صحيفة المثقف

في حوار مع الخبير الاقتصادي مخلد الشمري:

1080مخلد الشمري- ستبقى البلدان العربية مستهلكة ومستوردة لما ينتجه الغرب لعدم وجود البديل عن النفط..!!

أهلا و مرحبا بك معنا دكتور مخلد الشمري .

- أهلا ومرحبا بك سيدتي الكريمة لي عظيم الشرف إجراء هذا الحوار معكم.

- بداية: كيف يقدم لنا الخبير الاقتصادي مخلد حمزة جدوع الشمري نفسه؟ وخلاصة ما عاشه من تجارب للقراء والمتابعين؟.

اسمي مخلد حمزة جدوع الشمري، تولد 1982، حاصل على بكالوريوس علوم ادارة الاعمال فرع ادارة المصارف من جامعة بغداد عام 2005، وحاصل على شهادة ماجستير في المصارف من جامعة بغداد عام 2012، وحاصل على شهادة الدكتوراه المهنية بادارة الاعمال من جامعة كوماندوز الامريكية للتدريب2019، اعمل حاليا تدريسي في كلية الادارة والاقتصاد بجامعة بغداد وتم تعييني في الجامعة على قناة الطلبة الخريجين الاوائل في عام 2007، وايضا وعضو في البورد الامريكي الكندي للتدريب الاحترافي، وعضو في المركز العراقي الاوربي للتنمية والتطوير، وعضو في المجموعة العربية من اجل السلام والتعايش السلمي، شاركت في العديد من المؤتمرات المحلية والدولية كذلك لي العديد من المؤلفات كتب ودراسات، وساهمت بنشر دراسات بحثية في مجلات محلية وعالمية في (العراق، وتركيا، وباكستان، وبرطانيا، وفنزويلا، وكندا) .

- برأيك ما الذي يميز البنوك الإسلامية ويجعلها تنمو عالميا رغم الأزمات الاقتصادية التي تضرب كبرى الشركات العالمية كل فترة وأخرى؟.

- ان أستبـعاد الفائـدة مـن معامـلاته مدعـاة لتسميته بمصرف لا ربوي (Interest free Bank) ويمكن تعريفه بالمصرف الأسلامي هو المؤسسة التي تمارس الاعمال المصرفية مع ألتزامها بتجنب التعامل بالفوائد أخذاً او عطاءً وبالابتعاد عن أي عمل آخر مخالف لاحكام الشريعة الاسلامية، وهنا نجد ركناً جديداً مضافاً لعمل المصرف الاسلامي الى جانب ركن عدم التعامل بالربا الا وهو الابتعاد عن أي عمل مخالف لأحكام الشريعة الاسلامية من خلال عدم التمويل والأستثمار بالمشاريع المحرمة شرعاً كالملاهي والنوادي الليليه وشركات صناعة وتسويق المشروبات الروحية ومع ذلك فأن هذا التعريف لا يعكس الصورة الكاملة الحية لحقيقة المصرف الاسلامي من خلال تجاهله سمة اساسية في عمل المصارف الاسلامية ألا وهي المسؤولية الاجتماعية، لذا جاء التعريف الاخر الاتي ليعطي دلالة اكبر على ماهية هذه المؤسسة ويتجاوز المأخذ التي وردت على التعريف السابق بان (المصارف الاسلامية) هي مؤسسات مالية مصرفية لتجميع الاموال وتوظيفها على وفق احكام الشريعة الاسلامية بما يخدم مجتمع التكافل الاسلامي وتحقيق العدالة بالتوزيع، مع الالتزام بعدم التعامل بالفائدة الربوية آخذا او إعطاءً وباجتناب أي عمل مخالف لاحكام الاسلام، وتتجسد المسؤولية الاجتماعية للمصرف الاسلامي من خلال أخراج الزكاة عن أمواله وأموال مودعيه طالما بلغت النصاب وحال عليها الحول وبالنسب التي يقرها الشرع الأسلامي، وتمنح للمحتاجين كذلك لتطبيق اهداف غير أقتصادية منها عقائدية واخلاقية تفتقدها المصارف التقليدية التي تحكمها معايير أقتصادية بحتة هدفها تعظيم الربح فقط ولعل القرض الحسن الذي يعطى لاشخاص محتاجين بلا فائدة ولا حتى مشاركة للمصرف معه بالربح يعكس مدى مراعاة المصارف الاسلامية للمسؤولية الاجتماعية، لانه يعطى لحاجات أجتماعية وأنسانية كحالات المرض والزواج والدراسة وكذلك مساعدة صغار الحرفيين والمنتجين في مشاريعهم، كذلك ان اهتمام المجتمع الدولي وحتى الغرب بالمصارف الاسلامية هي عدم تاثرها بلازمات المالية التي حدثت في فترات متفاوتة.

- انتشرت ثقافة التسوق الإلكتروني بسرعة كبيرة خاصة لدى الشباب العربي الذي أصبح يتوجه لهذا النوع من العمل بشكل كبير..

- يعد التسويق الالكتروني احد أهم المفاهيم الأساسية المعاصرة الذي استطاع وخلال بداية الألفية الثالثة من أن يقفز بمجمل الجهود والأعمال التسويقية وبمختلف الأنشطة الى اتجاهات معاصرة تتماشى مع العصر الحالي ومتغيراته، وذلك من خلال الاستعانة بمختلف الأدوات والوسائل المتطورة وتكنولوجيا الحديثة في تنفيذ العمليات والأنشطة التسويقية خاصة فيما يتعلق بالاتصالات التسويقية وتكنولوجيا المعلومات وتقديم المنتجات وإتمام العمليات التسويقية عبر وسائل متعددة، يأتي في مقدمتها تسويق الخدمات الى مختلف الأطراف عبر تلك الوسائل، وان الشباب العربي شباب واعي ومثقف متمكن من التعامل مع معطيات العصر التكنولجية ساعد ذلك على انتشار ثقافة التسويق عبر الانترنت لكونة اكثر فاعلية ومصداقية من حيث الحصول على المنتجات والخدمات من المصدر مباشرة بدون المرور بسلسة وسطاء .

- ما أبرز الأسباب برأيك وما الذي تقدمه لهم من نصائح من أجل النجاح بهذا المجال؟

- يمكن اجمل الاسباب التي ادت الى اتساع قاعدة التعامل بالتسويق الالكتروني بالاتي:

1- اختصار العقبات الجغرافية بين مناطق العالم المختلفة اذ لا وجود للحدود في التسويق الالكتروني.

2- اقامة علاقات تعاقدية مباشرة بين البائع والمشتري، ومن شأن ذلك وغيره تخفيض الكلف قياساً بالعمليات التسويقية التقليدية .

3- أنها تتيح الفرص أمام الطرفين من خلال الكم الهائل من المعلومات المتعلقة بذات الموضوع المطروح بينهما للتعاقد على وفق احدث الأسعار والشروط.

انصح الشباب العربي بصناعة فرص العمل من خلال توظيف التكنلوجيا من خلال فتح قنوات تسويقية الاكترونية وعمل دور الوسيط بين المستهلكين والمنتجين والحصول على قوتهم اليومي.

- مع عصر العولمة وانتشار هذه العوالم المفتوحة وعدم ارتباط المتاجر الإلكترونية بوطن معين كخبير اقتصادي ما التأثيرات الاقتصادية لذلك وما مدى إيجابية هذا الأمر ؟

- انا ارى ان العولمة هيه مضرة لاقتصادياتنا كعرب لان جعل المنافسة مفتوحة والسوق سوق مفتوح يحدث خلل في التوازن وتكافؤ التنافسي وبموجبه ستبقى الدول المنتجة هي المصدرة والمستهلكة هي المستوردة ولا وجود فرصة للبلدان النامية من التقدم وحماية اقتصادها، الايجابية الوحيدة هي يمكنك ان تحصل على ما تريد كفرد.

- المفكر صمويل هنغتون يحذر الغرب من تبعات اتحاد بلاد العم كنفوشيوس مع بلدان العالم الإسلامي كخبير اقتصادي وباحث أكاديمي عما ينم هذا الخوف الغربي من هذا الاتحاد وما قراءتكم الاقتصادية لنو الاقتصاد العربي نتيجة هذا الاتحاد؟

- كونفوشيوس: هو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي ففلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية وعلى أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى ولقد كانت تعاليمه وفلسفته ذات تاثير عميق في الفكر والحياة الصينية والكورية واليابانية والتايوانية والفيتنامية.

اما البلدان الاسلامية لديها ايضا تقاليد وعادات واخلاقيات محددة في معالم الدين الاسلامي والاخلاق الحميدة التي اوصى بها نبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام فالاسلام قوة اقتصادية وعقائدية .

لذا نرى من الطبيعي ان يحذر المفكر صمويل هنغتون الغرب من تبعات اتحاد بلاد العم كنفوشيوس مع بلدان العالم الإسلامي لانهم يشكلون قوة خارقة وعلى جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية وستفرض سيطرتها على العالم اجمع لان الموارد متاحة والفكر موجود.

- التعاملات الاقتصادية بين الدول الغربية والعالم الإسلامي مشحونة بالعديد من الرسائل الثقافية التي تعبر عن المركزية الغربية برأيكم كيف يمكن تجنب تأثيرات تلك المخلفات الثقافية على الذهن العربي؟

- قبل الدخول بتفاصيل ينبغي إيضاح مفهوم المركزية الغربية في جانبيها اللّغوي والاصطلاحي، والمركزيّة هي مصدر الفعل ركز والمركز هو المقر الثابت الذي تتشعّب منه الفروع، والمركزية نظام يقضي بتبعية البلاد لمركز رئيسي واحد، ونقيضها "اللامركزية" وهو النّظام الذي يمنح للأقسام المختلفة نوعاً من الاستقلال المحلي. والمركزيّة تعني فرض لرؤى المركز واهتماماته وتوظيفها لخدمة مصالحه، والمركزيّة ليست فقط التّمركز على مجالات الثّقافة والقيم، إنما تشمل كل جوانب الحياة من اقتصاد وسياسة وعقائد وغيرها.

إذاً، يمكن تعريف المركزيّة الغربيّة بأنها "الممارسات التي تركّز على فرض الحضارة والمصالح الغربيّة عموماً في جميع مجالات الحياة على حساب باقي الثّقافات والحضارات والشّعوب، بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة"، والتّمركز الغربي يعتمد على نظامين هما: الغزو العسكري، والغزو المدني. والغزو العسكري المراد به استخدام القوة الحربية لفرض المركز وما يحملة من اجندة، أما الغزو المدني فهو توظيف التقنيات المدنية الاقتصادية والمالية والسياسية والثقافية والفكرية في التغيير الحضاري، الذي يريد المركز أن يحدثه، وقبل أن تُفرض المصالح الغربية على باقي الحضارات والشعوب وتحديداً الشعوب الإسلامية، كان عليهم المعرفة التامة بتلك الشعوب، وهي المعرفة التي جعلت حكمهم سهلاً ومجدياً، فالمعرفة تمنح القوة، ومزيداً من القوة يتطلب مزيداً من المعرفة، فهناك باستمرار حركة جدلية بين المعلومات والسيطرة المتنامية. وهم في مشروعهم يعتمدون على أمرين: المعرفة، والقوة. وكما قال إدوارد سعيد: "التبرير الاستشراقي للسّيادة الاستعمارية قد تم قبل حدوث السّيطرة الاستعمارية على الشرق، وليس بعد حدوثها، فقد كان التراث الاستشراقي بمثابة دليل للاستعمار في شعاب الشرق وأوديته من أجل فرض السيطرة على الشرق وإخضاع شعوبه وإذلالها". وهكذا اتجه الاستشراق المتعاون مع الاستعمار إلى إضعاف المقاومة الروحية والمعنوية في نفوس المسلمين وتشكيك المسلمين في معتقداتهم وتراثهم، حتى يتم للاستعمار في النهاية إخضاع المسلمين إخضاعاً تامّاً للثقافة الغربية فهنا يمكن ان يتسم كل مسلم بما يحملة من صفات واخلاق لعدم ترك أي اثر لمركزية الغرب على البلدان الاسلامية فالحياة الاقتصادية غير الحياة الدينية والاجتماعية .      

- انتشار الشركات المتعددة الجنسيات أحدث جدلا واسعا بين الاقتصاديين نظرا لما تسببه من مشاكل خاصة للدول النامية برأيكم ما الذي تقترحه لخلق التنافس لدى الشركات الصغيرة بهذه الدول للحفاظ على اقتصادها من بطش هذه الشركات؟.

- المواجهة بالمثل من الممكن ان انشاء شركات عربية متعدد الاقطار وتالتزم المنافسة وباستراتيجيات تنافسية مماثلة لما تنتهجها الشركات متعددة الجنسيات وبامكانات مادية كبيرة ولا باس بالاستعانة بخبراء الغرب ولكن تحت امرة الشركة العربية المتعددة هنا ستكون الشركات العربية قوة ضاربة للشركات متعددة الجنسيات وستاخذ حصة سوقية كاملة وعلى اقل تقدير في اسواق البلدان العربية للحفاظ على اقتصاداتها من سطوة شركات المتعددة الجنسيات .

- الدول العربية تعيش العديد من الأزمات سواء الاقتصادية أو السياسية فيما بينها ما قراءتكم للأسباب الحقيقية وراء هذا وهل يمكن القول أن الخلل الأول كامن بالنظام الاقتصادي فقط أم أن الخلل أبعد من ذلك؟.

- الخلل بالنظم السياسية فلكل بلد نظام سياسي حاكم وكعرب يحبون السلطة ويتمسكون بها على العكس من الغرب الذي يعتبر السلطة هي خدمة المجتمع كما يتمسك العرب بنظرية (اصحاب المصالح) فالبحث عن مصالح كل بلد متفردا الامر الذي ادى تفرد كل دولة بارائها بناء على مصالحها بعيدا عن العربية والنظام الاقتصادي يدار من قبل افرد تبحث عن المصالح مفردة ولا تبحث في مصالح عامة ومشتركة الامر الذي يزيد من الازمات والانقسامات بين الدول العربية متى ما اجتمعت الدول العربية واتفقت على حل الازمات ومن زوايا متعددة ومن منطلق المصلحة المشتركة وبكل شفافية لن تكون هناك ازمة تمر مرور الكرام ستكون هناك منهجية لمواجهة هذه الازمات وبكل قوة ودافعية.

- ما السبل والوسائل الكفيلة التي تراها مناسبة لحل هذه الأزمات التي يتخبط فيها العالم العربي، خاصة بعد ما سمي بثورات الربيع العربي..؟.

- أي ربيع عربي هذا وماذا قدم الربيع العربي لم نرى من الربيع العربي غير الدماء والايتام والقتل والتهجير انا ارى وحسب تصوري الشخصي ان نتعب على الاجيال القادمة ونعدها اعداد جيد وننتج جيل متعلم فوق كل الاعتبارات السياسية والعرقية والمناطقية متى ما انتج هذا الجيل سيكون للمجتمعات العربية وقفة مع التاريخ وقفزة الى القمة والعمل بمهنية واحترافية .

- دكتور في نهاية حوارنا هذا، ماه و تصوركم لواقع الدول العربية بعد 50 سنة بالتقريب سواء من الناحية المعرفية أو الاقتصادية أوالسياسية ؟

- نحن كعرب وللاسف مستهلكين وليس منتجين وان واقع المجتمعات العربية يشوبه الكثير من القلق والفوبيا من المجهول نتيجة لما هو موجود في ارض الواقع الآن من خراب للبنى التحتية ودمار للفكر وتدمير الاخر وزرع التفرقة وكثرت المسميات وعلى العكس ما كان عليه العرب فان تاريخ الامة العربية زاخر بالامجاد وسطر التاريخ ملاحم العرب اما الان ماذا سيكتب التاريخ خراب البلدان العربية خراب الفكر والعقيدة .

اما من الناحية المعرفية فهناك فجوة كبيرة واتوقع ان هذه الفجوة تزداد مستقبلا سيبقى المجتمعات العربية مقلدة للغرب بكل ما يحتوي من اخلاقيات وثقافات غريبة لا تتناسب مع اعراف وقيم مجتمعاتنا وندعوا من الله عز وجل ان لا يحدث ذلك وان ياتي للمجتمعات العربية جيل يقفز بكل ما لديه من معرفة وقيم والله على كل شي قدير.

اما من الناحية السياسية والاقتصادية : ستبقى البلدان العربية مستهلكة ومستوردة لما ينتجه الغرب لعدم وجود البديل ولن تتشكل أي قوى سياسية او تكتل اقتصادي عربي قوي مثل الاتحاد الاوربي وستكون الخريطة السياسية بايدي القوى العالمية تبعا لمصالحها في المنطقة.

- أخيرا كلمة أخيرة تقدمها للمتتبعين من الأكاديميين والشباب ومختلف أصناف المجتمع بالوطن العربي؟

- كلمتي الاخيرة اوجهها لكل افراد المجتمع العربي بجميع اطيافه، لكي يكون لمجتمعنا قوة وقدرة على اخذ قرارات مصيرية باستقلالية تامة وهذا لا ياتي الا بعمل دؤوب من كل افراد المجتمع وكلا حسب موقعة والاستناد الى التخطيط العلمي المنهجي وان نعطي للبحث والتطوير اهمية قصوى لكي يزدهر المجتمع ببراءات اختراع ودراسات مستقبلية لمواجهة التحديات والمشاكل التي تواجهها بلداننا العربية

 

حاورته الصحفية الجزائرية خولة خمري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم