صحيفة المثقف

الترفع والرفعة.. مع الأديب ندرة اليازجي

علجية عيشالمتتبع لكتابات الأديب السوري ندرة اليازجي يقف على المستوى الراقي وهو يتناول قضايا الأمة العربية، وما بلغته من انحدار، حيث باتت تعيش في حضارة البؤس، واليازجي ليس أديب فقط، بل فيلسوف أيضا، يرى الدنيا ألعوبة، فقد عالج اليازجي كل أنواع الأمراض الإجتماعية والفكرية التي مسخت الإنسان فجعلته كالدمى تحركها أيدي العبث الفكري والثقافي، وقدم عدة أسباب لضياع الإنسان، فنجده في بحوثه يتحدث عن الفردية والشخصية، إذ يقول: إن الفردية تتكبر لأنها في إطار الإنفعال بالعناصر الوهمية، أما الشخصية الحقيقية فهي لا تتكبر لأنها تحاكم وتعقل دون أن تنفعل، فهي لا تغير مواقفها بل تعدل ذاتها باستمرار، وعليه فالترفع يشير إلى الرفعة والتسامي والعفة، أما الكبرياء فهو انفعال يطيح بالمرء الذي تسيطر عليه عقدة النقص، والكبرياء عند اليازجي يقوم على عنصرين أساسيين هما: الخيال الجامح و الإنفعال.

فالمتكبر يتفاخر على غيره حتى كان يتصف بصفاته، ونجده يتفاخر على الإنسان الآدمي، ذلك الإنسان المتكامل بصفاته الخُلقية، المنسجم في كيانه، المتواضع في إنسانيته، العميق في تفكيره، المتعالي في عزته وكرامته والطيب في صميمه، أما المترفع فنجده يترفع عن أفكار ونوايا الكاذب والمخادع والأناني دون أن يتكبر عليه، وهكذا يتمثل سلوك المترفع في مظهرين أساسيين ذكرهما اليازجي وهما: محبة الآخرين التي تمده بقوة تسمح له بمساعدتهم والتعاطف معهم والعمل على تقويمهم والنهوض بهم دون مقابل، والسّعي إلى إعادتهم إلى جوهرهم الإنساني، كما تسمح له أن يتألم من أجلهم ألما إيجابيا، ويضرب اليازجي المثل بغاندي الذي استطاع أن بترفعه أـن يحرر عشرات الملايين من المنبوذين في المجتمع الهندي، لم يكن غاندي متكبرا، بل كان مترفعا، رفيعا، ساميا، محبا، متفتح القلب والعقل لا طائفيا ولا طبقيا، يحقق إنسانيته في تفاعله مع الآخر، لقد حرك غاندي قلوب الهندوس بحبه لهم، وزرع المحبة في صدورهم وعلّمهم الترفع، علمهم الحُبّ لأنه أحب ويحب، وحبه رفعه إلى الترفع فكان حرًّا في أعماقه.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم