صحيفة المثقف

إقتفاء أثر الضوء

نبيل عرابييضفي الضوء على الحياة سحراً مميزاً، وله من المعاني والمزايا المختلفة قدر ما للكتب الجيّدة والموسيقى الرائعة. فالضوء الذي يسبح فيه العالم هو مصدر إدراك، ومصدر الحياة ذاتها بكلّ تأكيد، وكذلك الأمر يُمكن أن يكون مصدراً لمتعةٍ بالنسبة للعين اليقظى.

أحياناً، يكون الضوء ساكناً لامعاً وهو يضرب الأرض مباشرة. وأحياناً أخرى يكون صافياً متلألأً، يرسم المنازل والناس بأسلوبه الخاص، وفي مواقع أخرى يفيض حيوية تجعل الجمود ينتفض حركة وحياة، قاطعاً مسافة طويلة إلينا من قلب هذا النجم الملتهب.

والضوء، إضافة إلى كونه كيميائيّ مميز، وأوراق الشجر عبارة عن معامل كيميائية، يتحوّل فيها ضوء الشمس والماء إلى طعام، ويتدفق منها الأوكسجين مانح الحياة إلى الهواء لكي يستنشقه الإنسان،هو عنصر أساسيّ لا يمكن التهاون بشأنه في أغلب أنواع الفنون البصرية، كالرسم والتصويرالفوتوغرافي والسينما والمسرح .. ولكن أغلبنا ليس من الفنانين! لكننا نستطيع أن نأسر بريق الضوء، ونجعل له حيزاً في حياتنا اليومية، عندما نطلق العنان لعيوننا على امتداد الرؤية، لنرى مدى الجمال الذي يختزن في اقتفاء أثر الضوء والظل، عند أول شعاع ينسلّ فجراً ممهداً لتدرّج خلّاب، ومع مرور شمس الصيف بأمزجتها المتقلبة عبر حقل ما، وعندما يترقرق بشفافية على جناحي فراشة، ويتهادى كالثوب المزركش على جدار حجري خشن، أو ينعكس فوق صفحة مياه هادئة، وهو ينير سطح كوكبنا الصغير، ويمدنا بالكثير من عناصر الحياة التي نحتاجها، فكلنا نستطيع أن نرى الضوء بأعيننا أو بقلوبنا.. فلنتمتّع به.

 

نبيل عرابي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم