صحيفة المثقف

ألعيون النابحة

ليث الصندوقلم تعدْ تزّلزلُ الأرضُ، ولا تُخرجُ من أثقالها

والبراكينُ خبتْ ، وانطفأتْ

لم نعدْ نؤمنُ بالإعجاز

حتى أيقظَ الأمواتَ سُلطانُ الفلق

أسَدٌ في ساحة التحرير يعدو

أسدٌ يطلق من سبطانتي عينيه نيران الحَنَق

إنهم أبناؤنا

أوّلُ ما تنخرهُ الديدانُ من أعمارنا

بل كلّ ما نطعِمُهُ من ثمر الروح

لوحشِ بعدَ وحشٍ في طبق

ولِدوا محدودبي القامات

تصّاعدُ من أفواههم أدخنةٌ النار التي في سِرّهم

نسلوا من ظلمة الرَحم على عكّازة

أو فوقَ كُرسيّ العَوَقْ

هكذا صرنا جميعاً

نرقبُ العُمرَ الذي يسربُ من بالوعة القهر

ويمضي بدداً مَضيَ عَجولْ

نشربُ الوهمَ

ومن أشلائنا نُطعِمُ ذؤبانَ القلق

فلقد جردنا الخوفُ من الإيمانِ

حتى لم نعد نجرأ أن نصحبَ في زوراتِنا أظلالنا

وإذا ما راودتنا رغبةٌ للّهوِ

فالملهاةُ لطمٌ وعويل

**

أسَدٌ محترق اللّبدة في (السعدون) يعدو

مُشعلاً في دربه الأشجارَ

والظلّ

وشارات المرور

ناثراً من شعره في النفق النارَ

وللنار أبابيلُ طيور

أومضت فوقَ سطوح المطعم التُركيّ، والجسر

فصارت ضفتا النهر فويهاتِ (براكينٍ)

وصارَ الموجُ يدّفق منها كالصهير

فرأينا تنزلُ الإفريزَ أنصابُ جوادٍ

وبموج الثورة الكبرى تذوبُ

وسمعنا من فم الأنصابِ أصواتَ زئير

**

آخرُ العتْباتِ هذي

إنني أسمعُ من صدريَ أصواتَ استغاثة

إنني أسمعُ من أقبية الساحر نقراتِ طبولْ

مُدُنٌ صخريةُ الروح بأبوابٍ وجُدرانٍ زُجاجْ

واناسٌ بثيابٍ من زُجاجْ

وعُيونٌ نابحاتٌ

كلما هَرّتْ

لها انفكتْ بخزاناتِ أسراري أقفالُ الدخولْ

**

عندما أصرخُ في وديان صمتي

يتهاوى جسدي صخراً فصخراُ

عندما أنظرُ من فتق قميصي

لا أرى غيرَ خلايايَ التي ثارتْ على سلطان جلدي

وبتيزابِ ظنوني

أتلاشى

وأزولْ

**

لم تعدْ تأمنُ شرّ الحفر الكُثر العيون

ينبغي أن تتحرّوا الدربَ بالهُدبِ

وبالظفرِ

وحتى بالذقون

ليس من جيشٍ أذلّ الموتَ من قبلُ

كما قد ذلّها هذا الجنون

أسَدٌ محترق اللبدة يعدو

خلفه يعدو قطيع من أسود

كلها محروقة الألباد تعدو تحت أمطار الشظايا

أنها غضبتكم تستبق الأقدار خطفاً كالمنون

أنها غضبة من تُنتزعُ الأحشاء من أفواههم

أنها غضبة من يُسرقُ منهُ غدُهُ

وعلى الأشلاء من حاضره

يضربُ من قد سرقوهُ الغَدَ خيماتِ المجون

**

رنّةٌ من وتَرٍ

في وحشة الليلِ

لها في الروح وقعٌ كالبكاءْ

كلّ شعبي من فتوق الجُرح يرنو للضياء

كلّ شعبي في وحول اليأسِ قد خوّضَ

بحثاً عن دراري المستحيل

ولّتِ الحربُ

وجاءت أختها

تسحبُ في أذيالها شعباً يتيماً

عادتِ النيرانُ كي تُعبَدَ من بعد انطفاءْ

وسيوفُ الغلّ عادتْ

تَذبحُ الناسَ على عادتها دونَ دليل

وسرايا الجِنّ عادتْ

تنشرُ القتلى على أسيجة الليل الطويل

**

كلهم من طينة واحدة

ليس من فرقٍ سوى الألوان ما بينهمو

وعداها حملتهم أخوةً ذات البطون

كلهم من طينة واحدة

ألطغاة الأولون التهمو أحداق شعب في صحون

بينما أودعها من ورثوا الطغيان في بنك الرهون

صفحة الذُلّ انطوت

وغدا اليومُ الذي نحياه ذكرى

لم يعد يمشي إلى الخلف العُماة

شتلوا في ساحة التحرير عُكازاتهم

أملاً في الغد أن تنمو أكفاً

ترأبُ الصدع

وتستوفي الديون

***

شعر / ليث الصندوق

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم