صحيفة المثقف

كيف يواجه المُثَقَّفُ الإرهاب الفكري؟

علجية عيشسؤال يتبادر إلى الذهن، هل هي نهاية المثقف؟ على رأي ميشال فوكو وغيره من الذين تحدثوا عن النهاية، نهاية الحداثة ونهاية الإيدلولوجية، ونهاية اليوتوبيا، ونهاية التاريخ، واليوم يتحدثون عن نهاية المثقف، إن مشكلة المثقف هي في أفكارة ورؤيته للأشياء، وأزمته تكمن في نخبويته كما يرى علي حرب في واقع يتسم بالتغير والتجديد، في عالم تقلبت فيه الحقائق إلى أضدادها، أصبح فيه لمثقف مستهلك لكل ما هو جاهز

استطاعت الثقافة الغربية أن تنشر جذورها في الأمة العربية، ولذا أصبح الاستقلال الثقافي ضرورة ملحة من أجل التخلص من السيطرة الأجنبية، وتحقيق الاستقلال الثقافي، لا يعني كراهية الثقافات الأجنبية، قطع العلائق مع الثقافات الأخرى، إنما يعني تنظيم ثقافة البلاد وتوجيهها حسب ما تقتضيه مصالح الأمة، ولنستمع إلى (أمادو هامباتي بل) الذي يقول: " من مميزات المثقف الأساسية استعداداه لسماع الرأي الآخر واحترامه لرغبته في التوصل لتفاهم متبادل عن طريق الحوار وكراهيته للتعصب، وانفتاحه على الفهم العالمي، فهو يمثل ثقافة مجتمعه ويستلهم أحلام قومه وآمالهم، وفي نفس الوقت يعمل على تجاوزها أو تغييرها إن أصابها خلل، فالأحداث التي جعلت المثقف في مفترق الطرق كثيرة، ووقع ما يسمى بالانشقاق الذاتي للمثقف، لأنه يعيش في تموجات ضبابية أمام التعدد الإيديولوجي، وظهور دعوات جديدة طغى عليها الشعور القبلي والطائفي على الشعور الوطني.

الصراع اليوم لم يعد بين الشرق والغرب كما يعتقد البعض، وإنما هو صراع بين المنقسمين ثقافيا إلى المفرنس والمعرب، بين التقليدي والحداثي، بين الأصولي والتنويري، وتحاول كل جماعة أن تلبس ثوب الرجعية للجماعة المخالفة وتنعتها بالتزمت، والتعصب والتخلف، وهنا وقع التضاد، بحيث نجد من المثقفين ينتقدون أنفسهم، ويطالبون من يخالفهم الرأي والفكر بالقيام بأدوار فعلية ومواقف صريحة في القضايا التي يطرحها الواقع المتغير، وقد وصف أحدهم النخبة بالظل التابع، وهو ما أشار إليه الباحث الجزائري بشير مفتي حيث قال: إن ما ينقصنا في الجزائر ليس وجود مثقفين وإنما إنتلجنسيا، بمعنى نخب متحركة (متحررة) لا تعمل ضمن أطر حزبية أو تابعة للسلطة، أو جماعات الضغط أو عصب سياسوية، وإنما متمكنة من معرفتها ومتمسكة باستقلال خطابها.

لقد وقع المثقف رهينة لمن يديرون سيرك الأحداث، وبناء على ذلك لا يمكن بناء الديمقراطية في مجتمع جاهل متخلف، أو مجتمع تسيره المادة وتسيطر عليه الأنظمة الفاسدة وتتحكم في قراراته ومصيره، مجتمع مثقفيه يفتقرون إلى فكر يحرر مجتمعهم من نير التبعية، فلا هم أفادوا المجتمع بأفكارهم وتجاربهم ولا استفادوا من تجارب الآخر الذي يسرقون إنجازاته وينسبونها لأنفسهم ، مثلما نقرأ اليوم عن السرقات العلمية والسرقات الفكرية والأدبية، وطبعها في كتاب، إن مشكلة المثقف كما يرى علي حرب هي في أفكارة ورؤيته للأشياء، وأزمته تكمن في نخبويته، في واقع يتسم بالتغير والتجديد، هذا المثقف أصبح مستهلك لكل ماهو جاهز، وأخفق في الإنخراط في حداثة ملموسة لا تتخارج مع زمن مجتمعه باسم التبعية لزمن الآخر الغربي، وهو ما جعله ينعزل عن فعل التغيير الحقيقي ومن ثم عن فعل الحرية، وقد وصف أحدهم النخبة بالظل التابع، حيث وقع رهينة لمن يديرون سيرك الأحداث، ولذا وجب على المثقف اليوم أن يواجه الإرهاب الفكري.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم