صحيفة المثقف

العقاد شاعر الطبع القوي

يسري عبد الغنيأقول لك: إن خير من عني بشعر الفكرة عند العقاد تلميذه الناقد المثقف / سيد قطب (رحمة الله على الجميع)، وذلك قبل أن يتحول في ظروف غامضة مبهمة إلى المغالاة والتشدد والتطرف والدعوة إلى العنف، هذه الظروف ـ بكل أسف ـ لم نسبر كنهها أو نقف على حقائقها حتى يومنا هذا، رغم العديد من الكتابات والتفسيرات في هذا الصدد .

لقد قرر سيد قطب أن ما يصدر عن العقاد يصدر عن طبع قوي، وعن مبادئ خلقية، وهو لا يقرر أحكامه جزافًا دون الدخول في مناقشات تفصيلية حول مقاييس الجمال الفني، ولعل هذا ما يجعلنا أن نطالب كل من يحاول أن يتعاطى الشعر بالقراءة العميقة الشاملة، وهذا يجعله في خصام دائم مع التفاهة والسطحية و الجهالة .

لقد اكتسب العقاد مكانته عن جدارة فكرية، وليس من ظروف خارجية عن ذاته أو طارئة على حياته، ومن هنا يقرر سيد قطب في مجلة (الرسالة) وهو يرد على الأستاذ / محمد سعيد العريان التلميذ النجيب للأستاذ / مصطفى صادق الرافعي، الذي كان يؤرخ له بعد وفاته، فيؤكد أن العقاد كاتب الوفد الأول خرج على الوفد في إبان سطوته، وظل الكاتب الجبار شامخًا بقلمه وفكره، وسحق خصومه الكثيرين، وظل العقاد دون صحافة مأجورة جهير الصوت، مسموع الرأي .

ويضيف سيد قطب: إن العقاد قوة خارقة من قوى الطبيعة، وطاقة من طاقات الحياة، وهو لم يكن في يوم من الأيام قويًا بالسياسة وحدها، وخصومه يلجئون لسلاح الدين والأقوى والحد من السياسة، فلم تكن لهم الغلبة وسلاحهم أقوى وأبرز من ألف حزب سياسي، وألف صحافة، وألف مناسبة .

لقد أعطى سيد قطب، أعطى جهدًا مدعومًا بالدراسة والتطبيق ليكشف لنا عن جوانب عبقرية العقاد، ويعرض بجهل الخصوم في فهم الفن الأدبي وتذوقه .

ويذهب قطب إلى أن: على من يتصدى لشاعرية العقاد ولفهمه يجب عليه أن يلم بألوان شتى من الثقافات أو بألوان الثقافة المختلفة التي لا تقف عند الأدب فقط لا غير، بل تتعداه إلى النظريات العلمية، وكلما اتسع المجال ـ مجال الثقافة ـ عند قارئ أو دارس العقاد، كلما تفتح وجدان جوانب النفس، وقويت نوازع الحياة فيه، وهو يقرأ شعر العقاد فيزداد فهمًا له، ووعيًا به .

لقد أعطى سيد قطب بيانًا بألوان الثقافة التي ألم بها ودرسها حتى استطاع أن يفهم الأستاذ / العقاد، وهي لا تقف عند حقول الدراسات الأدبية وحدها بل تتعداها إلى النظريات العلمية من مباحث الضوء، وتجارب الكيمياء، وغيرها من مجالات العلوم والفنون والإنسانيات .

 

بقلم: د. يسري عبد الغني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم