صحيفة المثقف

صادق السامرائي: تبرير المساوئ بالطباع!!

صادق السامرائيآلية التفكير الفاعلة في واقعنا تتسم بالتبرير والتسويغ والإسقاط والإنكار، وغيرها من معززات السلوك المرفوض.

فتجدنا فيما نبدعه نكرر الإستسلام للذي يحصل ويدور، ولا نمتلك الهمّة الفكرية والعملية للتحدي والإصرار على الرفض والتغيير.

فالرثاء والبكائيات والندب وجلد الذات من المؤثرات الطاغيات على وجودنا المتعثر بالإنكسارات.

والعجيب أن علماء الإجتماع والمفكرين والفلاسفة إتخذوا ذات السبيل، للتعبير عن رؤاهم وتصوراتهم، فما يأتون به لتعزيز وتسويغ ما هو حاصل، ولا تجد فيما يطرحونه جديدا ومعاصرا ومتصلا بإرادة الحياة الحرة الكريمة.

وهكذا أصبحنا نقرأ أن الكراهية طبع بشري، فلماذا نستاء من جرائمها وأفاعيلها النكراء، ونغفل أنها أفعال مبرمجة وتُحشد لها الأفكار والعواطف، وتؤازرها الأحداث العدوانية المخطط لها بإتقان، لتفجير روح العداء بين أبناء الشعب الواحد، لخدمة مصالح الطامعين به.

وصار الدين مساندا للسوء والبغضاء، وبتخريجات ما أنزل الله بها من سلطان، وبفتاوى تحث على سفك الدماء والعدوان، وتسمي ما تحث عله دينا، فقتل المسلم للمسلم صار من أسباب التقرب إلى الرب، الذي يتعبّد في محراب ضلاله وبهتانه المجرم الأفاك المنوَّم بالأباطيل، والمؤزر بالفتاوى، فلكل آثمة فتوى.

كل ذلك يتم تناسيه والتعامي عنه، وتبرير الفظائع على أنها من لوازم الطبع البشري، ولو كانت الكراهية طبعا بشريا، لما تآلفت وتمازجت وتزاوجت مجتمعات أوربا، التي كانت تطحنها حروبها لعدة قرون.

إن الطباع تتساوى فيها جميع المخلوقات، وغايتها البقاء والمحافظة على النوع، وهي غرائز تساعد على إدامة الحياة وتواصل النوع، ولا توجد طباع تناهض ذلك، والطباع تتطور ويمكن إكتسابها، فالظروف المحيطية تساهم في ترسيخ طباع تتواءم معها، والنفس البشرية تأخذ شكل الوعاء الذي تكون فيه، فإن كانت في وعاء محبة وأخوة فأنها ستبدو كذلك، وإن وُضِعت في وعاء كراهية وأحقاد فستعكس ذلك أيضا.

إن الطباع لها دورها في ردودد الأفعال البشرية، لكنها ليست العامل الأساسي ، وإنما العوامل البيئية والمحيطية لها دورها الأكبر وفعلها القائد.

فهل لنا أن نهذب طباعنا، ونحارب عوامل إفسادها وتلويثها بالخطايا والمآثم؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم