صحيفة المثقف

في حضرة القطيع

حسين فاعور الساعديفي حضرةِ القطيعِ

من قبيلتي وعزوتي الأخشان

أضعتُ قهوتي

ومتعة َ الصباحْ

أضعتُ رهبة الوديانِ

حين تهدأ الرياحْ...

أضعتُ مرجَ القمحِ

حقلَ النفط ِ

ضاعتْ مهرتي

واشتدّت الجراحْ

أطلقتُ لحيتي

وصرتُ باسم الله أسحبُ السلاحْ

**

في حضرةِ الجزارِ

أو في هكذا حضور

ينفذ ُ الكلامُ

تنتهي اللغاتُ

يبدأ الحوارُ بالبترول ِ والدوﻻر

**

ما أروعَ القطيع

في شرقنا الممتدّ

والفسيح ِ والغنيّ والبديعْ

ينامُ والذئابُ في الأطرافِ تأكلُ الخراف

يجترُّ...

ﻻ يفرُّ

ﻻ يخاف

**

في حضرة الحضورْ

من ممثلي "الجمهورِ"

من ممثلي مصانع السلاحْ..

ممثلي منابر ِالكلاب ِ والنباحْ

ممثلي مراكزِ التزييفِ

والتلفيقِ والتشويهِ

والتسميمِ والكساحْ

ممثلي مواقعِ التجهيلِ ِ

والتضليلِ والتجميدِ والتشريحْ

ممثلي مراكزِ التجويعِ والإفتاءِ واﻻفقارْ

والتفتيت ِ والتقطيع ِ والتسليحِ

حتى دولةِ القبيلةِ الغبيةِ البلهاءِ

ﻻ مجالَ غير الحربِ والدماءِ

والبكاءِ حيث يمكن البكاءْ

**

في حضرةِ القطيعِ

حين تصبحُ القبيلة ُ الغبية ُ البلهاءُ

دولة ً تجنـّدُ الأحلافَ

تحضنُ الأعداءَ

تقصفُ الطيورَ والورودَ والأحلامَ

تحرقُ الأطفالَ والعاداتِ والأعرافْ...

تقطّع الأحياءَ بالمنشارِ

تـُعدمُ العجوزَ والرضيعْ

بدأتُ في دوامتي أحتار

**

في حضرة ِ الحضورِ

أو مع هكذا قطيعْ

في شرقنا الممتدّ والبديعْ

لا بدَّ من جَنين ٍ آخر ٍ

جديدٍ

ينعشُ الواحاتِ والحقول والأنهارْ

يُعيدُ للأرحام ِ طُهرَها...

لا بدَّ من ولادة ٍ تُعيدُ

للأمومة ِ العذراءِ دورها

لا بدَّ من ترميم ِ جودة البذار

وفحص ِ دورة َ الفصولِ والأمطارْ

لا بدَّ من تغيير صيغة الخطابْ

وحذف ِ الصفرَ من جداول ِ الحسابْ

لا بدَّ من تمحيص ِ ما يقولـُهُ الإمامُ

قبلَ البدءِ بالصلاةْ

ورصدِ كيف تُـصرفُ الزكاةْ

وتركِ الباب كيفما أشاءُ أعبد الإله

**

لا بدَّ يا ممالك "اليزيد"

من طيّ صفحة التجهيل ِ

دفن ِ دولة العبيدْ

لا بدَّ من إعادةِ التدوين والكتابْ

فقاتلُ الحسين ِلا يزالُ بيننا

وفي بيوتنا

يمارسُ الإخصابَ والإنجابَ

يمنعُ التفكيرَ والتدوينْ

يوجّهُ القطيعَ

لا يقدّمُ اعتذارْ

**

في حضرة القطيعْ

يضيعُ ما يضيعُ

يدفعُ السلطانُ...

يُسكتُ الجميعْ

يصبحُ الجبانُ قائداً

ويصبحُ الدجالُ كاتباً

ويصبحُ الثرثارُ شاعراً

تـُناقشُ الأمور بالثغاءْ

وينضبُ العطاءْ !

**

في حضرة القطيعْ

تـُـداس النعجةُ الهزيلةُ العرجاءَ

يغمرُ الطفولة َ الضجيجُ والضوضاءُ

تصبحُ الأحلامُ كسرةً مبلولةً بالماءْ

**

لا يغضب القطيعُ

لا يثورُ

قد يواجهُ الأخطارَ

قد يغـبُّ

قد يُصابُ بالدوارِ

تأكلُ الذئابُ نصفـَهُ

يظلُّ صامتاً......

لكنـّه إن جاعَ

يبدأُ الصراخَ والثغاءْ

فقولُ الفصل عنده ُ

ما بينَ الكرشِ والأمعاءْ

**

في حضرة القطيعْ

تـُحققُ الأحلامَ دولةٌ وهميةٌ

ويشعلُ الصراعَ منصبٌ وهمي

يُوجّهُ الأجيالَ جاهلٌ أمّي

لا مكان للإبداعِ والذكاءِ

لا مجالَ للتدقيقِ والتمحيصِ

لا مجالَ للتفكير والإصغاءْ

فبعضُهُ في كلـّه يضيعْ

وكلهُ في خدمة التدجينِ والترويضِ والتطبيعْ

لتصبح الحبيبة : الغانيةَ الممشوقةَ البيضاءْ

وفارس الأحلام : جثة ً كبيرةٌ،

سيارةٌ وسرعة انتصابْ!

**

في حضرة القطيعْ

تشتد ُّ حالة الغيابْ

تزدادُ ساحة الخرابِ

يكثرُ التلقيح ُ والإنجابْ

شعوبُنا مكسورةُ الجناح

ترابُنا مشاع ْ

أحلامُنا سرابْ

يزغردُ الرشاشُ بيننا

لأتفهِ الأسبابْ

ويَحسمُ النقاشْ!

فاللحية ُ الطويلةُ المقياسْ

والجثة ُ الكبيرةُ المعيارْ

كم نغيبُ في الغياب

وفجرُنا الجميلُ خلفَ الباب

***

حسين فاعور الساعدي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم