صحيفة المثقف

دولة العراق بيد من الآن؟ .. دراسة استطلاعية

قاسم حسين صالحمن عادتي انني استطلع الرأي في تناولنا لقضية سياسية او اجتماعية مهمة او خطيرة، لغرضين، الأول:ان تصاغ بدراسة موضوعية بعيدة عن تحيزات الباحث لتقدم نصيحة لمتخذي القرار وفائدة علمية للكتّاب والمثقفين، والثاني .. توثيق ما يحدث للتاريخ والأجيال.

وبغض النظر ما اذا كان العراق يمتلك الآن مقومات الدولة (السيادة، الأمن، المساواة امام القانون، الاستثمار الأمثل لموارد وثروات الوطن، العدل بمفهوميه الاسلامي والحديث، أو ان فيه دولتان .. رسمية معلنة وعميقة خفية) .. فأننا توجهنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الألكتروني بالسؤال الآتي:

(دولة العراق .. بيد من الآن؟.

نرجو ان تكون الأجابة موضوعية لأنها ستعتمد في دراسة علمية).

شارك في الأجابة 257 بينهم اكاديميون ومثقفون واعلاميون .. اليكم نماذج منها كما وردت بالنص، ولا يعني اننا معها او ضدها.

* بيد اشخاص ليس لديهم الأنتماء والوفاء والولاء لارض الوطن، يضحّون بالشعب والارض وثروات الوطن من اجل أحزاب هم ينتمون اليها.

* بيد اميركا بالمطلق والبقية ادوات.

* بيد امريكا، وايران، والاحزاب التي تمتلك المال والسلاح ، والمافيات ومليشيات مسلحة تعمل لجهات خارجية.

* بيد أحزاب ليست احزابا بالمفهوم العملي للحزب، استولت عليها عوائل متوارثة مثل (التيار الصدر، الحكمة، المجلس الاعلى، حزب الدعوة، الحزب الاسلامي). حتى الاحزاب العلمانية كالمؤتمر الوطني ايضاً يسطير عليه افراد وليس هناك ديمقراطية داخل الاحزاب السياسية.

* ليس هناك مفهوم للدولة ولا نظام سياسي واضح هناك فقط فوضى عارمة وضياع هيبة القانون .. وتفسيره حسب الرغبة.

* هناك دولتان .. الدوله الرسميه والدوله العميقه، وهما متداخلتان.

* بيد رجال الدين الشيعة، والسادة ، ومن يدعون انهم احفاد النبي.

* الدولة بيد الاحزاب الاسلامية الشيعية الفاسدة وبدرجة اقل الاحزاب السنية الفاسدة.

* الدولة بيد الطبقة الوسطى التي تعيش من إنتاج الخدمات ولا تسهم في إنتاج ثروة المجتمع

* بيد القوى غير المنضبطة والخارجة على القانون واصحاب المال والعشيرة.

* الدولة تخضع لثلاث جهات الاولي اميركا بنفوذها وتاثيرها على الواقع العراقي واحداث الفتن والاقتتال الداخلي وقدرتها على صناعة جماعات سنية وشيعية وكردية مؤثرة وتحريك ادواتها لخلق ازمات اقتصادية وارتباك امني. والثانية بيد احزاب تعمل لتحقيق مصالحها حتى لو ادى لحرب اهلية. والثالثة بيد اجندات خارجية واقليمية تعمل على ارباك العراق لانها ترى فيه كطائر العنقاء سرعان ما يعود اقوى باسا وبعضها تضخ الاموال بدافع انساني خادع يحمل خنجر بروست.

وكانت هنالك اجابات ساخرة، مثل:

- استر علينه لا تودينه بداهيه

- بيد اللصوص، الحرامية

- بيد من يرفعون شعار (ياليتنا معكم فنفوز فوزا عظيما)، واجزم لو كانوا معهم لنهبوا امتعتهم وولوا مدبرين

-  الدولة عبارة عن فريسة اصطيدت من قبل الاسود والضباع والنسور التمت حولها. يتنافسون بالتهامها يا استاذي الفاضل.

-  حضرتك تسال عن دولة .. فكيف نجيب عن مسمى لا وجود له.

- بيد الله. سالت شخصا ما الفرق بين حكم الشاه وحكم الملالي، فاختزل الجواب بجملة: في زمن الشاه كنا ندعو الله كي يخلصنا اما الان فان الله بالشارع ولا نعرف من ندعو كي يخلصنا!

تحليل النتائج

يجمع المستجيبون ، وغالبيتهم اكاديميون واعلاميون ومثقفون، أن العراق لا توجد فيه الآن دولة بالمفهوم المتعارف عليه في العلوم السياسية، ويصفون واقع الحال بالآتي:

- الدولة الان موزعة بين احزاب وكتل سياسية وعوائل تحتكر مؤسسات رسمية في الوزارات، وميليشات وقوى مسلحة ومافيات.

-  يفتقر العراق الى احد اهم مقومات الدولة المتمثل بفرض سلطة القانون وضمان امن المواطنين، فيما يعيش المواطنون فوضى عارمة واغتيالات تستهدف من يطالب بان يكون العراق دولة يحاسب فيها من يرتكب جريمة قتل لا ان تسجل ضد مجهول.

- ان الذين وصلوا الى الحكم استفردوابالسلطة والثروة، وبهذا افتقدت الدولة واحدا من اهم مقوماتها المتمثل باستثمار موارد الوطن لخدمة الناس واعمار الوطن، وتخلت عن اهم مبدأ في النظام الديمقراطي المتمثل بتحقيق العدالة الاجتماعية.

- ان الدولة تشترط ان يكون هنالك انسجام بين ما تقوله وما تعلنه، وان ما يحصل الان في العراق هو تناقض صارخ ومعيب بين ما تعلنه احزاب الاسلام السياسي وما تفعله.

استنتاج ختامي

يشخّص المستجيبون ان(اميركا وأيران) هما اللتان تمليان ما يريدان على الحكومة العراقية.والمشكلة ان هاتين الدولتين في صراع معلن ساحته الأرض العراقية، اذ صرح ترامب في زيارته لقاعدة (عين الأسد)- التي علمت بها الحكومة من وسائل الاعلام!- ان الغرض الرئيس لهذه القاعدة العسكرية (المذهلة بتعبيره) هو مراقبة ايران. وان الحكومة العراقية في مأزق يصعب عليها ارضاء دولتين قويتين لهما نفوذ قوي في العراق، ما يعني انها فاقدة للتمتع المطلق بالسيادة بوصفه الشرط الآول لمقومات الدولة، وانها فاقدة للشروط الأخرى لمقومات بالتبعية.

موقف .. قد يشكل البداية:

في لقائه (الاربعاء 6 شباط الجاري2019) بالمبعوثة الأممية، حذر السيد علي السيستاني الكتل السياسية من انها اذا لم تعالج الازمات فقد تفقد الفرصة الأخيرة، وطالب الحكومة بتأمين الخدمات ومحاسبة الفاسدين .. ما يعني ان المرجعية الموقرة هي مع ما توصل له هذا الاستطلاع من تشخيص. ومع ان الأحزاب الشيعية والكتل المحسوبة عليها تبارك ما تقوله المرجعية وتعلن التزامها بتنفيذه، فانها لا تطبق ذلك عمليا، لأنه يهدد استفرادها بالسلطة والثروة والنفوذ.وانه ليس امام القوى التي تسعى الى ان يكون العراق دولة سوى توحيد موقفها بمطلب واحد يضمن الخطوة الأولى نحو قيام دولة .. هو قيام مجلس مكافحة الفساد بتشكيل محكمة من قضاة مستقلين تبدأ من الان بمحاكمة حيتان الفساد تنقل عبر وسائل الأعلام .. وبدونه تبقى سيكولجيا التغافل والتماهل هي المخدّر الذي تعتمده حكومة السيد عادل عبد المهدي .. ان اكمل ولايته! .. او أن المرجعية ستافجأ احزاب السلطة المحسوبة عليها والخجله من افعالها بما يعيد لها دورها في اقامة دولة مدنية كما فعلت في ثورة العشرين؟!

 

ا. د. قاسم حسين صالح

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم