صحيفة المثقف

السمة الفلسفية في القران الكريم

"كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب"..محمد29

 تعرف الفلسفة بانها حب الحكمة وهي اختصار لكلمتين يونانيتين فيلو وتعني محب وسوفيا وتعني الحكمة، تقوم فكرة الفلسفة على النظر الى الكون والانسان والحياة .

والفلسفة ليست معارف جزئية بل انها علم المبادئ العامة كما عرفها ديكارت وقال انها دراسة الحكمة لانها تهتم بعلم الاصول فيدخل فيها علم الله، وعلوم الانسان، والطبيعة، وركيزة الفلسفة عند ديكارت هي في الفكر المدرك لذاته الذي يشمل الوجود ومصدره الله.

وتعتمد الفلسفة على زاويتين الاولى حسية من خلال النظر الى الشئ وادراكه من خلال الامساك به وتفحصه بحواسنا والاخرى لامرئية والتي لايمكن ادراكها بل انها من الامور الغيبية.

وقد عرف المسلمون "علم الكلام" الذي يعد البذرة الاولى لمفهوم الفلسفة التي اعتمدت بالاساس على استخدام الاساليب اللغوية والمنطقية المستمدة من القران، وتطور الفكر الفلسفي في القرن التاسع الهجري وظهر جيل من الفلاسفة مثل ابن رشد في الاندلس الذي تمسك بتحكيم العقل بناء على المشاهدات والتجارب وقد سبقه كل من الكندي والفارابي.

واذا نظرنا نظرة متفحصة متاملة لكلام الله في القران الكريم لوجدنا حقيقة النظرة الفلسفية للامور باعتباره كتاب عقيدة يخاطب الضمير والفكر والنفس والطبيعة ويدعو الى التفكر والتدبر"اولم يتفكروا في خلق السموات والارض ومابينهما الا بالحق واجل مسمى"..

وقد حث في ايات عديدة على العلم باعتباره اللغة التي تنهض بها الحياة وتزدهر"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون"

والخطاب القراني يوافق العلوم الحياتية الطبيعية ويتوافق معها وقد اثبت العلم ذلك على مختلف الازمنة لانه يتوافق مع العقيدة الفلسفية للانسان والحياة والتي تصب في مصب واحد "التدبر"

"ونفصل الايات لقوم يعلمون"

ومن البديهي ان الحدث يقترن بالسبب ويكون تحصيل حاصل له وقد جعل الله لكل شئ سببا"ويسالونك عن ذي القرنين قل ساتلو عليكم منه ذكرا، انا مكنا له في الارض واتيناه من كل شئ سببا، فاتبع سببا.." اي ان الله اعطاه من الاسباب الموصلة له لما وصل اليه، فليس كل من لديه سبب يستطيع ان يسلكه الا اذا اجتمعت القدرة والقوة للقيام به وذلك مرهون بمشيئة الله جل وعلا.

"قال مامكنّي فيه ربي خير فاعينوني بقوة اجعل بينكم وبينهم ردما.."

ولذا فالعقل يصل الى حقيقة مفادها ان الاسباب تصاحب الحوادث وتقترن بها بفعل الارادة الالهية وهنا تكمن النظرة التاملية الفلسفية للايات القرانية التي تحدث وفق حساب دقيق بل انه بالغ الدقة لان اي خلل فيه لن يؤدي النتيجة المطلوبة وفق قانون السبب والنتيجة"انه من لدن حكيم خبير"

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم