صحيفة المثقف

صادق السامرائي: الحياة في الدين أم في العقل!!

صادق السامرائيالفرق بين المجتمعات المتأخرة والمتقدمة، أن الأولى ترى أن الحياة في الدين، بينما الثانية تحقق الحياة في العقل، ويترتب على ذلك نتائج تتسبب بتنمية الفوارق الشاسعة بينهما.

فعندما تكون الحياة في الدين يتعطل العقل، ويصبح المجتمع يعيش في مسلمات مقدسة، لا تقبل النظر أو السؤال، فيعم البوار والقنوط الحضاري.

والحياة في العقل معناها تفعيل العقول وإثارة الأسئلة، وإنطلاق البحوث العلمية بأنواعها للوصول إلى الحقيقة المعرفية، التي ستفتح الأبواب على آفاقٍ واسعة.

وبين الحالتين تتحدد مواقع الأمم والشعوب.

ومن الواضح أن مجتمعاتنا تجسد مفهوم الحياة في الدين، مثلما كانت المجتمعات الأوربية تعبر عنها في عصورها المظلمة، التي جمدت عقولها لقرون وقتلت من أبنائها مئات الآلاف من الأبرياء، وفقا لمسوغات تسمى دينة أو إعتقادية.

وتجدنا في بعض مجتمعاتنا تهيمن على وجودنا النزعة التدميرية لذاتنا وموضوعنا، التي تسعى إلى حشر كل شيئ في الدين الذي تفرَّق وتشتت، وصار ممثلا لأهواء وتطلعات كامنة في دياجير النفوس الأمّارة بالسوء، مما يعني أن التصارع بين الحالات الناجمة عنه ستتطور، وستستثمر بها القوى الطامعة ببلدان تلك المجتمعات.

بينما المجتمعات المتقدمة تؤكد على أن الحياة في العقل، فإنطلقت في مشاريعها التي كسبتها قوة وقدرات كبيرة للتقدم والرقاء، والوصول إلى مستويات من المعارف والعلوم النافعة المنتجة لكينونات فاعلة في تطوير الحياة وبناء الإقتدار الأقوى.

ولهذا فمجتمعات الحياة في الدين ضعيفة ومستلبة الإرادة، ومجتمعات الحياة في العقل متفوقة عليها في كافة الميادين، ولديها القدرة على إستعبادها وإمتهانها.

ولن تتحرر مجتمعاتنا وتواكب إن لم تدرك بأن الحياة في العقل وليست في الدين، وإن الدين في الحياة وليس العكس، أي أنه قابل لتسليط أنوار العقل عليه، فالعقل أولا والدين ثانيا، وتلك إرادة الله في خلقه، ولا يمكن للعقل أن يكون ثانيا أو عاطلا!!

فهل من عقل فاعل لنكون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم