صحيفة المثقف

أتعبتْني المحبّةُ

ذكرى لعيبينصوص خارج السرب 

- أشمُّ عطرَكِ في الأوراقِ، كأنّه صباحٌ مساءُ الشوقِ والولهِ

- صباحُ الجوري.. أملكُ من حبّي لَكَ أكثرَ من صباحاتِ العالمِ كلّه

هكذا كنّا نتبادلُ صباحاتنا ، هل تذكرُ؟ كيفَ انتهتْ تلكَ الصباحاتُ لتتحولَ إلى عتمةٍ؟

 كيفَ أضاعتْها بوصلةُ المنافي؟

أو ربما جدليّةُ الموتِ.. الموتِ الذي غيّب حضورَ الخصبِ ونموَّ العشبِ والوردِ.

هل مازلتَ تشمّ عطري، أم خذلكَ قحطُ العمرِ؟

 أنا مازلتُ أملكُ من حنيني وحبّي وعشقي لَكَ أكثر من صباحاتِ ومساءاتِ العالمِ كلّه

- صباحكِ نخلةٌ فراتيّةٌ-

- صباحكَ فيءُ نبيٍّ وحنينٌ يدومُ.

هكذا كنّا نتبادلُ صباحاتنا..وصوتُ فيروزَ يوشوشُ لمسامعنا "يسعد صباحك ياحلو"

 الآنَ لم تعدْ تغريني التحايا ولا الصباحاتُ، لم أعدْ أرى جمالَها كما كنّا معًا، لم أسمعْ زقزقةَ العصافيرِ رغمَ أنّها واقفةٌ على غصنِ شجرةِ السدرِ الكبيرةِ .

 لم يعدْ صباحي نخلةً، فجميعُ النخلِ صادرَه غولُ البنادقِ.

 لكنْ مازلتُ بحنيني الذي تعرفُه، " ودوريت كل درابين المحبّة وما لگيتك"

- لعينيكِ موجةُ وجدٍ وفيءُ نبيّ

لصباحكَ وهجُ الروحِ حينَ تلمسُها رحمةُ اللهِ- 

هل مازالتْ موجةُ وجدكَ تتوقُ لنورِ عينيّ؟ هل ما زلتَ حينَ يتعبكَ الحنينُ تتفيّأُ ظلالَ الأنبياءِ؟

ما زلتَ " مرّة ومرّة.. تزعل مرّة، وترضى مرّة"

أنا كما تركتَني آخرَ مرّة!

عين الليل من تنگط بالنعاس

أحس الروح مشتاگه اعله ملگاك

أغطّ بالنوم مثل الفاگد احلام

وتمرّ بالطيف واتسامر آنه وياك

أحنُّ لصباحاتك الندّية

أحنُّ لصوتكَ

لرائحةِ التبغِ فوقَ أناملكَ

أكرهُ التبغَ كثيرًا.. لكنْ أنفاسُكَ تُحيلُه أجملَ عطرٍ

- أستشعرُ ابتسامتكِ تضيءُ أيامي، مرحبًا يا أميرةَ الماسِ والدلالِ

- صباحُ العطرِ والمطرِ والحروفِ الدررِ

"أرد اجيكم..بلكت ألگى الشوگ ذاك اللي عرفته"

أريدكَ أن تضيءَ ليلَ عمري، الليلُ الذي يسيلُ معَ غيابِ الصبحِ!

هل أخبرتكَ أنّ الصباحاتِ لم تعدْ تتنفّسُ بغيابكَ؟

باتتِ الأيامُ باردةً

تماثيلُ الطينِ مطفأةٌ

فوانيسُ أصابعي وحدَها تلمعُ برأسي

كنتَ تقولُ لي : أصابعكِ تشبهُ فوانيسَ العيدِ!

هل هنا أو هناكَ عيدٌ؟

عينايَ ترنوانِ إلى نافذةِ صبحكَ

وأنتَ تتشبّث بأسلاكِ الموتِ

كفّايَ تطرقانِ بابَ صوتكَ

وأنتَ تخلعُ سمعَكَ عندَ

جليدِ المنافي..

في الحلمِ رأيتكَ تتساقطُ

فوقَ قميصي، أشرعةٌ متكسّرةٌ

كنّا نتبادلُ الصباحاتِ كعاشقّينِ سَكـَنا برجَ الوطنِ

في الحلمِ رأيتُ ذاكرتي ذنباً

أطوفُ بهِ الخلجانَ

ليبرأ منكَ.

لستُ أطيرُ.. ولستُ أحطّ..

هكذا مثلَ سحابةٍ كريمةٍ، معلّقةٍ بينَ سماءِ اللهِ وسماءِ محبتّكَ

نحنُ -نساءَ الطّينِ- نخرجُ من معركة الزمنِ والديمومةِ، بآثارٍ وجروحٍ نفسيّةٍ وخسائرَ، لكنّنا نطردُ ليلَ ضعفِنا بشمعةٍ، شمعةٌ واحدةٌ تكفينا لنكملَ حياتَنا بالنورِ.

هل تدركُ هذا؟

- صباحُ الخيرِ والذّكرى”

وزهرٌ يمنحُ العطرا "

***

ذكرى لعيبي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم