صحيفة المثقف

المشروع الإنهياري!!

صادق السامرائيما تعيشه الأمة هو ثمرة المشروع الإنهياري المرسوم منذ العقد الخامس من القرن العشرين، والذي أسهم في تنفيذه أبناء الأمة قادة ومفكرون ومثقفون وإعلاميون وصحفيون، عن وعي ودراية أم عفلة وجهل، والعديد منهم قد تآمر وتعاون مع قادة المشروع، وإستثمروا فيه وإستفادوا لحين.

المشروع الإنهياري بدأ بتغيير الواقع السياسي والقيمي والثقافي والأخلاقي للأمة، وتدخل في أصغر مفردات وجودها وعناصر ذاتها ومقررات مصيرها، ومنطلقات عزتها وكرامتها ومعتقدها، وأمعن في الإستثمار بدينها وتحويله إلى عدو لها.

المشروع شامل وركز على وعي الأمة وثقافتها، وأعمدة وجودها الكبرى كالشعر والدين والقيم والتقاليد، فتمكنت الأحزاب المؤدينة من القيام بدورها المطلوب، والأقلام ورموزها بواجباتها الإنهيارية التدميرية الفتاكة، التي زعزعت ثوابت صيرورة الأمة وخلعت لبنات قوتها وعزتها وكرامتها، وتواجدَ طابور من المفكرين الداعين إلى نسف ذات الأمة، وفقا لمنطلقات وهمية تتقدمها أفكار المعاصرة والتجديد، وأمعنوا في تحليلاتهم وتفسيراتهم الخاوية الداعية إلى دفن الأمة بما فيها.

وبفعل التراكمات السلبية ومعطيات أبناء الأمة العدوانية عليها، تجدنا نحصد ما تم بذره في تربتها وسرطنته في بدنها، حتى جن جنون وجودها، وراحت مفرداتها تتضابح، وأعضاؤها تتناطح، والفتك بها يتلاقح، والناس تدور في دوائر الإهلاك المفرغة، وتستلطف الرقود على ولائم المفترسين الداعين إلى تمزيق وجودها إربا إربا، والأخذ بها إلى غياهب الغياب النكيد.

فالمشروع الإنهياري يأتي أوكله بحهود أبناء الأمة وقدراتهم العدوانية عليها، ولولاهم لما تحقق تنفيذه وإستمراء طعمه، والتغني به والجد والإجتهاد في بناء هيكله التدميري الفتاك.

ولا بد من القول بأن المسؤولية تقع على الأجيال، التي تذابحت فوق أشلاء الأمة منذ العقد الخامس من القرن العشرين وحتى اليوم، وهي لا تزال في خدرها وغيّها وعدم وعيها لمآلات المصير الذي ينتظرها!!

وعاش من إكتفى بغيره لتنفيذ مشاريعه الكبرى!!

 

د. صادق السامرائي

14\11\2020

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم