صحيفة المثقف

مُدنٌ بلهاء

زياد كامل السامرائي

مواجهة ورقة بيضاء

لهوَ أشدّ إيلاما

مِن أنْ تقف أمامي

امرأة عارية.

في كل مرّة

عليّ أنْ أعترف لها

بطريقة  مختلفة !

2

إنما عِندكَ كتابٌ ونِعالٌ

لا تَصلُح للطيرانِ

فكيفَ ستقرأ الأحلام المطر

من تلكَ الغيوم الحافية !

المطر الذي تنصّل من الدموع

ليصل الى الجسر القديم.

 3

المهاجرون لهم وجوه مُختلفة

يقطعونَ الطريق

بجوعٍ مختلفٍ أيضا.

4

بهدوءٍ..

أعودُ الى البيتِ مُتسلّلا

بعد أنْ أيقنَ - منتصف الليل

باني فائض عن النجومِ !

الزوجةُ نائمة

الأولادُ نيام

كذلك كان -  كلبي DELL

5

رأيتهُ..

ذلك الحصان الهرم

ينقل البحر بعربةٍ فتيّة

تاركا أسماكه تلبط وحيدة

على رصيف الجوع  و الأملِ.

6

وحدي

لا أستطيع منع نفسي

في مطبخ صغير

ولا هناك مَنْ يمنعني

من النظر الى سكينٍ صارم.

السكين هي الأخرى

لا يستطيع منعها أحد

من النظر اليّ بثبات

7

كدهليزٍ يغسلَ ساقيه

وضعتْ في حضني الحياة

بيضتين

تاركة مروجها للذئابِ.

8

أحبكِ ..

كأغنيةٍ

يُردّدها  ـــ راديوـــ  مُسن

أوّل مرّة

بعد حرب طويلة.

أو ...

كوباء لا يفهم معنى

منع التجوال.

9

ذلك العالم

الذي كنتِ تتنقلين فيه بخفةٍ

كفرسِ شطرنج

خطر ببالي أن أكون

على تلك الأرض

المَلِك المُحاصر.

10

تعلمين أني بلا عملٍ

منذ سنوات..

أكتبُ بلا سبب واضح

أو ثمن

عن غُراب غريب الأطوار

يزداد سوءً

كلما سمع النجوم

 ستنقل الى قلبي الخيال.

 عندئذ أغمضتْ من أوهامي

عينيها الحياة.

11

أدسّ في عُلبة التاريخ يدي

فتصعد على أصابعي

نمور

ثعابين 

بنات آوى

وحمار يدخن آخر سجائره

تاركا نوح

في العلبة وحيد.

12

تقف الكلاب عند إشارة المرور

هذا يعني :

إنها تفهم بعض الفرضيات

ضحك العصفور

ورمى الأشجار بالأخضر .

13

لا أدري أيّهما ظهر الورقة

لكني أكتبُ الآن على بطنها

يسيل الحبر على سُرّتها

ومن بين فخذيها البيضاوين

يلتمع.

14

زارنا هذا الصباحَ زلزال ٌ

هكذا تشتُمُ الأرض قلوبنا

فيما طاحونة الضمأ

تكتبُ أغنيتها الأخيرة

قبلَ أنْ تبرد

ضحكات سنابلها المرّة .

15

 لا يعني إنكَ تسكن قرب البحر

تحب الأسماك و الدلافين و عناق النوارس.

ربما ذلك يعني ايضا

إنكَ تكره الصحراء

وانْ تموت بلدغةِ عقربٍ أسود

إشاعة صحيحة.

16

في المدينة :

يتناسل الصمت الشائك مع الجَلَبَة الملساء

الموت الضاحك مع نحيب الميلاد 

الحرب الجاحظة مع السلام الأعمى

ظلمة المعرفة مع الجهل المُنير.

تلك المدينة البلهاء، تقهقه دون اكتراث

حين أخبرها السرير... إنها عاقر.

***

زياد كامل السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم