صحيفة المثقف

بمناسبة عاشوراء.. الاصلاح ليس له موسم

المبادئ والعقائد ليس لها موسم او حقبة زمنية معينة فمن يؤمن بها يعمل عليها طوال حياته، هذا جانب والجانب الاخر الذكرى لحدث معين سعيد او حزين دائما يكون لها يوم محدد تتجدد الذكرى مع ذلك اليوم .

لدينا واقعة الطف وماساة الحسين واصلاح الحسين عليه السلام وبينهما الفلاسفة والمعتدلين والمتبجحين، وهنا يجب ان نميز بين الذكرى والمبادئ، فمبادئ الحسين عليه السلام لا تحيا في عاشوراء فقط بل  طوال العام وطوال حياتنا عندما نؤمن بها وبصدق، اما ذكرى الماساة فلها طقوسها وتوقيتها وهي ايام محرم العشرة الاولى، واما الشعائر فاني اطوي دونها كشحا ولا ادخل في مناقشاتها فلكل محب اسلوبه في التعبير عن ولائه للحسين عليه السلام، ولكن اجمع عليه كل الائمة عليهم السلام والفقهاء ان اهم هذه الشعائر هي البكاء ولبس السواد وزيارة الحسين بقراءة زيارة عاشوراء، اما بقية الطقوس فهي محل نقاش ومن لايرغب باقامة بعضها فلا ينتقدها، ومسالة التشابيه انا ممن يؤيدها بشدة فانها مسرح متنقل يرسخ المعلومة بقوة عندما تكون صحيحة، نعم يجب تطوير هذه الشعيرة، ركضة طويريج رائعة الشعائر التي اعتبرها الاولى في كل شيء وافضل من اي تجمع مهما يكن صنفه في العالم .

الان بدا الفلاسفة والمعتدلون والمتبجحون يدلون بدلوهم بخصوص هذه الشعائر نعم هنالك من يريد ان نرتقي بالشعائر مع احياء ذكر الحسين عليه السلام دون افساح المجال للمتقولين للطعن بالعقيدة، واما الفلاسفة فهؤلاء بفلسفتهم اراهم يشتتون الافكار ويقولون دون ان يفعلوا شيء،  ومسالة القيام باعمال اخرى مستحدثة تخدم المجتمع او شريحة معينة امر حسن ولكن الذي يجب من وجهة نظري ان ايام عاشوراء هي ايام مواساة اي كيف تحزن على الامام الحسين عليه السلام في هذه الايام هو وعياله وقد قطعت رؤوسهم وسبيت نسائهم واطفالهم وتركوا في العراء هذه ماساة يجب التعاطف معها، اما مبادئ الحسين عليه السلام فهي يجب ان تكون طوال العام وليس بمناسبة .

ومن يحاول ان يستبدل شعيرة ما بحجة الارتقاء بالشعائر فكانها كلمة حق يراد بها باطل، نعم مسالة التطبير والضرب بالسلاسل المشفرة وغيرها اثارت الجدل ولكن مسالة التبرع بالدم وغير ذلك فهذا لا يعبر عن حزننا على الحسين عليه السلام بالرغم من ايجابيتها، اكرر الحزن الحقيقي احياء المجالس الحسينية ولبس السواد ورفع الرايات السوداء وزيارة عاشوراء .

سرد القصص الخيالية لاثارة عواطف الناس فيها الكثير من الاشكالات لانها اصبحت تاريخ ومحل نقد لاذع، ماساة الحسين لا تحتاج الى قصص خيالية، على سبيل المثال انا اعتقد بانه لم يتجرا اي اموي التجاوز على سيدتنا زينب عليها السلام فيما يخص حجابها فهيهات لهم ان يتجراوا على ذلك وهم الذين انفرجوا لها سماطين عندما خرجت لتلقي نظرة على جسد اخيها المقتول وقالت قولتها الشهيرة (اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ منا حتى ترضى....)، واما معاملتها بشدة خلال رحلة السبي هي وعيال الحسين عليه السلام نعم هذا حدث ولكن هيهات لهم ان ينالوا من شخصيتها فهي التي وقفت بخطابتها التي زلزلت قصر ابن زياد ويزيد  ولازالت كل كتب التاريخ تتحدث عنها وعن بلاغتها وجراتها .

 نعم  الحسين عِبرة بكسر العين وعَبرة بفتح العين، الحسين عبرة وعبرة عبرة مدى الحياة، عبرة في عاشوراء بشكل مميز ومتى ما ذكر الحسين فالدمعة رفيقة ذكراه حتى بعد عاشوراء ولكن افضل تجسيد للعِبرة هي تجسيد صلابة موقف الحسين عليه السلام يوم عاشوراء بصلابتنا في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والمضي قدما في طريق الاصلاح طوال حياتنا .

العاطفة الجامحة لربما يخرج منها شطط غير مرغوب به مع حسن نوايا صاحب العاطفة ونوايانا في ذكر مثال على هذا الشطط، مثلا هنالك قصيدة يرددها بعض الرواديد بلسان زينب عليها السلام وهي تخاطب وتعاتب العباس عليهما السلام :

انا اتبعتك على ريحة الخوة    ذبيتني عل العدو ياخوية گوة

شوف الشمر بي شسوة         ياخوية وين العهد وين 

لا اعتقد ان هذا امر صحيح، والشيء بالشيء يذكر كان لي لقاء مع رادود مشهور وسالته عن ما يقرا من قصائد هل يعرضها على مؤرخين او يدقق هو في معناها ... حقيقة صدمني بالجواب

ولكن الحق يقال ان الرواديد والشعراء والشعائر بعمومها على مر السنين هي من ابقت ذكر الحسين عليه السلام في نفوس الاحرار والشرفاء بل استبصر الكثير بسبب الشعائر لانهم يسالون عن سببها لا عن كيفيتها .

 

سامي جواد كاظم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم