولة بانهم سيشكلون حكومة جديدة موحدة تتولى التهيئة والاشراف على الانتخابات، وفي حالة عدم امتثال الدبيبة (التسليم للحكومة الجيدة) لذلك فسيتم اتخاذ إجراءات أخرى.

***

ميلاد عمر المزوغي

يقول إبن الرومي (221 - 283) هجرية:

 "الحظ أعمى ولولا ذلك لم نرهُ.. للبحتري بلا عقلٍ ولا نسبِ" .

البحتري (204 - 284) هجرية من قرية منبج في سوريا تقرّب إلى شعراء عصره ومنهم إبن بلده أبو تمام (188 - 231) هجرية الذي أجازه وصار معلمه وبعدما تنامت قدرته قدمه إلى بلاط العباسيين فانطلق مع الخلفاء بدءا بالواثق (227 - 232) هجرية وتواصل حتى المعتضد(279 - 289) هجرية وكان آخرهم في سامراء.

وقد بلغ من الثراء درجة لا يضاهيه فيها أي شاعر في تأريخ العرب.

قد لا يُعجب الكثيرين المقال لما لسطوة البحتري على الوعي الثقافي الجمعي وديوانه بجزأيه يرافقني وأقرأه كثيرا ومع قراءاتي المتكررة أكتشف أدلة تشير إلى شخصيته ومتاجرته بشعره فلابد له أن يقبض شيئا على كلامه فمدائحه لمن يدفع أكثر واضحة وطمعه بالتملك يصل إلى درجة الجشع.

وقد أنصفه الحظ بموت أبي تمام - وربما لوشاية منه تم إرساله إلى الموصل ليتولى بريدها ومات فيها بعد أقل من سنتين - في عهد الواثق فتعبّدت الطريق أمامه ليكون سيد الشعراء في قصور بني العباس.

وقد عاصر الخلفاء العباسيين منذ المأمون وحتى إنتقال العاصمة من سامراء إلى بغداد سنة (279) هجرية في زمن المعتضد وأكال لهم المدائح وكان لا يتوانى فهو بلا مبدأ ولا موقف ويميل حيثما الريح تميل فبعد مقتل المتوكل (247) هجرية ببضعة أسابيع مدح قاتله ومن بعده مدح المستعين وحينما قتلوه هجاه ومدح المعتز وإبنه ومن ثم المهتدي إبن الواثق وتواصل في مديح من يجد عنده المال والقدرة على بذل العطاء له.

وفي هذه الهيمنة الإفتراسية صار يعادي أي منافس له وإستضرى بعد موت أبو تمام ومن الواضح أنه أوقع بين المتوكل وعلي بن الجهم (188 - 249) هجرية الذي عانى من عدوانيته الكثير وما ترك شاعرا في سامراء سواه فهو المدّاح المتكسب بشعره ومعظم هجائياته ضد الشعراء والأدباء الذين عاصروه إلا فيما ندر وكان يخشى منافستهم له على الثريد!!

وديوانه يقدم صورة جلية على التسول بالشعر وعدم الثبات على موقف فهو تاجر بضاعته الشعر!!

***

د. صادق السامرائي

 

في منتصف القرن الماضي كتب الفرنسي رولان بارت بحثاً عن الصورة وعلاقتها بالسياسة قائلا: "هذه الصور ما هي إلا مجموعة من الإعلانات التي لا تحظى باحترام الجمهور".

وأعتذر لكم عن العودة إلى أحاديث الكتب، لكن ماذا أفعل ياسادة، ونحن نعيش عصر الصورة التي تكشف لنا أن كل شيء لا يتغير في بلاد الرافدين سوى إجابات المسؤولين ومن يصفق لهم .

قبل أيام امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة انقطاع الكهرباء عن مطار بغداد الدولي، وبعدها شاهدنا صوراً لمواطنين عراقيين يشكون أمرهم إلى الله بعد أن ضاقت بهم سبل الكهرباء ودرجات الحرارة التي حولت العالم إلى تنور. إلا أن الصورة التي نالت التعليق الأكثر ومعها علامات التعجب والاستغراب كانت صورة السفيرة الأمريكية ألينا رومانوسكي وهي تقوم بجولة على محطات الكهرباء، والخبر يقول إن السفيرة تريد أن تعرف "علة" الكهرباء في بلاد الرافدين، وربما تساءلت كيف لبلاد تولى فيها عالم "نووي" بحجم حسين الشهرستاني تشكو من الكهرباء!.الشهرستاني الذي تولى منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ومعها وزارات النفط والكهرباء والتعليم العالي، كان قد قرر أن يصدر الكهرباء العراقية إلى الصين لولا تآمر الإمبريالية على "معاليه" وأحبطت مشاريعه في الطاقة المتجددة والخضراء.

لعل مغارة علي بابا التي أطلق عليها سهواً اسم وزارة الكهرباء، بدأت حكايتها منذ أن أخبرنا إبراهيم الجعفري بأن عام 2006 عام المارد الذي سيخرج من القمقم ويجعل العراق مضيئاً، ثم أخبرنا السيد نوري المالكي قبل عشرة أعوام بالتمام والكمال باننا :"سنوفّر الكهرباء على مدار الساعة يومياً ونحتاج لتريليون دولار للبناء"، والعجيب والغريب أن نبؤة السيد المالكي تحققت وحصل العراق على أكثر من مليار دولار من واردات النفط، لكن وآه من مفردة "لكن" اللعينة، هذه الأموال دخلت مغارة علي بابا ولم تخرج.

إياك عزيزي القارئ من أن تظنّ أنّ "جنابي" يطالب بمحاسبة "العالم" حسين الشهرستاني، حاشا لله أن يجرؤ كويتب مثلي مناطحة "العباقرة"، فالديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى الصحفي العراقي متفرجاً، مسموح له أن يكتب، لكن ممنوع عليه أن يدس أنفه في شؤون "الفخامات".

ليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تصدّق أن السفيرة الأمريكية مهمومة بشؤون الكهرباء العراقية، خصوصاً عندما تصرف وقتها الثمين هذه الأيام في التجوال بين المحطات، لكن عليك أن تصدق عزيزي المواطن أن صورة السفيرة في محطات الكهرباء لو كانت ظهرت في زمن مصطفى الكاظمي لما نام العلامة حيدر البرزنجي في بيته ولأقام الفضائيات وأقعدها، مطالباً بطرد السفيرة المتآمرة. لكنه والحمد لله كتب في تويتر يشيد بتحسن الكهرباء في الشهور الماضية. وبالتأكيد مواطن مثلي لا يستطيع حل مثل هذه الألغاز.

***

علي حسين

يبدو أن الكتل السنية باتت متورطة بخلافات عاصفة، وخصوصاً بين جبهة تقدم وتحالف العزم، وهذا بات يهدد مكانة الحلبوسي كرئيس لمجلس النواب.. وهذا  الشق تعمّق التنافس في أعقاب الانتخابات البرلمانية،  التي أجريت أواخر عام 2021، وفيها أصبح حزب التقدم أكبر حزب سني 37 مقعداً، وأظهر تفوق الحلبوسي بين السياسيين السنة على الأقل من حيث التمثيل البرلماني.

خلال تلك الانتخابات البرلمانية حاول التيار الصدري والإطار التنسيقي، كسب دعم النواب والشخصيات السياسية المستقلة داخل البيت السني، وهذا كان ضرورياً لتشكيل أكبر تحالف في البرلمان، وعلى الرغم من كون الصدر ما زال خارج العملية السياسية، إلا أن احتمالات عودته واردة من باب الانتخابات، خصوصاً ونحن مقبلون على صراع مجالس المحافظات، والتي تعد حجر أساس للانتخابات البرلمانية القادمة، ما يعني أن جميع القوى السياسية ستحاول أثبات وجودها السياسي فيها..

أنقسم البيت السني عموماً إلى كانتونات، بانت معالمها من خلال الرفض لولاية السيد الحلبوسي على مشهد المكون، فانقسم لمكونات سياسية متعددة أولها ظهور معارضة النائب ليث الدليمي، وبروز أصوات عشائرية تطالب بالتغيير، وهذا ما انعكس بالفعل من خلال المؤتمرات، التي أقيمت في الأنبار او غيرها من المدن، التي تنادي بتغيير الحلبوسي، وإعادة بعض الوجود المبعدة إلى المشهد السياسي.

من جانب أخر تحاول بعض القيادات السنية اللجوء إلى العامل الإقليمي، والذي كما يبدوا رفض أي تدخل في عملية التغيير، وعزاها إلى أن هذا الملف يعد من الملفات الداخلية، التي تنأى الدول الإقليمية والمجتمع الدولي التدخل فيه، على الأقل حاليا.. خصوصاً مع المتغيرات الإيجابية التي تحدث في المنطقة العربية، بعد التقارب الإيجابي بين السعودية وإيران، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، ما يوحي بأن الاستقرار متفق عليه بين كل الدول العربية والإسلامية الفاعلة في المشهد السياسي برمته.

كما ان هناك بعض الأصوات اتهمت الحلبوسي بالفساد المستشري والسلطوية، وقد تكثفت جهودها لمواجهة الحلبوسي خلال الأشهر القادمة، ومن المتوقع أن تتصاعد هذه المطالبات بعد أن أقر مجلس النواب ميزانية مدتها ثلاث سنوات، إذ تتحرك بعض الشخصيات والقوى السياسية، لتشكيل تحالف بعنوان "تحالف الأنبار" ويخطط لخوض انتخابات مجالس المحافظات، بالتنافس مع حزب الحلبوسي (تقدم) والتي من المتوقع أجراؤها في نهاية عام 2023.

كانت لعبت الاحتجاجات الجماهيرية جنوب العراق، أزمة ثانية في يد رئيس مجلس النواب بعد عام من ولايته، مما أدى إلى تشتيت انتباه النخب الحاكمة الشيعية، وهز الحكومة المركزية فاستفاد الحلبوسي من ضعف رؤساء الوزراء المتعاقبين، وبسط سلطته عميقاً في السلطة التنفيذية، وكان ضعف حكومة الكاظمي بالخصوص، ما أعطى الحلبوسي العنان لإحكام قبضته، على المؤسسات المحلية في الأنبار، من خلال التحكم في التعيينات في المؤسسات مثل الشرطة والمخابرات ومفوضية الانتخابات.

القوى السنية مطالبة الآن أكثر من قبل، بضرورة توحيد الموقف والخطاب، وان تتفق على توحيد للموقف السياسي، ليبقى الاختلاف داخلياً.. حاله كأي خلاف واختلاف يحدث هنا أوهناك، على أن تتعامل القوى السنية، مع الملفات العالقة بين المكونات الأخرى، على أساس التوافقات السياسية والفاصل هو الدستور العراقي النافذ.

***

محمد حسن الساعدي

الدين، أي دين هو نور الأرض وبوصلة صراط البرايا المستقيم، والأدينة هي المتاجرة بالدين، ولكي تربح تجارتها لابد للدين أن يستحيل نارا، وعندها ستكون الأرباح وفيرة، فالسلام لا يدر أموالا كثيرة، بينما التقاتل والتحارب من التجارات الرابحة عبر العصور.

فلكل حرب تجارها وأثرياؤها، حتى ما كان يحصل بين القبائل والفئات، وفي تأريخنا أثرياء حرب (داحس والغبراء) معروفون وموثقون في معلقة زهير بن أبي سلمى.

فهل وجدتم نورا لا تتخلله النار؟

لو بحثنا في مسيرة الأديان، فسيظهر أن نورها إنطفأ في مراحل ما من عمرها، وشبت فيها النيران التي تسببت بتفاعلات متأججة، أحالت العديد من مفرداتها إلى رماد.

فلماذا نتهم دينا دون غيره بما مارسته جميع الأديان؟

إن العلة في النفس البشرية وليست بالأديان، لأنها تمتطي الدين وتروضه وتؤهله ليعبر عما فيها من الرغبات والنزعات المطمورة، التي تُظهرها بأقنعة متنوعة ومتطورة.

ولكل دين أقنعته  اللازمة للإشارة إليه، والتعبير عن نواياه وما يرتأيه من التصورات والتشريعات السلوكية، التي يريد البشر أن يلتزم بها ويتخذها سبيلا لحياته.

ومما تشترك به الأديان أن نارها تأكل نورها وتسود، فيكون النور بعيدا، والنار المتأججة تحرق الموجودات بإسم الدين، وبموجبها تتحطم الإرادات الإيجابية وتنطلق التفاعلات السلبية اللازمة للتعبير عن نار الدين، وتضفي عليها التوصيفات النورانية، فيصبح ما هو ضد الدين يمثله، وجوهر الدين من الممنوعات، لأنه يخل بشرف النار الفتاكة المتسلطة على رقاب المرهونين بالدين.

وبين النور والنار مسافة طويلة، وأكثر الأديان يخفت نورها وتتصاعد نيرانها، فالعقل يستثمر بقوة في النيران، ولا يعنيه النور فهو الوجه الخافت من الدين، والمنطقة الضعيفة القاضية بتمرير منطلقات التدمير الذاتي والموضوعي.

فكيف نحافظ على ديمومة النور في الدين؟!!

***

د. صادق السامرائي

كثيراً ماتجد الملحد قليل المعرفة بقواعد اللغة التي يتكلم بها وجهله بدلالات هذه اللغة، يلقي بجهله بوجه المسلمين على شكل مطاعن على الدين احيانا وعلى الخالق احيانا أخرى ظنا منه أنه قد أصاب هدفا أو احرز نصرا.. والحقيقة أن ذلك ينجح احيانا عندما يكون القارئ أو المتلقي المسلم ايضا لا يعرف من اللغة إلا حرفيتها التي يتكلم بها.. ومن تلك الحراب التي يرفعها الملحد الجاهل هي هذه الآية المباركة

بسم الله الرحمن الرحيم

حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾.. « الكهف 86 »

سيقول لك الطاعن بأن العلم قد أثبت أن الشمس لا تغرب في عين حمئة ولا في اي مكان اخر وانما هي تسبح في الفضاء ولها كواكب تدور حولها!! وهذا دليل على احتمالين هما:

الأول: أن يكون الخالق لايدري شيئا عن ماخلق إذا قلنا إن هناك خالق اصلا..

الثاني: هو انه لا يوجد خالق ولا كتاب منزل وانما هو محمد قد كتب القران وهو بدوي لايعلم شيئا عن الشمس وعن مايجري في الكون!! وهذا هو الاحتمال الذي يدعمه الملحد، طبعا عندما يقرأ المسلم بسيط المعرفة سيجد أن هذا الكلام منطقي ومعقول ولا مفر من الإقرار به ثم سيجد نفسه مُستضعفا امام هذاالمنطق المحكم بحسب فهمه طبعا ولكن الحقيقة أن هذا المنطق هو منطق الجهلاء وليس منطق العقلاء. قلت ذلك ردا على أحد الملحدين فقال لي تفضل يافهيم رقع لربك ولنبيك.. فقلت له تفضل قل لي أين قال الله تعالى أن الشمس تغرب في عين حمئة!؟ فرد مستغربا وقال الم تقرأ الآية التي تتحدث عن ذي القرنين فقلت له واين قال الله في قصة ذي القرنين أن الشمس تغرب في عين حمئة!؟ فعرض الآية المباركة التي قدمتها في صدر المقال والتي في الواقع لاتتحدث عن الشمس ولا عن أين تغرب وانما تتحدث عن ذي القرنين وكيف أنه هو وجدها تغرب في عين حمئة، بمعنى أن الإنسان بما يمتلكه من مدركات واقعية لن يستطيع أن يدرك منها إلا بمقدار ماتراه العين فهو قد وصفها كما رآها ولم يصف حقيقتها كما هي والتي اتضحت للناس لاحقا بعد أن أستخدم الإنسان أدوات أخرى غير ماهو متوفر عنده وهي أدوات مضافة أو ماتسمى بأدوات العلم الحديث الذي بين مستوى آخر من معرفة حركة الشمس والنجوم والكواكب

لاحظ أن ذلك موجود بنفس المعنى في آية أخرى من كتاب الله تعالى وذلك قوله سبحانه:

سم الله الرحمن الرحيم

﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾.. « الملك / 5»

فهل أن النجوم هي مصابيح فلورسنت مثلا!!؟ ام الناس كانوا لايدركون منها إلا نقاط مضيئة في السماء كأنها مصابيح؟ لذلك كان الناس يستخدموها في تحديد الاتجاهات.. أن كثير مما يُطرح في ساحة الصراع لايخرج عن هذا المستوى من عدم فهم المطلوب من كثير من آيات الكتاب الحكيم.

***

فاضل الجاروش

 

الكلام الرطين: الغير مفهوم

الرطانة: التكلم بلغة أعجمية، كلام مبهم

الذي يأتي بكلام لا يفهمه القارئ، يمثل الرطانة بصورها المتنوعة، ويحسب ما يكتبه إبداعا، ويلصق به صفة ما من صنوف الإبداع التي يراها.

أعلام الكتابة في مسيرة الإبداع يجتهدون بوضع ما يريدون قوله بكلمات قليلة تدل على المعنى، وإذا إنتفى الوضوح غاب الإبداع.

وتجدنا أمام ركام هائل من الكتابات الغامضة الرمزية المعقدة التي يعجز عن فهمها كاتبها، وتحوم حولها التأويلات الأكثر تعقيدا وإبهاما، وأصبح الإبداع مرهونا بالضبابية والنخبوية، وعدم الإقتراب من الواقع المبتلى بالذين يسمون أنفسهم بالمبدعين.

وبغياب الإبداع الواضح الجزيل البليغ الفصيح، تعثرت الأفهام، وتخبطت النواهي، وتحيرت الألباب، وتناسب الفعل مع ما يعتريها ويصيبها من التمحن بالإنعقار.

فلماذا ترطنت الكتابات، وتلعثمت الأقلام، وما عاد للمكتوب قيمة ولا أثر، فهو مجهول الفحوى، عاري عن المعنى، كأنه صومعة أوهام، ومتاريس إبهام.

يبدو أن التقليد الأعمى والتواصل مع الآخرين دون التفاعل الواعي مع معطياتهم الفكرية والمعرفية، تسبب بنقل اللامفهوم إلى واقع يتوهم فهمه وإستحضار جوهره، ويدور حوله ولا يدريه، مما تسبب بتلاحيات مريرة وتناقضات خطيرة، تفاعلت مع البيئة الجديدة فأنتجت، مواليد ذات تشوهات إبداعية مروعة.

العربية لغة الوضوح والتعبير الدقيق عن الفكرة، ووضعها في عبارات تدل عليها وتقرنها بمعطياتها الواعدة، وأصولها التي إنطلقت منها.

أما الإتيان بما يشبه الغربان، ونحسب نعيقها سجع الورقاء الزاهية الألوان، المعبرة عن الحب والسلام، ففي ذلك إنحراف وإجرام.

فهل لنا نكتب بلغة الضاد ما يصونها من الإجحاف والإجهاد؟!!

***

د. صادق السامرائي

منذ فجر التاريخ والبشرية تشهد صراعا قائماً بين الحق والباطل، وكان الصراع السياسي من بين أكثر الصراعات احتداما وشراسة، فهو حلقات متواصلة من العنف بين الحكومات القمعية من جهة وشعوبها المتطلعة للحرية والعدالة الاجتماعية من جهة اخرى وقد أفرزت هذه الصراعات حقيقة لا تقبل الشك هي ان العنف لا يوّلد الا العنف وان الطغيان مهما تجبّر لابّد وان يصطدم يوما بمقاومة شرسة تتفجر نتيجة الكبت ومصادرة الحريات، ولا يخفى ان العنف هو الاداة الخاصة للحكومة وتلجأ اليه من أجل تركيز سلطتها والحفاظ على مكاسبها بداعي الإصلاح حينا والقضاء على الفتنة حينا آخر غير مكترثة بتداعيات هذا السلوك الأحمق في ادارة الأزمات الذي يكشف عنه الكاتب ليو تولستوي في قوله (كل اصلاح يُفرض بالعنف لا يُعالج الداء، ان الحكمة ان تبتعد عن العنف) وموضوع العنف بات مادة دسمة للعديد من الأعمال الأدبية والفنية ومنها السينما حبث قدمت مئات الأفلام التي تناولت العنف وتداعياته على السلم الأهلي ومن بينها فيلم (موسم ابيض جاف) ــ امريكي انتاج 1989 ــ الذي يقدم مثالا على سوء تصرف الحكومات مع المحتجين على سياستها والمطالبين بحقوقهم المشروعة في العدالة والمساواة، فالفيلم في اطاره العام يتناول التمييز العنصري واضطهاد السود في جنوب افريقيا، ومثل هذا السلوك السياسي ليس ظاهرة تفردت بها هذه الرقعة من العالم انما هو سلوك عام مارسته الأغلبية ضد الاقلية في اماكن متفرقة بسبب الاختلاف باللون والدين والمذهب والعرق، اما في الجزئيات التي قام عليها الفيلم ففيها قواسم مشتركة مع ما حدث لدى شعوب متعددة، ففي جزئية منه يتحدث الفيلم عن قيام الاجهزة الامنية باختطاف صبي متظاهر وتصفيته في أقبيتها السرية الأمر الذي يثير الخوف والهلع  في صفوف مجتمع السود، ومن أجل تدعيم الثقة في نفوس ابناء جلدتها والشد من عزيمتهم تخطب فيهم والدة الصبي المغدور قائلة (يجب ان يعرف الناس الحقيقة، الأحياء يغلقون أعين الموتى، الآن الموتى سوف يفتحون أعين الأحياء) تأتي هذه الثقة بتداعيات مقتل البريء وحتمية ايقاظ الاخرين من سباتهم لتذكرنا بما حصل لدينا في تظاهرات تشرين التي بدأت بأعداد قليلة ولكن ما ان سقط عدد من الشهداء حتى هب الاخرون بغضب عارم  قضّ مضاجع القتلة، فأرواح الشهداء هي التي استنهضت واشعلت في نفوسهم روح الثورة والتغيير. ولا ننسى ان الشاعر الجواهري سبق ان وظّف هذه الحقيقة في رثاء اخية جعفر شهيد وثبة كانون 1948 يوم حذر القتلة في قوله (ان جراح الضحايا فم) فدماء الشهداء تستصرخ الضمائر وتشحذ الهمم من اجل نيل الحرية.

***

ثامر الحاج امين

ما أروع اللقاء الذي عشته- على هامش المؤتمر السنوي "للمرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان" – مع ثلة من الفعاليات الحقوقية المشهود لها بالنزاهة والنضال الجماعي والوحدوي في حماية حقوق الإنسان، بعد طول غياب، وسيل من الاشتياق للنضال الصادق من أجل النهوض بحقوق الإنسان ودعمه وحمايته ومراقبة احترامه .

اللقاء الذي عمت إشراقة لحظاته المنسمة بما بثته من أُنس وبهجة التي تروي الأحاسيس المرهفة، المريحة للمشاعر المنهكة، والملطفة لخفقان القلوب المجهدة، والطاردة لأحزان النفوس المتعبة .

ما ألذها من لحظة ارتشفت خلالها كؤوس الود والمحبة في حضرة الأكثر إخلاصا والأصدق وفاء، من الأصدقاء والمعارف المسكونين بالدفاع عن حقوق الإنسان الذين لم يتبدلوا،ولن يتكرروا، ولا يقارنون، وليس لهم بدائل، من أمثال با محمد حفري والنكيري، وألْذِذْ بها من لحظة زادت من صدقيتها ومصداقيتها ما نقشته على أجنحة الذّاكرة لوحات رائعة للذكرى،بما تخللها

أجوااءها  من عبارات التهاني الرقيقة، وكلمات المعايدة الندية، والتبريكات الخالصة، التي صدح بها البعض عاليا، وهمس البعض الآخر تلطفا بفرحة عيد أضحى عمت الشعب المغربي بركاته، الذي أرجو من الله أن يتمه عليهم جميعهم بالسعد واليمن وعلى الأمة الإسلامية،ويتقبل منهم نقي الطاعات وخالص عبادات، ويبلغهم جميعا أعياداً مديدة وهم يرفلون في نسائم حقوق الإنسان، تشربا وتطبيقا، ونشرا لروح المحبة والسلام ورقي المجتمعات وإسعاد البشرية بمختلف ألوانهم وتنوع أجناسهم وتعدد توجهاتهم، وليس ذلك بصعب أو مستحيل على المغاربة في ظل ما تعرفه الساحة الحقوقية من انتشار الوعي الحقوقي لدى عموم الناس وتطور كنهه وطبيعته تطورا تراكميا فكريا، بفضل تزايد رواد التنوير وتكاثر المصلحين ودورهم الفعال في تغيير العقليات الآتي لا محالة، بل والذي كلي يقين أنه حاصل في القريب العاجل ضدا في كل المرتعبين من أصوات التنويريين الداعين للتخلص من قبضة الخرافات والأساطير المعادية لحقوق الإنسان وأحكام الإسلام وتعاليمه،ربما يقول قائل أن ذاك ضرب من التكهن بالغيب الذي علمه عند الله وحده، لكن صحة ذلك لا تمنعنا من التوقع القائم على تأويل الواقع المتعلق بالجانب التطوري والفكري والنفسي لحقوق الإنسان في بلادنا، كما حدث مع تفسير نبي الله يوسف لحلم عزيز مصر من خلال قراءته لواقع حياة المصريين من خلال ارتباطها بماء النيل، ازدهاراً وضنكاً، وكما يقال إن الحقائق تعبر عن نفسها أما الأكاذيب فتحتاج للأساطير لإقناع الناس بها .

***

حميد طولست

 

يلاحظ من خلال المتابعة إلى وجود تحركات مشبوهة لبعض القوى التي تتخفى تحت غطاء الدين وتلبس لباسها وتتحرك بكل حرية في المدن التابعة لمحافظة الانبار هي (الطريقة الكسنزانية) ووطئى اقدامها وهي معروفة التموين والتي انتشرت في تسعينيات القرن الماضي بالعراق بسبب ضعف الدولة التي حملت كاهل ابنائه حروب نظام الطاغية صدام حسين والعقوبات الدولية التي فرضت على الشعب العراقي واسسها المتوفى في امريكا محمد عبد الكريم الكسنزاني الحسيني، ونشطت الحركة في ظل النظام البائد، بالدعوة والخطابة وبغطاء من المجرم عزة الدوري آنذاك الذي كان يحضر لهم حلقات الذكر وواظب على دعمهم لفترات طويلة.

"الكسنزانية" التي انحرفت كثيرا في ادخالها البدع والضلالات والخرافات والتي لا تقل عن المجموعات المنحرفة الاخرى بل الاخطرمثل القاعد وداعش التي تستعمل القوة في نشر مفاهيمها المخربة وتختلف عنهم في اذكاء الخرافات والأوراد وطريقة تطبيقها عن طريق التكايا والبيوتات الخاصة فقط، يقع مقرها الرئيسي بمحافظة السليمانية ضمن حدود إقليم كردستان (شمالي العراق) ولها مريدين في ايران والاردن ولها فروع في عدد من المحافظات والعاصمة بغداد بعد أن لقب به جدهم الأول عبد الكريم بسبب انقطاعه لمدة أربع سنوات عن الناس مختليا في أحد جبال قرداغ بضواحي مدينة السليمانية، وحينما كان يُسأل عنه يجاب بـ (كسنزان) والتحذير من التصوف الخرافي لهذه الطريقة من بعض المعارضين لها وخاصة السلفيين، مما أثر سلبا على الكسنزانية وأدى إلى تحجيمها، وساعد على ذلك إنكار المجتمع بعض التصرفات والتصريحات غير المنطقية كدعوتهم لأتباعهم عدم حضور صلاة الجمعة والجماعات بالمساجد وحلق اللحى وإطالة شعر الرأس وتجنب مقاومة المحتل والتوجه إلى التكايا بدل المساجد مقرات تعبدهم والدروشة والضرب بالخناجر وأكل الزجاج مما قلل بشكل ملحوظ الإقبال عليهم حتى أصبح وجودهم ضئيلا قياسا بما سبق، ونشطت الحركة في ظل حكم الطاغية صدام حسين، بالدعوة والخطابة وبغطاء من المجرم عزة الدوري آنذاك الذي يحضر لهم حلقات الذكر وواظب على دعمهم لفترات طويلة، مما أثر سلبا على الكسنزانية وأدى إلى تحجيمها، وساعد على ذلك إنكار المجتمع بعض التصرفات والتصريحات غير المنطقية كدعوتهم لأتباعهم عدم حضور صلاة الجمعة والجماعات بالمساجد وحلق اللحى وإطالة شعر الرأس وتجنب مقاومة المحتل والتوجه إلى التكايا (مقرات تعبدهم بدل المساجد) والدروشة والضرب بالخناجر وأكل الزجاج مما قلل بشكل ملحوظ الإقبال عليهم حتى أصبح وجودهم ضئيلا قياسا بما سبق.

ان تواجد مثل هذه الحركات هي بسبب ضياع القيادة المخلصة لهذه المحافظة الكريمة باهلها والسبب الرئيسي يتمثل بالخلافات السياسية لممثلي هذه المناطق، فاليوم هنالك صراع على مَن يغنم التركة "السنية "ومن يكون رأسها بين عدة أطراف وأن أقوى الأطراف تتمثل بكتلة يرأسها محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب الحاليّ الذي يُعتقد أنه سيطر على معظم المناصب والدرجات الخاصة في الدولة العراقية التي هي من حصة المحافظات المحررة، من خلال صفقات مريبة ومصالح واضحة يقوم بها بصورة سرية وعلنية، إضافة إلى كتلة أخرى يرأسها خميس الخنجر والصراع على اشده بينهما وما لم يتخل السياسيون السنة الممثلون لهذه المحافظة عن مصالحهم وخلافاتهم فلن تنعم بالعيش الهانئ والآمن ولم تعد تسر أحدا، ولا يتمنى اهلها أن تتحول الأنبار الى بؤرة في غير مصالح ابنائها وأن الصراعات السياسية للكتل والاحزاب الوهمية والفساد المستشري هو السبب الرئيس في تأخر إعادة إعمار المحافظة وإرجاعها إلى ما كانت عليه في ظل تغييب الصوت الحقيقي لتلك المناطق،و تتعرض لعمليات ابتزاز وهيمنة من شركات وعصابات وجماعات لها ارتباطات سياسية مع قيادات كبيرة في العملية السياسية ودخلت على الخط بقوة وباتت تتحكم في جزء كبير من الملف الاقتصادي وما يريده الأهالي هو التحقيق العادل وكشف الفاسدين ولا بد من عزل القرارات القضائية والتحقيقية عن التأثيرات السياسية وكشف الحقائق ومحاسبة المتسببين وتحوّلت عمليات بناء المدن إلى عمليات تربّح سياسي واقتصادي، تستفيد منها هذه القوى المسيطرة على على ادارة المحافظة،و حملت أكثر من علامة خلاف وتصدع في أوضاع محافظة الأنبار، ربما تحمل في طياتها من مخاطر التوتر والإنقسام، مايعود على المحافظة بالكثير مما لا يرجوه أهل الانبار لمحافظتهم، التي لايريدونها أن تكون مجددا عاملا للصراع والإختلاف والتوتر بين شيوخها ورموزها، وهم مايزالون في أول طريق حلمهم نحو التمتع بعوامل الإستقرار والطمانينة على أحوالهم، بلاشك ان الفساد في المحافظة يعيق عملية البناء في الوقت الحاضر وعدم قدرة الحكومة المركزية على الوقوف بوجه تلك الأزمة، وهم يدركون أيضا أن ما تقوم به الحكومة من كشف للفساد الذي تخر هذه المحافظة انما هي لمصلحتهم وبعتراف الكثير من الشوخ والوجهها من المحافظة ولا يردون أن تعيد الأنبار جراحاتها لتنفتح من جديد مرة أخرى والتي وسمتها العصابات الاجرامية من القاعدة وداعش وغيرها من المجموعات الارهابية وتوالت سقوط أكثر من 20 مدينة عراقية في أقل من أسبوع، في شمال البلاد وغربها، أبرزها البعاج وتلعفر وسنجار والقيارة والحظر وربيعة والجزيرة. ثم تلتها تكريت وبلد والدور والإسحاقي، وصولاً إلى الرمادي وهيت والرطبة والقائم والكرمة وراوة وعانة وألوس وبلدات أخرى، والتي شكّلت مساحة تزيد عن 45 في المائة من إجمالي الخريطة العراقية وفي ظروف مريرة لا يتمنى أهل الانبار الغيارى أن يكونوا وقودا لها، مرة أخرى وهي لاتخدمهم،،واستمرار تصاعد وتيرتها هي في غير صالحهم.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

يقول ابن الراوندي: « يؤكد الرسول على قيمة العقل وجلاله، بينما في الإسلام فروض وشرائع تنافي قيمة العقل كالإحرام والطواف حول حجر لا ينفع ولا يضر، والعدو بين جبلين لا ينطقان، وما الذي يفرق بين الارتحال بين الصفا والمروة وبين الارتحال بين إي جبلين آخرين؟

***

بحسب فهمي أنه تناقض صارخ ومغالطة بينة لمن يعرف الف باء المنطق، فمن جهة يُثَّبِت الراوندي بأن الرسول صل الله عليه وعلى آله قد أكد على قيمة العقل وجلاله ومن جهة أخرى يدَّعي علىٰ الرسول بأنه يُنافي ما أثبته من تلك القيمة للعقل بدعوى أنه قد جاء بشريعة ليس فيها منطق العقل ودليله على ذلك بعض المصاديق العملية من مناسك الحج والتي لايرى فيها منطق العقل حاضرا وبذلك يخرج بنتيجة مفادها أن الشريعة التي جاء بها الرسول تناقض قيمة العقل التي دعى إليها والحال أن الأمر فيه كُبرىٰ وصغرىٰ فأن ثَبَت لديك أن من تتكلم عنه هو رسول من قبل الله فأن هذه هي الكُبرىٰ وكل ماسوى ذلك يقع في الصغرىٰ مما يبدو لك مناقضا للعقل لأنك بعد أن ثبت لديك حقيقة أن هذا رسول الله وأنه أكد على قيمة وجلال العقل فأن كل ماتراه متناقض مع العقل انما سيدل على انك انت لم تدرك عقلانيته ومنطقيته، لأنه ليس من العقل ولا من المنطق أن يكون من يؤكد على قيمة العقل وجلاله يُقدم للناس شريعة تناقض دعوته !! الا اذا كنت لاترى فيه رسول لله أو انك تظنه كاذبا والعياذ بالله ..

في الواقع أنه نفس التناقض الذي وقع فيه ابليس عندما احتج بعدم منطقية أو عقلانية السجود لادم ولكنه في الحقيقة كان يخوض في الصغرىٰ وهي مقارنة نفسه ب ادم عليه السلام وأنه قد خلقته من طين وخلقتني من نار وأن النار أعلى مرتبةً من الطين !! وقد غفل عن الكبرى وهي أنه قد أقر ابتداء بأن الله هو من خلقه من نار وهو من خلق آدم من طين، لذلك فأن مدار الأمر هنا ليست مقارنة النار بالطين وانما طاعة من خلق النار والطين وهذا ينبؤك أن إبليس هو لم يدرك منطقية الأمر الإلهي كما أن ابن الراوندي لم يدرك منطقية مناسك الحج وهي أن المدار فيها أيضا هو طاعة الله وليس مكان الطواف أو لماذا يكون السعي بين الصفا والمروة ولايكون بين جبلين ! أن هذا التنافي الظاهر بين منطق الخوض في الحيثيات والخروج بنتائج تناقض الكليات يجري يوميا ويعاني منه الكثير من الناس ظنا منهم بانهم يُغلِبون لغة المنطق والواقع أنهم يُغلِبون منطق ابليس من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون ..

***

فاضل الجاروش

الصورة الاولى..

حسن سريع عسكري نحيف القامة قَدِمَت عائلته من السماوة الى  شثاثة (عين التمر)، حيث وُلِدْ. فيها فتح عينيه على فقر الفلّاحين وظلم الأقطاع وقهر السلطة، ولأنّ شثاثة (عين التمر) كانت منفى للسياسيين وجلّهم من الشيوعيين واليساريين والديموقراطيين كعامر عبد الله وأبراهيم كبّة وغيرهم من المثقفين، فأنّ المدينة الغافية بين بحيرة الرزازة وهور أبو دبس، كانت مؤهلّة لأنتشار الأفكار الماركسية فيها وقتها، وكان لهذين العاملين وغيرهما دورا كبيرا في زيادة الوعي السياسي عند هذا الشاب، الذي وجد في الحزب الشيوعي العراقي طريقا للتحرر من نير الأقطاع وحريّة وطنه وسعادة شعبه، فكان شيوعيّا جريئا وبارّا بحزبه ورفاقه وشعبه ووطنه.

الصورة الثانية ..

لجان التحقيق البعثية تجتمع على مدار الساعة، وقرارتها بالإعدامات والتعذيب حتى الموت كانت تنّفذ بسرعة قياسية. المدارس والملاعب مسالخ بشرية، قصر النهاية يفتح ابواب الرعب والموت بوجه الشيوعيين والوطنيين والديموقراطيين. الموت يحمل رشاشة البور سعيد ليحصد الأرواح في كل أرجاء العراق، بمباركة مرجع ديني وضع يده اليمنى بأيادي الحرس القومي الملطّخة بالدماء وتوضأ بالثانية بدماء الضحايا .

الصورة الثالثة..

مجموعة من الرتب العسكرية الدنيا تجتمع في كوخ صغير بمنطقة كمب سارة، يقف وسطها ذلك العسكري الشيوعي النحيف والمقدام  ليقول " نقسم بتربة هذا الوطن الغالي أن نحرره من الظالمين الطغاة"، ويستمر الأجتماع الى ما قبل تنفيذ الحركة بثلاث ساعات، وقبل أن يغادر المجتمعون المكان متوجهين الى معسكر الرشيد، يوصي ذلك الشيوعي الشهم رفاقه " لا تقتلوا احدا بل أعتقلوهم وسيقدّموا للمحاكمة". وهنا يكون هذا الثوري بعيدا عن أجواء الثورات، حيث الفوضى سيدة الموقف والأنتقام وقتل القتلة له ما يبرره. وما يثبت ذلك هو منطق حسن سريع هذا المناقض لموقف  عبد السلام عارف، الذي أصدر أوامره بأعدام ما بين 150 – 200 مشارك بالحركة من عسكريين ومدنيين بعد أستسلامهم.

الصورة الرابعة..

في فجر الثالث من تموز يتحرك نائب العريف حسن سريع ومعه مجموعة من رفاقه صوب مدرسة الهندسة الآلية الكهربائية ومركز التدريب المهني ويسيطر عليهما. توزع البنادق على رفاق حسن بعد كسر مشجب السلاح. حسن سريع يطلق طلقة تنويرية إيذانا ببدأ الأنتفاضة. المنتفضون يسيطرون على باب النظام. إحتلال مقر اللواء 15 وبعده السيطرة على كتيبة الدبابات الاولى. فشل الثوار في كسر أبواب السجن رقم واحد وتحرير عشرات الضباط والطيارين وبهذا تكون الحركة قد خطت اولى خطواتها نحو الفشل. المنتفضون  أحتلّوا قاعدة الرشيد الجوية وسيطروا على المطار والطائرات، في أنتظار الطيارين الذين لم يصلوا.

الصورة الخامسة..

أوّل من وقع بالأسر كان آمر الحرس القومي منذر الونداوي ونائبه نجاد الصافي، وخرجا سالمين لينتقما من المنتفضين شر أنتقام ويقتلونهم شرّ قتلة! منتفضون يأسرون كل من طالب شبيب وبهاء شبيب وحازم جواد، وبدلا من أعدامهم في نفس المكان، طالب حسن سريع بنقلهم الى معمل البيبسي المجاور للمعسكر وقتلهم ! البعثيون يطلقون سراح الثلاثة ويعتقلون جنود الأنتفاضة ليعدموا بعدها! عبد حرب عدو السلام يصعد دبابة يقودها احد المنتفضين، وعوضا عن قيام المنتفض بقتله وتغيير ميزان القوى، يقود دبابته بهدوء الى معسكر الرشيد وليعدم بعدها! عبد السلام عارف يفلت من الموت للمرة الثانية عند البوابة الشمالية للمعسكر حينما لم يستغل المنتفضون وهم يسيطرون على البوابة وقوف عارف والحديث اليهم من قتله.

الصورة السادسة ..

تردد الجنود والمراتب المنتفضة  في معسكرات أبو غريب والوشاش والتاجي والحبانية ومقر الفرقة الأولى في الديوانية وفصيل الشرطة في القصر الأبيض المسؤول عن الجهاز اللاسلكي والسيطرة عليه. الضربات التي وُجّهت للحزب ولشدّتها جعلت أتصال المنتفضين مع قيادة الحزب صعبة للغاية، خصوصا بعد أعتقال العبلي والحيدري وعبد الجبار وهبي، وفشل لقاء العبلي مع محمد حبيب المسؤول المدني للحركة والذي كان على اتصال بحسن سريع

الصورة السابعة ..

أعدامات بالجملة لمدنيين وعسكريين، وفشل الأنتفاضة التي كانت تنجح بقليل من الجرأة والقسوة واتخاذ القرار المناسب والسريع، وعدم وجود جسم حزبي يقود مثل هذا التحرك الثوري. كأنّ عريان السيد خلف كان حاضرا وهو يقول لحسن سريع في قصيدة عتاب نظمّها لموقف عبد الكريم قاسم من الذين حاولوا إغتياله وعفوه عنهم:

شفت اشلون عثرت.. وانجفت عالكَاع

وتعله ابسرجها.. اتراب رجليها

صَدِك مو ملامه.. وتعداك اللوم

بس جمرة عتابة اتمشكلت بيها

يا سيد العفة ويانزيه الروح

ويارمز الشجاعة.. الحّد تواليها

يملاكَي الرصاص اعيونك امورثات

زلم الغدرتك.. ما ظن زلم بيها

آه ياحسن لو كنت قد نفذت حكم الأعدام بقادة البعث وهم تحت مرمى بنادق رفاقك، آه يا حسن لو أفرغ قائد الدبابة الرصاص في رأس عبد السلام عارف، آه يا حسن، ولكنك ستبقى ورفاقك خالدين في ضمائر الطيبين من أبناء شعبنا، وأنتم تهبون حياتكم رخيصة في سبيله.

الصورة الثامنة..

الصورة الأخيرة بالأسود والأسود وإطارها سكاكين تخترق الصورة من كل الجهات، لترميه في تيار جارف يقود البلاد الى الهاوية، حيث  ليل العراق اليوم حالك السواد ونهار شعبه مظلم.

المادة من وحي ما جاء في كتاب (العراق – البيرية المسلّحة) لعلي كريم سعيد

***

زكي رضا - الدنمارك

نشرت الصحافة الروسية وغيرها من الصحف الغربية والأمريكية؛ أن بريطانيا زودت أوكرانيا، أو أنها في الطريق لتزويدها بقنابل اليورانيوم المستنفد، وتبعتها أمريكا بتزويد، أو أنها ستزود أوكرانيا بالقنابل ذاتها. من المهم التذكير هنا بأن أمريكا كانت قد استخدمت هذه القنابل في العراق في عامي 1991 و2003 والأخير؛ هو العام الذي فيه غزت أمريكا العراق واحتلته، بكذبة روجتها عن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. أتذكر أن الجنود الذين عادوا من الحربين؛ تحدثوا كيف أن هذه القنابل عندما تضرب الدبابة تحوّلها إلى قطعة منصهرة هي وضباطها وجنودها. ليس هذا فقط، بل إن استخدام الولايات المتحدة لهذه القنابل حوّل البيئة التي كانت ميدان استخدامها إلى بيئة غير صالحة للعيش، بالإضافة إلى أن انتشارها على مساحات واسعة أخرى؛ سببت تفشي أمراض السرطان في العراق.. هذه السياسة العدوانية فسحت المجال واسعا لكوريا الشمالية؛ للإقدام أو تسريع عملية إعداد مشروعها النووي؛ لصناعة السلاح النووي، وتحقق لها ذلك لاحقا بعد سنوات.

أما روسيا فتمتلك هذه القنابل، ولن تتأخر في استخدامها في حالة الضرورة؛ ما سيؤدي حتما إلى توسعة دائرة الحرب في الكم والنوع وفي الخطورة. طبقا لهذه التطورات فإن الحرب في أوكرانيا مرشحة وبقوة لأن تتوسع، وقد تنزلق إلى ما هو أكثر خطورة وكارثية ليس على طرفي الحرب، بل على دول الاتحاد الأوروبي، وربما على العالم كله. وقد ناقشت بعض الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو؛ انضمام أوكرانيا حتى لو لم تنتهِ الحرب، إلى الحلف، لكن تحفظ ألمانيا وتردد فرنسا وأمريكا؛ أوقف هذه المناقشات أو حال دون بلوغها منصة البحث الجدي. في قمة الناتو المزمع عقدها في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا يومي 11 و12 يوليو الشهر المقبل؛ ستناقش مسألة انضمام أوكرانيا إليه. وفي فبراير من العام الماضي طالب الرئيس الأوكراني زيلينسكي الناتو بقبول الانضمام إليه. من الجهة الثانية مسؤول الناتو ينس ستولتنبرغ؛ صرح بأن انضمام أوكرانيا لن يكون إلا بعد انتصارها على روسيا. ويرى الأمريكيون أن من الممكن؛ أن تكون أوكرانيا ضيفا أو مراقبا، أو مشاركا في مؤتمر أو مؤتمرات الحلف؛ وبهذا ضمنت الاشتراك في الحوارات والقرارات والخطط وأدواتها وطرق تنفيذها، إلى أن تنتصر على روسيا، عندها يجري ضمها رسميا وعلنيا.. إن السبب في عدم المناقشة الجدية حول موضوع انضمام أوكرانيا إلى الناتو؛ يعني تماما، دخول الناتو في حرب مفتوحة مع روسيا مع ما يعني ذلك من دمار وكارثية على الجميع وعلى العالم، لكن في المقابل فإن الحرب في أوكرانيا سوف تنزلق، عاجلا أو آجلا، إلى حافة هاوية ميدان تتصادم فيه جميع أطراف الحرب، أو ستقترب كل أطراف الحرب من خط التصادم، بكل ما يحمل من رعب، وهذا قد يأخذ وقتا ليس بالقصير، أو ربما لن يكون طويلا؛ بعد الانتخابات الأمريكية والروسية؛ وسيقود طرفي الحرب المباشرين، أو أطراف الحرب غير المباشرين؛ إلى البحث عن طاولة المفاوضات. في طريق الوصول إلى مفترق الطرق هذا، الذي سوف يحدد مصير الحرب ونتائجها في تقابل تبادلي بين الطرفين المباشرين، روسيا وأمريكا؛ ستدخل إلى الحرب عناصر فعل أخرى بإرادة أمريكية، بدءا ومسارا وهدفا، جغرافيا وتسليحيا لناحية نوع السلاح وأمكنة تفعيله في اتجاه روسيا، ما يعجل في الوقوف على حافة الهاوية التي لا تبعد إلا خطوة واحدة، تقوم بها جحافل المتقاتلين ليسقط بعدها طرفا الحرب إلى قاع البركان. ليس بعيدا أو خرافة أو تضخيما لوقائع حرب ستبلغ أو تصل إلى آخر ساتر الحماية لغور لا قرار له من العمق الملتهب بنيران فناء الحياة. اعتقد من وجهة نظري؛ أنها لن تصل إليه للأسباب التالية: إن روسيا بوتين تعرف وتدرك على وجه اليقين أن أمريكا ومن خلال الحرب في أوكرانيا تريد وتسعى بجميع ما لديها من عناصر القوة، ومن شركاء وحلفاء على إطالة أمد الحرب كي تستنزف قدرات روسيا؛ في فتح عدة جبهات، وبمختلف وسائل الحرب، بما فيها الأسلحة المحرمة ذات التدمير الكامل للبشر والضرع والأرض والشجر، وما أعنيه هنا هو الأسلحة النووية التكتيكية، وليس الأسلحة النووية التقليدية الاستراتيجية، على سبيل المثال هو تزويد أوكرانيا بقنابل اليورانيوم المستنفد، وزج بولندا في الحرب ودول البلطيق، باستخدام أراضي هذه الدول بالتخزين والتدريب وقواعد لانطلاق طائرات أف 16 هذا ما يؤكده أغلب الكتاب الروس، وهذا سيقود إلى أن تكون هذه الدول أطرافا مشاركة في الحرب في أوكرانيا. هناك تطور آخر أكثر خطورة في اتجاه توسعة هذه الحرب؛ هو قيام روسيا بوتين بتخزين أو نقل أسلحة نووية تكتيكية إلى روسيا البيضاء، ليس فقط حماية روسيا البيضاء الحليف الاستراتيجي للاتحاد الروسي، من غزو أوروبي محتمل أو مفترض (بولندا) لهذه الدولة الحليفة، بل أيضا كقاعدة لاستخدام هذه الأسلحة في هذه الحرب إن دعت الحاجة لها، وإمكانية وصولها إلى أبعد مكان من دوائر الحرب خارج دائرة الحرب في أوكرانيا؛ على دول الاتحاد الأوروبي بضربات منتخبة بأسلحة تقليدية أو نووية تكتيكية، وليس الاجتياح، هناك فرق كبير بين الضربات المنتخبة والاجتياح لجهة دخول الناتو في الحرب مع روسيا، بل إن دول الناتو كاحتواء لهذه التطورات، سترد بضربات مضادة مع ما يرافقها من زخم إعلامي واسع النطاق، وشجب واستنكار وتهديد ومناورات عسكرية على حدود روسيا. في هذه الحالة أو في هذه الأوضاع، التي أن يقترب منها زمن حدوث الزلزال الذي إن بلغ نقطة الصفر وتفجر؛ سوف لن يبقي ولن يذر لجميع أطراف الحرب، عندها سوف يبحث طرفا الحرب (أمريكا وروسيا) وإن كانت بين روسيا وأوكرانيا؛ عن طريقة أو منصة يتم بها إيقاف حركة قوافل الحرب، وإسكات فوهات المدافع؛ لأن مواصلة القتال على هذه الطريقة، وخنق روسيا أو وضعها، أو جرها إلى عدة خوانق حربية، يهددها بالهزيمة وخسارة حربها هذه تماما، بما تعني هذه الهزيمة من مستقبل مجهول لها كدولة كبيرة جغرافيا جدا، ومتعددة الأقوام والأعراق والديانات؛ بفتح عدة جبهات، مع تواصل الحرب على الجبهة الأوكرانية، واستخدام انواع جديدة مما يجبرها (روسيا) على التطبيق الجزئي والمحدود للعقيدة الروسية النووية في الحرب، أي التهديد بتطبيقها قبل تطبيقها؛ باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية في قصف منتخب على دول أوروبا الضالعة في الحرب، بصورة مباشرة لاحقا وغير مباشرة حاليا. هذه هي القناعة الروسية من أن روسيا مهما كلف الأمر، ومهما كانت التضحيات، ومهما اتسع أوار الحرب؛ من أنها سوف تنتصر، ولا خيار أمامها إلا الانتصار. طبقا لهذه النتائج الافتراضية، أو لهذه القراءة التي ربما أكون فيها صائبا وربما لا يكون الصواب من نصيبها؛ أن جسد أوكرانيا الجغرافي سيوضع تحت مشارط الجراحة.. لماذا؟ لأن أمريكا لا يمكن لها وبإرادتها أن تكون كدولة وشعب ضحية للزلزال إن حدث، عندها تفقد كلها ومعها ربما العالم، وهو لن يحدث، لأن لا أحد من طرفي الحرب سوف ينزلق إليه، عليه سيتوقفان على آخر خط الذي بعده تماما المنحدر الرهيب. أمريكا في وقتها سترى أن الخروج من هذا المأزق لا يكلفها أي شيء سوى أنها ستتراجع هيمنتها في العالم وفي دول الاتحاد الأوروبي، التي اي هذه الهيمنة هي في الاساس متراجعة في كل مناطق الصراع في العالم. اعتقد جازما؛ أنه لا شيء بعيد أو أنه بعيد الحدوث في السياسة الامريكية، كل شيء وارد في هذه السياسة التي تستند إلى المصالح التكتيكية والاستراتيجية؛ عندما تقتنع أو ترى أن الخسارة في هذه السياسة، أو تلك السياسة هي حتمية؛ سوف تقوم بتغييرها بزاوية ميل ربما يكون في بعض الحالات بـ 180 درجة..

***

مزهر جبر الساعدي

عادت الديمقراطية العراقية إلى هواية إطلاق النكات، ففي انتخابات عام 2005 الأولى حققت حلم العراقيين بأن أجلست إبراهيم الجعفري على كرسي رئاسة الوزراء وتعلمنا منه كيف يمكن ان يكون الحكم " معجونيا " !!،

وفي المرّة الثانية أيقظت فينا روح "السيادة" بأننا رفعنا شعار " ما ننطيها " مع السيد نوري المالكي وإشاعة مفهوم دولة القانون ثم توالت الانجازات التي استطعنا من خلالها أن نؤسس مفهوماً جديداً للعدالة الاجتماعية يسمح للنائب بأن يؤسس فضائيات ويشتري الفلل في بيروت، ويهرب الأموال، وهذا المشروع الديمقراطي قضى على المؤامرات العالمية، وجعل ساستنا يضعون رِجلاً على رجل، يضحكون على الذين يقدمون استقالاتهم لأن المسؤول ارتكب خطأ إدارياً أو تنمر على مواطن، فنحن أسياد على ديمقراطية الكرة الأرضية .

فعلاً، تدفعنا الديمقراطية العراقية إلى الأسى، ليس لأن ما يحدث من خلالها يؤشر على المهزلة التي وصلنا إليها، وإنما لوجود أخبار من عينة هذا الخبر الذي يقول: "منحت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، إجازات لـ268 حزباً سياسياً جرى تسجيلها ككيانات سياسية، في إطار الاستعداد للمشاركة بانتخابات مجالس المحافظات". ياسادة أن نقرأ مثل هذا الخبر في هذا الوقت بالذات، يجعلنا بالتاكيد نؤمن بأننا نعيش عصر الخراب في كل شيء، من السياسة إلى الاقتصاد إلى التعليم إلى الصحة .

صحيح أننا، نعيش منذ سنوات عصر الترفيه، الذي ابتدأ بإطلالة محمود الحسن، إلا أن وجود أكثر من 260 حزباً يفرق كثيراً، لأن هذه الأحزاب مصرّة على أن تتسلّى على المواطن المسكين، إلاّ إذا كان العراقيون جميعاً قد أُصيبوا بعمى البصيرة، فصاروا لا يشعرون بحجم الإنجازات الكبيرة التي تحقّقها الديمقراطية العراقية كلّ يوم في مجال تحديث الصناعة وإنشاء المدن الذكية والقطارات المعلقة والتأمين الصحي، ولا يستطيعون رؤية الإنجازات التي تسير بسرعة الضوء.

ولأن خبر مفوضية الانتخابات جاء مضحكاً وخفيفاً، بما يجعلك تضرب كفّاً بكفّ، وأنت تقرأ أن بعض الأحزاب المدنية تريد أن تدخل انتخابات مجالس المحافظات باسم تشرين ونسيت او تناست أن شباب تشرين خرجوا بسبب فساد هذه المجالس ونجحوا في اسقاطها . لكن يبدو أن شعار الأحزاب العراقية في هذه المرحلة هو "يمضون ونبقى" مع رفع شارات النصر.. أما من الذي سيمضي؟ فبالتأكيد هو الشعب الذي تظاهر ضد وجود مجالس محافظات منتهية الصلاحية.

من أين لساستنا ومسؤولينا كلّ هذه الطاقة الجبّارة والقدرة على إطلاق النكات في وقت أخبرتنا إحصائيّات وزارة التخطيط عن نسب الفقر في محافظات تملك أكبر خزين للنفط في العالم "البصرة وكركوك"؟، لكن يبدو أن وزارة التخطيط، تريد أيضاً تشويه صورة الديمقراطية العراقية!!

***

علي حسين

الكلمات تذرف دموعا على السطور، لأن الأقلام تحمّلها ما لاتريد ولا تطيق، وتحشرها في عبارات الوجيع والندب والنحيب، ولا تستطيع التحرر من قبضة التعبير السلبي عن معاني الحياة.

مفردات موجعة، ومصطلحات عبثية مروعة، وأفكار سوداوية تكره باقي الألوان، وتستحضر المتهم السجان، وتعلن أن الموت سلطان.

مَن يأتي بكلمات السوء والبغضاء؟

مَن يستدعي أباليس التلاحي والفناء؟

لماذا تشرب الأقلام من دواة النجيع؟

لماذا تحط الأفكار الإنتقامية في بدن الأقلام؟

كلها تتجمع في فوهة القلم، وترفع رايات الألم، وتهاجم الإنسان وتسعى لقطف روحه، وبعثرة وجوده.

كلمات ينتجها مختطفوا الأقلام، ومغتصبوا الكتابة، والعابثون بجوهر الحياة، وفقا لمرامي النفوس الأمّارة بالسوء القابضة على أقلامهم، فلماذا يمسكون بجمرة القلم؟

لماذا ينفثون نارا من فوهات الأقلام؟

أصابعهم متفحمة لكنهم يكتبون، وعقولهم معفرة بالخطايا والآثام، وملثمة بالوجيع، ويكتبون ويحسبون أنهم يُقرأون، ويتجاهلون أن ما يسطرونه غثيث وخبيث.

فالكلمة الطيبة لها جذورها وأغصانها الوارفة، والكلمة الخبيثة  شوكة في قلب الوجود، إنها لا تثمر بل تدمر، وتضنع الخراب وتسجّر.

فهل من رؤية قلمية واضحة، وصوت إنساني صريح، وإرادة تعبيرية معاصرة، تتحدى وتشرب من مداد الجرأة ونكران الذات، والصراحة والعمل على إظهار الحقيقة، ولا تعنيها لومة اللائمين وأصوات الحافين من حول كراسي الذل والهوان!!

وإن من البيان لسحرا، ومن الأقلام ما يبعث نورا!!

***

د. صادق السامرائي

الاستقلال نعمة إلهية لم تأت إلا بدفع ثمن غال مليون ونصف مليون من الشهداء - بل هناك مصادر تاريخية تؤكد على رقم خمسة ملايين باحتساب شهداء المقاومات من 1830 - والجرحى والمعطوبين واللاجئين فهذه النعمة ينبغي أن نشكرها فبالشكر تدوم النعم فقد لاحظنا كثيرا من الشعوب فقدت هذه النعمة بالصراعات ااداخلية والحروب اتطاحنة كما حدث للشعب السوري الشقيق فدمر البلد وشرد الملايين في بقاع الأرض تركوا بيوتهم الدافئة وأراضيهم المخضرة وعاشوا النفي والتشرد والفقر والعوز ...

فكيف نحافظ على هذه النعمة " نعمة الاستقلال "؟

أولا: أن يسود العدل بين أبناء الوطن الواحد فالظلم والشعور بالتهميش سببان للفتن.

ثانيا: تدعيم الوحدة الوطنية فكلنا أبناء وطن واحد فلا عنصرية ولا جهوية ولا عصبية ولا انغلاق...

ثالثا: السعي من أجل النهوض  بالوطن كل في مجاله بإتقان العمل والبحث عن بدائل جديدة وأفكار مبدعة حتى نلحق بالدول العظمى المتقدمة.

رابعا: الاستثمار في العقول بالعلم والمعرفة وتعلم اللغات العالمية خاصة الإنجليزية.

خامسا: الاهتمام بالثقافة الوطنية والمثقفين وتشجيع الكتاب على استثمار أحداث الثورة في أعمال روائية وقصصية حتى تنتشر قيم التضحية والمقاونة لدى الناشئة.

سادسا: الاهتمام بجاليتنا في بقاع العالم وربطها بوطنها وتكوين لوبي جزائري في الخارج يدافع عن الوطن بكل ما يملك من مال وإعلام ..

هكذا احبابي نحافظ على نعمة استقلال الوطن وننهض به بالوطن نعمة والاستقلال نعمة فاللهم احفظ وطننا وارحم شهداءنا الأبرار واغفر لهم عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي

 

(لا تطرح أبدًا سؤالاً ليس لديها إجابة عنه بالفعل)... ICAC مفوضية مكافحة الفساد المستقلة

جون بارلارو النائب السابق لرئيسة ولاية نيو سوث ويلز ورئيس الحزب الوطني السابق

***

بالأمس ومجرد ما ان خرج تقرير مفوضية مكافحة الفساد المستقلة (آيكاك) التي كانت تحقق في قضايا فساد تتعلق برئيسة ولاية نيو سوث ويلز السابقة كلاديس بيرجكليان وعشيقها داريل ماجواير حتى ثارة ثائرة حزب الاحرار الفيدرالي وفي الولاية فانبرى مسؤولين حاليين وسابقين للدفاع عن كلاديس بيرجكليان والتي وجدت المفوضية انها فاسدة وبشكل خطير.

الملفات للنظر في دفاع قيادات الأحرار المستميت عن بيرجكليان أنه إما انهم لا يقرأوا التقرير او يريدون انتقاد المفوضية لمجرد الانتقاد، لانه وحسب عدة قرآت اولية للتقرير كان هناك ادلة دامغة على تورط بيرجكليان مع ماجواير في قضايا فساد.

البعض انتقد المفوضية لانها لم تطلب محاكمة بيرجكليان فمات كين وزير الخزينة السابق في الولاية استغرب هذا الامر متناسياً ان دور المفوضية التحقيق في الفساد وذلك بموجب القانون الذي تشكلت على أساسه اللجنة وليس المحاكمة والتي يترك أمرها للمدعي العام، واعتبر كين ان ما قامت به المفوضية يضر بثقة المواطنين بها.

كانت بيرجكليان تحتفظ بعلاقة سرية مع ماجواير دامت لعدة سنوات ولم تقطع بيرجكليان تلك العلاقة أو تعلن عنها حتى بعد ان ُطرد ماجواير من البرلمان بسبب تصرفاته الفاسدة. وكانت الصدمة كبيرة عند جميع زملائها عندما اعترفت بتلك العلاقة أمام مفوضية مكافحة الفساد قبل عامين.

 عمل ماجواير للحصول على منح مالية حكومية لمنطقته الانتخابية مستغلاً تأثيره على بيرجكليان عندما كانت وزيرة الخزينة ورئيسة الولاية، بالاضافة الى الضغط لتمرير مشاريع لبعض مطوري البناء مقابل الحصول على عمولة منها شركة كانتري جاردن أستراليا، المملوكة لشركة صينية، ولم يتوقف سعيه للحصول على المال على ذلك فحول مكتبه الرسمي لمكتب سمسرة يقدم خدمات هجرة مقابل المال.

الفساد والفاسدون عابرون للأحزاب، إذن، لماذا هذه الهجمة على مفوضية مكافحة الفساد المستقلة؟

المفوضية في تقريرها الذي عملت عليه قرابة العامين ويبلغ حوالي 700 صفحة، لم تتحدث عن العلاقات الشخصية، وإنما وضعت تقريرها بناء على تصرفات بيرجكليان وأقوالها، حيث كان من المفترض بها أن تدافع عن مصلحة الولاية وسكانها، اما ان تأثير النائب داريل مجواير حبيب بيرجكليان كان أكبر وهذا ما بثته المفوضية في إحدى التسجيلات والتي يقول فيها داريل مجواير لبيرجكلين: أنا الرئيس، حتى ان كنت انت رئيسة الوزراء، وكان جواب برجكليان نعم، نعم.

وكانت بيرجكليان قد قالت لماجواير في إحدى التسجيلات التي أفرجت عنها المفوضية انها لا تريد أن تعرف شيءً عن صفقاته ومشاريعه حيث كان المطلوب منها إبلاغ السلطات عن شكوكها حول سلوكه ولم تفعل، فإذا أرادت ان لا تعرف فمن حق المواطنين عليها ان تتصرف كمسؤولة وليست كعشيقة. 

 المعروف عن بيرجكليان حرصها وحذرها الشديد، إذ أنها كانت ترفض ان يدفع اي صحفي ثمن فنجان قهوة او وجبة طعام خوفاً من ان تستعمل ضدها فكيف فاتها خطورة ما فعله ماجواير!

قد تكون المفوضية قد أخطأت لانها لم تطلب من المدعي العام إتهام بيرجكليان ومحاكمتها كما فعلت مع ماجواير، علما اننا لا نعرف حيثيات هذا القرار بعدم طلب محاكمة بيرجكليان وهل ستشرح المفوضية للمواطنين السبب، اما ان هناك المزيد من الأدلة قد تقدمها في المستقبل، لكن كل ذلك لا ينفي ولا يلغي ما توصلت اليه المفوضية عن فساد بيرجكليان.

رداً على تقرير المفوضية أصدرت بيرجكليان بيان في لهجته شيء من التحدي ولم تلمح الى ندمها واعتبرت ان خدمة سكان نيو سوث ويلز شرفاً وامتيازاً، واضافت في كل الأوقات بذلت قصارى جهدي من أجل المصلحة العامة ولا شيء في هذا التقرير يوحي بخلاف ذلك.

ويبقى السؤال هل هناك من عداوة بين حزب الأحرار ومكافحة الفساد، وهل لهذا السبب رفض رئيس الوزراء الفيدرالي السابق سكوت موريسن (أحرار) تشكبل مفوضية فيدرالية والتي كانت أحد أسباب خسارة الأحرار الانتخابات الفيدرالية أيار عام 2022 رغم أنها كانت وعداً انتخابياً قدمه للناخبين في انتخابات 2019؟

نشير الى أن حزب العمال شكل هذه المفوضية والتي باشرت عملها رسمياً الثلاثاء 4/7/2023.

والملفت للنظر هو موقف رئس الولاية الحالي كريس منس (عمال) الذي أدان تصرفات مجواير ووصفها بأنها (جادة وخطيرة) ورفض في نفس الوقت إدانة بيرجكليان، أو تأييد ما توصلت اليه المفوضية المستقلة لمكافحة الفساد وقال: "لست مستعدًا لتقديم هذا "الادعاء". على الرغم من النتائج االواضحة التي توصلت إليها المفوضية، لكنه علق على المدة الزمنية الطويلة لصدور التقرير وقال ان الامر أستغرق "وقتًا طويلاً جدًا" وأشاد منس بما قامت به بيرجكليان أثناء أزمة الكورونا وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أن على بيرجكليان أن تقدم إعتذاراً قال: "لا".

أخيراً، مهما كان موقف حزب الأحرار أو موقف رئيس ولاية نيو سوث ويلز العمالي كريس منس فإن بيرجكليان وجدت أنها فاسدة على الرغم مما قدمته من خدمات لا يمكن إنكارها.

 واعتقد ان هذه المقاربة تشكل خطراً على الديمقراطية والعدالة والنزاهة، لاننا إذا ما كنا نريد التغاضي عن فساد الحاضر لان الشخص هو او هي كان شخصاً جيداً في الماضي فكأننا نشرع الباب على مصرعيه للفساد لان النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربي.

ختاماً، نشير الى أن المفوضية في تقريرها قدمت ثمانية عشر توصية تهدف إلى "معالجة نقاط الضعف النظامية الموجودة وتعزيز الثقافة الأخلاقية والنزاهة في برلمان نيو سوث ويلز بزيادة تدريب النواب وموظفيهم لتحديد تضارب المصالح وتحسين قواعد السلوك.

 رئيس الولاية كريس منس قال إنه يعتقد أن هذه التغييرات فكرة جيدة ومن المرجح أن يتم قبول هذه التوصيات من قبل حكومته.

***

 عباس علي مراد - سدني

كن قويا وباهرا بخبرتك وحضورك الحقيقي، ودع العناوين، ودعايات الشهرة جانبا، فالحكمة تقتضي أن تكون صاحب دراية، وحنكة فيما تقول، وتفعل.

حيث بالفعل يُعرفُ الإنسان وغاياته، وبالكلام يُميز العالم، ويفضح الجاهل نفسه، وبهذه الطريقة فقط يمكن لنا رسم وصياغة المعاني التي نستحقها كبشر، بغية بناء مجتمعاتنا بشكل سليم.

كنت جالسا في البيت بإجازة عمل، لم أشعر فيها بالراحة، وسألت صديقا هاتفني مساء ذلك اليوم، حينها كنت منزعجا بسبب الفراغ الذي أشعر به، حيث تعلمت أن العمل يمنح الإنسان شعورا بالحياة، ويمده بالطاقة التي بها يتحقق الرضا، والارتياح.

فالعمل بحسب المقاييس التي بحثها كبار فلاسفة الاقتصاد، وماركس واحد منهم يدخل في موضوع (قانون القيمة)، وكذلك الأخلاق، وبناء على هذا القانون يحقق الإنسان قيمته كعامل، ومنتجع، وصاحب خبرة.

ومن هنا تقاس حقيقة الإنسان كثروة، وثورة اجتماعية منتجة. فالمفكر يقاس بنظرياته، والدراسات التي يقدمها، والأستاذ يقاس بطريقة تدريسه، وفهمه للمادة التي يتعاطى تدريسها، والطبيب بحنكته وتجربته الطبية في تشخيص الأمراض، وهكذا مع باقي الأصناف، كالكاتب، والفيلسوف، والفنان، والشاعر.

وهذا مهم في تجربتي هنا في أمريكا، فالفيلسوف (جون دوي) في موضوعه عن البراغماتية خطط لتطبيق النظريات، وتفعيل العامل المعرفي النظري وتحويله إلى قيمة عملية بها ينهض الواقع.

حيث تجد أن معظم أساتذة الجامعات في الكليات الأمريكية بعد نيل درجة الماجستير، يحرصون على بناء خبرة الاستاذية أولا، أما تكملة الدراسة والحصول على شهادة الدكتوراه فهي تأتي بعد تحقيق الخبرة التدريسية، حتى وإن كانت من باب التطبيق، وبهذا يصبح للعنوان قيمة عملية تكاد أن تكون أسمى من العنوان نفسه.

***

عقيل العبود

 

في بعض دول الأمة يتواجد عدد كبير من الأطباء ولا تتوفر مؤسسات معاصرة تستوعبهم، مما يضطرهم للرحيل إلى دول أخرى تهتم بالرعاية الصحية، وتبني المستشفيات المعاصرة اللازمة لتقديم الخدمات العلاجية المهنية المتطورة.

فمؤسساتها الصحية دون مثيلاتها في الدول المجاورة، فعدد السكان يتزايد، وتدهور الخدمات الصحية يتزايد أيضا، ولا توجد مواكبة وتواصل مع معطيات التطورات العلمية، الكفيلة بالإرتقاء بها إلى مستوياتها المتعارف عليها وفقا للضوابط والمعايير العالمية.

وحتى في الدول الثرية هناك أمية صحية، فالعلاقة بين المريض والطبيب ليست على ما يرام، لفقدان خواص السلوك المهني والتفاعل النزيه بين الحالتين، فالطبيب متذمر والمريض يقاسي، ولا يستطيع الطبيب القيام بما يجب القيام به، لمحدودية الإمكانات، وفقدان الوسائل الضرورية المعاصرة للعناية بالمريض.

فمهما بلغ الطبيب من المهارة والمعرفة العلمية، إن لم يتواجد في المكان المناسب، فأنه سيكون مقيدا ومرهونا بالظروف التي تملي عليه ما يقوم به.

وقد بلغ بنا الأمر أن مرضانا صاروا يعالجون في الهند، بدلا من دولنا، لضعف مواصفات مستشفياتها وقصور الخدمات العلاجية.

أولا: المستشفيات؟!!

المستشفى موضع العلاج والجد والإجتهاد على راحة المريض ورعايته لتحقيق الشفاء، ومستشفيات دولنا ربما لا تقترب من المواصفات والمعايير المعمول بها في مستشفيات الدنيا، ولا تخضع للرقابة والتقييم الدوري، الذي يساهم في المحافظة على مستوى جهوزيتها، وعملها بما يتوافق مع الضوابط المقرة في لوائح منظمة الصحة العالمية، واللجنة المشتركة لتقييم عمل المستشفيات.

فالمستشفيات في بلداننا ربما لا تنطبق عليها تسمية المستشفى في الدول المتقدمة، فهي تفتقر للمعايير والضوابط التي بموجبها تستحق تسمية مستشفى.

ولا توجد في العديد من المدن مستشفى ذات قيمة علاجية وشفائية وتعليمية معاصرة، وهذا الواقع الصحي الغريب ناجم عن فقدان قيمة الإنسان، وضياع معناه ووجوده في الحياة، لتحوله إلى رقم أو شيئ، فلا داعي للإهتمام به وتوفير الرعاية الصحية اللازمة له.

والمسؤولون ربما لا يهتمون بنوعية الخدمات وكيفية تطويرها، وبمعايير يمكن إتباعها، وبمواصفات المستشفيات المتطورة، وينشغلون بموضوعات لا تنفع الرعاية الصحية، كالزيارات الميدانية الإستعراضية.

وبما أن المعايير والمقاييس غائبة، فالنظام الصحي لن يتقدم ويعاصر، فالمستشفيات بحاجة إلى حرية مهنية، ونزاهة خدمية، للوصول إلى مطابقة عملها مع المعايير الدولية المعمول بها في معظم دول العالم.

ويبدو أن منظمة الصحة العالمية لا تتفاعل بخصوص هذا الموضوع، ولا تُخضع مستشفيات دولنا للمراقبة والمتابعة والتقييم، وعليها أن تعيد النظر في نشاطاتها وتنطلق نحو توفير المستشفيات اللائقة بعلاج الإنسان في بلاده.

فهل أن مستشفياتنا تقترب من المعايير المعاصرة لمعنى المستشفى؟!!

ثانيا: المستشفيات وقيمة الإنسان!!

مستوى الرعاية الصحية ورقي المستشفيات يتناسب طرديا مع قيمة الإنسان في أي مجتمع، فكلما تطورت الخدمات الصحية، ووصلت المستشفيات إلى التوصيفات العالمية المعمول بها في الدنيا، إرتقت قيمة الإنسان في المجتمع.

فالمعادلة واضحة جلية، لا تحتاج لقلم أو لسان، ولا لتحليلات وتفسيرات وتعقيدات.

أنظر إلى مستشفيات أي مجتمع فستخبركَ عن قيمة الإنسان فيه.

المجتمعات المحترمَة، مستشفياتها معاصرة البنيان، وتقدم أرقى الخدمات.

وفي غيرها التي يتمنطق أبناؤها بالهذيان، فمستشفياتها لا تتطابق ومواصفاتها في الدول ذات الشأن والكيان، التي لها توصيفاتها اللائقة بالإنسان، وتخضع للضوابط والمتابعة الصارمة.

أما قي مجتمعات كان، فالإنسان رقم، والخدمات الصحية بهتان!!

فأين الإنسان، الذي خلقه بأحسن تقويم، ونحن نعمل بجد وإجتهاد ضده، ونجعله في أسفل سافلين، وفينا من العدوانية المتوحشة ما لا يطيقه التراب!!

فأين الرحمة والرأفة يا أمة أرحم الراحمين؟ّ!!

ثالثا: أول مستشفى في الإسلام!!

يمكن القول بثقة أن أول ما يمكن تسميته بمستشفى قد تأسس في السنة الخامسة للهجرة أثناء معركة الخندق، وبأمر من الرسول الكريم وفي المسجد النبوي بالمدينة، حيث أقيمت خيمة أشبه بالمستشفى بإدارة (رفيدة الأسلمية) أول ممرضة عربية ومسلمة، وربما في تأريح الإنسانية، لتطبيب الجرحى، وكان معاذ بن سعد أحد المصابين الذين عالجتهم فيها.

قد يعترض مَن يعترض، لكن الدلائل التأريخية وما موثق في الكتب يشير إلى ما تقدم، فالرسول الكريم هو الذي أطلق فكرة المشفى أو المستشفى، وربما بإيحاء من الممرضة والطبيبة الجراحة (رفيدة الأسلمية) بنت الطبيب (سعد الأسلمي) المعروف بطبابته في المدينة، ومنه تعلمت الطب والتمريض.

هذه الفكرة السبّاقة تعطينا مثلا على التنوير الإنساني الذي جاء به الإسلام، وكيف يتحقق التفاعل ما بين إرادة الحاجة والإختراع، وكيف تتلاقح العقول لتصنع ما هو أفضل ومعقول، بعيدا عن الإعتبارات الأخرى التي تقيّد الشروع بالمشروع.

فهذه إمرأة مسلمة تتولى إدارة مستشفى وتداوي الجرحى والمرضى وتعتني بهم، وتسهر على راحتهم وتطبيبهم، وتخفيف آلامهم.

وعندما نقارن هذا السلوك في مكانه وزمانه، وكيف كانت عليه البشرية آنذاك ندرك مدى التقدم والتنوير المعرفي الذي أطلقه القرآن في عقول الناس، وكيف أن الرسول الكريم كان قائدا إنسانيا تنويريا، يحمل مشاعل الأنوار الكونية للعالمين.

وفكرة المستشفى أو المشفى لم تخمد بل تطورت وتنامت، وأسس عليها القادة فيما بعد، وأول من إنتقل بها جادا إلى مراحل الإنجاز والتنفيذ العملي هو (الوليد بن عبد الملك) سنة (88) هجرية.

وبعده تكاثرت المستشفيات وتسابق الحكام والأمراء على بنائها وتطورت الخدمات فيها، وتسمى (البيمارستان)، وأصبحت هناك مستشفيات تخصصية بأمراض متنوعة، وحتى الأمراض العقلية والنفسية، وكانت العلاجات فيها تضاهي العديد من الرؤى والأفكار العلاجية السائدة اليوم!!

وهكذا نجد فكرة أملتها الحاجة وتفاعل عقل مستعد لتبنيها مع عقل أوحى بها، وإذا بها تتطور وتكون، ونحن اليوم نعتمد على الآخرين، ونحسب أن عقولنا عاطلة وقدراتنا خاوية!!

فهل من عودة إلى جوهر ذاتنا؟!!

رابعا: أيهما أوجب الجامع أم المستشفى؟!!

السؤال يبدو غريبا ومشاكسا، لكنه يطرح نفسه بعد أن تحولت المستشفيات في بعض المجتمعات إلى أقبية موت وعذاب للمريض، الذي عليه أن يتلقى العناية والرعاية العلاجية المعاصرة.

لماذا هذا السؤال العجيب؟

مستشفيات تحترق وغيرها تتدنى فيها الخدمات، في زمن تتطور فيه المستشفيات إلى منتجعات ذات عمارة راقية.

ودولة صغيرة تبني مستشفى بسعة 1200 سرير، وبكامل المرافق والمهابط المعاصرة، لتضاهي أضخم مستشفيات الدنيا، وكلفتها مليار دولار فقط، وفي بلادٍ ثرية تُسرق المليارات وتودع في البنوك الأجنبية، ويُشترى بها العمارات وغيرها في الخارج، والشعب يتضور ويفتقر لأبسط الخدمات، والدين يحكم والعمامة قائدة.

في مدينة من تلك البلاد هناك مستشفى يؤمّل إتمامها، ولا تزال دون إعمار منذ أكثر من عقد ونصف، وفي الصين يشيدون أكبر المستشفيات في غضون أسابيع قليلة.

إنها قيمة الإنسان بوصلة الحياة وبناء الأوطان، فعندما يفقد الإنسان قيمته يكون الكلام عن الرعاية الصحية والمستشفيات محض هراء.

فالعلاقة ما بين تقدم الخدمات الصحية في أي بلد وقيمة الإنسان علاقة طردية، أي كلما زادت قيمة الإنسان تقدمت الخدمات الصحية والعكس صحيح.

والمستشفى المعاصر المجهز بما يرعى الإنسان ويديم عافيته أوجب من الجامع البديع العمران، لأنها تضخ الجامع بالإنسان المعافى العزيز الكريم، الذي يشعر بقيمته وبتوفر الرعاية الصحية المتطورة له، فيزداد إيمانا وقوة على التعبير عن دينه.

وذلك يشير بوضوح ومأساة إلى فقدان الإنسان لقيمته، وضياع وجوده، وتمكن أعوان الشيطان منه، وإستلابه ومصادرة حقوقه الأساسية في الحياة.

فأين أدعياء حقوق الإنسان مما يحصل في بعض البلدان؟!!

خامسا: مستشفى سرَّ مَن رأى!!

هل كان في سرّ من رأى مستشفى عندما كانت عاصمة للدولة العباسية (222-279 ) هجرية؟

العقل يقول يجب أن تكون هناك مسنشفى، مثلما كانت مستشفيات في بغداد، لكن الوثائق التأريخية والحفريات لا تشير إلى ذلك، فهل كان المرضى يتطببون في مستشفيات بغداد، أم أن هناك مستشفى في سامراء علينا أن نكشف النقاب عنها؟

ولا يُعقل أن أشهر الأطباء في ذلك الوقت لم يكونوا قريبين من مركز الخلافة، فهل لنا أن نبحث بجدية عن المستشفى وموقعها؟!!

المشكلة في كتابة تأريخ سرَّ مَنْ رأى أن الكثير من المعلومات مشوّهة ومُضللة ومقصودة، بسبب ما تحقق من فوضى وإضطراب، وتمكن الأجانب من التحكم بمصير الخلافة، وصارت القوة هي الخصم والحكم ، فلا رأي إلا للسيف والنطع.

العقل يقول أن هناك تقدم علمي ومعرفي تشير إليه الثورة المعمارية التي لا يمكنها أن تتألق من غير تطور معرفي وعلمي يوازيها، وما دامت هناك ثورة عمرانية أصيلة، فلا بد من ثورة علمية ومعرفية متفقة معها، لكنها طمست، وتم تدوين ما هو سيئ للقول بأن سرّ من رأى قد تحولت إلى ساء من رأى!!

لكشف الحقائق نحتاج إلى جهود تنقيبية وبحثية نزيهة لتزيل التشويه والتحريف والتضليل، فالعقل لا يتفق وما يُروى وكان، في زمن كانت سامراء تضاهي مدن الأندلس بجمالها وبهاء عمرانها ونظام الحياة فيها.

فسلمويه بن بنان الطبيب الخاص للخليفة المعتصم، الذي ترجم أعمال جالينوس من اليونانية إلى العربية، ووثق به المعتصم وإعتمد عليه كثيرا، وكان يحترمه إحترام الإبن لأبيه، ويناديه "يا أبي"!!

ويقول عنه: "هذا عندي أكبر من قاضي القضاة، لأن هذا يحكم في مالي، وهذا يحكم في نفسي، ونفسي أشرف من مالي".

يقول إبن أصيبعة: " لما إستخلف أبو إسحاق محمد المعتصم بالله، وذلك في سنة 218 هجرية، إختار لنفسه سلمويه الطبيب، وأكرمه إكراما كثيرا يفوق الوصف، وكان يرد إلى الدواوين توقيعات المعتصم في السجلات وغيرها بخط سلمويه، وكل ما يرد على الأمراء والقواد من خروج أمر وتوقيع من حضرة أمير المؤمنين، بخط سلمويه، ومما زاد من جور سلموية بن بنان في بلاط المعتصم، أنه نجح في تولية أخيه إبراهيم بن بنان خزن بيوت الأموال في البلاد، وخاتمه مع خاتم أمير المؤمينن".

وكانت علاقته بالمعتصم قوية، وكأنه واهبه الحياة والمحافظ على كيانه البدني والنفسي، فعندما إعتل سلمويه عاده المعتصم وبكى عنده، كما بكى وصلى عند قبره بعد وفاته سنة 840 ميلادية، وربما دفن في سامراء ورافق المعتصم فيها، وتوفى المعتصم بعد وفاته بعشرين شهر!!

فهل يا ترى أن الطبيب سلمويه بن بنان كان طبيبا في العراء، وما حكاية أطباء باقي القادة والأمراء، فهل يُعقل أن لا توجد مستشفى في سامراء لمداواتهم وتطبيب جراحهم آنذاك؟!!

وهل يُقبل أن الذي خط المدينة وبناها غفل أن يبنيَ مستشفى فيها، ومن المعروف أن أباه قد بني مستشفى الرشيد، والمأمون إهتم بالأطباء وإعتنى بالبيمارستانات.

لا أظن المعتصم قد تجاهل بناء مستشفى، فالخراب الفتاك العدواني للمدينة محق آثارها السمقاء!!

وفي الختام، لكي نبني أنظمة ديمقراطية معاصرة علينا الإهتمام بقيمة الإنسان، فلا جدوى من دعوات الحرية المغرضة، وهي تسحق المواطن وتلقمه أفانين القهر والحرمان.

فلتكن مستشفياتنا أرقى البنايات في مدننا، ليتأكد إهتمامنا بالإنسان وتقديم الرعاية الصحية الراقية له.

***

د. صادق السامرائي

أرانا نحن العراقيين اليوم أحوج ما نكون الى الاتعاظ والاعتبار بمغزى ماقاله السابقون، فمثلنا يقول: (الحايط لو مال يوكع على أهله) وما قصدت بالـ (حايط) فهو العراق، إذ أنه سندنا وسترنا وستارنا، ولا أظن أحدا منا يستطيع القفز عليه او فوقه، إلا من سولت له نفسه بنسيان تاريخه الممتد قرونا طوالا، بحضاراته السباقة في مجالات الحياة كافة، وكذلك من غير المعقول تجاوز هذا الحائط في وقت يتطلب الأمر فيه الركون والرجوع الى قاعدة متينة كأساس صلب، يقوّمنا ويقوم عليه حاضرنا، ومن المؤكد أن من يستغني عنه عليه التخلي عن قيم كثيرة، اولها الشرف وليس آخرها الغيرة.

ومن سوء حظ العراقيين الشرفاء ان ترتفع نسبة الأخيرين بين ظهرانينا، لاسيما وهم يرون الحائط بدأ يميل بانحدار ينذر بخطر كبير لو استمر ميلانه هذا بالازدياد، والغريب العجيب أن القاصي والداني مهتم جدا بتداعيات أمرنا هذا، فيما نرى شخوصا وأحزابا وجهات من أنفسنا، تزداد تماديا وولوغا في العبث بمصائر ملايين العباد، ولاتتوانى لحظة في إحداث القلاقل والمشاكل، سعيا في خراب الدار. فبين الحين والآخر نسمع عن اجتماع دول عظمى وصغرى تهتم بالشأن العراقي، وتبدي تعاطفا مع الـ (حائط) وتتألم على الميلان الذي أصابه، وتعمل جاهدة على إصلاح ماخرب، فهي على دراية تامة أن الخراب يفضي بالنتيجة الى سقوط -لاسمح الله- وحينئذٍ فالحائط كما يقول مثلنا: (يوكع على أهله).

وفي حقيقة الأمر أن بعض الدول والجهات التي تجتمع لمناقشة الشأن العراقي، وتتناول تداعيات أحداثه، لايهمهم سقوط الحائط على أهله، بل منهم من يعد حدثا كهذا (عيد وجابه العباس) والأمثلة على هؤلاء كثيرة ومن أقرب الجيران الى العراق. لكن، بشكل عام فإن النتائج التي تتمخض عنها أغلب اجتماعاتهم، تفرح العراقيين -الشرفاء حصرا- أكثر من تلك التي تتمخض عنها اجتماعات ساسة البلد ومسؤوليه من الكتل والأحزاب، فالأخيرون (يخبطون الطين بالعجين) ويفتحون للشرور بابا قد يصعب إغلاقها او يستحيل.

نعم، هذا واقع الحال المعاش، فالغريب بات أكثر حرصا على مستقبل العراق من كثير من أهله، وهذا ماأدركه الشرفاء من قادة البلد في مجالسه الثلاث، فراحوا يشمرون عن سواعدهم رؤساءً ونوابا في أسفارهم ورحلاتهم السندبادية، للاستعانة بالغريب والبعيد، وهذا طبعا بعدما أدركوا نية القريب السيئة المبطنة التي يتأبطها أغلب ساسته. وهذه الحقيقة لمسها العراقيون أنفسهم بعين اليقين وعلم اليقين وحق اليقين، بأن الغريب والبعيد هذا هو الذي سيسهم في انتشالهم من وحل ماهم فيه من تداعيات، واللافت للانتباه ان أغلب دول المشرق والمغرب تعرب عن مؤازرة العراق، ومساندة جهود الحكومة العراقية الرامية إلى استقرار العراق وخلاصه من الأخطار المحدقة به. ولكن، تبقى تلك الدول تدعو الى ضرورة مشاركة جميع شرائح العراق في العملية السياسية وانخراطها في الحوار السياسي، ومساهمتها بجدية وحزم في إتمام كثير من الخطى التي تعود بالخير والفائدة الى العراق والعراقيين. هنا أود توجيه سؤال من خلال منبري هذا الى ساسة العراق ومسؤوليه، في رئاسات المجلس التشريعي والتنفيذي والرئاسي، والكتل والأحزاب والائتلافات السياسية، رؤساء ونوابا وأعضاء:

هل حقا أنتم بحاجة الى توصية دول بعيدة عنكم، تحثكم على المشاركة بالعملية السياسية في بلدكم بشكل جدي وناجع؟ وهل نرد على هؤلاء فنقول: (لاتوصّي حريص) أم نقول له: "لقد أسمعت لو ناديت حيا"!.

***

علي علي

على مدى عقد من الزمن التهم متصدري المشهد كافة مقدرات الشعب (بالداخل والخارج) التي امتدت اليها ايديهم، وما لم يستطيعوا الاستفادة منه قاموا بتدميره، مليارات الدولارات المهدورة التي لو وظف جزءا منها في خدمة المواطن لتغيرت حياته نحو الافضل ولشعر بشيء من صدقية اولئك الذي خرجوا عليه ابان الثورة وقد وضعوا في مخيلته احلاما ليست صعبة التحقيق، ولكن اتضح منذ الايام الاولى لتوليهم السلطة انها كانت مجرد اوهام، وان الفتات الذي منح للمواطن ما هو إلا تغطية على الكم الهائل من الاموال التي نهبها هؤلاء، لتستمر حياة البوس والشقاء واللهث خلف السيولة النقدية لأجل العيش، بينما سالت دماءه بدون وجه حق، فغرست في نفوس عامة شعورا لا يقبل الشك بان الساسة قد اكلوا الجمل وما حمل.

ذات يوم اوقف (الجضران) تدفق النفط فلم يحركوا (العملاء في السلطة وأسيادهم الذين نصّبوهم) ساكنا، لأنه حينها كانت هناك بعض المدخرات التي يمكن اللجوء اليها، بعدها فاوضوه لأجل اعادة تصدير النفط والغاز، وقدمت له ملايين الدنانير وفرشت له البسط الحمر، استقبل بطلا بدهاليز السياسة، وذهب اليه المندوب السامي الاممي في عقر داره مثمنا تجاوبه.

قد يحدث خلاف بين ابناء الوطن ويتقاتلون بسبب التدخلات الخارجية في الشأن المحلي،، ولكن ان تقوم الحكومات المتعاقبة بإغداف المنح على المرتزقة من كل حدب وصوب لأجل تثبيت اركانها، او هدر الاموال الطائلة في مشاريع اتضح انها وهمية ولا تقدم شيئا للمواطن من ايرادات النفط والغاز، فذاك ما لا يمكن السكوت عنه، فالأفضل ان يظل بالأرض على ان يتحول الى اداة لتدمير البلد وجعله مرتهنا لسلطان يحلم بإعادة امجاد دولته التي عاثت في البلاد التي احتلتها فسادا وقهرا وظلما وتخلفا على مدى اربعة عقود.

لا نستغرب الاصوات الناعقة بشان الحديث عن وقف تصدير النفط ومنها وزير النفط بحكومة الوحدة الوطنية، فهي (الحكومة) المستفيدة من بيعه، ولا يهما إلا اطالة مدة بقائها في السلطة، بينما الشعب يعيش تحت خط الفقر في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار مختلف السلع وتفتقر مؤسساته الخدمية الى ابسط الاشياء الضرورية للمواطن.

استخدام سلاح البترول والغاز في وجه الفئة الحاكمة الباغية ومن ورائها الدول الداعمة للإرهاب يعتبر حقا مشروعا، ولتعلم كافة دول العالم ان مصالحها رهن بمدى احترامها لإرادة الشعب الليبي في التصرف بموارده الطبيعية، وان الحكومات العميلة التي فرضت عليه منذ سنوات لم تقدم له سوى الاوهام، وإهدار الاموال وبث الفرقة بين مكونات المجتمع، والدفع بالشباب الى اتون حرب من خلال اغرائهم بالمال، فصلاة الجنازة على ابناء الوطن الامنين والمغرر بهم وضحايا القتل العمد على الهوية اصبحت احد معالم البلد.

هناك عديد الدول تدعم الارهاب في البلد ولكن العالم الذي يدعي انه متحضر يغض الطرف عن ذلك لمصالح شخصية، عديد المؤتمرات بشان ليبيا ولكن لم تكن هناك النية الصادقة لإحلال الامن والاستقرار.

بفضل الاستحواذ على المال العام تكونت ممالك وامبراطوريات بسبب تقاعس الاجهزة الرقابية والمحاسبية وغض الطرف من قبل النائب العام والقضاء عن القيام بدورها واخرها قرارات الايفاد للعمل او الدراسة بالخارج خير دليل على استهتار السلطة.

خيرات البلد من بترول وغاز وسواهما يجب ان تكون للشعب، وان يعيش معتزا بوطنه، لا فقيرا متسولا ينعم الاخرين بخيراته.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

الفردانية منهج نشأ في أوربا بعد الحرب العالمية الثانية والانتهاء من حملة الاعمار وما نتج عن ذلك من تطور الفكر السياسي وتطور منهجية الحكم من سلطة الملك الذي كان يُعبر عن المصلحة العامة للأفراد إلى سلطة الحكومة ومن ثم إلى سلطة الشعب من خلال ممثليه في الحكومة ولأن هذا التمثيل يعتبر في ذاته اعترافا بسلطة الشعب فأنه بالضرورة يُعد اعترافا بسلطة الفرد باعتباره رقما مُحدَدا من هذا الشعب والذي يمتلك هو بذاته سلطته الخاصةفي تحديد خياراته السياسية من خلال حريته الشخصية المنفصلة في خياراته من خلال ورقة الانتخاب وهذا يُعد تحولا جوهريا في جعل الفرد هو من يمثل المصلحة العامة من خلال مجموعة الخيارات الفردية التي تكون ما يسمى بالرأي العام الذي يحدد ذوق المجتمع واتجاهاته السياسية، وبالتالي ماينتح عن ذلك من التوجهات الاجتماعية العامة التي تمثل الرافعةالسياسية

لتشريع القوانين بوجود من يمثله في الحكومة والمؤسسات التشريعية، بعد ذلك ومع ترسيخ هذا الحق بدأ يتخذ شكلا أكثر وضوحا وأكثر اتساعا في مساحة الواقع من حيث الأثر النفسي الذي أحدثته هذه النقلة السياسية على الفرد والمجتمع مما أدى إلى تطور الطموح السياسي في حق المشاركة في الانتخاب إلى حق المشاركة في التمثيل النيابي بعد أن لم يكن حقا عاما وانما حقا خاصا بشرائح بعينها في المجتمع الأوربي، أن إزالة الفوارق المعنوية بين طبقات المجتمع جعل الاوزان متساوية على معيار المواطنة على الأقل في نظرية الحكم حتى إن لم يكن ذلك واقعا فعليا في المراحل الأولى لهذا المتغير السياسي بأبعاده الاجتماعية، بعد ذلك فإن مفاعيل هذا المتغير السياسي بدأت تظهر اجتماعيا على شكل رؤىٰ متجددة تتعلق بالحقوق الشخصية على مستويات متعددة منها وفي مقدمتها [النسوية] التي استيقظت على انقاض قرون من اضطهاد المرأة الأوربية ابتداءً من عصر الامبراطوريات التي كانت تعاملها على أنها كائن منبوذ لاقيمة له إلا في مايسد حاجات الرجل لاحظ قول الفيلسوف اليوناني أرسطو [أن الطبيعة لم تزود المرأة بشيئ يعتد به] ولم تتغير هذه النظرة الأوربية للمرأة وبقيت تعامل على أنها كائن ثانوي لاقيمة له لاحظ مقولة الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو.. [قدر الطبيعة بالنسبة للنساء أن يذعن للرجال] ولم يتغير الحال كثيرا رغم ظهور الحركات النسوية لاحقا والتي جوبهت بالتنكيل رغم أن المطالبات كانت تتعلق بالحقوق الأساسية للإنسان ك حق الملكية والأرث وحق العمل والتعليم لذلك كانت فترة مابعدالحربينالعالميتين وما احدثتهما من انقضاء وذوبان تلك القيم القديمة وهدم النُظم السياسية وماترتب عليها من تشريع قوانين تتعلق بشكل العلاقة الأسرية بين أفراد الأسرة باعتبار خصوصية كل فرد في الأسرة بصرف النظر عن موقع هذا الفرد دون النظر إلى موضوعيةهذا الموقع فلا فرق بين أن تكون رجل أو امرأة أو أن تكون ابناً أو أباً أو بنتا أو أماً أو صغيرا أو كبيرا مادمت قد تجاوزت ١٥ عام من هنا كانت نقطة البداية في تشكل نظام اجتماعي جديد كان يمثل ردة فعل على تلك الفترة المظلمة فذهبت الحركات النسوية إلى الحد الأقصى تطرفا من المطالبات بالحقوق وصولا إلى المساوات الكاملة دون النظر إلى الفوارق الموضوعية بين دور الرجل في الحياة ودور المرأة لذلك كان قرار استقلالية الفتاة مابعد الخامسة عشر أن جعل كل ماسوى ذلك مباحا حيث أن عبور الخط الاحمر يجعل عبور باقي الخطوط تحصيل حاصل بعد ذلك وبعد أن أصبح هذا الشكل الجديد راسخا في المجتمع الغربي فأن ذلك أصبح قاعدة عريضة للبناء عليها فاستقلالية الفرد بالنتيجة تقتضي تشريع قوانين لملائمة مخرجات هذا الحق في الواقع العملي ومن ذلك حق الولد او البنت مغادرة المنزل والسكن منفردا ومايترتب على هذا الحق من نتائج سيكون على المشرع تقنينها من مثل حق المساكنة ومن بعد ذلك حق العلاقة الجنسية خارج منظومة الزواج وكذلك يجب تقنين حالة الانجاب من هذهالعلاقةوموضوعة حضانة المولود وكثير من النتائج الشاذة المترتبة. على ذلك المتغير المتعلق باستقلالية الفرد، ولأن مجموعة هذه المعالجات لنتائج هذا النهج لن تكون كافية لسد الثغرات فقد تمخض عن ذلك العزوف عن الإنجاب لأن المولود يحتاج إلى أسرة مستقرة ولايمكن رعايته من ام تركها المُساكن أو الصديق وهرب بخطيئته من مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية بحثا فتاة أخرى فرت من أسرتها فقط لأنها تشعر أنها تمتلك الحق القانوني في الهروب ولأن هذا الطريق يشبه الدخول في نفق ضيق لايمكن الاستدارة فيه فأن غاية ماسيفعله العاصي هو أن يوغل في عصيانه ليجعل الحياة فقط لحظة متعة بإضافة قوانين أخرى أكثر جنوحا وشذوذا عن الطبع البشري مثل حق المساكنة الجماعية أو المثلية الجنسية وصولا إلى أبعد من ذلك بإقرار الزواج المدني بين مثليي الجنس واقرارالعلاقة بين الإنساوالحيوان [قرار البرلمان الاسباني مؤخرا] وقبله في مجتمعات أخرى

[عقد قران رجل على انثى تمساح]

وماسياتي ربما سيكون اعظم

كانت دولة السويد من اولى الدول التي خطت خطوة عميقة نحو الفردانية الاجتماعية [بيان مجموعة من السياسيين ١٩٧٢ ومن ثم إقرار قانون جديد ينظم العلاقة الأسرية وفق هذه القيم الجديدة ] .. لذلك تُعد السويد رائدة في هذا المجال بل هي الأم التي ولدت هذا الجنين المشوه الذي ضرب القيم السوية للمجتمع طبعا هذا لايعني أن باقي المجتمعات الغربية لم تكن متساوقة مع هذا التوجه ولكن الخطوة المبكرة تشريعيا كانت من المجتمع السويدي

خَطَر لي

في مساء اول ايام عيد الاضحى المبارك وحول مائدة العشاء الممتدة على طول غرفة الضيوف البالغة ٨ م والتي تَحَّلق حولها احفادي العشرة وابائهم وأمهاتهم وما رافق ذلك من ضجيج وضحكات واستمتاع رغم مايرافق ذلك من خسائر فادحة في عدد الضحايا من الأكواب الزجاجية التي لابد من أن تتكسر بسبب عبث الأطفال وقد لاتسلم منهم بعض النباتات الظلية التي نسهر على رعايتها ليأتي بعد ذلك مهدي وهو أصغر احفادي ليستمتع بتكسيرها وهو يضحك ساخرا في هذا الجو الأسري الممتع خطر لي قول الله تعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ -[النحل ٧٢]

لاحظ الوصف الإلهي الرائع والمنطقي لخلق الإنسان وصيرورة المجتمع من دون تكلف بما يضمن الاستقرار والسعادة فقد جعل لكم والجعل هنا هو تعبير عن إرادة الله تعالى في هذه الصيرورة ولكن الإنسان ماذا يفعل عندما يكون جاحدا للخالق !!؟ يذهب إلى إنفاذ إرادته في قبال إرادة الله متحديا الرحمن باتباع الشيطان رغم أن الله حذره من ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[النور أية ٢١]

***

فاضل الجاروش

الحمد لله انتهت الأزمة بين رئاسة الجمهورية في بلاد الرافدين، وبين جمهورية مجلة "السيدة الأولى" التي تتولى القيادة فيها موظفة في وزارة الثقافة، فقد أغلق القضاء العراقي شكوى مقدمة من رئاسة الجمهورية ضد مجلة بعنوان "السيدة الأولى"، هكذا زف لنا الإعلام البشرى، ولكي تكتمل الصورة شاهدنا على مواقع التواصل الاجتماعي الاحتفالية الكبرى التي أقامتها المجلة والسيارات المضللة التي أوصلت الضيوف العرب إلى مكان الاحتفال، وشاهدنا غابة البدلات الملونة التي فُصِّلت للمناسبة، والمفردات المقحمة عن العراق الذي يعيش أجمل عصوره.

لست في وارد الحديث عن أهمية مثل هذه المجلات فقد أخبرتنا رئيسة التحرير وصاحبة المجلة بأن مجلتها "نخبوية" ولم تخبرنا ما هي النخبة التي ستخاطبها، وهل ستفتح ملفات تتعلق بالمرأة ومشاكلها في المجتمع ومصارحة المواطنين بما يحصل في بلاد "الواق واق"؟ سيقول البعض: أيها الكويتب ما الذي يضرك أن تصدر مجلة تناقش أحوال المرأة؟، ألست من الذين صدعوا رؤوسنا بالحديث عن الحرية والديمقراطية؟ أعرف أن هذه البلاد بحاجة إلى مراجعة حقيقية لمناقشة واقع المرأة في العراق ولماذا يرفض مجلس النواب المصادقة على قانون العنف الأسري، ولماذا لا تتسلم المرأة العراقية مناصب سيادية، ولكن، الذي لا أفهمه، ولا أصدقه، كيف تمكنت "الشاطرة" صاحبة المجلة من أن تجمع كل هذه الكوكبة من المسؤولين، والإعلاميين العرب، وهل تستحق مجلة " نخبوية " ان يصرف عليها كل هذه الاموال، وما مصدرها؟.

في صفحتها على موقع " الفيسبوك كتبت الروائية والمترجمة لطفية الدليمي تشكو الحال الذي وصلت اليها الثقافة العراقية قائلة :" غريبٌ أمر الثقافة العراقية. جوائز الابداع العراقية شحيحة إلى درجة مخجلة لا تليق ببلد نفطي عند مقارنتها مع الجوائز الخليجية. هنا لا أحد يقول لك إن العراق بلد نفطي لأنه لا يريد الانفاق على العراقيين. شهيتهم مفتوحة للانفاق على بعض العرب فحسب، وياليتهم طرقوا الأبواب الصحيحة في الانفاق على أفضل العقول العربية. لا يعرفون سوى دعوة هذه الإعلامية أو ذاك الإعلامي من المتخومين بالمال أصلاً "

إذا أردنا ان نجيب على تساؤلات الروائية الكبيرة، سنجدها حتماً في دفاتر الديمقراطية العراقية الظريفة، خصوصاً حين يخوض سدنتها نقاشاً عبثيا حول مَن المسؤول عن كل ما جرى؟ .

بعد 20 عاماً من الفشل، اكتشفنا أنّ الثقافة والاعلام تحولت الى حفلات، ومهرجانات وخطب عن التطور الكبير الذي يشهده العراق في كل المجالات وابرزها طبعا "الثقافة"!! .. فيما المواطن لا يعرف مَن هو الكاذب ومن هو الكذّاب، ولهذا لا داعي لأن نبحث عن مصادر تمويل مثل هذه الالاعيب "الاعلامية" لان المصدر "باين من عنوانه" .

***

علي حسين

"أللهم إجعلني من أصحاب الجَد لا الجِد"

الجَد: الحظ

وللحظ تعريفات ومنها: النصيب

العلاقة بين الموهبة والحظ معقدة، فالحظ لا يصنع موهبة، لكن الموهبة بحاجة للحظ، وإن وجدت دون حظ يوفر لها الفرص اللازمة لإطلاقها في مدينة الحياة، فأنها تأفل وتنتهي مع صاحبها.

قد يستغرب البعض من هذا القول، لكنه حقيقة فاعلة في الواقع البشري، فلا يوجد موهوب لم يحالفه الحظ وأصبح له شأن مهما عظمت وتميزت موهبته.

فالأعلام في التاريخ إن لم يحالفهم الحظ ويتعاملوا مع الكراسي المهيمنة على المجتمع، لا يدوم لهم ذكر، وأكثر البارزين الذين إنتصروا على مكتانهم وزمانهم، كانت لديهم حظوة في بلاط الكراسي الحاكمة.

ومن القصص المعروفة في مصر في القرن العشرين، أن محمد عبد الوهاب موهوب بلا منازع، لكنه كان محظوظا (وهو يقر بذلك) إذ تولى أمره أمير الشعراء أحمد شوقي، وقدمه لأعلام زمانه وهو لا يزال في ريعان الشباب، فكان لذلك الأثر الكبير في صناعة موسيقار الأجيال.

وفي واقعنا المعاصر العديد من المواهب الأصيلة التي لا حظ لها، وكأنها تتحرك في رمضاء، نحو نهايتها وهي مقتولة من العطش.

وبعضها يجد الأنياب مكشرة والمخالب متأهبة، والنهشات متوالية، والمصدات متنامية، وكأنه عدو مكانه وزمانه، وعليه أن تبلعه الغبراء.

والحظ في المفهوم السائد اليوم، يمثل الفرصة، وعندما يكون الموهوب في مجتمعات تدثر المهوبين بالعدوان والنكران، وتحارب الناجحين من أبنائها، فأن المواهب تأفل، والعطاءات تضأل، والخسران يرفل، والموهوب يرحل.

وتلك معادلة أليمة، ترقى إلى الجريمة، في مجتمعات تصادر الحقوق والقيمة.

فهل سنرعى المواهب، ونتجاوز المثالب؟!!

"الحظُ أنفعُ من عقلٍ وتأديبِ...إنّ الزمانَ ليأتي بالأعاجيبِ"!!

***

د. صادق السامرائي

 

وأنا أبحث عن الأخبار في مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام قرأت خبراً مثيراً يقول إن إجمالي تبرعات الأمريكي "وارن بافيت" بلغت حتى الآن ما مجموعه 50 مليار دولار، وقد أصبح "بافيت" حسب الخبر المنشور أكبر مانح في التاريخ.

ولمن لا يعرف السيد بافيت فانه يتربع على عرش المركز الخامس ضمن قائمة أثرى أثرياء العالم، مع ثروةٍ إجمالية تقارب 115 مليار دولار؛ بدأ في تكوينها منذ كان ابن 11 عاماً، حين اشترى أول سهمٍ في حياته، ثم تقدّم لدفع الضرائب عن عمر 13 عاماً. ورغم تجاوزه التسعين عاماً إلا أن بافيت ماض في التبرع بكامل ثروته إلى المؤسسات الخيرية التي تعنى بتطوير التعليم والصحة.. وكنت في هذا المكان قد أشرت من قبل إلى الحملة التي أطلقها بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت تحت عنوان "التعهد بالعطاء" التي طالبت المليارديرات الأمريكيين بأن يتبرعوا بنصف ثرواتهم للأعمال الإنسانية والخيرية.. وهي بالتأكيد نسخة طبق الأصل من حملة مليارديريينا الجدد "التعهد بالنهب" حيث استطاع مسؤولونا "الأكارم" وبنجاح منقطع النظير تحويل ثروات البلاد إلى جيوبهم الخاصة .

طبعاً، هناك فرق بين ثروة الأمريكي بافيت وزميله غيتس التي يتبرع بها وبين ثروات أغنيائنا الجدد الذين ينمون بها اقتصاد الدول التي يحملون جنسياتها من خلال حسابات سرية لا يعرفها إلا الراسخون في العلم، فالمليارات التي تبرع بها بافيت أو غيتس جاءتهم من استثمارات ومشاريع أقاموها في بلدانهم درت عليهم الثروة، أما ثروات ساستنا فقد جاءت من خطب رنانة ومناورة وانتهازية وفساد مالي، وشعارات طائفية.. ولهذا نحن نظلم أنفسنا إذا حاولنا أن نلبس ثوباً ليس ثوبنا، أو أن نحاول تقليد الامريكان " الكفرة " أو غيرهم، فنحن أمة علمت الناس القراءة والكتابة والفروسية وأيضا كيف يُنتهب مال المدارس والكهرباء والصحة والحصة التموينية في وضح النهار.

لا أتصور أن عاقلاً واحداً يمكن أن يطلب من أثريائنا الجدد أن يتبرعوا بجزء من غنائمهم لضحايا الإرهاب، أو أن يقرروا إنشاء صندوق لدعم مهجري الموصل وتكريت والأنبار.. فكيف تطلب من صاحب الثروة "الملفلفة" أن يفعل خيراً؟.. وكيف تطلب من مسؤول استغل وظيفته لمنفعته الشخصية أن يوقف مالاً من أجل أبناء جلدته؟!

ولهذا، نحن العراقيون نعرف جيداً غرض السيد بافيت من تبرعه بهذه المليارات، إنها يا أعزائي مجرد رشوة انتخابية فهو يحلم في أن يصبح مثل سياسيينا، الذين لا يعرفون الطريق إلى الناس إلا أيام الانتخابات.

اللهم أنزل علينا رحمتك وعطفك واعفنا من أشباه بيل غيتس والعجوز بافيت، واجعلنا من المتيمين بحب مثنى السامرائي والحاج ابراهيم الجعفري، الذي زودنا بالحكمة بدبلا للتنمية والاستثمار وبعجائب القول بديلا للصناعة والزراع.

***

علي حسين

يستخدم لاعبو التنس للتدريب، ماكنة يمكن برمجتها لتقذف كرات التنس باتجاهات مختلفة وسرعة مختلفة. فتخيلوا اننا أمام مثل هذه الماكنة وأن علينا صد الكرات التي تقذفها، وان احدا ما وضعها على سرعة قصوى بحيث لا نلحق ان نرد نصف كراتها او ربعها!

هذه هي الصورة التي تخيلتها الكاتبة نعومي كلاين لتشبه قرارات الحكومة الأمريكية (في زمن ترمب) السيئة السريعة، والتي يحاول الناشطون في العالم التصدي لها، ووصفت الحكومة بأنها "ماكنة تنس مجنونة". وهذا التشبيه جميل ودقيق ومهم بالنسبة لنا. فهذا هو شعورنا بالضبط على توالي الأحداث التي يجب علينا كمتعلمين، الكتابة عنها. وبالطبع يجب اولا ملاحقة اخبارها ثم دراستها ثم البحث عن الموقف المناسب منها وانتقاء طريقة مناسبة ومقنعة لنقدها أو تأكيدها واخيرا كتابة ذلك وربما الرد على التساؤلات التي تثيرها المقالة او المنشور.

لكن إن توالت الأحداث بسرعة، فسيكون من الصعب ملاحقتها كلها بهذه الطريقة، ثم يصبح مرهقا للأعصاب ومستحيلا، ويتوجب اختيار "الكرات" التي نردها وتلك التي نتركها تمر! وكلما كانت نسبة الكرات التي تمر اكبر، كلما كان الضرر أكبر.

وباعتبار العراق بلد تحكمه سفارة تستهدف بالذات تدميره، (كما أثبت موقفها من داعش وغيرها)، وهي تسيطر ليس فقط على الجيش والأمن ومنظومات والاتصالات والانتخابات والبنوك، ولكن ايضا تسيطر بشكل شبه تام على الفضاء الإعلامي العراقي وتمتلك جيشا من آلاف المتخصصين داخل السفارة، مهمتهم الوحيدة دراسة المجتمع التقاط نقاط ضعفه وحساسيته، وتحويل كل نقطة ضعف الى كارثة عليه!

وهي فوق ذلك تسيطر على وسائل التواصل الاجتماعي تماما وتستطيع ان تقوي ما تريد وتضعف او تمنع ما تريد من اية نشاطات اعلامية لا تناسبها. وتتيح لها ايضا متابعة اية مبادرة لها وقياس ردود الفعل عليها وتصحيحها وكسب الخبرة والتجربة لتكون المرة القادمة ادق واقوى اقناعا واشد اختراقا للمجتمع.

وهكذا فنحن نواجه هجمات تشتد قوة ودقة مع الزمن، وعلى مختلف المستويات: سياسية واقتصادية واجتماعية، وبكثافة لا يمكن ملاحقتها. وتطرح تلك الكرات على العقل اسئلة صعبة وخطرة يتوجب الإجابة عليها: هل صحيح ان خصخصة معامل الحكومة هي "اقتصاد حديث" وفي صالح البلد؟ لماذا يعارضها بعض من نثق بهم اذن بهذه الشدة؟ ولكن الا تعتمد الدول المتقدمة على الشركات الخاصة؟ ألا يعيشون برفاه؟ هل يجب ان نقاوم اميركا باعتبارها لا تريد الخير لنا، ام ان من الحماقة مقاومة دولة عظمى؟ هل صحيح ان "ننفتح على الجميع"؟ هل طريق الحرير الجديد هو الأنسب لنا؟ إذن لماذا لا تتبعه حكومتنا؟ وإذا كانت حكومتنا مخطئة فلماذا يؤكد جميع ساستنا "الثقة" بها؟ هل يجب السعي لطرد القوات الامريكية من البلد وهي التي اغتالت شهداؤنا، ام ان غضب اميركا مكلف جدا؟ ماذا لو اغضبنا اميركا فجاءت بحكومة سنية او بعثية او صدرية؟ أو اعادت التظاهرات والحرق؟ او رفعت قيمة الدولار وزاد الغلاء؟ اي نوع من النظم الديمقراطية افضل؟ هل تحل مشاكلنا اذا غيرنا الى نظام رئاسي؟ ما هي المشكلة في سانت ليغو؟ يقولون ان الدستور هو المشكلة، فهل هذا صحيح؟ لماذا لا تتكلم المرجعية رغم كل هذه الاسئلة وكل العواصف التي يمر بها البلد؟ هل روسيا افضل من اميركا أم انها ستكون مثلها ان انتصرت؟

هذه الأسئلة من النوع الثابت نسبيا، وهناك سيول من الأسئلة الآنية السريعة التي تعتمد على الأحداث: ماذا نفعل بشأن حرق القرآن؟ ماذا نفعل بشأن هجمة الجندر والمثلية؟ ماذا نفعل بشأن هجمة الإبراهيمية؟ هل نعطي بعض الوقت لتذكر ثورة العشرين التي تشجع المجتمع على الدفاع عن كرامته ام لا وقت لدينا لذلك؟ ثورة تموز، هل نحتفل بها باعتبارها ثورة ام انقلاب عسكري دموي؟ وهكذا..

إضافة الى هذا القصف المستمر بالكرات الحديدية (وليس كرات تنس) فإن السفارة إذا ارادت تمرير اي قانون يهمها كثيرا فهي تحرص على احاطته بقصف مشدد، لتقليل امكانية ملاحظته ومتابعته، تماما مثلما يقوم الجيش بالتغطية على مجموعة الهجوم على العدو، بقصف مكثف على مواقع العدو لكي لا يستطيع رفع رأسه!

كم يمكننا ان نترك من الكرات تمر؟ وما هي نوع الكرات، او الهجمات الإعلامية والسياسية، التي يمكننا تركها تمر دون ان تسبب ضررا كبيرا؟ إنه سؤال صعب ويجب ان يقيم كل حدث على حدة. ولكن بشكل عام كلما كانت ثقافة الشعب أضعف وكلما كانت نقاط ضعفه وحساسياته الطائفية أكثر، كانت الكرات اشد ضررا به، وشكل ذلك على المثقف ضغطا اكبر وقلقا اكبر إذا ترك بعض الكرات تمر، والعكس بالعكس.

للأمريكان والاسرائيليين القدرة ليس فقط على زيادة سرعة قذف الماكنة للكرات، وانما على جعل رد فعلنا عليها ابطأ بكثير واقل فعالية.

فكلما تم ايهام المواطن بقوة اكبر، اصبح الرد على الكرات اصعب ويحتاج وقتا اطول. فعندما يكون الاعلام غارقا ولسنوات طويلة في التسبيح بحمد الليبرالية والقطاع الخاص، فأن قدرة الناشط على اقناع المواطن بضرره، تكون محدودة وبحاجة لجهد مضاعف.

كذلك لديهم وسائل تقنية لإبطاء رد الفعل على الكرات. مثلا، القوانين التي يناقشها البرلمان تعرض بشكل فوضوي يصعب متابعته. وتعرض القوانين بشكل بي دي اف صور، لا يمكن اجراء اي بحث فيها انما يجب ان تقلب القانون كله لتجد ما تريد. وهذا صعب جدا في القوانين الطويلة المعقدة مثل قانون الموازنة.

بعض القوانين تمرر دون ان يدري بها الناس! مثلا قانون شركة النفط الوطنية اكتشفه خبير النفط احمد موسى جياد صدفة وباتصالاته الشخصية فتلاحقه الشرفاء قبل ان يصبح كارثة تقضي على العراق! البرلمانيين جهلة وقليلي الاحساس بالمسؤولية لتفادي ذلك.

ومن اساليب ابطاء رد فعلنا، حرماننا من انتشار صفحاتنا على وسائل التواصل. فأنا كان لدي يوما ما يقارب عشرة صفحات عامة، اهمها صفحتان هما صفحة مقالاتي وصفحة مخصصة لمقالات الاقتصاد. وكان يتابع كل واحدة منها اكثر من 35 الف متابع. وكانت المقالات تحصل على الاف اللايكات واحيانا عشرات الآلاف، حين كنت اروجها بثلاث يوروات. قاموا بحظر صفحة مقالاتي وازالتها، ومنعوني من ترويج المقالات! وفوق ذلك بدأوا يحاربون عرض منشوراتي فلم يعد منشوري او مقالي احيانا يحصل على اكثر من عشرة الى خمسين لايك. وينطبق ذلك على الاصدقاء الذين اعرفهم ايضا. فحين حاول احدهم ترويج اعلان ندوتي الاخيرة عن الاقتصاد الاسلامي والليبرالي، تم قبول الترويج، ولم يحصل سوى على لايكين اثنين!!

هذا كله يصيبنا بالإحباط ويجعلنا نشعر أننا نناطح صخرة، امام ماكنة قذف الكرات تلك!

هل هناك حل لهذه المشكلة؟ لا اعتقد!

إذن لماذا اكتب هذا؟ لأنني اعتقد ان "رؤية" ما يحدث يخفف شدة الضربة، وربما يقلل التوتر النفسي على القارئ الذي لا يدري ماذا يحدث ولماذا تسير الامور بهذا الشكل؟ لماذا يتصرف ساسته الذين طالما وثق بهم وانتخبهم بهذه الطريقة؟ لماذا تصمت المرجعية التي كانت عونا له طول الوقت؟ لماذا تتكاثر عليه الاسئلة بشكل مجنون؟ ما الذي سيحدث ان لم يستطع الاجابة عنها بشكل صحيح؟ لماذا يبدو كأن كل يوم يصبح اصعب مما قبله؟

هذه المقالة لا تجيب عن هذه الأسئلة، ولكنها فقط تعطي "رؤية" لما يحدث، من خلال التشبيه الرائع لنعومي كلاين بماكنة كرات التنس المجنونة. ان يعرف ان الذنب ليس ذنبه بشكل رئيسي، وان كل هذه الصعوبات مخططة ومتعمدة ومن جهة تستهدف تحطيمه كهدف واع ومخطط. ربما ان لم يستطع رد تلك الكرات، ان يستطيع على الأقل فهم ما يحدث وان يكون اكثر استعدادا للكرات القادمة، وربما للفرص القادمة، إن جاءت.

***

صائب خليل

2 تموز 2023

وسائل التواصل المعاصرة التي طغت في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، لها تداعياتها التفاعلية ما بين الناس، وأوجبت عليهم أن يتخاطبوا بأصابعهم، وما عاد للكلام أثر ومعنى ومقبولية عندهم.

فالكلام غثيث والأصابع عليها أن تتكلم، فهي الينابيع المتدفقة بما تكنزه الأعماق، وتتشوق إليه النفوس.

عالم جديد يطاوع أمّارات السوء التي فينا، ولا يهدينا إلى سواء السبيل، لأنه يحولنا إلى صناديق مغلقة تبوح بأصابعها، وقد عُجمت ألسنتها، وأصيبت آذانها بالصمم، فما عادت ترغب بسماع الكلام، وصارت عيونها تسمع، وأصابعها تنطق، فما حاجتها لقربها من بعضها، ما دام التواصل عن بعد ديدنها الأصدق.

بدأت التحذيرات تتردد في المجتمعات المتقدمة من وباء الإنغلاقية والشعور بالإنفرادية، التي ستجعل البشر بلا مهارات إجتماعية وقدرة على التفاعلات، كما تعودت عليها الأجيال قبل وسائل الإتصال.

ومن الواضح أن معالمها تنعكس على المنشورات الإعلامية بأشكالها، وتوجهاتها القاضية لترويج التمترس في الذاتية، والإبتعاد عن النشاطات الإجتماعية الحية، ويبدو أن الأزمة الوبائية الكوفدية قد أسهمت بتعزيز الكمون والإنعزال، والخوف من البشر، لأن البشر قد يقتل البشر بالعدوى الفتاكة التي حصدت الملايين.

فإلى أين تسير الدنيا؟

هل أن الكثرة العددية أوجبت الإحترازات الوقائية؟

هل أن الطاقات اللاواعية في الأعماق تتفاعل للنيل من البشر بتأهيله للقبول بإذكاء الحروب الفتاكة والغير مسبوقة؟

هل أن العدوانية الكامنة فينا تتعتق في دنيانا إستعدادا للإنفجار المروّع؟

إنها تساؤلات، غير أن إرادة الأرض تفرض على الموجودات قوانينها، فهي كائن حي يأبى أن يكون فريسة لوحوش الأجرام الكونية المتصارعة المتأججة.

فهل ستنتصر البشرية على عزلتها الإنسانية؟!!

***

د. صادق السامرائي

لعل أكثر الأسئلة تفاعلاً في العقل العربي هو:

لماذا تناصر الجماهير في العالم الإسلامي الموقف الروسي في تصديه للحملة الغربية الشعواء المتربصة به! والوقوف إلى جانبه ولو معنوياً في التصدي للناتو من خلال الحرب الأوكرانية.

وهل من أسباب ذلك الدفاع الروسي عن "تقاطع القيم الدينية مع بعضها" والوقوف ضد الليبرالية المنفتحة على المجهول وكسر الثوابت العلمية والدينية دون قيود في سياق التمهيد للمليار الذهبي من خلال تنفيذ خطوات مشروع هارب الأمريكي!.

تتأثر رؤية بوتين بمستشاره ألكسندر دوغين ذلك الباحث السياسي الذي اشتهر بـ "عقل بوتن"، والمستشار السياسي والعسكري الذي يحترم الأديان وكتبها السماوية وبخاصة الدين الإسلامي المضطهد على صعيد غربي حيث تتفشى قيم العنصرية، وتتبوأ المثلية مكانتها ضد تماسك الأسرة في الانقلاب على الثوابت والقيم فتنداح دوائرها الشاذة متجاوزة حدود الآخرين تحت حماية القانون.

فبوتين- وللإنصاف- لم يحلل حرق القرآن الكريم كما تفعل السويد، حيث استيقظ المسلمون صباح الأربعاء الماضي، أول أيام عيد الأضحى، على مقطع فيديو يظهر فيه شاب سويدي من أصول عراقية وهو يمزق نسخة من المصحف، ويضرم النار فيها عند مسجد ستوكهولم المركزي، بعد أن منحته الشرطة السويدية تصريحا بتنظيم الاحتجاج إثر قرار رسمي.

لا بل أن بوتين يتعامل مع المثلية من منطلق كونها مرضاً يحتاج لعلاج وليس كجنس ثالث مفروض على المجتمع ليتم نشر القيم المثلية وفرضها على المجتمعات من خلال منظمات المجتمع المدني المشبوهة وضغوطات البنك الدولي على دول العالم، كما يفعل الغرب برمته وعلى رأسه أمريكا..

حيث أعلن جو بايدن مؤخراً في أكبر احتفال شهده البيت الأبيض:

بأن أمريكا “أمّة المِثليين”.

وتعزيزاً لنشر قيم المثلية عالمياً فقد رُفِعَ علمُ الشواذ في تركيا ولبنان بدعم أمريكي فيما تم إرسال 12 مليون دولار لتعليم “الشذوذ” في العراق؟.

واللافت على صعيد المقارنة مع الغرب فإن بوتين يواجه الأزمات الداخلية الراهنة في الاتحاد الروسي بعقلانية، فعلى سبيل المثال كان بوسعه التعامل مع بريغوجين رئيس فاغنر الذي أعلن انقلابه العسكري على بوتين قبل أيام، بالحديد والنار؛ حتى لو أدى ذلك إلى إراقة الدماء الروسية، التي احتقنت من خلال صفقة أمنية بمبادرة من رئيس بلاروسيا بإقاف الانقلاب من قبل فاغنر مقابل التنازل عن الدعوى القضائية المرفوعة ضد بريغوجين والاكتفاء بنفيه إلى بيلاروسيا وذلك بموافقة رئيسها اليكساندر لوكاشينكو.

فبوتين آثر الحل السلمي والتأني في حل الأزمة الطارئة لحساب وحدة الصف الداخلي ومتانة الجبهة في الحرب الأوكرانية عسكرياً.

حصل ذلك خلافاً لما يحدث الآن في فرنسا التي تحولت إلى مسرح للمواجهات الدامية في ظل السماح لرجال الشرطة بقتل كل من لا يمتثل للتنبيهات الصوتية لمرتين ما أدى إلى مقتل الفرنسي من أصول جزائرية، الشاب نائل؛ لذلك فالسلام الآن- بفضل سياسة بوتين المتوازنة- يعمّ الجبهة الروسية الداخلية، بينما فرنسا تحترق بالأزمات الناجمة عن تخبط القرار الفرنسي الذي يجانب العدالة ويمارس الاضطهاد ضد الأقليات العرقية والدينية على نحو ما يجري مع المسلمين رغم انهم يشكلون ما نسبته 6% من سكان فرنسا.

يحدث ذلك بالتزامن مع إطلالة اليمن الأوروبي برأـسه على المشهد حاملاً في جعبته قيمه العنصرية تحت مبدأ "فرنسا أولاً" وعدم التبعية لأمريكا وتفهم الموقف الروسي من هذا المنطلق، ووقف تدفق المهاجرين من الخارج.

أما على صعيد القضية الفلسطينية فبوتين أعلن في أكثر من مناسبة عن مناصرته لحقوق الشعب الفلسطيني.. وهو موقف قد يتقدم عمّا ذهب إليه الرئيس التركي أردوغان الذي يراعي علاقة بلاده المتجددة مع الكيان الإسرائيلي في حدود المصالح العليا، مع إبقاء الدعم للمقاومة الفلسطينية في غزة مفتوحاً رغم إخضاعة للراقبة الأمنية وفق الشروط الإسرائيلية.. فهل نطلب من روسيا ما هو اكثر من موقف تركيا الذي بدوره يتقدمُ مواقفَ دول التطبيع العربي؟

هذا خلافاً لما يقدمه الغرب من دعم مفتوح لتل أبيب التي هي في نظره بريئة كالحمل الوديع؛ لا بل أن ذنبها مغفور لديه إزاء ما تقترف من جرائم بحق الفلسطينيين.. فيما تتم محاسبة كلّ من يحرض على كيان الفصل العنصري الإسرائيلي في الدول الغربية، بموجب قانون "معاداة السامية" مقابل التعامل مع المقاومة الفلسطينية وفق قانون "مقاومة الإرهاب".. وهذا يمثل سياسة الكيل بمكيالين في اسوأ حالاته المشهودة.

ويشهد القاصي والداني بأن روسيا في عهد بوتين صمدت في وجه المشروع الغربي الساعي لتدميرها في عدة محاولات أهمها أحداث عام 2014.. إلى جانب الحرب المشتعلة في أوكرانيا التي اشتعل فتيلها في فبراير 2022 كمدخل استراتيجي غربي بغية تفكيكها وتدمير اقتصادها وضرب الروبيل في الصميم وإثارة الفوضى فيها؛ لكن السحر انقلب على الساحر فاستفحل التضخم في أوروبا الغربية وأمريكا وخير مثال على ذلك ما يحدث في فرنسا من فوضى وتفشٍ للعنصرية وهدر لحقوق الانسان وحرياته الدينية وخاصة الإسلام، وصعود اليمين الأوروبي المؤيد لروسيا من باب السعي نحو الانفصال الاستراتيجي عن أمريكا، ثم تأتي الدعوة الاسكتلندية للاستفتاء حول الانفصال عن المملكة المتحدة، ناهيك عن تعرض الدولار لضربات متلاحقة على العكس مما جرى للروبل الذي ازداد استقراراً، وذلك بقيادةِ روسيا مبادرةِ التعاملِ البينيِّ بالعملة المحلية أو الروبل، من خلال مجموعة بريكس التي ستضم قريباً أهم حلفاء أمريكا في الخليج العربي (السعودية).

وخلاصة الأمر أن هناك من يحرض بيننا على روسيا مجاناً دون أن يتبنى ولو موقفاً محايداً؛ بذريعة أن بوتين يعتبر دكتاتوراً بلا منازع، متناسياً جرائم أمريكا في العراق ودعمها السخي للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وغض البصر الغربي عمّا يحدث هناك بحيث تُجَرُّمُ الضحيةُ من خلال نعت مقاومتها بالإرهاب.. وسعيها الجاد الدؤوب نحو تجاوز الحقوق الفلسطينية من خلال إبرام الاتفاقيات الإبراهيمية وانتهاك حقوق المسلمين في الدول الغربية في ظل قانون"الاسلامفوبيا" الجائر.

ففي عالم يتغير لا يصح إلا الصحيح.. والأحكام تتجلى أكثر في خواتمها.. والمنطق يقضي بوقوف الضجية إلى جانب من يناصر قضاياها ولو نسبياً.. فهل يُدْرَجُ بوتين وفق المقارنات أعلاه ضمن هذا المفهوم! الجواب متروك لكم فللعيون عقول تستضيء بضمائرنا فتنجلي الحقائق أمامها ناصعة.

***

بقلم بكر السباتين

1 يوليو 2023

 

مجتمعاتنا تنتشر فيها سلوكيات عجيبة لا مثيل لها في الدنيا المتحضرة، ومنها إنتفاء الملكية المعنوية والمادية أيضا، خصوصا في دول "كلمن إيدة إلو" كما يقول الأخوة المصريون.

حضر الموضوع وأنا أطالع صرخة لأحد الأساتذة المعروفين، يذكر فيها بأنه صاحب فكرة ما لكنهم عملوا بها وما أشاروا لإسمه.

ذكر لي أحد الزملاء، أنه كان ينشر بإسم مستعار، وكانت أفكاره تتجسد في العديد من المجالات، وما ذكره أحد، وكل مَن يأخذ الفكرة ينسبها لنفسه، وما كان يضيره ذلك، لأنه يهتم بحياة الفكرة، ويرى فيها سعادته ومنتهى بهجته، أما أن تنسب إليه أو لغيره فهذا أمر ليس بالمهم عنده، فغايته أن تحيا الفكرة وتتحقق.

وفي البداية كان يحاول الرد والتشكي، لكنه وجد في ذلك مضيعة للوقت وهدر للطاقات، فما دامت الفكرة تتمتع بالحياة، فهذا هو الهدف من وراء إطلاقها.

وعندما بدأ ينشر بإسمه الصريح، تواصل إغتلاس أفكاره والتعبير عنها، وحتى الأفكار العلمية يتم تبنيها من أشخاص وجهات وتنسبها لنفسها، وتلك حالة سائدة في مجتمعاتنا، علينا أن نقر بها ونتعايش معها ولا نتأثر بها، ونستكين لدوافعها السلبية وتوجهاتها الإحباطية.

أحد الزملاء لديه مشروع تنويري سبّاق لعصره، ويكدح بإظهاره بحلته المتطورة الجذابة المؤثرة الثرية بالمستجدات العلمية، وما يطرحه يتبدد، ويُستولى عليه أحيانا، وتنهال عليه المواقف العدوانية عندما لا يستطيعون سرقة ما ينشره ويدعو إليه بسهولة، فهو موثق بعناية ومهنية عالية.

مجتمعاتنا لا تعترف بالملكية الفكرية، فالكلام مكتوبا أو منطوقا مُلك الهواء، مثلما النفط في بعض المجتمعات كالمطر، مشاعا لا أحد يدّعي ملكيته حتى الوطن.

ويبدو أن شعار "إسرق ..إسرق حتى تملك"، ديدننا في محافلنا الثقافية والعلمية، مع أن السرقة من الكبائر في وعينا الجمعي، لكنها تبدو وسيلة جديرة بالإمتهان، وكأن فينا العديد من قطاع الطرق والصعاليك الذين يعتاشون على جهود الآخرين.

فهل بالسرقات نكون؟!!

وهل أن السرقة من الإيمان؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

ألقى ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند خلال زيارته الى امريكا في 22 من يونيو لعام 2023 خطابا امام الكونجرس الامريكي، اشاد فيه بتطور العلاقة بين بلاده وامريكا.. وقد اسُتقبِلَ مودي بحفاوة من قبل الادارة الامريكية والرئيس الامريكي بايدن واعضاء مجلس النواب الامريكي. وكان هدف الزيارة كما يبدو من الطريقة التي تم بها استقبال رئيس الوزراء الهندي؛ تعميق التحالف بين امريكا والهند واستراليا واليابان، وايضا نقل الانشطة الصناعية (سلاسل الانتاج..) للشركات الامريكية من الصين الى الهند. والاهم هنا هي الاتفاقيات حول المتعلقة بمحركات الطائرات المقاتلة، برنامج مشترك امريكي هندي في صناعة محركات الطائرات الامريكية المقاتلة، وهو مشروح طموح ومغري في ذات الوقت للهند، وايضا اشباه الموصلات، واتفاقية لشراء الهند لمسيرات امريكية عالية الدقة. المسؤولون الامريكيون قالوا عن هذا التحالف هو انه او الغرض منه هو السلام والاستقرار في المحيطين الهندي والهاديء. لكن الحقيقة هو محاصرة الصين هذا اولا وثانيا هو سحب الهند الى جانبها في مواجهة ليس الصين فقط بل روسيا ايضا. الهند تلعب على هذه التناقضات والتقاطعات بين امريكا والثنائي الروسي والصيني في استثمار نتائجها بأكبر قدر ممكن لها. الهند ليس  من مصلحتها الاستراتيجية الاصطفاف مع امريكا في مواجهة الثنائي الروسي والصيني وبالذات الروسي. لكنها في الجانب الثاني لا تلعب في هذا الميدان باستخدام كرة واحدة، بل انها تستخدم عدة كرات في وقت واحد؛ تنزل الى الساحة المعنية بذاتها بالكرة الملائمة لهذه الساحة؛ لكي تجني الفوائد الجمة من ممارسة هذه اللعبة. إنما تأخذ في حساباتها هذه ان لا تبتعد كثيرا او بمساحة كبيرة عن الثنائي الروسي والصيني وبالذات او بالتحديد الحصري، روسيا. هنا من المهم ان ندرك ان الهند تعتمد على روسيا في تقوية وتحديث جيشها بالسلاح الروسي المتطور وفي توطين صناعة هذا السلاح في علاقة استمرت لعقود طويلة الى الوقت الحاضر؛ الذي انتج قاعدة بشرية علمية وهندسة وعسكرية تعاملت لعقود مع السلاح الروسي، وكذلك مشاريع عديدة في توطين صناعة البعض منه على الارض الهندية. كما ان كلا من الهند والصين عضوان فاعلان في منظمة البريكس التي تفرض على الاعضاء فيها التزامات في حقلي التجارة والمال والاعمال، والهند ليس من مصلحتها  التقليل من قوة وجودها وشراكاتها من الدول الاعضاء في هذه المنظمة التي تعلب الصين دورا محورا واساسيا في هذه المنظمة. كما ان هناك حوار وتفاوض مستمر في تصفية الخلاف الحدودي بين الصين والهند؛ والذي هو من مصلحة الصين والهند معا في تصفيته؛ كلا الدولتين تدركان هذا وتعملان عليه. هناك صفحة اخرى في التفكير الهندي؛ ان الهند بالإضافة الى انها تتبع مصالحها وليس اي شيء اخر غير المصالح، لا تريد او لا تخطط ان تتبع اي دولة مهما كانت قوتها؛ تريد ان تكون ولو مستقبلا قطبا قائما بذاته في عالم متعدد الاقطاب المرتقب. كما انها تريد او انها تطمح ان تكون مستقبلا عضوا دائما في مجلس الامن الدولي. في هذا الاتجاه او في هذا الطموح الهندي، واثناء استقبال الرئيس الامريكي بايدن لنظيره الهندي، صرح الاول؛ ان امريكا تدعم ان تكون الهند عضوا دائما في مجلس الامن الدولي، وهو جزء من المحاولة الامريكية لسحب الهند من الشراكات مع الثنائي الصيني الروسي. إنما كل هذا لا اعتقد انه سوف يغير من مواقف الهند التي تأخذ تماما مصالحها الاستراتيجية على محامل الجد والانتاج على طريق استقلال القرار السياسي والاقتصادي وما إليهما؛ للاتجاهات التي تريد ها و انها أي امريكا تسعى لها في محاولتها المستميتة؛ لأبعاد الهند عن الثنائي الروسي والصيني. ان هذا لا يلغي او يقلل من استمرار الدولتين على هذا الطريق في تكتيكات استراتيجية متقابلة؛ لأن فيهما  مصالح متقابلة في مواصلة هذه الشراكة وتنميتها..

***

مزهر جبر الساعدي

يُقال في اللغة: تحرىٰ الحقيقة يعني أزال عنها الحجاب الذي يغطيها فأصبحت ظاهرةوالحجاب هنا يعني مايُقيد العقل عن إدراكها ومايمنع البصر عن رؤيتها، ‏ ويُقال أيضاً مَلك فُلان حُريته بمعنى أنه رُفع عنها القيد فبان أثرها سَرَحاً بعد أن كانت ساكنة، والسَرَحُ في اللغة هي الحركة غير المقيدة لذلك دائما ما ترتبط هذه المفردة ارتكازا بمفردة مَرَحَ فتجد المفردتين متلازمتين _يسرحُ ويمرحُ_ والمرحُ هنا يمثل نتيجة لحالة السَرَحْ وهي بهجة النفس بامتلاك حريتها ويقال للسجين وهو الممنوع من حريته.

اطلق سراحه بمعنى أنه رُفعت عنه القيود، وللجندي المكلف بخدمة الزامية عند إتمام ماعليه من المدة بأنه قد تَسَرح منالخدمة العسكرية.

والخدمة هنا تعبر عن الخضوع للقوانين المانعة من الحرية، ومن هو أكثر خضوعا من الخادم؟ هذا كله في إطار أصل فكرة الحرية.

وبعد ذلك هل من الواقعية أو من العقلانية أن ترفع القيد عن الغزال في منطقة الاسود أو أن تُفلت يد الصغير عند عبورك الشارع أو أن تسمح لصبي. أن يرمي بنفسه في البحر وهو لم يتعلم السباحة !؟ أو أن تسمح لمن يمتلك سيارة لايجيد قيادتها بأن يعرض حياة الناس للخطر بذريعة أنه يمتلك هذه السيارة ويمتلك أيضا الحرية في قيادتها !!؟

الحرية عنوان فضفاض يحتاج إلى تقنين

بعد أن يتعلم ابنك السباحة ولايُخاف عليه من الغرق وقد يسبق ذلك اعتماده على طوف أو عوامة، عند ذلك فإنه لامانع من أن يرمي بنفسه في البحر ليمارس حقه في السباحة أو أن تطلق الغزال في محمية للغزلان.

أن الحرية غير المشروطة تعادل الانتحار للنفس والأضرار بالمجتمع فهي بدون ضمانات في إحداث الضرر العام والخاص لذلك ترىٰ في كثير من الأنظمة يطبق إطلاق السراح المشروط للسجناء. وهو يمثل اختبارا للتأكد بأن هذا الذي سيمتلك حريته سيستخدمها بشكل صحيح، من هنا فإن تعريفا مبسطا للحرية سيكون مهما وضروريا.

تعريف الحرية

اختلف الناس على مر العصور على وضع تعريف متفق عليه لمفهوم الحرية انا شخصيا لا أرى أنه بالإمكان الاتفاق واقعيا على تعريف الحرية الا بمقدار التقاء الدوافع لمن يضع تعريفا لهذا المفهوم وذلك بحكم اختلاف البيئة الاجتماعية سياسياوعقائديا ولكن بالإمكان وضع توصيف عام يتعلق بأصل واقعية امتلاك الفرد لحريته في فعل مايريد فليس هناك أحد ممنوع من فعل مايريد بصرف النظر عن مايترتب على ذلك الفعل بمقدار تقاطعه مع المحدد الديني والسياسي والعرفي والقانوني، فقد يعاقب بالقانون أو يوبخ بالعرف أو يُتَوعد بالدين أو يُسَقَط سياسيا ولكنه لن يكون ممنوعا في أصل إمكانية الفعل الحر لذلك فإنه هنا سيكون ممنوعا بالوعيد وليس ممنوعا بالقَسر ...

الإيمان والكفر مثالا

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم﴾ لاحظ الدقة في الوصف القرآني لمفهوم الحرية وتقنين استخدامها بما لايحيد عن الصواب بما يسبب ضررا للنفس، فبعد أن يُثبِت الله امتلاك الإنسان لحريته في الإيمان أو عدم الإيمان واقعيا بمعنى أنه قادر فعلا على أن يؤمن أو يكفر، وهذا ماهو حاصل في الواقع العملي الذي نعيشه يوميا في الصراع بين جهتي الإيمان والكفر فأنه تعالى يذهب إلى شرح عواقب الاستخدام الخاطئ لهذا الحق الواقعي بما يحقق مصلحة ويبعد ضررا عن المخاطَب عندما يُثَبت قاعدة أخرى هي أنه قد تبين الرشد من الغي في إشارة إلى كمال العقل في التفريق بين الرشد والغي مما يحمل هذا العقل مسؤولية الاختيار عندما يقول سبحانه ﴿فمن يكفر بالطاغوت فقد استمسك بالعروة الوثقىٰ لا انفصام لها﴾ وهذا يعني أنه من يكفر بعدأن تبين له الرشد من الغي، اذن نحن هنا أمام حقيقة تعريف مُفَصل للحرية وهو - أن الإنسان حر في خياراته وهو مسؤول عن خياراته - على أن هذاالتعريف يمكن إسقاطه على مختلف مراتب الحريةالفردية والجماعية وهو يصلح أن يكون قاعدة صالحة للتطبيق بصرف النظر عن شكل البيئة الاجتماعية.

***

فاضل الجاروش

 

لا أدري لماذا حضر السؤال بغتة في رأسي، هل أنها الآية التي تقول: "والشعراء يتبعهم الغاوون"؟

لا أعرف الجواب، لكننا ما عرفنا شاعرا متدينا، فالدين ربما لا يتوافق مع الشعر، والعديد من الشعراء قبل الإسلام عندما أسلموا توقفوا عن الشعر، وكأن الشعر عدو الدين والعكس صحيح.

لكن حسان بن ثابت صحابي وشاعر الرسول، والناطق الإعلامي بإسم الدين أمام القبائل الوافدة، ويدحض تخرصات المشركين.

وعندما نعود إلى معظم الشعراء البارزين، الذين ترددت أسماؤهم على مسامع الأجيال، وما نالت منهم الدهور، نكتشف أنهم لم يكونوا متدينين، والخمر ديدنهم والحسناوات تتوطن قصائدهم.

فهل أن الشعراء بلا دين؟

أم أن الشعر بجوهره كالدين؟

كعب بن زهير قال ما قال وقصيدته البردة لا تزال حية عبر العصور.

أبو نؤاس يلصقون به تهمة المجون، ولديه قصائد دينية عميقة التعبير.

هل أن الشاعر يبلغ مرتبة الحكمة، فيقترب من الدين؟

جمهرة من الشعراء قصائدهم يختلط فيها الدين، مثلما يتصورونه ويعبّرون عنه بقدراتهم ومواهبهم، إنه شعر ويتلذذ بترديده المتدينون، ويشيرون إليه في جلساتهم.

والكثير من أشعار ما قبل الإسلام فيها نفحات دينية ورؤى كونية مطلقة،  تقترب من بعض ما جاء بالقرآن.

ترى هل يوجد شعراء في فترة حكم الخلفاء الراشدين؟

أم أنهم برزوا في العصرين الأموي والعباسي؟

أسئلة لم أجد أجوبتها، ولم أعثر على مَن بحث في هذا الشأن، أو كتب عن علاقة الشعراء بالدين، وآليات التفاعل ما بين الشعر والدين.

قد بقول قائلٌ ما يقول، وأتمنى أن أعرف، وأقرأ أجوبة ذات أدلة وافية!!

و"مَن قال أنا عالم فهو جاهل"!!

***

د. صادق السامرائي

الأكاذيب والمتناقضات التي تم بموجبها تمرير مسلسل فاغنر لا يمكن تصديقها لأن روسيا يقودها رجل قوي وهو الرئيس فلاديمير بوتين، ولديها أقوى جيوش العالم وبالتالي فإن من الصعب انقلاب شركة عسكرية خاصة عليها،  وإطلاق قائده ايفجيني بريغوجين سلسلة التهديدات حتى بالوصول إلى موسكو، وأعلان السيطرة على مقر القيادة في روستوف ومراكز عسكرية في مدن أخرى.

 أن فكرة الانقلاب داخل روسيا ليس سهلاً ومن الصعب تحقيقه في هذه الظروف، خاصة أن بوتين رجل قوي، ولديه نموذج معقد يجعل من فكرة الانقلاب عليه فكرة غير واقعية ولا يمكن عبوره  دون أن يقضي عليهم ولم يكن من الواضح ما هي الموارد التي يمكن لبريغوجين الاستفادة منها فيتمرده وتقول الانباء انه' عثرت الشرطة التي فتشت مكتب هذه القوات في سانت بطرسبرغ  وسيطرت على 4 مليارات روبل (48 مليون دولار) في شاحنات خارج المبنى، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الروسية التي أكدها رئيس شركة فاغنر' إن الأموال كانت مخصصة لدفع رواتب عائلات جنوده 'ولا تزال هناك تكهنات بشأن وجود صفقة رسمية يراد منها تصفية العناصر التي لايراد منها البقاء في القوات المسلحة الروسية او يشك في امر ولائها للقيادة الروسية ولم يكن اخراجهم والتحقيق معهم من الصعب بالطرق التقليدية،خاصة بعد أن أعلن الكرملين مغادرة قائد المجموعة إلى بيلاروس، ووقف الدعوى الجنائية المرفوعة ضده في موسكو، وعدم ملاحقة عناصر المجموعة الذين شاركوا في التمرد المسلح ويعتقد البعض بانها كانت  لحظة عصيبة في تاريخ روسيا وكادت ان تنجح في دخول موسكو لوجود دعم لهذا التمرد من أفراد في جهاز الأمن الروسي ولكن وساطة من رئيس بيلاروسيا دفعته ليأمر قواته بالتراجع وعدم اقتحام موسكو والحقيقة انها كانت فبركة معدة وادوار ممثليها باتت واضحة وموزعة ولن تطوي على احد والتي خان التوفيق اصحاب هذا السيناريو عند كتابته ودارت احداثه بين روسيا وبيلاروسيا التي تتحمل مسؤولية احتضانها واوكرانيا ، وما تزال الروايات عنه تتوالي بعد ان اصاب الخرس التام قائد هذا التنظيم الارهابي المسلح ' قائد مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين' والذي ارادوا له ان يختبئ فيه مؤقتا وحتي اشعار آخر، وعما سوف يكون عليه دوره الجديد في لعبة اعادة توزيع الادوار بين روسيا وحليفتها المقربة بيلاروسيا ورئيسها كلاشينكو .

 أصبحنا نسمع الشئ ونقيضه في نفس الوقت مع تصريحات متضاربة من قبل أعلى دوائر اتخاذ القرار في موسكو ومينسك.. وهو ما دفع بولندا وغيرها من دول الجوار إلى التعبير عن مخاوفها وقلقها مما يجري على حدودها مع بيلاروسيا والذي يمكن ان يكون لقائد مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية المسلحة بخططه الجديدة دور مهم فيه... ومثل هذه المخاوف الامنية لا بد وان تكون لها أسبابها ودواعيها وشواهدها، ولا يمكن ان تأتي من توهم او فراغ... الإخراج المتخبط لمسرحية قوات فاغنر وتمردها المسلح والسؤال الذي اخذ يتداول بين الناس هو ما الزوم لكل هذا الذي خمد وانتهي بنفس السرعة التي حدث بها دون أن يحقق شيئا من أهدافه التي بدأ بها الإعلان عن نفسه وفاجأ به العالم لفرط جرأته , شدة تهوره وظهر به وكأنه فوق الدولة وقواتها المسلحة وأنه هو من يعرف مصلحة الشعب الروسي أكثر منهم ؟ ولماذا لم يتفقوا على رواية واحدة في موسكو ومينسك لخرجون بها على العالم أكثر حبكة ومنطقية واكثر مصداقية وقبولا دوليا عاما لها من هذا الذي جرى وما يزال يجري واصبح مدعاة للسخرية َوالتندر، أو للدهشة والاستغراب في احسن الاحوال  لان التساؤل المثار في كل مكان في العالم هو:  أين الحقيقة في كل ما يتحدثون عنه ويطلبون من تصديقه ومجاراتهم فيه؟ والذي لا غبار عليه هو اننا امام احد اخطر التنظيمات الارهابية المسلحة في العالم والمدعومة سرا وعلنا بقوة الدولة الكبرى التي أخذت بالحديث عن المخاطر القادمة لهذه القوة والتي تنتمي اليها وهي روسيا، ولهذه الجماعة المسلحة التي تحمل اسم فاغنر للتمويه وصرف الأنظار عن الهدف الحقيقي من وجودها،لها انشطة سرية كثيرة بعيدة عن الأضواء في العديد من المناطق والقارات، وهي اشبه بجبل الجليد العائم يخفي من المعالم ما هو أكبر بكثير مما يظهره، ولهذا كان كل هذا الارتباك والتخبط في مرحلة تغيير القيادات وإعادة توزيع الأدوار، وتغيير الخطط والوسائل والاستراتيجيات ومراكزالنشاط...شغلوا العالم وما يزالوا بما لم يكن يستحق ان يشغلوه به.. أما عن الهدف من اخراج  ما جري بهذا الشكل الغريب وغيرالمفهوم، فيظل سره عندهم وحدهم، فهم من خططوا ونفذوا وهم من اداروا المشهد بطريقتهم الملتوية منذ بدايته وحتى الآن.

***

عبد الخالق الفلاح

 

الحادثة التي وقعت أمام مسجد ستوكهولم بالسويد والتي تمثلت في حرق كتاب الله (المصحف) اشعلت نار الغضب لدى مئات المسلمين واثارت جدلا كبيرا، لاسيما والحادثة تزامنت مع احتفال المسلمين بعيد الأضحى المبارك، مع إدانات عربية أعربت عنها الهيئات الدينية الرسمية، فهي تعد جريمة يعاقب عليها القانون لأنها تعدّ سلوكا متطرفا، ولا يمكن تقبلها مهما كانت الأسباب والمبررات، بعض المصادر الأوروبية ربطت العملية بالتطرف في ظل ما يحدث في الساحة من إرهاب وتحت أسماء عديدة كالإسلاموفوبيا، هذه الحادثة تعدّ اعتداءً على المقدسات وإهانة للأديان، وبالتالي ما كان على الشرطة السويدية إلا أن تمنع الذي قام بحرق كتاب الله ولا تقف موقف المتفرج، وإن كان الفاعل عربيا وقد تبرأ من دينه وأعلن إلحاده، إلا أن الظاهرة ليست بالجديدة، فقد أشارت تقارير أن هذه الجريمة سبقتها جرائم حين أقدم زعيم حزب الخط المتشدد الدانماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان على حرق نسخة من المصحف قرب السفارة التركية في ستوكهولم، مما أثار احتجاجات عربية وإسلامية، واتخذت خلالها إجراءات دعت إلى مقاطعة المنتجات السويدية.

الغريب في المسألة أن السلطات السويدية سمحت للفاعل بحرق المصحف ومنحته كل الحرية لانتهاك حرمة الأديان، والسؤال ماذا لو كان مسلما اعتدى على كنيسة من الكنائس السويدية؟، ماذا سيكون موقف السلطات السويدية؟، فالمسيحية في السويد هي الدين الرئيسي، فأغلب سكانها مسيحيون وبعضهم لادينيون، إلا أنها تعيش صراع أديان، فقد عاشت هذه المملكة حالات عنف حين قام أحد السويديين في سنة 2016 بحرق مدرسة إسلامية بدافع عنصري ديني، ووقبلها وقعت أحداث أخرى تتعلق بحرق مساجد، في السويد وعلى غرار البلدان التي لا تدين بالإسلام وترى الإسلام دين عنف وتطرف تحدث فيها كثير من الاعتداءات ضد المسلمين وانتهاك حرماتهم، وقد سبق وأن خاضت السويد حربا ضد الحجاب مثلما حدث ويحدث في فرنسا التي ما فتئت تلاحق المسلمات وبخاصة الطالبات وإجبارهن عن نزع الحجاب خاصة داخل مدارسها، ظنا منها أن لبس الحجاب تعدي عليها وكثيرا ما تضغط على أولياء المسلمات للتوقيع على وثيقة خلع الحجاب للسماح لهن بالتمدرس، هي سلوكات تشبه النازية بسبب التعصب الديني، بدلا من التعايش بين الأديان والشعوب والتسامح فيما بينهم، لاسيما والسويد كانت ولا تزال بلد مستقبِل للجالية المسلمة التي مزقتها الحروب.

وإن كان صمت الحكومة السويدية يعتبر خرقا للقوانين والمعاهدات الدولية للسلام، على الأنظمة العربية أن يكون لها رد فعل، لكن كلامٌ لابد من قوله، ماذا عن المسلمين الذين يسبون الله؟ ويعتدون على حرمة المساجد؟ فكثيرا من المسلمين يسبّون الله ومن يسب الله لا فرق بينه وبين من يحرق كتاب الله، فكم من المرات نقف على حالات كهذه، مسلمون يسبون الله في الشارع وأمام مرأى المواطنين والأمن، وينتهكون كرامة بيوت الله ويستهزئون بالقرآن دون أن يحرك المسلمون ساكنا، ومثل هذه السلوكات صدرت عنها فتاوى كثيرة، إذ اعتبرها الفقهاء وبالإجماع ناقضا من نواقض الإسلام وأن من يسبُّ الله يعتبر كافرا مرتدا عن دين الله، وقيل أنه وجب هجر كل من يسبّ الدين من المسلمين، كما يجب على الحكومة التي تقع فيها مثل هذه السلوكات أن تتخذ إجراءاتها ضد الفاعل ولا ينبغي التساهل معه، فعجبا إذن لمن يدافعون عن الإسلام ولا يطبقون تعاليمه ومبادئه، يكذبون، ويسرقون ويشهدون بالزور، يغشون في البضاعة وفي الميزان، يقذفون في المحصنات، يشربون الخمر ويأتون الموبقات ويرتكبون أبشع الجرائم في حق ابناء جلدتهم وفي حق الإنسانية، انتشر العنف وتفاقمت الجريمة في بلاد المسلمين، لم يعد المرء يمشي في أمان خشية من تعرضه للاعتداء أو السرقة، حتى الأنظمة العربية انتهكت حرمة الدين الإسلامي واعتدت على حرمة المساجد،  فأين هو الإسلام في أرض المسلمين ؟ وهل نحن مجتمع مسلم؟.

***

علجية عيش

 

لا يمكن لاي نظام حكم ان يصمد طويلا، وتاريخ العراق السياسي خير دليل، على التغيرات وحصول الانقلابات الدموية والتي تسمى ثورات مع انها اغلبها تقوم بها عصابات تتسلق الحكم كما فعلتها عصابة عفلق، وبقية عقود طويلة تسميها ثورة، ووضعتها في المناهج الدراسية كي تحفظ الاجيال تلك الكذبة وتصبح حقيقة ملقنة، نعم لا يمكن الثبات لأي نظام، فالعواصف السياسية بانتظاره، والشكل السياسي الحالي مهما طال عمره سياتي يوم ويتغير، وهذه حالة اجتماعية لا مفر منها، خصوصا مع عدم تحقق احلام الجماهير وارجاع حقوقهم البسيطة مثل العمل والسكن والتعليم والصحة.

لذلك تتخذ عمليات التحول السياسي صبغة اجتماعية وصورة ثقافية، فمن ملازمات التغيير مؤكد يكون بثقافة مختلفة عن ما سبق.

من الملكية الى الجمهورية ثم الديمقراطية

بعد الحرب العالمية الثانية دخلت البلدان العربية في دوامة الانقلابات، ادى ذلك الى سيطرة أفراد وعوائل على الحكم في الكثير من البلدان العربية، فأعادت البلدان العربية استنساخ نفسها، بعد عقود من النظم الملكية التي ولدت بعد الحرب العالمية الأولى، فكانت مرحلة الانتقال من الملكية الى الجمهورية، والتي انتجت بالحقيقة دكتاتوريات قمعية.

وبعد ان استقرت البلدان بحكم الجمهوريات الدكتاتورية عندها سعى الحكام الى توريث الحكم، لابائهم وهو ما يتناقض تماما مع الشعارات الثورية التي قامت بها انضمتهم، وهو كما نراه تكريس لحالة ذوبان الدولة في شخص واحد، ويربط مصير البلد ومستقبله بالحاكم المطلق!

لذلك حصل الزلزال العربي ضد التوريث لتشهد ولادة الجيل الثالث لتلك الدول حيث الانتقال للشكل الجديد وهو الديمقراطية المسخ، كما حصل في العراق ومصر والسودان وليبيا وتونس، وفشل المشروع في سوريا وبقيت على وضعها، مع شراسة الهجمة الكونية عليها بغية تحويلها للديمقراطية المسخ.

منذ الستينات وبناء الدولة العربية

منذ أن قامت عصابة عفلق بانقلابها الدموي، وسيطرت على الحكم في العراق، وهي تسعى لبناء دولة عربية قوية، الدولة القومية كما فعله هتلر المثال الاميز للعفالقة، وقد غلب عليها الطابع الأمني، لاحساسهم بخطر الأصوات المعارضة لنهجهم من اليوم الأول لانقلابهم على النظام في بغداد، حيث كان الاهم عندهم اولا الخلاص من كل الأحزاب المنافسة، ليتحول البلد الى بلد الحزب الواحد، ثم القضاء على القيادات القوية ليصبح البلد بقيادة واحدة، كانت خطوات معد لها مسبقا، وقد مارست حكومة الحزب الاوحد سياسة القمع المفرط بحق الشعب وبحق المعارضين، ووضعت خطوط حمر لا يجوز تجاوزها في كل مجالات الحياة حتى الثقافة والفن والغناء،

ومنعت اي نشاط لمنظمات المجتمع المدني، وحلت اغلب الهيئات المجتمعية، والغت جمعيات حقوق الانسان، وأعلنت أنها منفتحة امام اي مشروع مدني، لكنها وضعت عراقيل وشروط صعبة امام اي جهد، مع ممارسة الجهد الامني في ملاحقة اي مشروع، والتهم حاضر مثل محاولة الانقلاب على الثورة.

وكان احد اهم اساليب حكومة الحزب الواحد انها مارست الإقصاء ازاء التشكيلات الثقافية والحزبية الاخرى التي تتعارض مع نهجها التعسفي القمعي، كل هذا يحصل في مجتمع يعاني من اشكال متنوع للتخلف، كحالة قائمة.

فشل بناء الدولة القوية

ومن هنا نبين اننا منذ اكثر من ستون عاما ولم يستطع كل من وصل للحكم من اقامة الدولة العربية القومية القوية رغم استعمالهم أبشع الاساليب القهرية ضد المعارضين والجماهير.

فالدولة الأمنية الطاغوتية هي دولة منغلقة على نفسها، ودوما هكذا نظم استبدادية تحيط نفسها بأوهام المؤامرة، فيختلقون أعداء وهميين ويصبون جام غضبهم على تلك الجيوش الوهمية والمؤامرات الخسيسة التي تعشعش في مخيلتهم فقط، ويطرب عليها جمهورهم الغارق بالجهل، وينشرون الرعب داخل الدولة ضد اي صوت يرفض افكارهم او يعتنق أفكار اخرى.

وهكذا فعل نظام صدام حيث جعل من حزب الدعوة بعبعا يهدد نظامه، بتهمة الانتماء لحزب الدعوة قام بإعدام الآلاف، وهجر الاف اخرى، وان استمرار بقاء فرضية المؤامرة يعني استمرار بقاء وجودهم العفن.

اختفاء السوط الأمني

الجيل الثالث لشكل البلدان العربية كان من دون السوط الامني، حيث ان التحول الى النظام الديمقراطي قد شهد انهيار للانظمة الامنية، منظومات امنية كاملة اختفت من العراق وليبيا والسودان وغيرها وكان اثر ذلك كبيرا على تلك المجتمعات، حيث شهدت تلك المجتمعات عقود من مصادرة الحريات، والقمع الأمني المفرط، والفزع من غضب رجال السلطة، وتجنب الحديث عن السياسة لأنه ممر سريع للتهلكة، فكان الإنسان يعيش حالة من الهلع والخوف مع تردد كبير، التشخيص الأولي يثبت أن الأمراض النفسية مستحكمة بتلك المجتمعات المضطهدة.

فكلما طال زمان الارتباك الأمني طال امد البناء، ودخلت البلاد مرحلة الفوضى، لذلك المرحلة الجديد بامس الحاجة للاستقرار الامني، الانسان يطلب الامان، فهو احد عوامل سعادة المجتمعات.

فإذا توفر الأمن امكن تحقيق كل الاصلاحات المطلوبة، ويكون الطريق لبناء دول قوية ممهدا، لذلك على الساسة الاهتمام الشديد بالمنظومة الامنية وابعادها عن الحزبية والفئوية والطائفية.

***

الكاتب: اسعد عبدالله عبدعلي

في المثقف اليوم