صحيفة المثقف

المرجع الوريث سابقة شاذة في عالم الشيعة

سليم الحسنيفي الأيام الماضية ظهر عدة أشخاص يروّجون للسيد محمد رضا السيستاني كمرجع جديد، مرة باسم المرجع الخامس، ومرة بأنه فقيه من فقهاء أهل البيت عليهم السلام، ومرة بأن بحثه الخارج لا نظير له من حيث العمق والاحاطة. كما نشر تلامذته رسالة بلسانه جاءت فيها عبارة لها دلالتها المقصودة في هذا الخصوص، بقوله: (ويهمني هنا أن أعتذر عن كل هفوة صدرت مني أو خطأ وقعت فيه ولا سيما في فهم كلمات الأعلام أو في نقدها ومناقشتها وأخص بالذكر منهم السيد الأستاذ (قدّه) الذي كانت كلماته محور كثير من مباحث هذا الشرح وله الفضل الأول في ما اشتمل عليه مما يجدي وينفع فإنه رشحة من رشحات فضله وجرعة من بحر علمه). ويقصد بالسيد الأستاذ، المرجع الكبير السيد الخوئي رحمه الله.

هذا التوقيت المشترك الذي يدور على محور واحد يفهمه المطلعون على شؤون الحوزة العلمية بأنه إعلان صريح بمرجعية السيد محمد رضا السيستاني. وهذا أمر لم يُعهد في أجواء الحوزة بهذا الشكل، لأن معناه تحويل المرجعية الى وراثة على طريقة الفرقة الشيرازية التي ابتدعها السيد محمد الشيرازي. مع طفرة جديدة أقدم عليها السيد محمد رضا بطرح مرجعيته في حياة والده، بينما محمد الشيرازي انتظر حتى وفاة والده المرجع مهدي الشيرازي.

ليس الكلام في المؤهلات العلمية للسيد محمد رضا السيستاني فهذا يحدده علماء الحوزة واساتذتها، إنما في هذه الطريقة المكشوفة المستعجلة التي تظهر أمام العالم بصورة الوراثة، وهي شذوذ عن اعتبارات الحوزة وسياقاتها وضوابطها المعروفة.

كما أنها تكشف عن زيف الادعاءات التي كان يقولها المقربون منه بأنه يرفض رفضاً قاطعاً سعيه للمرجعية، وأنه زاهد بها، وأن والده المرجع الأعلى أخذ عليه أن يبتعد عن التصدي لهذا المقام الحساس في عالم الشيعة.

والى جانب سياقات الحوزة العلمية، فان شخصية السيد محمد رضا السيستاني لا تساعد على توليه هذه المسؤولية الضخمة، فالرجل يمتلك طموحاً سياسياً عريضاً بأن يكون هو صاحب الرأي والأمر والنهي على القرار السياسي. وقد ظهر ذلك عليه في وقت مبكر من العملية السياسية. ففي أيام مجلس الحكم زار وفد من المجلس بيت المرجع الأعلى، وقد ظهر على السيد محمد رضا أنه يريد فرض آراءه عليهم، فتحدث الشهيد عز الدين سليم رحمه الله بكلام هادئ بأن من مصلحة الشيعة أن تكون المرجعية في هذه المرحلة التأسيسية لها الكلمة التوجيهية الأبوية ولا تدخل في تفاصيل العملية السياسية. فغضب السيد الإبن وهدده بالقول:

(بقصاصة ورق صغيرة استطيع أن أحرّك الشارع عليكم).

وقد أثرّت تلك الحادثة بالسيد محمد بحر العلوم رحمه الله الذي كان حاضراً الاجتماع وأشار اليها في تأبين الشهيد عز الدين سليم بمقال منشور.

هذه النزعة المتسلطة التي تنطوي عليها نفسية السيد محمد رضا، لا تصلح لأن يكون بهذا المقام القيادي والأبوي، فالمرجعية خيمة الشيعة الكبرى، وحصنهم وملاذهم ورمز قوتهم، مما يستدعي أن يكون المرجع أبوي الروح وبعيد النظر وواسع الصدر يستوعب الأمة ويهتم بشؤونها ويسجل مواقفه لرفع الظلم عنها، ويتصدى لمحاولات القوى الاستكبارية التي تكيد بالإسلام والتشيع. وهذا ما لم يتوفر في شخصية السيد محمد رضا السيستاني الذي يعمل على عزل شيعة العراق عن شيعة لبنان وسوريا والخليج وايران واليمن. كما أنه يتدخل باختيار رؤساء الوزارات وعزلهم.

أكتب هذا المقال، وأنا أعلم بأن موجة الكترونية ستتصاعد لإرضاء المرجع الخامس، وأجد لهم بعض العذر، فالمال له أثره في المواقف.

 

سليم الحسني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم